السورية المشتاقة
17/03/2006, 14:38
تربية الجانب الروحي
عرفنا في ما مضى أن الجانب الروحي في شخصية الانسان المسلم يتمثل في مجموعة من العناصر النفسية الداخلية المنشدة الى الله تعالى.. والمرتبطة به، بصائر وعواطف، وارادة.
فايمانك بالله تعالى، واطمئنانك له، وخوفك، ورجاؤك منه، وحبه، وحب المؤمنين، والاخلاص والصبر، والزهد، وامثال ذلك من المعاني التي يتشكل منها الجانب الروحي.
واما الصلاة وتلاوة القرآن الكريم، وذكر الله، وما شاكل ذلك فهي وسائل التربية الروحية والاعداد الروحي.. وليست هي في ذاتها عناصر روحية..
ومن روائع دين الله، انه لم يحث على ربط القلب والارادة بالله تعالى ولم يلزم به فقط وانما بين طريق ذلك واسلوبه الصحيح، وتسهيلاً للناس وتوضيحاً للسبيل المستقيم في مسألة قابلة الانقسام في التربية الروحية تقوم على اساس من القوانين النفسية، ونظم الترابط بين الذهن، والقلب، والارادة، والسلوك، وليس المقصود من ان الاسلام بيّن الطريق الى التربية الروحية وتنمية الصلة النفسية بالله تعالى، انه قد تحمل مسؤولية للتربية، والبناء على الانسان المسلم.. وانما كل ما فعله هو، ان وضح المعالم، ورسم الطريق، وعلى المسلم ان يبادر، ويعاني في سلوك هذا الطريق حتى ينتهي اخيراً الى الدرجة اللائقة من الصلة بالله والعلاقة الروحية به.
وهكذا فان بناء الجانب الروحي، والتربية الروحية لا تتم بالشكل الصحيح الا بشروط ثلاثة :
1) - الشرط التكويني : وهو وجود قوانين نفسية تحكم العلاقة بين الجانب الروحي والصلة النفسية بالله، وبين مجموعة من المواقف والاعمال يمكن من خلال اداء هذه الاعمال. وعلى اساس الترابط الموجود بين الفعل، والجانب الروحي، تنمية هذا الجانب، وتكوين الصلة الداخلية بالله تعالى. وقد تكفل الله سبحانه بهذا الشرط في النظام التكويني للاشياء ويكشف القرآن في آيات متعددة عن الكثير من هذه القوانين النفسية، والترابطات الموجودة بين اجهزة الشخصية الانسانية.. ويقيم على اساس من ذلك نظامه التربوي..
2) - الشرط التشريعي : وهو وضوح الوسائل والمواقف التي تؤدي الى تلك النتائج النفسية بحكم القانون النفسي المغروس فطرياً.. والمودع في جهاز التكوين البشري.. وقد قام الاسلام بذلك، فحدد مجموعة كبيرة من وسائل التنمية الروحية، وتكوين الانشداد الداخلي بالله. وسنأتي على ذكر هذه الوسائل ان شاء الله تعالى.
3) - المبادرة الفردية، والمعاناة في اتباع هذا الخط وتبنّي هذه الوسائل، وانتهاجها.. واذا كان الشرط الاول من مهمات الجانب التكويني في خلق الانسان، وكان الشرط التالي من مهمات الاسلام التشريعية فهذا الشرط كما هو واضح من مهمات الفرد، الانسان المسلم نفسه. وليس من مهمات الانسان المسلم ان يستحدث وسائل عبادية منه، واساليب للتربية الروحية، بل قد لا ينبغي من ذلك بعد ان وضح الاسلام الطريق، ورسم المعالم في هذا الميدان، وقد يؤدي استحداث هذه الوسائل، والاساليب الى شكل من اشكال الابتداع في الدين، وبالتالي الانحراف عن الاهداف الاسلامية للتربية الروحية.. كما وقعت في ذلك اتجاهات التصوف..
المعاناة في سبيل التربية الروحية
دور الانسان المسلم اذن هو تبني التربية الروحية التي حدّدها الاسلام من صلاة، وذكر، وصيام، و.. ولكن تبنيها ليس دائماً امراً سهلاً. صحيح ان الاسلام عندما يوضح اساليب التنمية الروحية يكون بذلك قد سهل هذه العملية، ولكن لتسهيل امر نسبي. فعلى الانسان ان يعاني في سبيل البناء الروحي، ويجاهد نفسه، واهواءه من اجل سلوك الطريق الى الله الذي يبدأ صعباً وينتهي سهلاً وسجية للسالكين..
