-
دخول

عرض كامل الموضوع : الأخبار في التلفزيون السوري... نحو اتجاه جديد


Abo_Hanna
20/02/2005, 04:17
مقالات واراء

حسناً فعل التلفزيون السوري بإعطاء الأولوية لمعالجة نشراته الإخبارية،
خصوصاً أن هذا يأتي ضمن تطوير إعلامي بدأ طفيفاً في الصحف ويتوقع
استكماله خلال الأشهر المقبلة ليطاول مواضع طالما أشير إلى اتسامها
بالضعف والجمود وغياب الاعتبارات المهنية لمصلحة اعتبارات أخرى تتعلق بـ
"شخصنة" الأخبار والتركيز على المناسبات والاحتفالات والإنجازات على حساب
تهميش الحدث أياً كانت هويته وحجمه ودلالاته.

المحاولات الأولية أثمرت تعديلاً طال انتظاره في تغطية جلسات مجلس
الوزراء الأسبوعية، بحيث أضحى السوريون كجيرانهم اللبنانيين والأردنيين
والأتراك يستطيعون سماع وزرائهم ومشاهدتهم بصور وتفاصيل لم يعتادوا
رؤيتها في ما مضى. الآن يقف الوزير أمام عدسة التلفزيون الرسمي ويجيب عن
أسئلة مندوبي الصحف الرسمية، التي تجرى منتجتها غالباً، حول فحوى ما دار
في الجلسة والقرارات التي تخص وزارته.

الحالة الجديدة على رغم بدائيتها مقارنة بمثيلاتها في تلفزيونات الدول
المجاورة، أثارت اهتماماً لافتاً على مستويين: الأول إعادة جزء كبير من
السوريين لمشاهدة نشرة أخبار تلفزيونهم الرسمي بحثاً عن تفاصيل أو خلفيات
القرارات التي تمس حياتهم اليومية بدءاً بالأسعار والأجور والضرائب
وتوفير فرص العمل والمصارف.

والثاني يتعلق بالوزراء الذين باتوا مضطرين لتحضير أنفسهم لعبء جديد لا
يقل أهمية عن مناقشة مشاريع وزاراتهم داخل الجلسة، وهم في الوقت ذاته
يسهمون في تغيير الصورة "النمطية" التي كونها الإعلام في أذهان السوريين
عن مسؤوليهم.

والنشاط السابق على رغم أهميته، لا يكفي بالطبع للنهوض بالنشرات على
الشاشة السورية لتجاري المحطات المجاورة، فإضافة إلى أنه يحتاج كنشاط
أسبوعي رئيسي إلى معالجة احترافية تجعل من تغطية الجلسات تقليداً صحافياً
بامتياز يعالج التفاصيل ودقائق القرارات مع الوزراء وكبار المسؤولين من
دون أي حرج، فإنه يتطلب أيضاً الاهتمام بمستلزمات العمل من خلال تأمين
مركز إعلامي للمؤتمرات وتفعيل دور المكتب الصحافي في رئاسة الحكومة ودعوة
مراسلي وسائل الإعلام المعتمدين لكسر النمطية والرتابة في الأسئلة،
والأهم ربما نقل التجربة بتفاصيلها لتغطية نشاطات مجلس الشعب ووزارة
الخارجية وجميع الاجتماعات والفعاليات السياسية والاقتصادية الرئيسة على
مستوى البلاد.

والتركيز على الخبر المحلي قد يكون كلمة السر في النجاح حالياً مع صعوبة
مجاراة المحطات الأخرى أو محاولة تقليدها حتى في نشراتها الجوية. ونشرة
الأخبار المحلية التي تبث عند الخامسة والنصف أعطت مثلاً جيداً في
التحوّل مع تتبع أخبار المسؤولين إلى معالجة شؤون الناس الخدمية
والمعيشية من خلال متابعة التحقيقات المنشورة في الصحف المحلية والاتصال
بالمعنيين في الإدارات المحلية للحصول على إجابة ترضي ولو آنياً
المشاهدين.

إن نجاح التجربة المكررة لدى الآخرين منذ سنين طويلة يتعلق في جزء مهم
منه الآن بالجانب المهني وبوجه أكثر دقة بتوظيف الكادر البشري من محررين
ومعدين ومذيعين خصوصاً. وهي مشكلة باتت ملازمة للتلفزيون السوري على رغم
تضخم عدد العاملين في الإذاعة والتلفزيون وبلوغه نحو 6 آلاف شخص في ظل
الرواتب "المجزية" التي تقدمها مقارنة بوسائل الإعلام الأخرى.

ومن الواضح أن توظيف الكادر الموجود بالطريقة الحالية غير مجد ولن يحقق
أية قفزات مأمولة، وحتى محاولة إبعاد "الوجوه التاريخية" عن النشرات
الرئيسة لم تثبت فعاليتها في ظل التجريب وعدم الإحاطة بالموضوع المطروح
والارتباك و "الأستذة" التي يقع فيها كثير من المذيعين في وقت يتصدر
المعدون والمقدمون السوريون نشرات الأخبار والبرامج السياسية وغير
السياسية في أهم القنوات العربية على الإطلاق.

محمد الخضر

جريدة الحياة