me2
26/01/2006, 16:52
يضاف الى هذا، ان الحس الطائفي الذي راح يتنامى الاعلان عنه في السنوات الأخيرة بفعل اعادة تغيير الهيكل السياسي في العراق بعد الاحتلال الاميركي ومأسسة الطائفية السياسية في لبنان، يشكل واحداً من الاسباب التي تقف وراء اتجاه عدد من السوريين الى الاسلام بديلاً من الهوية القومية - العلمانية، على رغم المساعي الحثيثة التي استمرت لعقود وهدفت الى تعزيز الوحدة الوطنية وتقوية الشعور المدني.
معبر... ومقر
من غير المؤكد ان السوري المتوسط الناشئ ضمن الظروف المذكورة يعتبر ان تفجيرات 11 ايلول (سبتمبر) إرهابية، وفق ما يراها المثقفون وممثلو الحكومات العربية التي رأت فيها إرهاباً مداناً أخلاقياً وسياسياً ودينيا. يمكن الاعتقاد ان كثيراً من الشباب المسيس اعتبر هذه الانفجارات دليلاً على ان «الاسلام هو الحل». ويعتقد كثيرون بأن منظمة صغيرة بإمكانات محدودة واجهت القوة العظمى لأنها تبنت العقيدة الاسلامية، بينما عجزت أنظمة عربية من المحيط الى الخليج عن تقديم الانتصارات المرجوة او الموعودة في الخطابات العلنية.
سبق ان كانت طرحت القومية العلمانية في العقود الفائتة حلاً لمشاكل «الأمة» وطريقاً لتحقيق تطلعاتها المشروعة. غير ان الأحداث والوقائع على الارض لم تقدم الدليل على صدقية هذا الحل وذاك الطريق، الأمر الذي اسهم جذرياً في تبني الاسلام حلاً بديلاً.
ويرى حبش ان الأسباب الاساسية للمد الاسلامي كانت السياسات الاميركية في الشرق الأوسط. ويوافق آخرون على ذلك، لكنهم يرون ان «العوامل الداخلية تلعب دوراً كبيراً ويجب عدم اغفالها». وما حصل في العراق في السنتين الاخيرتين عزز الاتجاه الى التدين بصفته خياراً سياسياً. فالرئيس المخلوع صدام حسين، عندما تأكد ان تجربة «الحزب القائد» لم تنجح بما يكفي لجأ الى الاسلام كعقيدة رديفة وتحالف مع الاسلاميين في نهاية التسعينات لتعزيز قاعدته الشعبية.
كما تحالف «البعث» العراقي مع القوى الاسلامية كي يقاتل الاميركيين. قدم «البعث» الخبرة القتالية - العسكرية، والاسلاميون قدموا الدعم العقائدي والبشري. لكن المدهش كان مستوى الانتشار الأفقي للاسلام السياسي في العراق، حيث ان مثالب التجربة القومية - العلمانية وفشلها في العراق كانت وراء بروز الهوية الاسلامية البديلة فيه التي تم التعبير عنها في الانتخابات في نهاية العام الفائت، عبر تسجيل بروز الدور السياسي لرجال الدين الشيعة والسنة والمؤسسات والمراجع الدينية على حساب المراجع الحزبية والمدنية.
وتطرح ظاهرة توجه آلاف الشباب من المتطوعين من بلدانهم الى العراق لـ»الجهاد» حقيقة ان المارد الاسلامي الذي صنعته وعززته أنماط الفشل المختلفة في الدول العربية، خرج الى العلن.
وبحسب مذكرة سلمتها وزارة الخارجية السورية في خريف 2005 الى سفراء الدول المعتمدين في دمشق فان سورية اعتقلت او حققت مع نحو ثمانية آلاف اسلامي متطرف حاولوا الدخول الى العراق او قاتلوا فيه، بينهم نحو 1600 عربي سلموا الى دولهم، واعتقال نحو أربعة آلاف سوري، إضافة الى تسليم 2500 عراقي الى حكومتهم.
وجاء في دراسة نشرها موقع «مؤسسة جيمس تاون» الالكتروني في آب (اغسطس) من عام 2005، ان من «اخطر مظاهر» القضاء على «الاخوان» في الثمانينات، هو ظهور جيل جديد من الحركات السلفية في سورية من تحت عباءة قيادات «الاخوان» التي هربت الى أوروبا في بداية الثمانينات. ولعل من ابرز هؤلاء مصطفى ست مريم المعروف بـ «ابي مصعب السوري»، والذي يعتقد انه من «ابرز منظري تنظيم القاعدة» وانه «يدير عمل القاعدة في أوروبا». وهناك أيضاً محمد حيدر زمار المعروف بـ «الدب السوري» الذي يشتبه في انه كان وراء تجنيد محمد عطا واخرين ساهموا في تفجيرات 11 ايلول 2001.
وكانت مصادر متطابقة قالت انه تم نقل زمار من ألمانيا الى المغرب ثم الى سورية حيث لا يزال معتقلاً منذ نحو أربع سنوات، في إطار «التعاون الامني» بين سورية واميركا والذي بدأ بعد أحداث 11 أيلول، ثم «جمد» في أيار 2005، بحسب إعلان السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى.
ان وجود اتجاه لدى بعض الشباب السوري للتعبير عن آرائه بالعنف وتحول سورية الى «معبر أو مقر» للمتطرفين العرب والتنبه الى احتمال تفشي ظاهرة «العراقيين العرب»، كانت عوامل مقلقة جدا للحكومة السورية في ضوء حساسية التوازن الداخلي والضغوط الخارجية. وربما كانت هذه القضايا من ضمن الاسباب الاساسية لقيام السلطات السورية باتخاذ عدد من الاجراءات لمكافحة هذه الظاهرة. وتمثلت بـ «العمليات الاستباقية» التي جرت في عدد من المدن في الأشهر الأخيرة من جهة، وفرض قيود شديدة على دخول المواطنين العرب المتراوحة اعمارهم بين 18 و30 عاماً الراغبين في القدوم الى سورية، باعتبار انهم «مجاهدون محتملون» من جهة ثانية. علماً أن السلطات الرسمية رسمت «خطاً احمر» فاقعاً يمنع أي علاقة بين تنظيم «الاخوان المسلمين» في الخارج والشارع السوري المحافظ.
وعلى رغم بعض «الخروق» التي يقوم بها بعض المعارضين أمثال رئيس «الحزب الشيوعي - المكتب السياسي» السابق رياض الترك الذي اجتمع تلفزيونياً مع المراقب العام لـ «الاخوان» صدر الدين البيانوني، تم الكشف في الأشهر الاخيرة عن الرسالة الرسمية التالية: ممنوع بتاتاً، أي علاقة بين «الاخوان» كتنظيم سياسي محظور والشارع الاسلامي والمحافظ الذي يبحث عن حاضنة سياسية، وأيضاً بين «الاخوان» وشخصيات «المعارضة» التي تكاد شعبيتها تنحصر في كوادرها الناصرية والشيوعية والقومية الطاعنة في السن والقليلة العدد. وكانت إحدى تجليات ذلك، عملية اعتقال الكاتب علي عبد الله لمجرد انه قرأ بياناً باسم «الاخوان» في منتدى ثقافي دمشقي، قبل إطلاقه عشية عيد الفطر المبارك الاخير.
«الخط الاحمر» عززته توجيهات المؤتمر العاشر لحزب «البعث» بضرورة «فضح وتعرية» تنظيم «الاخوان» الذي يتعامل مع الخارج، بحسب نص التقرير. وعاد وأكد على ذلك الرئيس بشار الأسد في جلسة مغلقة عقدت في نهاية مؤتمر الحزب الحاكم، بحسب مصادر حضرت الاجتماع. كما ان المسودة المطروحة لقانون الاحزاب السياسية، تمنع ترخيص أي حزب على أساس ديني أو طائفي أو عرقي أو مناطقي.
لكن كل ذلك، لا ينفي زيادة اتجاه السوريين نحو التدين ولا يلغي الواقع الذي يشهد اتساع رقعة المتدينين وبدء ظهور بقع سلفية ونتوءات تكفيرية او مسلحة. وما يحصل في العراق يزيد هذا التعقيد، إذ ان نزعات طائفية وعرقية ومناطقية ودينية بدأت بالظهور على خلفية اعادة تشكيل النظام السياسي في العراق، لا شك في انها كانت من اسباب التعبيرات العنفية التي ظهرت في أوساط أكراد سورية واسلامييها في السنتين الاخيرتين.
