-
دخول

عرض كامل الموضوع : ابن حزم الأندلسي


maro18
26/03/2006, 01:51
أدب الاعتراف .. لابن حزم الأندلسي
لبنى وجدي الطحلاوي


يعد كتاب «طوق الحمامة» ل علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، الملقب «بابن حزم الأندلسي» من أكثر الكتب اثارة للاعجاب وللجدل في الوقت نفسه،
لأن كتابه المستوحى عنوانه من قصة «الحمامة المطوقة» لاخوان الصفا، كان رسالة مطولة في الحب، فإن يقرأ الناس عن ذلك من فنان أو فيلسوف يكون
أمراً طبيعياً، وخاصة في زمن ابن حزم لكن أن يصدر ذلك من رجل «سياسة، وقانون، وفقه» وخرج من بيت «علماء دين، وفقهاء، وقضاة» فذلك أمر
مستغرب في ذلك الزمان بالذات، وأراد ابن حزم تجاوز ذلك الاحراج والخجل بأن كتب في مقدمة كتابه بأن صديقاً عزيزاً إلى نفسه لا يستطيع أن يرفض
له طلباً ولا رجاء، طلب وتوسل إليه أن يكتب تلك الرسالة في الحب وهو يقوم بذلك تحقيقاً لرغبة ذلك الصديق العزيز، ولكن لا أحد ممن عرف ابن حزم
جيداً لم يكن ليستغرب قيامه بذلك، فابن حزم نشأ في رغد من العيش من أسرة تعيش في أوج مجدها السياسي فأبوه من كبار وزراء الدولة العامرية وقضى
طفولته وصباه في بيئة منعمة ومرهفة وكانت تقوم على تربيته وتعاليمه نساء على درجة عالية من الثقافة والعلم والجمال، وكن يحطنه بكثير من الحنان
والعطف والرقة، فنشأ منذ طفولته متذوقاً للجمال ومرهف الحس والمشاعر وتلقى دروسه الأولية في صغره على ايديهن، ويشير ابن حزم صراحة إلى ذلك في
كتابه بأن تلك البيئة النسوية التي نشأ في كنفها قد عملت على ارهاف حسه ووجدانه فتطبعت نفسه وتفتحت حواسه على حب الجمال، لكن حياء
المسلم، الذي نشأ في بيت رجال دين وفقهاء وقضاة، جعله يضع حجة أو عذراً كي يبدو مقنعاً ومقبولاً لقيامه بتلك الرسالة.. ولذلك أفرد ابن حزم بابين
كاملين في كتابه عن تلك الرسالة في «فضل التعفف» وفي «قبح المعصية» وأجمع النقاد على مختلف مدارسهم وعصورهم على أنه كان رائداً فيما طرح
وكانت جميع الأحداث التي سردها واقعية كما أنه أفصح وذكر الأشخاص باسمائهم الحقيقية ونادراً ماكان يتحدث عن واقعة أو حدث أو قصة أو مغامرة
دون الاشارة صراحة عن أسماء أبطالها الحقيقيين، وكان تلقائياً مدافعاً بضراوة عن المشاعر والأحاسيس بقوة ودفاع رجل القانون، وبدبلوماسية وبراعة رجل
السياسة أيضاً، وحلل المشاعر بأحدث ما توصل إليه علم النفس الحديث وقد ذكر النقاد أنه تفوق في تحليله للشخصيات ولمشاعرهم على مدرسة التحليل
النفسي التي أسسها سيجموند فرويد بعد قرون من ابن حزم لأنه ذكر الكثير من الملاحظات النفسية الدقيقة والآراء الفلسفية العميقة كما تطرق إلى مصطلح
التثبيت fixation الذي فسرته مدرسة التحليل النفسي على أنه ارتباط الانسان في مرحلة مبكرة من نشأته بتجربة معينة أو موضوع معين ارتباطاً
مرضياً يدوم حتى بعد انتقال الشخص إلى مرحلة النضج النفسي أو البلوغ العاطفي ولم يكن ابن حزم أول من قدم تحليلاً نفسياً دقيقاً ومبهراً فقط، بل اعتبره
النقاد أول من طرح نموذج «الدنجوان» قبل أن يطرحه الغرب بقرون أيضاً ولذلك ترجم هذا الكتاب لجميع اللغات الغربية ووضعت له مقدمة رائعة تليق
بابن حزم وبمضمون الكتاب، ويرى النقاد أن الحب قد شغل ابن حزم في حياته كلها كما شغله الفقه والتفسير والحديث والقانون.. ويقول بعض النقاد إن
هذه الأمور كانت تشغل المجتمع الأندلسي عامة خلال القرن الخامس الهجري.. لكثرة الفتوحات العربية الإسلامية، ونشوة الانتصارات، فذلك كان زمن