ان الضواغط على التربية الروحية كثيرة ولكن ارادة الانسان المؤمن يجب ان تكون اكبر من الضواغط، واكبر من الحواجز الطبيعية والاجتماعية والنفسية، بيئة المؤمن الاجتماعية، وبيئته الثقافية، وزاده الفكري الذي يتلقاه، ويتفاعل معه، ومشاغله الحياتية، وتربيته الاولى، وطبيعته كانسان له اهواؤه وحسه، كل ذلك لا يشجع على الصلة بالله.. ولكن في هذا ايضاً قيمة الاتصال بالله، وتعميق العلاقة به.. وفي تجاوز المصاعب، والتمرد على القوانين الاجتماعية، والنفسية.. تتبدى (تتجلى) انسانية الانسان، وجوهره الروحي الخلاق. وفي هذا ايضاً ميزة الانسان المسلم الذي يتبنى الاسلام عقيدة، وخلقاً، وسلوكاً، على الانسان المادي فهذا يبقى خالداً الى الطين محكوماً بقوانين الشهوة، الحس، وعالم الشهادة، وذاك يرتفع ويتصاعد الى السماء، ويتجاوز قوانين الشهوة، والحس، والتعامل مع عالم الغيب.. لمجرداته، ومغيباته..
الانسان المادي يشكل حقاً حقارة معنوية لعالم الحيوان.. ضيق الافق، ومحدودية الطموح، والمحسوبية للشهوات.
(ان هم الا كالانعام بل هم اضلّ)
والانسان المسلم يمثل التجاوز الحقيقي للوضع الحيواني بحدودهما الضيقة وآفاقهما المحدودة.. وبالكدح والمعاناة، وبهداية الله تنمو روحية الانسان وتلتقي بالله..
(يا أيها الانسان انك كادح الى ربك كدحاً فملاقيه)
(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)
وسنذكر فيما يلي وسائل التربية الروحية، وهي في الاسلام كثيرة ولكننا سنقتصر هنا على ما يلي منها :
1) - قيام الليل.
2) - ذكر الله كثيراً.
3) - تلاوة القرآن الكريم.
4) - الاجواء الايمانية.
5) - الثقافة الايمانية.
6) - مخالفة الاهواء - الصوم.
7) - المحاسبة، والنقد الذاتي.
8) - الاعتكاف
:سوريا: :سوريا:
عرفنا في ما مضى أن الجانب الروحي في شخصية الانسان المسلم يتمثل في مجموعة من العناصر النفسية الداخلية المنشدة الى الله تعالى.. والمرتبطة به، بصائر وعواطف، وارادة.
فايمانك بالله تعالى، واطمئنانك له، وخوفك، ورجاؤك منه، وحبه، وحب المؤمنين، والاخلاص والصبر، والزهد، وامثال ذلك من المعاني التي يتشكل منها الجانب الروحي.
واما الصلاة وتلاوة القرآن الكريم، وذكر الله، وما شاكل ذلك فهي وسائل التربية الروحية والاعداد الروحي.. وليست هي في ذاتها عناصر روحية..
ومن روائع دين الله، انه لم يحث على ربط القلب والارادة بالله تعالى ولم يلزم به فقط وانما بين طريق ذلك واسلوبه الصحيح، وتسهيلاً للناس وتوضيحاً للسبيل المستقيم في مسألة قابلة الانقسام في التربية الروحية تقوم على اساس من القوانين النفسية، ونظم الترابط بين الذهن، والقلب، والارادة، والسلوك، وليس المقصود من ان الاسلام بيّن الطريق الى التربية الروحية وتنمية الصلة النفسية بالله تعالى، انه قد تحمل مسؤولية للتربية، والبناء على الانسان المسلم.. وانما كل ما فعله هو، ان وضح المعالم، ورسم الطريق، وعلى المسلم ان يبادر، ويعاني في سلوك هذا الطريق حتى ينتهي اخيراً الى الدرجة اللائقة من الصلة بالله والعلاقة الروحية به.
وهكذا فان بناء الجانب الروحي، والتربية الروحية لا تتم بالشكل الصحيح الا بشروط ثلاثة :
1) - الشرط التكويني : وهو وجود قوانين نفسية تحكم العلاقة بين الجانب الروحي والصلة النفسية بالله، وبين مجموعة من المواقف والاعمال يمكن من خلال اداء هذه الاعمال. وعلى اساس الترابط الموجود بين الفعل، والجانب الروحي، تنمية هذا الجانب، وتكوين الصلة الداخلية بالله تعالى. وقد تكفل الله سبحانه بهذا الشرط في النظام التكويني للاشياء ويكشف القرآن في آيات متعددة عن الكثير من هذه القوانين النفسية، والترابطات الموجودة بين اجهزة الشخصية الانسانية.. ويقيم على اساس من ذلك نظامه التربوي..
