me2
26/01/2006, 16:43
يبدو أنو المنتدى بحاجة ماسة للأحاديث الدينية ...
منقول من الحياة .. يرجى الاطلاع و التوجيه لمن يلزم ...
آلاف المساجد تقدم 400 ألف درس أسبوعي ... الأرياف السورية تغذي المدن بالمتشددين
تقف مجموعة من الأسباب الداخلية والخارجية وراء عدم النجاح في التحول الجذري الى العلمانية وتحول المجتمع السوري الى الإسلام بصفته بديلاً. فبعد القضاء على تنظيم «الاخوان المسلمين» بعد قيام كتلة «الطليعة المقاتلة» الجناح العسكري والمتشدد للأخوان بعمليات اغتيال مثقفين ومدنيين، بدأت الحكومة السورية سياسة تشجيع الاسلام المعتدل غير المسيس وخلق قاعدة شعبية واسعة ضمن المجتمع حتى لا تتهم بمعاداة الاسلام دين الغالبية، فشجعت بناء المساجد التي وصل عددها حالياً الى نحو ثمانية آلاف في كل انحاء البلاد. كما أوجدت ما يسمى «مدارس الأسد لتحفيظ القرآن» التي وصل عددها الى 120 معهداً في المحافظات والمدن كلها، اضافة الى معاهد عالية لتدريس علوم الدين التي بلغ عددها اكثر من 22 معهداً لا تستقطب طلاب الدراسات العليا من سورية وحسب، بل من اكثر من ستين دولة عربية وأجنبية، بحسب الدكتور صلاح الدين كفتارو مدير «مجمع ابي النور» الذي أسسه المفتي العام للبلاد الراحل الشيخ احمد كفتارو.
وتقول مصادر متطابقة ان هناك نحو 600 معهد لتحفيظ القرآن موجودة في شكل مستقل أو ملحقة بمساجد. كما ان هناك نحو 40 مدرسة تابعة للشيخة منيرة القبيسي (75 سنة) من أصل نحو 80 مدرسة تنتشر في الأحياء الدمشقية كلها، تدور في فلكها أكثر من 75 ألف امرأة ومربية لآلاف الأسر، وفق تراتبية منظمة في الحلقات الدينية يتم التعبير عنها باللباس النسوي ولون غطاء الرأس. ويقول النائب محمد حبش: «القبيسيات ينشطن في إطار دعوة البنات الى التزام الشريعة الاسلامية. هن لا يمثلن تياراً، بل عبارة عن مدارس لتعليم الاطفال». يضاف الى ذلك ان «المجموعة الإحصائية الرسمية» التي تصدرها الحكومة تقول ان كلية الشريعة الاسلامية تضم نحو 7603 طلاب (3337 طالبة) في السنوات الأربع من اصل 48 ألف طالب في جامعة دمشق. وتخرج كلية الشريعة سنوياً اكثر من 650 طالباً. ويقول أحد المتابعين: «ان وظيفة التدريس الديني محصورة بالدولة التي لديها نحو مئة شخص يقومون بدور التدريس الديني من دون اشتراط ان يكونوا بعثيين».
وفي موازاة الكلية الجامعية جرى تشجيع وجود مدارس تشريعية مناطقية مقربة من أعين السلطات الرسمية عبر الثقة بالمشايخ القيمين عليها. ففي الجزيرة السورية شمال شرقي البلاد هناك «مدرسة الخزنوي» (هو شقيق الشيخ معشوق، وتوفي أيضاً في حادث سير بين مكة المكرمة والمدينة المنورة في تشرين (أكتوبر) الماضي، وفي حلب هناك مدارس الشيخ احمد حسون وهو المفتي الحالي لسورية، وفي دمشق هناك «مجمع ابي النور» وحلقات الشيخ العلامة المنفتح محمد سعيد رمضان البوطي الذي يعطي دروساً اسبوعية في جامع «دينكز» وعلى شاشة التلفزيون الرسمي.
ونما في ظل هذه التجمعات مجتمع أهلي يدور في الحلقات الدينية. فمن اصل 584 جمعية هناك 290 جمعية خيرية ذات توجه اسلامي. وقال المتخصص في شؤون المجتمع المدني الدكتور جمعة حجازي ان عدد الاسر المستفيدة من الجمعيات يبلغ نحو 72751 أسرة وان قيمة المساعدات المقدمة لها عام 2003، بلغت اكثر من 842 مليون ليرة سورية (الدولار يساوي نحو 56 ليرة)، ذلك ان هذه الجمعيات تقدم مساعدات عبر تخصيص رواتب شهرية أو مساعدات علاجية أو غذائية الى الفقراء والمحتاجين. كما انها كانت تقدم خدمات عقائدية سواء عبر الدروس اليومية أو عبر خطبة يوم الجمعة وتنظيم جولات سياحية الى مواقع دينية.
إذاً، الشباب وأبناء الأرياف الذين يشكلون الغالبية السورية يرون أمامهم منبرين لا ثالث لهما: المساجد التي يبلغ عددها نحو ثمانية آلاف وتشهد على الأقل نحو 416 ألف درس أسبوعي في يوم الجمعة ويرتادها ملايين المصلين خصوصاً من الشباب، والمراكز الثقافية البالغ عددها 79 معهداً واربعة مسارح رسمية قدمت في العام ذاته 27 مسرحية لا يتجاوز عدد مرتاديها بضعة آلاف، ووسائل الاعلام الرسمية التي تشمل بيع نحو 60 الف نسخة من الصحف الرسمية الثلاث وخدمات الاذاعة والتلفزيون المتواضعة مهنياً والتي تقهقرت أمام تقدم الفضائيات العربية. بل ان تجربة الاذاعات الخاصة، لا تشجع الجيل المحافظ من الاقتراب منها، ذلك ان جميعها تجاري وفني ومعظمها يقدم بطريقة سريعة تناسب شريحة ضيقة من أبناء المدن الكبرى.
ولأن الشبيبة لم تجد الكثير من الخيارات البديلة القائمة، اتجهت بكثافة الى المدارس الدينية للدراسة، والى المساجد اما للتعبد أو كرد فعل على السياسات الرسمية وما يعتقده الشباب أحادية خطاب الحزب الواحد أو للهروب من الواقع بمشاكله الاقتصادية والاجتماعية القائمة وبقضايا الفساد والبيروقراطية والترهل الاداري والمصاعب الاجتماعية والعائلية.
وتشير الارقام الى ان وتائر النمو السكاني انخفضت من نحو 3.4 في المئة الى نحو 2.4 في المئة. لكن الذين ولدوا في طفرة الزيادة السكانية قبل عقدين، باتوا الآن شباباً، ويدخل 220 الف شخص سنوياً الى سوق العمل، لا تستطيع الحكومة توفير فرص العمل لجميعهم. وبحسب الاحصاءات الرسمية فإن نحو مليون شخص هم من العاطلين عن العمل، علماً ان 80 في المئة من العاطلين عن العمل هم بين سن الـ15 والـ24 عاماً. يضاف الى ذلك، ان خبراء اقتصاديين يعتقدون ان الانفتاح الاقتصادي الانتقائي في السنوات الاخيرة، جعل الاغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقراً مع تعمق الفجوة بين الطبقتين الدنيا والعليا على حساب ذوبان الطبقة الوسطى التي هي أساس أي استقرار وتقدم.
وما يدعم هذه الفكرة ان دراسة أعدها خبراء الأمم المتحدة لمصلحة الحكومة، أظهرت ان سورية تضم نحو 5.3 مليون فقير يشكلون 30 في المئة من السكان (نحو 18 مليوناً)، بينهم مليونا شخص لا يتمكنون من»الحصول على الحاجات الأساسية من الغذاء وغيره»، وان معدلات الفقر تصل الى 60 في المئة بين اهالي المناطق الشمالية والشمالية الشرقية، وهي الأغنى في الموارد الطبيعية من نفط وغاز ومياه ومحاصيل زراعية.