طارق ابن زياد وموسى بن نصير وبزوغ شمس الدولة في الأندلس على يد عبدالرحمن صقر قريش وعلو المجد والسؤدد للعرب بتولي الحاكم عبدالرحمن
الناصر أول من عين نفسه خليفة للديار.. فابن حزم عاش ما بين سنة 384ه إلى سنة 456ه وعاصر خمس خلفاء هم «هشام المؤيد، المستعين الظافر،
المستظهر، المستكفي، والمعتمد» وعاصر هؤلاء الخلفاء في الأندلس 22 دولة.. ولكن هذا كله لم يزعزع القيم الأخلاقية والدينية التي كانت قد توطدت
أسسها وأركانها، فظل لذلك المجتمع وجهه المحافظ الذي كان يتجلى جيداً في بابي «فضل التعفف وقبح المعصية» في كتاب طوق الحمامة، كما يعتبر ابن
حزم أو من قدم ما يسمى حديثاً «بالأدب المكشوف» عن طريق أدب الاعتراف الذي اتبعه في «طوق الحمامة».. بعكس ما قدم «الجاحظ» في كتبه
«رسالة النساء» الذي يقتصر على الاستشهاد والوصف الجامد.. وما قدمه في كتاب «البيان والتبيين» ورسالته «كتاب القيان».
كما قدم نموذج شخصية الدنجوان بأكمل صفاتها التي وصل إليها الفن المقارن.. وبشكل أكمل وأدق من أنموذج الدنجوان المنسوب إلى الجاحظ في «رسالته
في القيان» وبأكمل وأدق من أنموذج الدنجوان المنسوب إلى «ابن المقفع» في كتاب «الأدب الكبير».. ويقول الكثير من النقاد بأنه لا يمكن اعتبار ابن المقفع
قد سبق ابن حزم في تصوير الشخصية الدنجوانية في الأدب العربي.. فالصورة والأنموذج اللذين وضعهما ابن حزم لشخصية «الدنجوان» كانا دقيقين
وناضجين ومتكاملين، ونجدهما قد تجسدا بعد سبعة قرون في «مسرحية موليير» وفي الفيلم الألماني الشهير «لولا» الذي قامت ببطولته الفنانة العالمية «مارلين
ديتريش» وفي قصة دوماس الشهيرة «بغادة الكاميليا».. التي قدمتها السينما العالمية والمصرية أيضاً..
اتسم ما قدمه ابن حزم بالتأثر بالفلسفة اليونانية والنظرية الأفلاطونية في الحب والاعتماد على ثقافته الإسلامية ولذلك يقول ابن حزم إن المحبة «استحسان
روحاني وامتزاج نفساني» ولذلك كان يعالج ابن حزم مواضيع الحب من وجهتين، وجهة واقعيه ووجهة ميتافيزيقية.. فهو كان يريد أن يأتي بجديد في كتابه.
وإن كان النقاد يرون أن «الشعراء التروبادور» أول من أكسبوا الحب في الغرب معناه «كعاطفة وهوى» فإن ابن حزم أحد رواده في تاريخ الثقافة الانسانية
عامة وهو ذو محتوى ديني وأخلاقي أيضاً فالمثال الأزلي والمطلق كامن في «المقام الإلهي» ويعجز عن الوصف وتقف دونه طاقة الخيال والتصور وهو أقرب ما
يكون للمذهب المثالي لأفلاطون.. حاول أبو الهزيل النظام وعلي بن الهيثم وأبو مالك الحضرمي كما يروي المسعودي في كتاب «مروج الذهب» تعريف
الحب، لكن ما قدموه كان يطغى عليه الشعر والبلاغة كما يقول أغلب النقاد فبدوا كباقي الشعراء. وكتاب «الحمامة المطوقة، لابن حزم الأندلسي» اعتبرته
الأوساط الأدبية العربية والعالمية أعظم الانجازات فيما يتعلق «بالألفة والالاف» ونموذجاً واقعياً وصادقاً ورائداً أوجد مصطلحات جديدة كما استطاع بعمق
تحليل المشاعر والشخصيات كما لم يفعل أحد من قبل ولا من بعد، وترجم إلى الروسية عام 1933م على يد المستشرق الروسي ساليه، كما ترجم إلى
الفرنسية على يد الأستاذ الجامعي بتروف عام 1914م، ثم ترجم إلى الايطالية على يد المستشرف فرنسيسكو كابريلي، ثم ترجم إلى الأسبانية على يد أميليو
جارسياً غوميز عام 1952م، وانتشر بعد ذلك بمعظم لغات العالم.

spam
24/08/2006, 15:29
مشكوووورة:D:D:D

maro18
24/08/2006, 15:47
مشكوووورة:D:D:D
ميرسى لمرورك على الموضوع
هو كان من اول المواضيع اللى شاركت فيها