لذلك، فإن معالجة ظاهرة الاسلام السياسي معقدة ومتشابكة، ويمكن ان تكون وفق النموذج الذي اقترحه الرئيس بشار الاسد في محاضرة ألقاها في موسكو في كانون الثاني (يناير) 2005، ويتضمن ست خطوات:»حل بؤر التوتر في العالم وفي مقدمها قضية الصراع العربي - الاسرائيلي، تحسين الاداء السياسي، الحوار، مكافحة الجهل والتنمية وتحسين الوضع الاقتصادي، العمل الامني الذي يجب ان يتوازى مع المحاور الاخرى».
على الصعيد الواقعي، هذا يعني اجراء اصلاحات اقتصادية وسياسية عميقة وفق رؤية واضحة، تسمح بحرية التعبير وبالتعددية السياسية والحزبية، إضافة الى حل مشاكل البطالة وردم الهوة بين الطبقتين الدنيا والعليا. ولا شك في ان توقيع الحكومة اتفاقاً مع «البرنامج الانمائي للأمم المتحدة» لتدريب الشيوخ ورجال الدين على «محاربة التعصب» خطوة أساسية خصوصاً اذا تزامنت مع تعديل المناهج التربوية في المدارس والمساجد من جهة ومع تحقيق الاصلاحات المذكورة من جهة أخرى.
وعلى الصعيد النظري، لا بد من القول ان الفراغ العقائدي الذي أوجده الجمود القومي والعلماني وعمل الإسلام السياسي على ملئه، يحتاج في سورية الى دارسة متفحصة بعمق. هذا اذا أريد للتعددية السياسية والحزبية ان تكون بحق مرآة تعكس التوجهات المتجذرة في أعماق المجتمع السوري. والمقصود التوجه العروبي والنزوع الى الاعتدال والوسطية في فهم المعتقد الديني وتناوله.
ويقول مسؤول سوري لـ «الحياة» ان «التوجه العروبي يستدعي موقفا تجديدياً للفكر القومي يستوعب متطلبات الحاضر والمستقبل. والنزوع الى الاعتدال يتعزز بتحسين الأداء العام وبالحوار الوطني المفتوح الهادف الى الوصول الى قواسم مشتركة بناءة».
معبر... ومقر
من غير المؤكد ان السوري المتوسط الناشئ ضمن الظروف المذكورة يعتبر ان تفجيرات 11 ايلول (سبتمبر) إرهابية، وفق ما يراها المثقفون وممثلو الحكومات العربية التي رأت فيها إرهاباً مداناً أخلاقياً وسياسياً ودينيا. يمكن الاعتقاد ان كثيراً من الشباب المسيس اعتبر هذه الانفجارات دليلاً على ان «الاسلام هو الحل». ويعتقد كثيرون بأن منظمة صغيرة بإمكانات محدودة واجهت القوة العظمى لأنها تبنت العقيدة الاسلامية، بينما عجزت أنظمة عربية من المحيط الى الخليج عن تقديم الانتصارات المرجوة او الموعودة في الخطابات العلنية.
سبق ان كانت طرحت القومية العلمانية في العقود الفائتة حلاً لمشاكل «الأمة» وطريقاً لتحقيق تطلعاتها المشروعة. غير ان الأحداث والوقائع على الارض لم تقدم الدليل على صدقية هذا الحل وذاك الطريق، الأمر الذي اسهم جذرياً في تبني الاسلام حلاً بديلاً.
ويرى حبش ان الأسباب الاساسية للمد الاسلامي كانت السياسات الاميركية في الشرق الأوسط. ويوافق آخرون على ذلك، لكنهم يرون ان «العوامل الداخلية تلعب دوراً كبيراً ويجب عدم اغفالها». وما حصل في العراق في السنتين الاخيرتين عزز الاتجاه الى التدين بصفته خياراً سياسياً. فالرئيس المخلوع صدام حسين، عندما تأكد ان تجربة «الحزب القائد» لم تنجح بما يكفي لجأ الى الاسلام كعقيدة رديفة وتحالف مع الاسلاميين في نهاية التسعينات لتعزيز قاعدته الشعبية.