«ثورة» بديلة
ما عزز البحث عن «البديل الديني» وجود عوامل خارجية اقليمية ودولية. فكل عقد من العقود الثلاثة الماضية شهد حدثاً عزز تثبيت دعائم الاصولية في الشرق الاوسط والعالم. اذ تزامن القضاء على تنظيم»الاخوان» مع اندلاع «الثورة الاسلامية» في ايران في نهاية السبعينات ومع تحالف الحكومة السورية معها ضد النظام العراقي الذي يفترض نظرياً أن يكون شريك سورية في «بعثيته».
وفي نهاية عقد الثمانينات، جاء انهيار الاتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية التي كانت تمثل حليفاً للحكومة السورية، الا ان هذا الانهيار لم يضعف التحالفات الاستراتيجية للحكومة فحسب، بل طرح شكوكاً كبيرة في العقيدة الاشتراكية وانجازاتها المجتمعية، انعكست في النسيج الاجتماعي لسورية، فحرم آلاف الشباب من فرصة السفر الى أوروبا الشرقية ليذهب عدد كبير منهم الى «الخيار الآخر» وهو البحث عن فرص عمل في مجتمعات الخليج المحافظة.
وفي مقابل إعلان عقد التسعينات فشل عدد من الأنظمة الاشتراكية وعدم تقديم الاحزاب اليسارية والقومية حلولاً للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية في مجتمعاتها واصابة الأحزاب الحاكمة بالتـــــرهل بفـــعل البقاء في الحكم فترة طويلة وعدم تحقيق إنجازات واسعة داخلياً، فان الأحزاب الاسلامية كانت تحقق الانتصارات الشعبية وتصلب عود قاعدتها الاجتماعية في وقت كانت السنوات الأخيرة تشهد انتشار التشدد الديني والقومي في العالم والمنطقة.
كان الرأي العام السوري والشبيبة الناشئة يراقبان الانتصارات التي باتت تحققها المنظمات الاسلامية ضد اسرائيل العدو الاساس شعبياً. اذ ترك دور»حركة المقاومة الاسلامية» (حماس) و»الجهاد الاسلامي» في تفجير الانتفاضة الاولى في نهاية الثمانينات ثم الانتفاضة الثانية، اثراً ايجابياً في رفع همة الممارسة الاسلامية وقبول العمليات الفدائية كخيار جهادي. وعلى رغم ان اتفاق «الجنتلمان» القائم بين قيادات «حماس» و»الجهاد» وسورية يمنع هذه المنظمات من ممارسة النشاط الدعوي بين السوريين وبين نحو 450 الف لاجئ فلسطيني، فان مجرد وجود قياداتهم مثل رئيس المكتب السياسي لـ»حماس» خالد مشعل وزعيم «الجهاد» رمضان شلح في الاراضي السورية هو بمثابة «الملهم» للكثير من السوريين، طالما ان العقيدة «البعثية» راحت تقترب في السنوات الاخيرة رويدا من «الخيار الاسلامي» لتغطية الفراغ الذي احدثه انهيار الكتلة الشرقية من جهة وبعض الخيبات الداخلية من جهة ثانية والبحث عن عناصر جديدة لشرعية سياسية بديلة من جهة ثالثة.
ولا شك في ان الدور الذي لعبه «حزب الله» بدعم رسمي ورعاية من الحكومة السورية، في انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان للمرة الأولى امام طرف عربي مقاتل، كان عاملاً حاسماً في تعزيز القناعة التي كانت تترسخ: الاسلام هو الحل. اما موضوع التطرف فيمكن فهم بعض سياقاته على خلفية وصول بعض مسارات الصراع العربي - الاسرائيلي الى جدار مسدود وتحول المجتمع الاسرائيلي باتجاه التشدد في النصف الثاني من عقد التسعينات، وانتقال رئاسة الوزراء بعد اغتيال اسحق رابين نهاية عام 1995، من رئيس حزب العمل شمعون بيريز الى رئيس تكتل «ليكود» بنيامين نتانياهو، ثم اجتياح آرييل شارون وتكتله المشهد السياسي ثم الاراضي الفلسطينية التي كانت أصبحت تحت سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو لعام 1993.
منقول من الحياة .. يرجى الاطلاع و التوجيه لمن يلزم ...
آلاف المساجد تقدم 400 ألف درس أسبوعي ... الأرياف السورية تغذي المدن بالمتشددين
تقف مجموعة من الأسباب الداخلية والخارجية وراء عدم النجاح في التحول الجذري الى العلمانية وتحول المجتمع السوري الى الإسلام بصفته بديلاً. فبعد القضاء على تنظيم «الاخوان المسلمين» بعد قيام كتلة «الطليعة المقاتلة» الجناح العسكري والمتشدد للأخوان بعمليات اغتيال مثقفين ومدنيين، بدأت الحكومة السورية سياسة تشجيع الاسلام المعتدل غير المسيس وخلق قاعدة شعبية واسعة ضمن المجتمع حتى لا تتهم بمعاداة الاسلام دين الغالبية، فشجعت بناء المساجد التي وصل عددها حالياً الى نحو ثمانية آلاف في كل انحاء البلاد. كما أوجدت ما يسمى «مدارس الأسد لتحفيظ القرآن» التي وصل عددها الى 120 معهداً في المحافظات والمدن كلها، اضافة الى معاهد عالية لتدريس علوم الدين التي بلغ عددها اكثر من 22 معهداً لا تستقطب طلاب الدراسات العليا من سورية وحسب، بل من اكثر من ستين دولة عربية وأجنبية، بحسب الدكتور صلاح الدين كفتارو مدير «مجمع ابي النور» الذي أسسه المفتي العام للبلاد الراحل الشيخ احمد كفتارو.
وتقول مصادر متطابقة ان هناك نحو 600 معهد لتحفيظ القرآن موجودة في شكل مستقل أو ملحقة بمساجد. كما ان هناك نحو 40 مدرسة تابعة للشيخة منيرة القبيسي (75 سنة) من أصل نحو 80 مدرسة تنتشر في الأحياء الدمشقية كلها، تدور في فلكها أكثر من 75 ألف امرأة ومربية لآلاف الأسر، وفق تراتبية منظمة في الحلقات الدينية يتم التعبير عنها باللباس النسوي ولون غطاء الرأس. ويقول النائب محمد حبش: «القبيسيات ينشطن في إطار دعوة البنات الى التزام الشريعة الاسلامية. هن لا يمثلن تياراً، بل عبارة عن مدارس لتعليم الاطفال». يضاف الى ذلك ان «المجموعة الإحصائية الرسمية» التي تصدرها الحكومة تقول ان كلية الشريعة الاسلامية تضم نحو 7603 طلاب (3337 طالبة) في السنوات الأربع من اصل 48 ألف طالب في جامعة دمشق. وتخرج كلية الشريعة سنوياً اكثر من 650 طالباً. ويقول أحد المتابعين: «ان وظيفة التدريس الديني محصورة بالدولة التي لديها نحو مئة شخص يقومون بدور التدريس الديني من دون اشتراط ان يكونوا بعثيين».
وفي موازاة الكلية الجامعية جرى تشجيع وجود مدارس تشريعية مناطقية مقربة من أعين السلطات الرسمية عبر الثقة بالمشايخ القيمين عليها. ففي الجزيرة السورية شمال شرقي البلاد هناك «مدرسة الخزنوي» (هو شقيق الشيخ معشوق، وتوفي أيضاً في حادث سير بين مكة المكرمة والمدينة المنورة في تشرين (أكتوبر) الماضي، وفي حلب هناك مدارس الشيخ احمد حسون وهو المفتي الحالي لسورية، وفي دمشق هناك «مجمع ابي النور» وحلقات الشيخ العلامة المنفتح محمد سعيد رمضان البوطي الذي يعطي دروساً اسبوعية في جامع «دينكز» وعلى شاشة التلفزيون الرسمي.
ونما في ظل هذه التجمعات مجتمع أهلي يدور في الحلقات الدينية. فمن اصل 584 جمعية هناك 290 جمعية خيرية ذات توجه اسلامي. وقال المتخصص في شؤون المجتمع المدني الدكتور جمعة حجازي ان عدد الاسر المستفيدة من الجمعيات يبلغ نحو 72751 أسرة وان قيمة المساعدات المقدمة لها عام 2003، بلغت اكثر من 842 مليون ليرة سورية (الدولار يساوي نحو 56 ليرة)، ذلك ان هذه الجمعيات تقدم مساعدات عبر تخصيص رواتب شهرية أو مساعدات علاجية أو غذائية الى الفقراء والمحتاجين. كما انها كانت تقدم خدمات عقائدية سواء عبر الدروس اليومية أو عبر خطبة يوم الجمعة وتنظيم جولات سياحية الى مواقع دينية.
إذاً، الشباب وأبناء الأرياف الذين يشكلون الغالبية السورية يرون أمامهم منبرين لا ثالث لهما: المساجد التي يبلغ عددها نحو ثمانية آلاف وتشهد على الأقل نحو 416 ألف درس أسبوعي في يوم الجمعة ويرتادها ملايين المصلين خصوصاً من الشباب، والمراكز الثقافية البالغ عددها 79 معهداً واربعة مسارح رسمية قدمت في العام ذاته 27 مسرحية لا يتجاوز عدد مرتاديها بضعة آلاف، ووسائل الاعلام الرسمية التي تشمل بيع نحو 60 الف نسخة من الصحف الرسمية الثلاث وخدمات الاذاعة والتلفزيون المتواضعة مهنياً والتي تقهقرت أمام تقدم الفضائيات العربية. بل ان تجربة الاذاعات الخاصة، لا تشجع الجيل المحافظ من الاقتراب منها، ذلك ان جميعها تجاري وفني ومعظمها يقدم بطريقة سريعة تناسب شريحة ضيقة من أبناء المدن الكبرى.
ولأن الشبيبة لم تجد الكثير من الخيارات البديلة القائمة، اتجهت بكثافة الى المدارس الدينية للدراسة، والى المساجد اما للتعبد أو كرد فعل على السياسات الرسمية وما يعتقده الشباب أحادية خطاب الحزب الواحد أو للهروب من الواقع بمشاكله الاقتصادية والاجتماعية القائمة وبقضايا الفساد والبيروقراطية والترهل الاداري والمصاعب الاجتماعية والعائلية.
وتشير الارقام الى ان وتائر النمو السكاني انخفضت من نحو 3.4 في المئة الى نحو 2.4 في المئة. لكن الذين ولدوا في طفرة الزيادة السكانية قبل عقدين، باتوا الآن شباباً، ويدخل 220 الف شخص سنوياً الى سوق العمل، لا تستطيع الحكومة توفير فرص العمل لجميعهم. وبحسب الاحصاءات الرسمية فإن نحو مليون شخص هم من العاطلين عن العمل، علماً ان 80 في المئة من العاطلين عن العمل هم بين سن الـ15 والـ24 عاماً. يضاف الى ذلك، ان خبراء اقتصاديين يعتقدون ان الانفتاح الاقتصادي الانتقائي في السنوات الاخيرة، جعل الاغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقراً مع تعمق الفجوة بين الطبقتين الدنيا والعليا على حساب ذوبان الطبقة الوسطى التي هي أساس أي استقرار وتقدم.
وما يدعم هذه الفكرة ان دراسة أعدها خبراء الأمم المتحدة لمصلحة الحكومة، أظهرت ان سورية تضم نحو 5.3 مليون فقير يشكلون 30 في المئة من السكان (نحو 18 مليوناً)، بينهم مليونا شخص لا يتمكنون من»الحصول على الحاجات الأساسية من الغذاء وغيره»، وان معدلات الفقر تصل الى 60 في المئة بين اهالي المناطق الشمالية والشمالية الشرقية، وهي الأغنى في الموارد الطبيعية من نفط وغاز ومياه ومحاصيل زراعية.
«ثورة» بديلة
ما عزز البحث عن «البديل الديني» وجود عوامل خارجية اقليمية ودولية. فكل عقد من العقود الثلاثة الماضية شهد حدثاً عزز تثبيت دعائم الاصولية في الشرق الاوسط والعالم. اذ تزامن القضاء على تنظيم»الاخوان» مع اندلاع «الثورة الاسلامية» في ايران في نهاية السبعينات ومع تحالف الحكومة السورية معها ضد النظام العراقي الذي يفترض نظرياً أن يكون شريك سورية في «بعثيته».
وفي نهاية عقد الثمانينات، جاء انهيار الاتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية التي كانت تمثل حليفاً للحكومة السورية، الا ان هذا الانهيار لم يضعف التحالفات الاستراتيجية للحكومة فحسب، بل طرح شكوكاً كبيرة في العقيدة الاشتراكية وانجازاتها المجتمعية، انعكست في النسيج الاجتماعي لسورية، فحرم آلاف الشباب من فرصة السفر الى أوروبا الشرقية ليذهب عدد كبير منهم الى «الخيار الآخر» وهو البحث عن فرص عمل في مجتمعات الخليج المحافظة.
وفي مقابل إعلان عقد التسعينات فشل عدد من الأنظمة الاشتراكية وعدم تقديم الاحزاب اليسارية والقومية حلولاً للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية في مجتمعاتها واصابة الأحزاب الحاكمة بالتـــــرهل بفـــعل البقاء في الحكم فترة طويلة وعدم تحقيق إنجازات واسعة داخلياً، فان الأحزاب الاسلامية كانت تحقق الانتصارات الشعبية وتصلب عود قاعدتها الاجتماعية في وقت كانت السنوات الأخيرة تشهد انتشار التشدد الديني والقومي في العالم والمنطقة.
كان الرأي العام السوري والشبيبة الناشئة يراقبان الانتصارات التي باتت تحققها المنظمات الاسلامية ضد اسرائيل العدو الاساس شعبياً. اذ ترك دور»حركة المقاومة الاسلامية» (حماس) و»الجهاد الاسلامي» في تفجير الانتفاضة الاولى في نهاية الثمانينات ثم الانتفاضة الثانية، اثراً ايجابياً في رفع همة الممارسة الاسلامية وقبول العمليات الفدائية كخيار جهادي. وعلى رغم ان اتفاق «الجنتلمان» القائم بين قيادات «حماس» و»الجهاد» وسورية يمنع هذه المنظمات من ممارسة النشاط الدعوي بين السوريين وبين نحو 450 الف لاجئ فلسطيني، فان مجرد وجود قياداتهم مثل رئيس المكتب السياسي لـ»حماس» خالد مشعل وزعيم «الجهاد» رمضان شلح في الاراضي السورية هو بمثابة «الملهم» للكثير من السوريين، طالما ان العقيدة «البعثية» راحت تقترب في السنوات الاخيرة رويدا من «الخيار الاسلامي» لتغطية الفراغ الذي احدثه انهيار الكتلة الشرقية من جهة وبعض الخيبات الداخلية من جهة ثانية والبحث عن عناصر جديدة لشرعية سياسية بديلة من جهة ثالثة.
ولا شك في ان الدور الذي لعبه «حزب الله» بدعم رسمي ورعاية من الحكومة السورية، في انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان للمرة الأولى امام طرف عربي مقاتل، كان عاملاً حاسماً في تعزيز القناعة التي كانت تترسخ: الاسلام هو الحل. اما موضوع التطرف فيمكن فهم بعض سياقاته على خلفية وصول بعض مسارات الصراع العربي - الاسرائيلي الى جدار مسدود وتحول المجتمع الاسرائيلي باتجاه التشدد في النصف الثاني من عقد التسعينات، وانتقال رئاسة الوزراء بعد اغتيال اسحق رابين نهاية عام 1995، من رئيس حزب العمل شمعون بيريز الى رئيس تكتل «ليكود» بنيامين نتانياهو، ثم اجتياح آرييل شارون وتكتله المشهد السياسي ثم الاراضي الفلسطينية التي كانت أصبحت تحت سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو لعام 1993.