-
دخول

عرض كامل الموضوع : عقل في الكف.. فضائيات النصف الأسفل


krimbow
09/02/2006, 07:23
دمشق
صحيفة تشرين
رأي
الاربعاء 8 شباط 2006
حسن م. يوسف
أعترف لكم أنني محرج! كنت أهيىء نفسي لكتابة رسالة أتوجه بها للرأي العام الغربي، أقول فيها إنني صحفي مستقل وإن حرية التعبير بالنسبة لي ليست مجرد عبارة بل هي جوهر حياتي. وبما أن الرأي العام الغربي مولع بالمنطق البارد والمحاججة العقلانية، فقد كنت أنوي أن أطرح عليه السؤال التالي، إن قيام أي كاتب بالتشكيك بأن عدد اليهود الذين قتلوا في المحرقة النازية هو أقل من ستة ملايين، أمر يستوجب تقديمه للقضاء حتى في باريس عاصمة النور، كما جرى مع روجيه غارودي. الأوروبيون عقلانيون وعلمانيون وأنا أود أن أطرح عليهم سؤالاً عقلانياً وعلمانياً آمل أن يتفضل سفير الاتحاد الأوروبي أو أي أوروبي بالإجابة عليه. السؤال هو: لماذا يعتبر التشكيك بعدد ضحايا الهولوكوست جريمة يحال مرتكبها الى القضاء في معظم الدول الأوروبية، في حين تعتبر الإساءة الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم أمراً يدخل في حرية التعبير! علماً أن عدد اليهود في العالم كله حسب موسوعة إنكارتا ـ إصدارة العام 2006 ـ هو أربعة عشر مليوناً، في حين يزيد عدد المسلمين في العالم على المليار مسلم!.
كنت أريد أن أكتب للسادة الأوروبيين الديمقراطيين العلمانيين الحبابين، أن يشرحوا لي هذا الوضع الفضيحة، إذا كان قابلاً للشرح، إلا أنني أجد نفسي مشغولاً الآن بسؤال أهم أريد أن أطرحه عليكم وعلى من قاموا بمظاهرات الاحتجاج التي انتهت الى ما انتهت إليه!. ‏
لاشك أن المس بقدسية النبي الكريم جريمة يجب الاحتجاج عليها، لإرغام الجهات المتطاولة على مقدساتنا على الاعتذار لضمان عدم تكرار هذا الشيء! لكننا بسبب سوء تصرف البعض منا نتحول بغمضة عين من أصحاب حق الى متهمين، ومن غاضبين يطالبون الجهة المسيئة بالاعتذار من الإساءة، الى فوضويين تضطر حكومة بلدنا الى الاعتذار!. ‏
قبل أكثر من عشرة أعوام كتبت مطالباً جامعة الدول العربية والحكومات العربية أن تؤسس محطة فضائية باللغة الانكليزية تقدم الوجه الحضاري للعرب والمسلمين بعيداً عن الدعاية السمجة والوعظ المباشر، إلا أن كلامنا راح هدراً مثل الماء على البلاط، والآن بات لدى العرب أكثر من مئتين وخمسين محطة تلفزيونية فضائية تتنافس جلها في تقديم السفاهة والإسفاف، لتعميم الانحطاط وتوحيد الناس في التفاهة!. ‏
من حق عدونا أن يتآمر علينا وأن يحاول تدميرنا، لكن الشيء المرفوض هو أن نفعل نحن ذلك! هل يعقل أن يكون لدينا حوالي مئتين وخمسين منبراً مفتوحاً على الكون، لكننا بدلاً من أن نستخدم تلك المنابر للدفاع عن مقدساتنا ولتعزيز هويتنا ونشر ثقافتنا العريقة، نستخدمها لتعميم البذاءة والسوقية!. ‏
أعتقد أنه كان يجدر بالأخوة المتظاهرين، أن يخصوا القائمين على فضائيات النصف الأسفل بغضبهم، بدلاً من قيامهم بتصرفات فوضوية سندفع نحن ثمنها ونعتذر عنها، بعد أن كنا نحن من نطالب بالاعتذار!. ‏