2) - الشرط التشريعي : وهو وضوح الوسائل والمواقف التي تؤدي الى تلك النتائج النفسية بحكم القانون النفسي المغروس فطرياً.. والمودع في جهاز التكوين البشري.. وقد قام الاسلام بذلك، فحدد مجموعة كبيرة من وسائل التنمية الروحية، وتكوين الانشداد الداخلي بالله. وسنأتي على ذكر هذه الوسائل ان شاء الله تعالى.
3) - المبادرة الفردية، والمعاناة في اتباع هذا الخط وتبنّي هذه الوسائل، وانتهاجها.. واذا كان الشرط الاول من مهمات الجانب التكويني في خلق الانسان، وكان الشرط التالي من مهمات الاسلام التشريعية فهذا الشرط كما هو واضح من مهمات الفرد، الانسان المسلم نفسه. وليس من مهمات الانسان المسلم ان يستحدث وسائل عبادية منه، واساليب للتربية الروحية، بل قد لا ينبغي من ذلك بعد ان وضح الاسلام الطريق، ورسم المعالم في هذا الميدان، وقد يؤدي استحداث هذه الوسائل، والاساليب الى شكل من اشكال الابتداع في الدين، وبالتالي الانحراف عن الاهداف الاسلامية للتربية الروحية.. كما وقعت في ذلك اتجاهات التصوف..
المعاناة في سبيل التربية الروحية
دور الانسان المسلم اذن هو تبني التربية الروحية التي حدّدها الاسلام من صلاة، وذكر، وصيام، و.. ولكن تبنيها ليس دائماً امراً سهلاً. صحيح ان الاسلام عندما يوضح اساليب التنمية الروحية يكون بذلك قد سهل هذه العملية، ولكن لتسهيل امر نسبي. فعلى الانسان ان يعاني في سبيل البناء الروحي، ويجاهد نفسه، واهواءه من اجل سلوك الطريق الى الله الذي يبدأ صعباً وينتهي سهلاً وسجية للسالكين..
ان الضواغط على التربية الروحية كثيرة ولكن ارادة الانسان المؤمن يجب ان تكون اكبر من الضواغط، واكبر من الحواجز الطبيعية والاجتماعية والنفسية، بيئة المؤمن الاجتماعية، وبيئته الثقافية، وزاده الفكري الذي يتلقاه، ويتفاعل معه، ومشاغله الحياتية، وتربيته الاولى، وطبيعته كانسان له اهواؤه وحسه، كل ذلك لا يشجع على الصلة بالله.. ولكن في هذا ايضاً قيمة الاتصال بالله، وتعميق العلاقة به.. وفي تجاوز المصاعب، والتمرد على القوانين الاجتماعية، والنفسية.. تتبدى (تتجلى) انسانية الانسان، وجوهره الروحي الخلاق. وفي هذا ايضاً ميزة الانسان المسلم الذي يتبنى الاسلام عقيدة، وخلقاً، وسلوكاً، على الانسان المادي فهذا يبقى خالداً الى الطين محكوماً بقوانين الشهوة، الحس، وعالم الشهادة، وذاك يرتفع ويتصاعد الى السماء، ويتجاوز قوانين الشهوة، والحس، والتعامل مع عالم الغيب.. لمجرداته، ومغيباته..
الانسان المادي يشكل حقاً حقارة معنوية لعالم الحيوان.. ضيق الافق، ومحدودية الطموح، والمحسوبية للشهوات.
(ان هم الا كالانعام بل هم اضلّ)
والانسان المسلم يمثل التجاوز الحقيقي للوضع الحيواني بحدودهما الضيقة وآفاقهما المحدودة.. وبالكدح والمعاناة، وبهداية الله تنمو روحية الانسان وتلتقي بالله..
(يا أيها الانسان انك كادح الى ربك كدحاً فملاقيه)
(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)
وسنذكر فيما يلي وسائل التربية الروحية، وهي في الاسلام كثيرة ولكننا سنقتصر هنا على ما يلي منها :
1) - قيام الليل.
2) - ذكر الله كثيراً.
3) - تلاوة القرآن الكريم.
4) - الاجواء الايمانية.
5) - الثقافة الايمانية.
6) - مخالفة الاهواء - الصوم.
7) - المحاسبة، والنقد الذاتي.
8) - الاعتكاف
:سوريا: :سوريا: