ضياء
06/02/2006, 23:47
بسم الله الرحمن الرحيم
سحب الصيف مرت سحب الشتاء ثقيلة هذا العام ,فقد تنفسنا الصعداء لزوال هذا السد عن صدورنا , وها قد بدأت الرحلات تنهال من كل الاتجاهات وقد قررت أخيرا أن ذهب بإحدى تلك الرحل التي ملأت الدنيا بإعلاناتها .
قررت اللجنة المضيفة أن تأخذنا في جولات في المنطقة لتعرفنا على البلد المضيف , مما ذكرني بوالدتي عندما اصطحبتني معها إلى الملجأ وعرفتني عليه وأخبرتني بأننا سننتقل للسكن هنا , انه مكان مريح جدا ويقومون بخدمتنا هنا ويهتمون بنا كما في الأحلام وقد صدقت كل هذا بسذاجة وبراءة الأطفال مع العلم بأنني لم اخرج من ذلك الملجأ إلا إلى المستشفى بسبب القصف المتزايد وخسرت كل ما املك حتى قدماي .
تم تهجيرنا بأقصى سرعة وكأننا قطيع أغنام موبوء يتم سوقه للذبح قبل تفشي المرض , حيث تم تقسيمنا وتوزيعنا على العائلات الحاضنة لهذه الفيروسات الدخيلة.
وفجأة لفت انتباهي مشرف الرحلة إلى أنني لم أكن مصغية أليه منذ بداية الجولة مما أثار دهشتي وربط لساني إذ أنني شعرت باني لا زلت طفلة العشرة أعوام التي لا زالت تفر من الدروس لسذاجة مدرسيها غريبي الأطوار الذين كانوا يتحدثون طلاسم لا زلت لا افهمها حتى الآن .
وأخيرا أثار اهتمامي موقع لم أكن أتوقع أن يكون يوما آثرا يزار , لقد كان مكان مليء بالآلام والذكريات التي تحرقني من الداخل وتعصر قلبي , فشعرت بانقباض غريب وكأن زلزال قد ضرب بأحشائي , ذاكرتي المحنطة هناك لم ترد أن تتحرك , أوقفت عقاربها وثبتت ثوانيها وبقيت معلقة هناك لا تقبل التقدم أو الرجوع , وجدت الروح قد غادرت الجسد وتاهت في سراديب الماضي .وصلت أخيرا ولم تثنيني كل هذه الأمطار الغزيرة أو العواصف الرعدية الاصطناعية ,وكان ما توقعت ,وجدته منتظرا قابعا في مكانه حتى عند رؤيتي فسرت إليه وكان المطر قد غسله من الداخل أكثر من الخارج وأعطيته مظلتي علها تخفف عنه فرفض, ثم وقفنا تحت مظلة المحل القريب أكثر من نصف ساعة دون أن ينطق بأي كلمة وعند انتهاء هطول المطر امسك يدي واصطحبني إلى منطقة السدود العالية وافترش لي سترته وجلس إلى جانبي , راح ينظر إلي كمن يحزن على فراق قطته الأليفة ولم يشح بنظره عني أبدا إلى أن نطق أخيرا بعناء شديد فقال : هنا تغسل القلوب والعقول والنفوس - ماذا تقصد
- أنا مسافر إلى كندا بعد ثلاث أيام
- وأنا؟ لمن تتركني ؟ للضياع ؟
- تعالي معي كزوجة, سنعيش ملكا لأنفسنا لا عبيدا
- وأهلي ؟
- لا شان لنا بهم, فنحن ليس لنا أهل, تذكري من نحن
- لم تجب بعد وأهلي ؟
- وداعا
- سأراك ؟
- ربما , لا تعقدي الآمال على ذلك .....وداعا
- لا تقل وداعا , قل إلى اللقاء
- وداعا
خرجت الدموع من عيناي لعلها تزيل بقايا هموم السنين التي لم تستطع الأيام أن تمحوها , اذكر بوضوح ذلك الحادث "سقوط الطائرة المغادرة إلى كندا وعدم وجود أي ناجيين .
لم يكن هناك من يعرفه بعثوه في الطائرة للتأكد من جثته , لم يسر احد في العزاء ولم يرضى ذلك الشيخ بان يقرأ على روحه سوى بضع سطور من سورة الفاتحة وفر من المقبرة كمن يخاف عدوى الموت أو كمن يطارده شبح الموت .
غادرت البلاد بعد فترة وسافرت إلى كندا وعشت هناك محاولة إزالة اثر كل الم شعرت به يوما وألقى بي في صحراء الحزن
وللمرة الثانية أثار انتباهي ذلك المختل باني لا زلت لا أصغي وبأنه لا يريدني ضمن مجموعته , تقبلت الأمر ببساطة المعتاد على المهانة ورددت في نفسي " عبيدا, وأي عبيد" غصتني الدمعة وسرت بلا هدى اردد "ماذا حصل لو قال إلى اللقاء"....................