كما تحالف «البعث» العراقي مع القوى الاسلامية كي يقاتل الاميركيين. قدم «البعث» الخبرة القتالية - العسكرية، والاسلاميون قدموا الدعم العقائدي والبشري. لكن المدهش كان مستوى الانتشار الأفقي للاسلام السياسي في العراق، حيث ان مثالب التجربة القومية - العلمانية وفشلها في العراق كانت وراء بروز الهوية الاسلامية البديلة فيه التي تم التعبير عنها في الانتخابات في نهاية العام الفائت، عبر تسجيل بروز الدور السياسي لرجال الدين الشيعة والسنة والمؤسسات والمراجع الدينية على حساب المراجع الحزبية والمدنية.
وتطرح ظاهرة توجه آلاف الشباب من المتطوعين من بلدانهم الى العراق لـ»الجهاد» حقيقة ان المارد الاسلامي الذي صنعته وعززته أنماط الفشل المختلفة في الدول العربية، خرج الى العلن.
وبحسب مذكرة سلمتها وزارة الخارجية السورية في خريف 2005 الى سفراء الدول المعتمدين في دمشق فان سورية اعتقلت او حققت مع نحو ثمانية آلاف اسلامي متطرف حاولوا الدخول الى العراق او قاتلوا فيه، بينهم نحو 1600 عربي سلموا الى دولهم، واعتقال نحو أربعة آلاف سوري، إضافة الى تسليم 2500 عراقي الى حكومتهم.
وجاء في دراسة نشرها موقع «مؤسسة جيمس تاون» الالكتروني في آب (اغسطس) من عام 2005، ان من «اخطر مظاهر» القضاء على «الاخوان» في الثمانينات، هو ظهور جيل جديد من الحركات السلفية في سورية من تحت عباءة قيادات «الاخوان» التي هربت الى أوروبا في بداية الثمانينات. ولعل من ابرز هؤلاء مصطفى ست مريم المعروف بـ «ابي مصعب السوري»، والذي يعتقد انه من «ابرز منظري تنظيم القاعدة» وانه «يدير عمل القاعدة في أوروبا». وهناك أيضاً محمد حيدر زمار المعروف بـ «الدب السوري» الذي يشتبه في انه كان وراء تجنيد محمد عطا واخرين ساهموا في تفجيرات 11 ايلول 2001.
وكانت مصادر متطابقة قالت انه تم نقل زمار من ألمانيا الى المغرب ثم الى سورية حيث لا يزال معتقلاً منذ نحو أربع سنوات، في إطار «التعاون الامني» بين سورية واميركا والذي بدأ بعد أحداث 11 أيلول، ثم «جمد» في أيار 2005، بحسب إعلان السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى.
ان وجود اتجاه لدى بعض الشباب السوري للتعبير عن آرائه بالعنف وتحول سورية الى «معبر أو مقر» للمتطرفين العرب والتنبه الى احتمال تفشي ظاهرة «العراقيين العرب»، كانت عوامل مقلقة جدا للحكومة السورية في ضوء حساسية التوازن الداخلي والضغوط الخارجية. وربما كانت هذه القضايا من ضمن الاسباب الاساسية لقيام السلطات السورية باتخاذ عدد من الاجراءات لمكافحة هذه الظاهرة. وتمثلت بـ «العمليات الاستباقية» التي جرت في عدد من المدن في الأشهر الأخيرة من جهة، وفرض قيود شديدة على دخول المواطنين العرب المتراوحة اعمارهم بين 18 و30 عاماً الراغبين في القدوم الى سورية، باعتبار انهم «مجاهدون محتملون» من جهة ثانية. علماً أن السلطات الرسمية رسمت «خطاً احمر» فاقعاً يمنع أي علاقة بين تنظيم «الاخوان المسلمين» في الخارج والشارع السوري المحافظ.
