-
دخول

عرض كامل الموضوع : حجرة الملفات


jlovel
09/02/2006, 02:43
ذات يوم كنت نائماً في حجرتي ما بين الحلم واليقظة.. فتحت عينيّ فوجدت نفسي في حجرة غريبة جداً . حجرة امتلأت بالملفات الضخمة علي كل حوائطها من الأرض إلي السقف. وكانت الملفات كبيرة وقديمة مثل التي تستخدم في الشركات والمكتبات. اقتربت من الحائط لأدقق النظر، وكان أول ملف لفت نظري بعنوان "أعز أصدقائي" فتحته لأتفحصه، لكنني أغلقته بسرعة إذ صُدمت عندما تعرفت علي الأسماء المكتوبة فيه وعندئذ عرفت أين أنا ... في حجرة ملفات حياتي. هنا كُتبت كل أفعالي كبيرة وصغيرة..كل ثانيه في حياتي مسجله هنا. انتابني شعور برعب شديد ممزوج بحب الاستطلاع، وبدأت أستكشف باقي الملفات. بعضها أعاد لي الذكريات وبعضها ملأني بالندم الشديد.... حـتي أنني كنت انظر حولي لأتأكد من عدم وجود احد معي في الحجرة. كانت المواضيع كثيرة ومتنوعة، ومنها "كتب قرأتها"، "أصدقاء خنتهم"،"أكاذيب قلتها"،"كلمات تعزيه قلتها"،"نكت ضحكت عليها"..... والبعض كان شديد الدقة في التبويب، مثل "المرات التي صحت فيها في وجه أخي" ، "أشياء فعلتها وأنا غضبان"، "شتائم قلتها في سري" . كانت المحتويات عجيبة... بعضها أكثر مما أتوقع والبعض اقل مما كنت أتمني. كنت أتعجب من كم الملفات التي كتبتها في سنواتي العشرين، وهل كان عندي وقت لأكتب ما يقرب من المليون ورقه!!ولكنها الحقيقة. كانت الأوراق مكتوبة بخط يدي وتحمل إمضائي. فتحت ملف اسمه "أغاني استمعت إليها"...كان ممتلئا عن أخره، لدرجة إنني لم اصل إلي نهايته فأغلقته بسرعة...ليس فقط خجلا من نوعية ألاغاني، بل خجلاً أيضا من الوقت الذي أضعته وأنا استمع إليها. عندئذ رأيت ملف أخر يحمل عنوان "أفكار شريرة".. سرت في جسدي برودة، لم أرد أن اعرف حجم الملف فأخرجت ورقه واحده فقط.. لم أطق أن أتصور أن حتى هذه اللحظات سُجلت. قررت عندئذ أن أدمر هذه الحجرة بما فيها!! لا ينبغي أن يري احد هذه الحجرة ولا حتى أن يعلم بوجودها...أخرجت الملف الأخير،وحاولت تقطيعه ولكنني فزعت عندما لم يتقطع الورق وكأنه مصنوع من حديد..أعدته إلي مكانه وأسندت رأسي علي الحائط، بدأت أتنهد وابكي..ثم لاحظت ملفا أخر بعنوان "الأشخاص الذين شهدت للمسيح أمامهم" ، كان الملف جديداً، وكأنه غير مستعمل..فتحته فوجدت عدد الأشخاص يُعد علي أصابع اليد الواحدة. بدأت دموعي تنساب ثم تحولت إلي بكاء مُر..ركعت علي ركبتي وأخذت ابكي من الخجل والندم، ونظرت إلي الحجرة بعيون مملوءة دموع..لابد أن أغلقها بسرعة ثم اخفي المفتاح..لابد أن أغلقها بسرعة واخفي المفتاح. لا ادري كم من الوقت مضي قبل أن أراه أتيا...لا...لا أريده أن يدخل هذه الحجرة!! يسوع المسيح دون الكل لا أريده أن يري هذا. تطلعت إليه عندما اخذ يفتح الملفات ويقرأ...وفي اللحظات التي استطعت أن انظر فيها في وجهه رأيت حزنا أكثر من حزني، ذهب لأسوء الملفات..لماذا يقرأ كل ورقه..؟! نظر إلي بشفقه...ووقتها أحنيت رأسي وبدأت ابكي بمرارة من جديد...جاء إليّ وانحني ليحيطني بيديه الحانيتين..كان يمكن ان يقول لي أشياء كثيرة ولكنه لم يفعل.. بل بدأت دموعه تنساب وهو يربتُ عليّ ثم نهض واتجه إلي ملفات أخري، واخرج ورقه تلو الأخرى ، وبدأ يوقع اسمه علي كل واحدة منها..ولكني صرخت "لا....لا تفعل هذا،فهذه أعمالي النجسة" ولكن عندما نظرت إلي الورقة لم أجد سوي إمضاء : " يسوع" مكتوب بلون احمر قاني. لم يعد يوجد كلام أخر علي الورقة بل كانت ناصعة البياض. فعل هكذا بجميع الورق ثم أخذني بين أحضانه في حنان ليس له مثيل... عندئذ سجدت أمامه وأنا أقول : "ألان يا سيدي اكتب أعمالي تبعا لأقوالك".