-
دخول

عرض كامل الموضوع : واحد و... واحد (بسام كوسا)


Fares
05/02/2005, 18:51
مبروك يا أم مبروك...
اسمي مبروك..
ولقد أسموني مبروك، تيمناً بالشيخ مبروك، قاضي الحاجات، وصاحب الكرامات..
و"مبروك يا أم مبروك" هذه أول كلمات أسمعها في حياتي، عندما لم يكن عمري قد تجاوز الثواني. لا تستغربوا، فقد سمعتها، فقد سمعتها جيداً.. وكان بعدها دويٌَ هائل أصدرته بعض النسوة، علمتُ بأنه الزغاريد...
إنهم عادة يصدرون مثل هذه الأصوات في كلا الحالتين، الأفراح والأتراح.. إلا أن رعبا غريباً صعق عالمي الطري.. فانفجرت بالبكاء.
أم مبروك.. أمي، حدثتني قائلة حين كبرت: لقد حضرتَ إلى الدنيا يا ولدي وأنت تبتسم.. إلا أنك بعد برهة، انفجرت باكياً.. مع ذلك استبشرنا بقدومك خيراً يا ولدي.
لم تكن تعرف أم مبروك –رحمها الله- أن الرعب المباغت الأول، هو الذي دفعني للبكاء، وأن قلبي أخذ يرتجف لحظتها، والله لقد أحسست بذلك الرعب الأول بقوة.. وقد لازمني فترة فكدت أنساه.. إلا أنه بين عيني صفعة قوية، ارتعدت على أثرها فراصي خوفاً ورعباً..
كنت قد حطمت عفواً وبدون قصد، حاوية زهور زجاجية غالية الثمن.
-لَه يا أبو مبروك بعده طفل
احتجت أم مبروك قائلة..
لكن أبو مبروك، أبي، صفع أم مبروك،أمي، على وجهها أيضاً.. وأذكر أنه قال لها صارخاً: -يلعن والدك على هالبذرة النسة..
كنت حينها أحبم على أربع، ولا أقف على قائمتيّ، إلا بعد أن أستند إلى شيء ما..
أُلبستُ شيئاً رماديا كالآخرين...
ما هو مجموع واحد وواحد؟ ومن سأسأله ولا يعرف، قسماً لأضعه في جبّ الفئران، وسأدهن أذنيه دبساً، كي تأكلهما الجرذان.
كان وجه هذا الذي يحاكمنا بطريقة هيستيرية، قاسياً كاللعنة.
أذكر.. وأنا الوحيد في الصف على ما أظن أنني اذكر هذا.. فقد ادار رأسه يمنة ويسرة، ماسحاً وجوهنا المسكينة الطفلة، بنظرةٍ حمراء مرعبة.. وأذكر ان سبابته الثخينة اقتربت من بين عيني وهو يصرخ: قم أنت.. ولم أعد أذكر شيئاً بعدها، لقد أحسست بأن قلبي قد اختلج اختلاجات صغيرة متلاحقة، ثم همد كعصفور ذبيح.
كان هذا هو الدرس الأول في عامي الدراسي الأول، والي أوصلني إلى قناعة بأن واحد زائد واحد.. ليس بالضرورة يساوي اشنين، أو مئة، أو مليون. فحتى الآن، أنا لا أعرف تماماً، كم يساوي مجموع واحد وواحد..
لكن كل ما اعرفه وأذكره، هو أنّ رعباً قاتلاً، أوشك أن يقضي عليّ حينها..
بان في وجهي ما يسمونه عادة بالشارب.. وكنت جخجولاً خجلاً فطرياً مخجلاً...
إلا أن الحب يقتل الخجل فيك، ويشعل في داخلك نيران الرغبة، لأن تلوي الحديد بنظرة، وتفتك بالغول، وتجرجره من شعره الطويل في الساحة، وأنت تشعر بالنشوة لإنقاذك العالم منه.. على شرط أن تكون فاتنة الأكوان السبعة، تطل بعنقها المرمري من نافذة بيتها. وترى ما فعله حبيبها من كبير الأعمال.
وكنت تحس بأنك قادر على فعل اي شيء يخدم أي شيء، وتحب كل شيء من اجل عينيع\ها وابتسامتها.. آه كم يسمو بنا الحب، ويجعل منا أناساً حقيقيين!! وآه كم يقسو علينا الحب، ويجعل منا أناساً فاقدي الرشد شرسين.. فحين لم تعد كلمة حب تكفي، وتنتظرط فتاتك لأن تفعل شيئاً غير النظر إليها بغعجاب هائل، لأن تقول لأبيها شيئاً مهماً، يضع النقاط على الحروف.. لكنك عاجز عن الفعل فلا زلت قاصراً، وغير قادر على حزم أمرك..