وعلى رغم بعض «الخروق» التي يقوم بها بعض المعارضين أمثال رئيس «الحزب الشيوعي - المكتب السياسي» السابق رياض الترك الذي اجتمع تلفزيونياً مع المراقب العام لـ «الاخوان» صدر الدين البيانوني، تم الكشف في الأشهر الاخيرة عن الرسالة الرسمية التالية: ممنوع بتاتاً، أي علاقة بين «الاخوان» كتنظيم سياسي محظور والشارع الاسلامي والمحافظ الذي يبحث عن حاضنة سياسية، وأيضاً بين «الاخوان» وشخصيات «المعارضة» التي تكاد شعبيتها تنحصر في كوادرها الناصرية والشيوعية والقومية الطاعنة في السن والقليلة العدد. وكانت إحدى تجليات ذلك، عملية اعتقال الكاتب علي عبد الله لمجرد انه قرأ بياناً باسم «الاخوان» في منتدى ثقافي دمشقي، قبل إطلاقه عشية عيد الفطر المبارك الاخير.
«الخط الاحمر» عززته توجيهات المؤتمر العاشر لحزب «البعث» بضرورة «فضح وتعرية» تنظيم «الاخوان» الذي يتعامل مع الخارج، بحسب نص التقرير. وعاد وأكد على ذلك الرئيس بشار الأسد في جلسة مغلقة عقدت في نهاية مؤتمر الحزب الحاكم، بحسب مصادر حضرت الاجتماع. كما ان المسودة المطروحة لقانون الاحزاب السياسية، تمنع ترخيص أي حزب على أساس ديني أو طائفي أو عرقي أو مناطقي.
لكن كل ذلك، لا ينفي زيادة اتجاه السوريين نحو التدين ولا يلغي الواقع الذي يشهد اتساع رقعة المتدينين وبدء ظهور بقع سلفية ونتوءات تكفيرية او مسلحة. وما يحصل في العراق يزيد هذا التعقيد، إذ ان نزعات طائفية وعرقية ومناطقية ودينية بدأت بالظهور على خلفية اعادة تشكيل النظام السياسي في العراق، لا شك في انها كانت من اسباب التعبيرات العنفية التي ظهرت في أوساط أكراد سورية واسلامييها في السنتين الاخيرتين.
لذلك، فإن معالجة ظاهرة الاسلام السياسي معقدة ومتشابكة، ويمكن ان تكون وفق النموذج الذي اقترحه الرئيس بشار الاسد في محاضرة ألقاها في موسكو في كانون الثاني (يناير) 2005، ويتضمن ست خطوات:»حل بؤر التوتر في العالم وفي مقدمها قضية الصراع العربي - الاسرائيلي، تحسين الاداء السياسي، الحوار، مكافحة الجهل والتنمية وتحسين الوضع الاقتصادي، العمل الامني الذي يجب ان يتوازى مع المحاور الاخرى».
على الصعيد الواقعي، هذا يعني اجراء اصلاحات اقتصادية وسياسية عميقة وفق رؤية واضحة، تسمح بحرية التعبير وبالتعددية السياسية والحزبية، إضافة الى حل مشاكل البطالة وردم الهوة بين الطبقتين الدنيا والعليا. ولا شك في ان توقيع الحكومة اتفاقاً مع «البرنامج الانمائي للأمم المتحدة» لتدريب الشيوخ ورجال الدين على «محاربة التعصب» خطوة أساسية خصوصاً اذا تزامنت مع تعديل المناهج التربوية في المدارس والمساجد من جهة ومع تحقيق الاصلاحات المذكورة من جهة أخرى.
وعلى الصعيد النظري، لا بد من القول ان الفراغ العقائدي الذي أوجده الجمود القومي والعلماني وعمل الإسلام السياسي على ملئه، يحتاج في سورية الى دارسة متفحصة بعمق. هذا اذا أريد للتعددية السياسية والحزبية ان تكون بحق مرآة تعكس التوجهات المتجذرة في أعماق المجتمع السوري. والمقصود التوجه العروبي والنزوع الى الاعتدال والوسطية في فهم المعتقد الديني وتناوله.
ويقول مسؤول سوري لـ «الحياة» ان «التوجه العروبي يستدعي موقفا تجديدياً للفكر القومي يستوعب متطلبات الحاضر والمستقبل. والنزوع الى الاعتدال يتعزز بتحسين الأداء العام وبالحوار الوطني المفتوح الهادف الى الوصول الى قواسم مشتركة بناءة».