بلاد النجوم الكبيرة والدموع المريرة the end
سحب الصيف مرت سحب الشتاء ثقيلة هذا العام ,فقد تنفسنا الصعداء لزوال هذا السد عن صدورنا , وها قد بدأت الرحلات تنهال من كل الاتجاهات وقد قررت أخيرا أن ذهب بإحدى تلك الرحل التي ملأت الدنيا بإعلاناتها .
قررت اللجنة المضيفة أن تأخذنا في جولات في المنطقة لتعرفنا على البلد المضيف , مما ذكرني بوالدتي عندما اصطحبتني معها إلى الملجأ وعرفتني عليه وأخبرتني بأننا سننتقل للسكن هنا , انه مكان مريح جدا ويقومون بخدمتنا هنا ويهتمون بنا كما في الأحلام وقد صدقت كل هذا بسذاجة وبراءة الأطفال مع العلم بأنني لم اخرج من ذلك الملجأ إلا إلى المستشفى بسبب القصف المتزايد وخسرت كل ما املك حتى قدماي .
تم تهجيرنا بأقصى سرعة وكأننا قطيع أغنام موبوء يتم سوقه للذبح قبل تفشي المرض , حيث تم تقسيمنا وتوزيعنا على العائلات الحاضنة لهذه الفيروسات الدخيلة.
وفجأة لفت انتباهي مشرف الرحلة إلى أنني لم أكن مصغية أليه منذ بداية الجولة مما أثار دهشتي وربط لساني إذ أنني شعرت باني لا زلت طفلة العشرة أعوام التي لا زالت تفر من الدروس لسذاجة مدرسيها غريبي الأطوار الذين كانوا يتحدثون طلاسم لا زلت لا افهمها حتى الآن .
وأخيرا أثار اهتمامي موقع لم أكن أتوقع أن يكون يوما آثرا يزار , لقد كان مكان مليء بالآلام والذكريات التي تحرقني من الداخل وتعصر قلبي , فشعرت بانقباض غريب وكأن زلزال قد ضرب بأحشائي , ذاكرتي المحنطة هناك لم ترد أن تتحرك , أوقفت عقاربها وثبتت ثوانيها وبقيت معلقة هناك لا تقبل التقدم أو الرجوع , وجدت الروح قد غادرت الجسد وتاهت في سراديب الماضي .وصلت أخيرا ولم تثنيني كل هذه الأمطار الغزيرة أو العواصف الرعدية الاصطناعية ,وكان ما توقعت ,وجدته منتظرا قابعا في مكانه حتى عند رؤيتي فسرت إليه وكان المطر قد غسله من الداخل أكثر من الخارج وأعطيته مظلتي علها تخفف عنه فرفض, ثم وقفنا تحت مظلة المحل القريب أكثر من نصف ساعة دون أن ينطق بأي كلمة وعند انتهاء هطول المطر امسك يدي واصطحبني إلى منطقة السدود العالية وافترش لي سترته وجلس إلى جانبي , راح ينظر إلي كمن يحزن على فراق قطته الأليفة ولم يشح بنظره عني أبدا إلى أن نطق أخيرا بعناء شديد فقال : هنا تغسل القلوب والعقول والنفوس - ماذا تقصد
- أنا مسافر إلى كندا بعد ثلاث أيام
- وأنا؟ لمن تتركني ؟ للضياع ؟
- تعالي معي كزوجة, سنعيش ملكا لأنفسنا لا عبيدا
- وأهلي ؟
- لا شان لنا بهم, فنحن ليس لنا أهل, تذكري من نحن
- لم تجب بعد وأهلي ؟
- وداعا
- سأراك ؟
- ربما , لا تعقدي الآمال على ذلك .....وداعا
- لا تقل وداعا , قل إلى اللقاء
- وداعا
خرجت الدموع من عيناي لعلها تزيل بقايا هموم السنين التي لم تستطع الأيام أن تمحوها , اذكر بوضوح ذلك الحادث "سقوط الطائرة المغادرة إلى كندا وعدم وجود أي ناجيين .
لم يكن هناك من يعرفه بعثوه في الطائرة للتأكد من جثته , لم يسر احد في العزاء ولم يرضى ذلك الشيخ بان يقرأ على روحه سوى بضع سطور من سورة الفاتحة وفر من المقبرة كمن يخاف عدوى الموت أو كمن يطارده شبح الموت .
غادرت البلاد بعد فترة وسافرت إلى كندا وعشت هناك محاولة إزالة اثر كل الم شعرت به يوما وألقى بي في صحراء الحزن
وللمرة الثانية أثار انتباهي ذلك المختل باني لا زلت لا أصغي وبأنه لا يريدني ضمن مجموعته , تقبلت الأمر ببساطة المعتاد على المهانة ورددت في نفسي " عبيدا, وأي عبيد" غصتني الدمعة وسرت بلا هدى اردد "ماذا حصل لو قال إلى اللقاء"....................
بلاد النجوم الكبيرة والدموع المريرة the end