-
دخول

عرض كامل الموضوع : أوراق من يوميات الحلاق....


Tarek007
14/02/2006, 08:22
أوراق من يوميات الحلاق

عاش في دمشق قبل حوالي مئتين و خمسين عاما "حلاقا" يدعى أحمد البديري ,و كان هذا البديري يالإضافة الى عمله كحلاق لأكابر الشام يكتب يوميات أرادها أن تكون تاريخا على غرار ما كات يفعله عتاة المؤرخين قبله كان البديري عادلا فيما يكتبه من يوميات فلم يفرق في الحديث بين أمر عظيم كخروج المحمل الشريف الى الحج و أمر تافه كغلاء الأسعار و التشديد على العامة.يويمات البديري تشد من يقرأها بلغتها التي تقترب مما نحكية حول "صواني المته و الشاي",و سردها العفوي السلس وحيادها الملفت فقد كان الحلاق البديري يخط يومياته دون أن يتدخل للتعليق أو التفسير بغير عبارات عامة من قبيل "نسأله تعالى اللطف".

في سرده لإحداث عام 1170 هجرية يذكر الحلاق في يومياته أن "الحاج الوزير الخطير أسعد باشا العظم قد عزل عن ولاية الشام وولي ولاية حلب فأخرج حضرة أسعد باشا جميع من في الحبوس، وكان في الحبوس شيء كثير من أربع سنين وخمس سنين وعشر سنين."و هذه طريقة عصملية عريقة تعبيرا عن الفرح بحدث عظيم كبلوغ ابن المفتي أو زوراج بنت النقيب, فيرغب الوالي أن يعم القرح قلوب الرعية فيطلق لهم "محابيسهم" بغض النظر عن سبب "الحبس".

و في أحداث عام 1156 هجرية يذكر البديري " وفي غرة ربيع الأول من هذه السنة شرع حضرة والي دمشق الشام، سليمان باشا ابن العظم في فرح، لأجل ختان ولده العزيز أحمد بك ، وكان في الجنينة التي في محلة العمارة، وجمع فيه سائر الملاعب وأرباب الغناء واليهود والنصارى، واجتمع فيه الأعيان والأكابر من الأفندية والأغوات ما لا يحصى، وأطلق الحرية لأجل الملاعب يلعبون بما شاؤوا. من رقص وخلاعة وغير ذلك، ولا زالوا على هذا الحال سبعة أيام بلياليها. وبعد ذلك أمر بالزينة، فتزينت أسواق الشام كلها سبعة أيام، بإيقاد الشموع والقناديل، زينة ما سمع بمثلها، وعمل موكب ركب فيه الأغوات والشربجية، والأكابر والإنكشارية، وفيه الملاعب الغريبة من تمثيل شجعان العرب وغير ذلك. وثاني يوم طهّر ولده أحمد بك، وأمر من صدقاته أن يطهّر من أولاد الفقراء وغيرهم ممن أراد، فصارت تقبل الناس بأولادهم، وكلما طهّروا ولداً يعطوه بدلة وذهبين، وأنعم على الخاص والعام، والفقراء والمساكين بأطعمة وأكسية وغير ذلك، مما لم يفعل أحد بعض ما فعل، ولم نسمع أيضاً بمثل هذا الإكرام والإنعام، على الخاص والعام، فرحمه الله وجازاه أحسن الجزاء، آمين."

أما في أحداث 1155 فيقول البديري "وفي ذلك اليوم عزل السيد علي أفندي عن النقابة، ووجهت على السيد محمد أفندي بن الشيخ عبد القادر الكيلاني، وفي ذلك اليوم أيضاً عزل حامد أفندي ابن العمادي عن وظيفة الإفتاء ووجهت إلى ابن عمه محمد أفندي ابن العمادي"و بحبور بالغ يذكر البديري هذا الخبر قيما يذذكر من أحداث عام 1163 " وفي يوم الاثنين سادس جمادى الأولى خرج الحاج أسعد باشا وعمل سيراناً في أرض الغوطة، ومعه أكابر دمشق وأعيانها." و اسعد باشا المذكور هنا هو الوزير الخطير والي الشام.

تظهر براءة الحلاق البديري و هو ينقل هذه الأخبار و يخلطها بحيثيات تخص العوام و الرعاع و اللصوص و "بنات الخطا" كما يصفهن في يومياته.ولو قيض للحلاق البديري ان يعيش في هذه الأيام و يشهد الركود الذي اصاب لجنة التحقيق بإغتيال الحريري و الحراك الذي أصاب النظام لوجود مادة شديدة الخصوبة و تشابها منقطع النظير للأحداث التي أرخ لها و ما يحصل في دمشق و كأن التاريخ يعيد نفسة مئتان و خمسون عاما الى الوراء فقد بدا المسلسل دراميا و منذ الحلقة الأولى بأطلاق "المحابيس" و هذه خطوة قد يقرأ فيها البديري "مكرمة" و تغاضيا للحكومة عن حقها و غسلا للماضي لكتابة صفحة جديدة ,ثم تأتي الحلقة الثانية لتزيد الموقف إثارة و تسامحا "بإنعام" الحكومة على موظفيها "بزيادة" في الرواتب و الأجور لتساعد العامة و تقطع دابر الفساد و تأمين الموارد المالية لكل مواطن يعمل عندها, و تتوج الحكومة خطواتها المباركة الجرئية "بالإنقلاب" على ذاتها و تغيير نفسها تغييرا جوهريا لما فيه مصلحة البلاد و العباد.

عقلية البديري "الإنكشارية" لم يكتب لها الإنقراض رغم "موت الرجل المريض", و إنبعاث شاب فتي "روش",ظهر "بحلاس" جديد و خطاب جديد و ما لبث أن بدا يتبرم مما سماه الحرس القديم و تبين أن هذا الحرس القديم لم يكن أكثر من "خصيان" حريم السلطان و قد تم التخلص منه بمؤتمر لم يلبث بضعة ايام, و ما زلنا عالوعد ياكمون.

الحلاق البديري و كحل للمشكلة ذكر من ضمن أحداث عام 1156 " وفي رابع عشر شهر رمضان من هذا العام، ألقى رجل نفسه من أعلى منارة جامع الدقاق إلى الأرض؛ فهلك سريعاً، بعد أن تكسر جسمه؛ واسمه الشيخ حسن بن الشيخ يوسف الرفاعي. فسألنا عن سبب ذلك، فقيل لنا إن أخا زوجته أتى بامرأة إلى بيته، وكانت من الخطيئات، فنهاه عن ذلك، فنهره وضربه، فذهب فأخبر أكابر الحارة، فلم يلتفتوا إليه لأنهم فوق ذلك بالانغماس، فذهب إلى جامع الدقاق، وصلى الصبح مع الإمام، وصلى على نفسه صلاة الموت، وصعد المنارة ونادى: يا أمة الإسلام، الموت أهون، ولا التعريص مع دولة هذه الأيام، ثم ألقى نفسه إلى الأرض، عفا الله عنه."

و كتعليق مني على الحدث لن أتجاوز مقولة شيخي الحلاق البديري "نسأل الله الطف"

و قد أعود مجددا للبديري و يومياته ففيها الكثير...

رجعت الى كتاب "حوادث دمشق اليومية " لأحمد البديري الحلاق ,حققه أحمد عزت عبد الكريم دار سعد الدين القاهرة مصر 1959.



"الواوي"

انسان بلا حدود
22/08/2006, 14:21
بدنا نقرأ وبدنا تصير صح .

Barleb
11/11/2007, 03:51
ايهي على هل ليلة .. كمان نكوشة ؟