حينها يبدأ صباح شتوي، يوزع مع نقاط مطره أخبارها على كل بيت...
لقد هربت مع شخص ما.......
يتوقف قلبك عن الخفقان.. كيف هربت؟؟؟!! وأنا؟؟؟!
أنت؟ أنت غريب ووحيد وحزين، تنكمش على قلبك وركبتيك في زاوية معتمة، وتجهش بالبكاء.. يفور إخوتها، وتقوم حميتهم، ولا تقعد..
يمضي زمن طويل، وتوشك أن تنسى الأمر، فتطير الأخبار في الهواء كغبار الزهور: لقد أعلن إخوتها عن رغبتهم بالمصالحة، فتأتي هي مطمئنة وادعة محبة، كما في الحكايات.
وفي الساحة المعتادة، حيث كنت تسترق نظرةً إلى وجهها المطل من النافذة.. يستقبلها الأخوة بالمدى والطعن، لغسل الشرف المستباح، وتصل أنت مع آخر طعنة، قتلتقي نظراتكما، ترى العينين الهاربتين، تغوران في محجريهما غواراً أبدياً، وإذ بالساحة قد أصبحت مليئة بالتفاح الأحمر على مد البصر.. فيأخذك الخوف والرعب.. كم هو فظيع الإنسان!! إنه يدعوك حقاً للرعب وللمفاجآت.
ها هي الأحوال تدور دورانها الرتيب المنتظم. كبرتُ مع الأيام والتجارب والعمل الشاق وكبر داخلي شعور بالخوف الدائم والرعب المقيم.
قل لنا يا ابن الحرام: كيف سمحت لنفسك بأن لا توافق على ما نوافق؟
-أنا يا سيدي لم.. وجاءتني لطمة على فكي، على عيني، وعلى قلبي، وعلى قلبي، وعلى قلبي..
يا أم مبروك.. يا أم مبروك.. يا أمي.. أنقذيني.. كنت أخور وأتلوى بين الأرجل الضاربة..
كنت أسمع صوتي، صوت رجل أنهكته الدنيا، والأحذية.. وأنا لاأنادي إلا أم مبروك أن تأتي، أن تنقذني، أن تسحبني..
لقد استبشرت بقدومي خيراً، ثم تركتني ومضت..
وكلما سمعت صوتي يخور أكثر، كلما أحسست بالرعب يفتك بي.. لقد انتهى العالم.. لقد تكاثروا عليّ يا أم مبروك.. لقد تكاثروا عليّ..
ويطول الوقت.. وينتهي الوقت..
وأعود غلى الأيام العادية، المعتادة..
أسير في الطرقات، أجتر طعامي، أمارس الجنس البليد، أقبّل طفلي، والرعب هو محيط دائرتي الصغيرة. ألتفت يمنة ويسرة وللأمام وللخلف عندما أسير. لا أتكلم.. لا أضحك.. لا أبدي رأياً.. لا اصدقاء مطلقاً.. فقط زوجة قبّحها الجوع، وأولاد عزّل، وأب مكسور لا حول له ولا قوة.. وتأتي لحظة الموت.. أستلقي على فراشي.. أنظر حولي، يمنة ويسرة، للأمام والخلف كالعادة.. أرى وجوهاً.. أستجمع قواي، لم يعد هناك متسع من وقت.
أريد أن أتكلم، ان أتفوه ببعض الكلمات.. سأهمس لكم بسرٍّ أخير..
واحد زائد واحد
لا يساوي إلااثنين...
لا يساوي إلااثنين...
الآن يمكنكم سادتي أن تصفقوا
فقد انتهت المهزلة..
وانتهى مبروك..
وبقي الرعب...

Fares
05/02/2005, 18:52
وعذراً على التأخير

:D :D
:D

Hus
05/02/2005, 21:28
اوووووووووووووووووف ...
رهيبة رهيبة رهيبة ..
يعني كنت عم قاوم نفس عم قول يالله رح اقراء صطرين واعملها برينت بقراها على الطريق انا ورايح .. بس ما قدر ما كفيها
وما قدرت ما اكتب تعليق عليها
تحفة جدااااا...
على عيني ابو فريس شيخ الشباب وزكرت زكرتات الحارة والحارات المجاورة والضيع والقرى والمحافظات والبلدات والسواحل المحيطة ..
احلى ابو فريسسسسسسسسسسسس :D :D :D

mhmary
08/02/2005, 00:04
يا رجل من وين جبت الكتاب امي دوري بحمص ما لقتو :?: :?: :?: