-
دخول

عرض كامل الموضوع : قضية الحريري


آية اللطف
11/12/2005, 22:15
قضية الحريري
وعلاقتها بمخطط القضاء على الإسلام

للاستماع الصوتي على هذا الرابط :

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، وأكرمنا بنور الفهم، وافتح علينا بمعرفة العلم، وسهل أخلاقنا بالحلم، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وارزقنا اللهم الإخلاص لوجهك في كل من القول والعمل.

وبعد: فهذا هو الدرس الحادي والستون بعد المئة التاسعة في سلسلة دروس رياض الصالحين، ولكني أخبرتكم في يوم الاثنين الماضي أنني سأتوقف في هذا اليوم عن متابعة دروسنا في رياض الصالحين، وأننا سنتحدث عن موضوع الساعة من الجانب الإسلامي، من الجانب الذي يحملنا مسؤوليتنا تجاه مولانا وخالقنا جل جلاله.

ووفاء بما وعدتكم به سنتحدث اليوم بهذا الموضوع، سائلاً الله عز وجل أن يلهمني الرشد، وسائلاً الله عز وجل أن يجعل عملي وأعمالكم خالصة لوجهه.

أولاً بين يدي حديثي هذا - أيها الإخوة - ينبغي أن ألفت أنظاركم إلى أنني لا أبتغي فيما سأقوله الآن استرضاء أيّ من الناس، ولا إسخاط أي من الناس، وإنما أبتغي من حديثي هذا أن نؤدي واجباً كلفنا الله عز وجل به، مهمةً أناطها ا لله عز وجل بأعناقنا عندما خلقنا عبيداً له، وحملنا مسؤولية عمارة الأرض على النحو الذي طلب، هذا هو المطلوب.

لذا فلسوف يكون حديثي أولاً عن تصوير المشكلة التي تحيط بنا، والتي يراد فرضها علينا، وبيان أبعادها، لا أقول السياسية، فلست معنياً بهذا الجانب، وإنما سأبين أبعادها الإسلامية، ثم نستبين الواجب الذي يكلفنا الله عز وجل به لدرء هذا الخطر. هذا هو حجم الموضوع الذي سنتناوله إن شاء الله تعالى.

النقطة الأولى في حديثي هي أنه مما لا شك فيه ولا خلاف فيه في أحكام الشريعة الإسلامية أنه لا يجوز قتل نفس بدون حق، بدون موجب قتل، ومما لا ريب فيه أن أعظم جرم بعد جرم الإلحاد في ذات الله هو قتل نفس بغير حق، وكلكم يقرأ كلام الله عز وجل: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنا عَلَى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً} [المائدة: 5/32].

ولاشك أن الحريري واحد ممن ينتظم في قائمة من ارتكب مرتكبون الإجرام في حقه، فهو واحد - مما لاريب فيه - واحد ممن حاق به هذا الإجرام الشنيع والكبير في كتاب الله سبحانه وتعالى. وأقول: واحد ممن تنتظمه قائمة هذا الإجرام. أي هو ليس واحداً فقط، وشيئاً عجيباً وغريباً وقع يلفت نظر العالم. لا، هو واحد من كثيرين أزهقت أرواحهم ظلماً، وقضي عليهم بدون موجب، فكانوا ممن قال الله عز وجل عنهم: {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً} [المائدة: 5/32].

لكن السؤال الذي لابدَّ للعاقل أياً كان أن يواجهه وأن يستبين جواباً عنه، هو:

هل كان لهذا الإنسان - رحمه الله تعالى - رفيق الحريري، هل كانت له خصوصية علاقة عاطفية من دون أمثاله من الناس جميعاً في ميزان الولايات المتحدة؟ هل كان هذا الإنسان الذي ذهب ضحية إجرام شنيع، هل كان بدعاً من الآخرين بحيث أن عاطفة الولايات المتحدة تأججت والتهبت بسبب الجناية التي حاقت به؛ دون أن تشعر بجرائم مماثلة أخرى؟ لابدَّ للعاقل أن يتساءل.

والجواب معروف: الولايات المتحدة لا توزع عواطف في العالم بين الناس، وإنما تبحث عن مصالحها. هل كانت الجريمة المستنكرة فعلاً، ويكفي في استنكارها كلام الله: {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً} يكفي هذا، هل كانت هذه الجريمة في ميزان الولايات المتحدة جريمة فريدة من نوعها؟ يعني: كل الجرائم المماثلة الأخرى كانت دونها في الأهمية؟ ودونها في الخطورة؟ من ذلك لم تشأ أن تقيم الدنيا ولا أن تقعدها إلا من أجل هذه الجريمة؟ نحن نعلم أنها جريمة فعلاً، وأنها جناية، وأي جناية وحسبنا أن نصفها بما وصفها به ربنا سبحانه وتعالى، قلت بالأمس القريب في مجلس فيه مسؤولون: بالأمس قتل الرئيس الفلسطيني بالسم، أزهقت حياته بالسم، لماذا لم تفتح الولايات المتحدة محضراً للتحقيق فيمن قتله بهذه ا لطريقة القذرة؟ لماذا؟

قبل ذلك - وما ينبغي أن ننسى - قتل الملك فيصل، الملك فيصل معروف، ملك المملكة العربية السعودية، في ظروف كلكم يعرفها، لماذا لم يفتح ملف، محضر، للتحقيق في القاتل أو الجهة التي قتلته ولإنزال العقوبة الرادعة بهذه الجهة؟

بالأمس القريب أو البعيد قتل مفتي الجمهورية اللبنانية حسن خالد في ظروف لعلكم جميعاً تعرفونها، ومفتي الجمهورية العربية اللبنانية من الأهمية بمكان، مركزه يلي مركز رئاسة الوزراء، يمثل المسلمين في الجمهورية اللبنانية. لماذا لم تهتم الولايات المتحدة ولم تفتح محضر تحقيق في القاتل وفي البحث عنه من أجل إنزال العقوبة الرادعة؟

هل يمكن أن نتصور أن الشعور الإنساني استيقظ أخيراً عند الأمريكان بعد أن كان راقداً، بل ميتاً؟ هل يمكن أن نتصور أن الشعور بالغيرة على العدالة الإنسانية استيقظ لدى البيت الأبيض أخيراً بعد أن كان ميتاً، أو نائماً؟ الآن استيقظ؟ إذا كان هذا ممكناً فالواقع هي بشارة كبيرة. لأن هذه الإشارة تضعنا أمام حقيقة وهي أن أمريكا ستحاكم نفسها اليوم، ولسوف تقضي على نفسها بالعقاب الصارم بسبب هذه الجرائم الإنسانية الكثيرة التي تمارسها. عندما نتصور أن الرئيس الأمريكي قد استيقظت - اليوم عند مقتل الحريري رحمه الله تعالى - استيقظت مشاعره الإنسانية، ومشاعر الغيرة على العدالة بين جوانحه اليوم، فإنها لبشارة، بل إنها لبشارة كبيرة، لأننا سنعلم أن الرئيس الأمريكي سيحاكم نفسه، ولسوف يقاضي نفسه، ولسوف يخضع نفسه للعقاب الصارم بسبب سلسلة الجرائم التي يرتكبها ضد البرآء، ضد الأمنين لكن هل هذا هو الواقع؟

كلكم يعلم الجواب عن هذا السؤال: أمريكا لم تكن يوماً ما لتوزع عواطف، أمريكا لم تكن لتبادل لا الرؤوساء ولا الزعماء مشاعر الحب إطلاقاً في يوم من الأيام. أمريكا كانت ولا تزال تنظر إلى العالم كله من منظار واحد هو مصالحها. وإذا أتيح لها أن تعتصر مصالح الكون كله في كأس وتشربه لتسكر به لا تقصر إطلاقاً.

إذن: لماذا هاجت هذا الهياج الكبير عند مقتل هذا الزعيم الذي نعترف - ربما قبل كثير من الناس - بمكانته، وبقيمته الإنسانية، وبتاريخه؟ لماذا اهتاجت فجأة لهذه الجريمة، وهي التي حرت على جنايات وجرائم كثيرة ولم تكترث بها؟ آخرها مقتل ياسر عرفات بالسم. لماذا؟

الجواب، وهذا هو لب حديثنا، هذا هو لب الحديث الذي يفرض عليّ إسلامي ويفرض عليكم إسلامكم أن تصغوا إليه:

هنالك هدف بعيد، هذا الهدف البعيد هو السبب في هذا الهياج الذي تمثله أمريكا في هذا الحب العجيب الرومانسي للحريري رحمه الله تعالى، وهي التي - أمريكا القيادة لا الشعب - كانت مضرب المثل بالقسوة والفظاظة والغلظة والتضحية بالبرآء في سبيل مصالحها ومصالح ربيبتها.

إذن الذي هيجها لتبرز هذه الغيرة وهذا الاهتمام بالبحث عن قتلة هذا الإنسان من أجل إنزال العقوبة الرادعة بهم، الهدف شيء واحد، هدف بعيد، وهنالك دهاليز لابدَّ منها لإيصالها إلى الهدف البعيد.

الهدف البعيد ما هو؟

أيها الإخوة! أرجو أن تكونوا على يقين أنني لا أبالغ، وأنني لا آتي بكلام أتخيله من عندي. هي عبارة عن وثائق أضعها بين أيديكم.

الهدف البعيد هو: القضاء على البقية الباقية لفاعلية الإسلام في العالم العربي أولاً، والعالم الإسلامي ثانياً، ومن ثم القضاء على الحضارة الإسلامية التي يقول الغرب إنها تهدد الحضارة الغربية.

هذا هو الهدف البعيد.

لكن ما علاقة هذا الهدف البعيد بهذا الذي تفور وتصول وتجول أمريكا به الآن؟

ما علاقة هذا الهدف البعيد بالبحث عن قتلة الحريري؟

الجواب أيها الإخوة:

قلت لكم: هذا الهدف البعيد لابدَّ من الوصول إليه من اجتياز دهليزين:

الدهليز الأول: يتمثل في تعبيد الطريق والقضاء على التضاريس والعقبات التي تتمثل في سياسة سورية.

هنا، بين قوسين، نحن مضطرون أن نتكلم دقائق عن السياسة: الآن وضع سورية وهي - فيما تزعم أمريكا وكثير من حلفائها - تحتضن المقاومة الفلسطينية ولا تحارب، هي تقدم العون الأدبي أو المادي لحزب الله، هي تنشط المقاومة الفلسطينية في لبنان وتتهم أنها تصدر إليها الأسلحة وما إلى ذلك.

إذن هنالك تضاريس، هنالك عقبات، تتمثل في الدهليز الأول، ولابد من كسحها حتى يتعبد الطريق، قسم من الطريق.

يجب على سورية أن تقلع عن هذه السياسية، يجب على سورية أن تعلن تأييدها للاحتلال، الاحتلال الأمريكي للعراق. نعم، هذا شيء معروف. يجب على سورية أن تطرد الفلسطينيين الذين يدافعون عن حقوقهم بحق، يجب أن تطردهم. يجب أن تسعى سعيها مع الآخرين لإخلاء اللبنان من أي مقاومة فلسطينية ومن أي أسلحة بين يدي المقاومة الفلسطينية. لماذا؟ من أجل أن تصبح اللبنان ساحة مهيأة لإسرائيل لكي تقفز قفزتها الثانية.

سورية لا تفعل هذا، إذن لابد من وسيلة إلى ذلك: مقتل الحريري وإثارة موضوع التحقيق وما إلى ذلك بالطريقة الأمريكية المطلوبة هي التي ستضمن في تصورهم المرور في هذا الدهليز، يعني القضاء على هذه العقبات.

الدهليز الثاني: هذه الخطة، الخطة مرسومة، انتهت بتصورهم وأركعت سورية، لم يعد في العالم العربي غيرها، هي التي تثير المشاكل وتوجع رأس الصهيونية العالمية وأمريكا.

الدهليز الثاني الذي ستتجاوزه دهليز بسيط هو: هيمنة إسرائيل مع أمريكا على العالم العربي أجمع، هذه الهيمنة لم يبقَ لتنفيذها إلا اجتياز دهليز واحد؛ هذا الذي ذكرته لكم - ومن ثَم تتم هيمنة هذا الثنائي الأمريكي الصهيوني على المنطقة كلها.

تمت هذه الهيمنة.. ما النتيجة التي ينبغي الوصول إليها؟ ما الثمرة التي سوف تقطفها الثنائية الأمريكية ثم الصهيونية؟ هي اجتثاث الإسلام من جذوره، القضاء على فاعلية الإسلام، ووضع الحضارة الغربية ثقافةً، اجتماعياً، فكراً، اقتصاداً - هذا المراد بكلمة العولمة - في مكانها.

هذا هو الهدف البعيد.

ما الذي ألجأني إلى أن أوقف درس رياض الصالحين وأتحدث في هذا؟ السبب هو التالي:

السياسيون - مع الأسف - لا يعزفون على هذا الوتر عندما يتكلمون، وربما كان لهم الحق، لسببين: يعزفون فقط على الوتر السياسي، يعني يقفون عند الدهليز الأول والدهليز الثاني، يقفون عند هذا الحد. من الذي سيتكلم عن الهدف الأكبر والأخطر؟ نحن، لابد أن نتكلم. وربما كانت الأدوار لابدَّ أن تتوازعها الأمة.

الواقع هناك أناس يقولون دائماً: أنتم عندما تذكرون سياسة الغرب رأساً تربطون سياسة الغرب بالقضاء على الإسلام، وربما جاء من يتهمنا بأننا نتخيل، وأننا نفترض أموراً غير حقيقية، لا، أنا لا أفترض أموراً غير حقيقة، أنا لا أتكلم إلا عن برهان.

إليكم جزءاً من البراهين، جزءاً:

يتبع...

آية اللطف
11/12/2005, 22:17
- بوش الجد، لا أب، جد الرئيس الأمريكي الحالي، له كتاب عن حياة محمد صلى الله عليه وسلم ، يقول في هذا الكتاب بالنص الذي صدر عام 1831م، يقول: ((ما لم يتم تدمير إمبراطورية المسلمين لن يتمجد الرب بعودة اليهود إلى ديار آبائهم وأجدادهم)) موجود هذا الكلام ((ما لم يتم تدمير إمبراطورية المسلمين لن يتمجد الرب بعودة اليهود إلى ديار آبائهم وأجدادهم)).

كل هذه البلاد التي ترونها هي - فيما يزعمون سراً أو جهراً - هي ديار آبائهم وأجدادهم.

- بثت إذاعة لندن يوم الثالث من شباط في الساعة الرابعة والدقيقة الخامسة بتوقيت دمشق، عام 1991، التصريح التالي لتاتشر رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك، تقول - هذا نصها أنقله من إذاعة لندن: ((لقد كان أمام الغرب عدوان اثنان: أحدهما الشيوعية والثاني الإسلام، وقد انهار صرح الشيوعية دون أن يقدم الغرب خسائر تذكر، واليوم يجتمع الشرق الكاثوليكي والأرثوذكسي مع الغرب في خندق واحد لمجابهة العدو الباقي وهو الإسلام)).

- بعد أحداث الحادي عشر من أيلول بثلاثة عشر يوماً وقف الرئيس الأمريكي ليزمجر قائلاً: ((هاهي الحرب الصليبية الثانية قد بدأت)) ضد الإسلام.

هنالك وثائق أخرى لكنني أحتفظ بها لأنها تنطوي على ذكر أسماء، ونحن لا نريد أن نذكر أسماءً، أسأل الله تعالى أن يهدي التائهين، وأن يهدي الشاردين.

نعم، وثائق كثيرة أيها الإخوة.

هل هذا كاف في بيان الهدف البعيد من وراء هذه الدنيا التي تقيمها أمريكا من أجل جريمة هي فعلاً جريمة كبيرة، ولكنكم جميعاً تعلمون أن أمريكا إطلاقاً ما نعرفها يوماً من الأيام اهتمت بمثل هذه الجرائم، إطلاقاً.

أليس هذا كافياً في معرفة الهدف الذي تقصد أمريكا والصهيونية العالمية من ورائه؟

الخطة واحدة - أيها الإخوة - والهدف ليس محصوراً في سورية، الهدف يتمثل في القضاء على المنطقة كلها، أي في القضاء على إسلامها، ومن ثم على بقية حضارتها الإسلامية، والسلسلة ذات حلقات كثيرة لم تبدأ من الآن، ولا أقول بدأت منذ أن ضربت إسرائيل المفاعل النووي في العراق، أبداً. الخطة قبل ذلك. ولكن ربما ظهر لنا الأمر عندما ضربت إسرائيل المفاعل النووي في العراق، الخطة كانت تهدف منذ ذلك الحين إلى اتخاذ الوسائل المصطنعة المكذوبة لتجريم العراق، بقطع النظر عن قيادته، بقطع النظر عن كل شيء، لتجريم العراق من أجل القضاء عليه، ومن أجل اتخاذه بوابة لتحقيق الهدف البعيد البعيد الذي أحدثكم عنه.

الآن جاء دور سورية، والمفترض بالقادة العرب والمسلمين أن يعلموا أن المسألة عبارة عن حلقة في سلسلة، والهدف هو السلسلة كلها. هذا هو الهدف لاشك في ذلك ولا ريب.

إذن: نحن أمام برهان قاطع ينطق به الغربيون اليوم، المسألة لم تعد سراً كما كنا نتخيل بالأمس، لا، لا، أصبحت المسألة معلنة: الهدف هو القضاء على الحضارة الإسلامية، ولابد للقضاء على الحضارة الإسلامية من القضاء على ينابيعها، وينابيع الحضارة الإسلامية ما هي؟ عقائد الإسلام، شرعة الإسلام، أخلاقيات الإسلام.

الآن الصحف الغربية كل أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع يأتي الكلام المكرر حول هذا.

آخر كلام: ((أوقفوا الزحف الإسلامي الذي يهدد الغرب)).

طبعاً إيقاف الزحف الإسلامي لا يبدأ في الغرب، وإنما يبدأ في بلادنا نحن، في البلاد الإسلامية.

إذن: أنا لا أبرّئ متهماً ولا أتهم بريئاً، وليس لي شأن في ذلك، وأنا لا أعلم الغيب أبداً، ولست معنياً بالأبعاد السياسية في هذا الموضوع، لكنني أقول: نظراً إلى أن سورية بواقعها الحالي، وسياستها الخارجية التي تعرفون تشكل الدهليز الأول المليء بالتضاريس والعقبات، الواقع أن سورية لو كانت بريئة براءة الذئب من دم يوسف لسوف تصبح غداً مجرَّمة مادامت سياستها بهذا الشكل. فإذا ركعت واستسلمت لأربعة أمور مطلوبة منها، معروفة هذه، فلسوف تصبح بريئة، ولو كانت ضالعة بكل أفرادها من الرأس إلى القدم في هذه الجريمة قولاً واحداً لاشك في ذلك ولا ريب.

لعلنا نتساءل: هذا الواقع لماذا لا يجلجل به العالم العربي؟ لماذا لا نفضح المقاصد الأمريكية والصهيونية لهذا؟

الجواب عن ذلك:

أولاً: هي مفضوحة، كل من يتدبر الأمور يعرفها.

لكن هنالك شيء آخر: هنالك مشكلة في عالمنا العربي والإسلامي تتمثل في ضعف الوازع الديني، لا يوجد سبب غير هذا السبب، يوجد شيء اسمه (ضعف الوازع الديني). ضعف الوازع الديني إذا هيمن تصبح المصالح الخاصة هي البديل عن الوازع الديني. المصالح الخاصة شعارها: (نفسي نفسي). لكن الذي يقول: (نفسي نفسي) اليوم، يضحي بنفسه غداً، الذي يقول: (نفسي نفسي) اليوم، لا يستطيع أن ينظر إلى مسافة بعيدة، والدين الإسلامي ما مزيته؟ مزيته أنه يحميك ويحمي أمتك، الدين الإسلامي مزيته أنه يحميك من خلال حمايته للأمة كلها. ولذا فما أيسر أن تجد الأبواق الناطقة بلغات المستعمرين المحتلين وهي تتكلم اللغة العربية كما سمعتم اليوم. كثير من الفضائيات تتكلم اللغة العربية ولكنها تسبح بحمد المستعمر، تسبح بحمد المحتل، نعم، بدلاً من أن تسبح بحمد مولاها وخالقها.

هذه هي المشكلة أيها الإخوة، ما الحل؟

الآن عرفنا هذه المشكلة فيما يتعلق ببعدها الإسلامي، وكما قلت لكم: نحن الذين نملك أن نقول البعد الإسلامي، ربما غيرنا يتحرج لسبب ما، ربما يتهم بالإرهاب مثلاً. نعم، لأن الإسلام هو الإرهاب الآن، والحديث في هذا طويل الذيل، سنتكلم عنه في وقت آخر إن شاء الله.

ما الواجب الذي يحملنا ديننا إياه أمام هذه المعضلة؟

نحن أمة - أيها الإخوة - نحن الآن في هذه البلدة نمثل الشعب السوري، ومعنى ذلك أن مهمتنا ينبغي أن تنسجم مع كينونتنا نحن كشعب نعيش في هذه الأرض.

ما الواجب الذي يحملنا ديننا إياه الإسلام، والذي نستطيع أن نقوم به؟

لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

الواجب الذي يحملنا إياه الإسلام أن تزداد هذه الأمة تضامناً، وأن تزداد هذه الأمة وحدة وتآلفاً، وذلك بأن تتساقط عوامل الاختلاف، عوامل التجزؤ، عوامل الشقاق، مما بين فئاتها، ومما بين منظماتها الشعبية.

نعم، هذا هو الواجب الذي يحملنا الإسلام إياه، وفي مثل هذا المنعطف الخطير يذكرنا الله عز وجل بقوله: {وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 8/46] بذكر الله بقوله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً} [آل ‌عمران: 3/103] يذكرنا بقوله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ} [آل ‌عمران: 3/105].

ما الدليل على هذا؟

الدليل على هذا - أيها الإخوة - هو أن الغرب الأمريكي والصهيونية العالمية المتمثلة الآن في إسرائيل كلاهما عندما يخططان لهدف مما نتحدث عنه، المخطط يسيّر من جانبين: جانب خارجي وجانب داخلي. دائماً.

الآن هذه المعضلة لها جانب خارجي هو الذي تحدثنا عنه الآن، هذا الذي يجري من حولنا، هذه الدائرة التي تُضيَّق شيئاً فشيئاً علينا، هذا شيء خارجي، لكن هذا الوضع الخارجي لا يمكن أن يجدي، ولا يمكن أن ينجح إلا إذا كان معه خط آخر داخلي. ما هو الخط الآخر الداخلي؟ تمزيق نسيج وحدة الأمة، تمزيق نسيج وحدة الأمة، هذا مع ذاك دائماً يتم، لا تمزيق النسيج وجده يكفي، ولا الخطة الخارجية التي ترسم والتي تحدثنا عنها تكفي. ولذلك أنتم تلاحظون الآن، ولعكم تعجبون، في هذا المنعطف الخطير الذي نمر به أو يمر بنا ننظر فنجد أن نشاطات مريبة وغريبة لم تكن موجودة بالأمس ظهرت اليوم، تفور فوراناً عجيباً، جمعيات ما كانت موجودة، أسماء جديدة: جمعية المبادرة الاجتماعية، نساء سوريات، أفراد ينشطون ويتداعون إلى ندوات في ردهات فنادق هنا وهناك، عجيب! ما الخبر؟! أين كان هذا النشاط قبل عام أو عامين؟! أبداً..

هذه الأنشطة ما آليتها التي تشتغل بها؟ الأنشودة أو الأغنية القديمة القديمة القديمة التي يعاد إليها كما أريد جرّ البلد إلى معضلة من المعضلات، كلما أريد فتح ثغرات في داخلها: موضوع الأحوال الشخصية، موضوع المرأة، موضوع الطفولة، موضوع توصيات صندوق السكان، مؤتمر صندوق السكان الذي عقد في أوائل التسعينات من القرن الماضي والذي رفضت سورية آنذاك العمل بأي بند من هذه التوصيات، الآن تنشط هذه الجماعات، الآن استبانات توزع كما توزع المناشير، استبانات عجيبة وغريبة لا عهد لسورية بمثلها: أجب هل توافق على ما يقوله القرآن عن تعدد الزوجات؟ يعني أعد النظر في علاقتك بالقرآن يا أخي. هل أنت إلى الآن موافق على أن تتبع القرآن؟ هل توافق على كذا وكذا مما يقوله القرآن؟

ما الهدف؟
يتبع.....

آية اللطف
11/12/2005, 22:20
الهدف ليس انتصاراً لبند من بنود قانون، أو إلغاءً لبند، أبداً، الهدف الإثارة، الهدف إثارة زوبعة، الهدف إحداث شقاق، لعل هذا الشقاق الداخلي يكون ثورة داخلية، ومن ثم تلتقي الثورة الداخلية مع الخط الخارجي في هذا الموضوع.

هذا شيء واقع، نعم، ولم يكن بالأمس هذا الشيء موجوداً، ونحن نقول - وقلت بالأمس -: ما الذي يحتاج إليه قانون الأحوال الشخصية السوري من تغيير وتبديل؟ كم وكم وكم غُرْبِل ونُظِر إليه ونظِر إليه. أصبح هذا القانون قانوناً مؤلفاً من مجموعة المذاهب الفقهية الأربعة أخذت ونُسِّق منها ما هو أقرب إلى حاجة المجتمع، وما هو الأقرب إلى إعطاء كل ذي حق حقه. الواقع: ليس في الإمكان أبدع مما كان. لا المرأة مهضومة في هذا القانون، ولا قانون الميراث فيه ظلم، ولا الطفولة مهضومة في هذا القانون. لماذا ألِّف قانون الأحوال الشخصية من المذاهب الأربعة بل أكثر من المذاهب الأربعة أيضاً؟ من أجل أن يغطي هذا القانون الحاجات الاجتماعية المعاصرة اليوم ومن أجل أن ينال كل ذي حق حقه.

المرأة، ماذا تريدون الآن؟ ولماذا تأسفون على موضوع المرأة؟ المرأة فتح أمامها باب الوزارات. البلد يرحب بكل امرأة تريد أن تتبوأ مكان الوزارة. المرأة أصبح لها مركز واسع واسع في مجلس الشعب، لا تصد امرأة كما تصد رجلاً، المرأة أصبحت نقابية، المرأة أصبحت تتبوأ القضاء، تتبوأ المراكز كلها.

لا يوجد مشكلة، ولكن المشكلة أن الأمة واحدة وينبغي ألا تبقى واحدة. المشكلة أن هذا الخط الذي وضعه الثنائي الصهيوني والأمريكي لكي ينجح لابد له من زوبعة داخلية.

إذا عرفنا هذه الحقيقة أعود فأسأل: ما واجبنا نحن أيها الإخوة؟

واجبنا التضامن، مزيد من لحمة النسيج الأخوي، لابد من أن نسد الثغرات فيما بيننا. هذا من ناحية الشعب.

الدولة هي الأخرى لابد أن تقوم بدور فعال من أجل دعم الوحدة التي تسمى الوطنية، الوحدة وحدة وهي مقدسة مهما كان اسمها، نعم.

وأنا هنا أقول لإخواننا المسؤولين، وأسأل الله لهم التوفيق لما يرضي الله عز وجل: عندما ننشد دعم الوحدة الوطنية، فالوحدة الوطنية لا تتحقق عن طريق الشعب وحده، كما أن الكف الواحد لا يمكن أن يصفق وحده. الوحدة الوطنية يتم دعمها بالتعاون، الشعب ينبغي أن يسقط من ذهنه المصالح الخاصة الجزئية، وأن يضحي بها في سبيل مصلحة الأمة، لا الأمة السورية؛ مصلحة الأمة الإسلامية كلها. وهنا نلجأ إلى قانون الشريعة الإسلامية ا لذي يأمرنا أن نأخذ بسلم الأولويات. كذلك الدولة ينبغي أن تسعى سعيها لسد الثغرات بينها وبين الشعب، ناظرة إلى القانون ذاته وهو تحكيم سلم الأولويات.

أنا الآن عندما أعزف على هذا الوتر (دعم الوحدة الوطنية) يأتي من يبكي ويقول: أنا مضام، أنا أعاني من كذا، وكذا، قريبي في الخارج منذ سنوات لم يتح له إلى الآن أن تكتحل عيناه بمرأى بلده ووطنه سورية.

نعم، الآخر يقول: فلان من أقاربه في السجن، وقد أمضى مدته وأنفذ حكمه ولم يطلق سراحه بعد.

الآخر يقول لي: كذا وكذا.

الواقع أنني أستطيع أن أحاججه، وإذا كان الشعور الإسلامي نامياً بين جوانحه سيقتنع. أقول له: صحيح، لكن يا أخي اطوِ مصلحتك الجزئية الشخصية في سبيل مصلحة الأمة. الآن إن نجحت الخطة الأمريكية الصهيونية والله قريبك وأنت وبلدك كلها يذهب. ممكن أن أقول له هذا الكلام، وأحاكمه إلى قرارات الشريعة الإسلامية: الأخذ بسلم الأولويات. نضحي بالتحسينيات في سبيل الإبقاء على الحاجيات، نضحي بالحاجيات في سبيل الإبقاء على الضروريات.

لكن مشاعر الإنسان تبقى مشاعر، يقول: لا بأس. لكنه يبقى مجروحاً. وعندما يكون مجروحاً عدوّي ماذا يفعل؟ يستغل جراحه، يوظف جراحه.

لذلك أنا مضطر أن أقول لإخواننا المسؤولين: يا إخواننا يد واحدة لا تصفق. أعلنوا العفو، أوجدوا نسيجاً من الحب والوئام. سامحوا... عندما أقول: سامحوا، أبداً لا أقولها مضحياً بالوطن في سبيل العاطفة، أبداً. كيف؟ هنالك قياديون في الخارج باعوا أنفسهم.

الآن تجد أن أمريكا تخطط للقضاء على بلدك، على سورية، وتخطط للقضاء على الإسلام، وأنت تتفاوض مع العدو المشترك؟!

كان الجواب: أنا مستعد أن أتفاوض مع الشيطان، في سبيل الوصول إلى ما نريد.

هذا الكلام... هؤلاء الأشخاص مبتورون من مجتمعنا نهائياً، طبعاً هذا الكلام، كلامٌ الرعونةُ هي التي تجعله يطفو على لسان هؤلاء الناس، لأن الشيطان الذي يعينه على إعطائه عشرة بالمئة من حقوقه ينهب له تسعين بالمئة من حقوقه. صحيح أم لا؟ هل يوجد شيطان إن كان شيطان أمريكا أم إسرائيل أم غيرها، يمكن أن تقدم له معونة تفرحه بها دون أن تأخذ منه أضعاف أضعاف أضعاف ذلك؟ إذن هو خاسر.

إذن - أيها الإخوة - نعم الوحدة الوطنية تكون بالتعاون من الطرفين، وأنا عندما أقول هذا الكلام أقول وأستدرك: كل من يضع مصالحه الشخصية القريبة، أو مصالحه السياسية القريبة لا يبالي أن يضحي بمجتمعه، ببلده. لا يبالي في سبيل ذلك أن يجعل من نفسه خادماً لهذا العدو الذي نتحدث عنه، لا، هذا مبتور عن مجتمعنا، الشعب بتره عن نفسه. والغريب أنه اليوم هنالك من يمزقون الإسلام بعد أن يرتدوا قناع الإسلام، وهذه أخطر طريقة للقضاء على الإسلام، يمزق الإسلام وهو يلبس قناع الإسلام.

وهذا يجعلني أقف دقيقة ببيان آلامي ومشاعري المؤسفة لما حصل البارحة في الأردن، الكوارث كثيرة تأتي، لكن أخطر من الكارثة التي قضت على هذه الأرواح البريئة القناع الذي ارتداه هؤلاء المجرمون، هو قناع الإسلام: جماعة منتحرون انتحروا في سبيل هذا وهم يزعمون أنهم يتقربون إلى الله بالشهادة، تتقرب إلى الله بالشهادة بقتل برآء؟! بقتل برآء؟! تتقرب إلى الله بتمزيق كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: ((من خرج من أمتي على أمتي لا يفرق بين برها وفاجرها ولا يتحاشى مؤمنها ولا يفي بذي عهدها فليس مني)). نعم، هذا ما يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ها نحن هؤلاء نعلن ونقرر في كل يوم أن جسم الكيان الإسلامي بريء منهم، وأن علينا أن نفصل بين الحق الذي يتمثل في الإسلام والنابض في أحكام الله عز وجل وهؤلاء الذين يتسللون إلى الإسلام كالجرثومة القذرة التي تسلل إلى الجسم السوي.

لكن أعود فأقول: هنالك خارج سورية أناس والله أنا أعلم أن أفئدتهم تفيض حباً لبلدهم، وأنهم مخلصون لهذا النظام الذي يرعى هذه الحقوق، لاسيما السياسة الخارجية التي تحدثنا عنها والتي تقتضي أن يرفع كل إنسان الرأس بها. وكم هم في شوق لاهب إلى أن يعودوا إلى وطنهم، لكن الأبواب لا تزال غير مفتحة أمامهم، وأنا أعلم أن المسؤولين قد وعدوا، وأنهم بصدد فتح هذه الأبواب على مصارعها، لا، أقول: على مصارعها. بعد نخل، لابد من النخل، من أجل أن نتحاشى هؤلاء الذي يقولون نحن مستعدون أن نتعاون مع الشيطان. نعم، بعد النخل، وهم إذا كان الأمر كذلك فنحن نستبشر إن شاء الله.

الوحدة الوطنية هكذا تتحقق، نعم، الآلاف الذين يعيشون في الجزيرة وليست لهم جنسية إلى الآن، لكن اليوم كُررت البشارة بأن هذا الحق أيضاً سيصل إلى أصحابه.

المطلوب منا - أيها الإخوة - أن نعي واجبنا، نحن لا نملك غير هذا. سلاحنا وحدتنا، سلاحنا تضامننا، ودور الدولة هو دور التفاعل لتحقيق مزيد ومزيد من هذه اللحمة.

إذا عرفنا هذا، فإياكم وهؤلاء الذين يصكون آذانكم بالحديث عن الأحوال الشخصية، وما إلى ذلك، وحقوق المرأة، وحقوق الرجل، اعرفوا أن هؤلاء عبارة عن خدم لتحقيق الخطة الخارجية التي تحاك ضد الأمة العربية والإسلامية.

قولوا! أين كنتم قبل أن تهب هذه العاصفة من حولنا؟! أين كنتم؟ ما الشيء الذي تنقمونه في قانون الأحوال الشخصية؟ لماذا الآن تريدون أن تمزقوا نسيج الوحدة العربية السورية التي هي القلب النابض لهذه الأمة أيضاً؟ لماذا؟

آية اللطف
11/12/2005, 22:21
لماذا تحلمون صباح مساء بأن يُطوى الإسلام حتى في المنزل، وبأن نتقمم النظم الغربية التي كانت هي السبب الماحق للأسرة؟ لماذا؟

لماذا تنظرون إلى عدالة الأسرة بالعين العوراء بالعين الحولاء لا بالعين السليمة؟

هل المرأة مكرمة في الغرب أكثر أم عندنا؟ الأعمى يعرف، الإنسان الأمي الذي لم يتعلم من أحكام المجتمعات الإنسانية شيئاً يعرف الجواب.

الملاجئ التي أصبحت في بعض بلدان أمريكا وأوربة تناهز بيوت السكن في الكثرة، أقيمت من أجل استقبال المرأة التي تفرّ من زوجها أو خليلها الذي يلاحقها بالضرب إلى القتل أو الموت. هل هذه الملاجئ موجودة عندنا؟ كم ملجأً عندنا؟ يا خدم! أيها الذين أعلنتم عن عبوديتكم للصهيونية العالمية لماذا تخرسون عن الظلم الذي يحيق بالمرأة في أوربة وأمريكا، وتختلقون المعدوم في العالم العربي وفي سورية.

كل دقيقة ست نساء يضربن إلى درجة القتل أو التحطيم من قبل زوج أو خليل. مقال موجود عندي لامرأة، نعم، بعنوان: فلندعْ أصواتنا تُسمع.

المرأة عندما تتجاوز مرحلة الكهولة وتدخل في مدارج الشيخوخة، في الغرب ما حالتها؟ بالمئة سبعون حالتها العزلة، لا الزوج يتعرف عليها، لا الولد، لا الأخ إطلاقاً. وتنظر عن يمين وشمال فتجد أنها مضطرة إلى أن تلتجئ إلى نوع آخر من الملاجئ، ملاجئ تنتظر فيها المرأة ساعة ارتحالها من هذه الدنيا، قاعة انتظار، رأيناها تلك الملاجئ، تجد المرأة تجلس في تلك القاعة وبرغم التلفاز والملهيات والمنسيات وكذا،.. واحدة تجلس على كرسي العجزة، وأخرى تتسلى بشيء في يدها، وكلهن وقت الأكل يأتي الأكل،... قاعة انتظار مثل قاعة الانتظار في المطار.

كل عدة أيام تموت إحداهن فيأخذونها وهكذا، هذا مصير المرأة التي تدخل في مدارج الشيخوخة.

المرأة عندنا كيف؟ كلما تقدمت بها السن تزداد هالة القداسة حولها، أكذلك أم لا؟ كلما تقدمت بها السن تصبح سيدة المنزل ولا يقطع دونها أمر، أليس كذلك؟ مع ذلك أصحاب العين العوراء لا ينظرون إلى هذا الواقع الذي يرفع الرأس، والذي كان بفضل ديننا وبفضل إسلامنا أيها الإخوة، هذه البقية الباقية التي نعتز بها - الأحوال الشخصية - هذه أيضاً يريدون نسفها.

ثم الغرب جنة وارفة الظلال، ومن ذهب واحتكّ بالأُسَر والمجتمعات يعلم حقيقة هذا الأمر.

إذن زبدة الكلام الذي من أجله طويت الدرس، وهنا استخرت الله مرتين، وأنا لا أخطو خطوة - أيها الإخوة - والله إلا بعد أن أستأذن ربي، لا أبحث عن رضا إنسان ولا عن سخط إنسان، نعم، ولكني وجدت أن هذا واجب. افتحوا بصائركم قبل أبصاركم جيداً، إياكم ومن يريد أن يمزق قدسية وحدة هذه الأمة. إياكم أن تستجيبوا لرعونات ما يسمى نساء سوريات، ومجتمع كذا.. إلى آخره، وبعضهم غير مرخص، نعم.

وآخر ما أريد أن أقوله رجاءٌ تقدمت به إلى أعلى سلطة في سبيل تقريب هذه الوحدة، وفي سبيل حمايتها وحراستها: أن نحرص على أن تكون مرجعيتنا الإسلامية مرجعية واحدة. وذلك من خلال إيجاد مجلس إسلامي أعلى، لجنة إسلامية عليا، أيِّ الألفاظ... كلها مصطلحات متقاربة، نعم، أفرادها معروفون، من هذه البلدة، من رجالها، معروفون بالعلم الغزير، بالإخلاص لله، بعدم وجود خلفيات انتمائية لأمور سياسية، ...منظمات و.. و.. إلى آخر ما هنالك. معروفون بولائهم الديني والوطني بحيث تمتص هذه المرجعية فقاقيع الخلافات التي تبذر من أجل خلق فتنة، وأعتقد أن هذا سيكون إن شاء الله تعالى.

وبعد هذا كله أيها الإخوة: الأمل - هذا كلام ذكرناه لأنه واجب، يجب أن نتكلمه، ربنا يكلمنا بهذا الشيء أن نقوله - الأمل معقود بحماية الله لهذه الأمة، الأمل معقود بما بشرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشام في أحاديث صحيحة: ((بينا أنا نائم استلب عمود الإسلام من تحت رأسي فأتبعته بصري، فإذا هو نور ساطع في الشام، ألا إن الأمن والأمان - عندما تكون الفتن - في الشام)).

نحن واثقون بهذا الذي يقوله لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن يا إخواننا - عندما يبشرنا رسول الله، وعندما نرى أننا قد شُرِّفنا بأن أقامنا الله فوق هذه الأرض المقدسة، الباري وصفها في القرآن بأنها مقدسة، عندما نعرف هذه النعمة الإلهية التي أكرمنا الله بها ما الذي يجب علينا فعله؟ أليس من الواجب علينا شكره قادةً وشعباً؟ أليس الواجب أن نشكره؟

وكيف نشكره؟ بالكلام. لا، يجب أن نرعى هذا الدين، يجب أن نحمي هذا الدين، يجب أن نكون حراساً لهذا الدين بالنسبة لتربية الجيل، بالنسبة لتثقيف الجيل بالثقافة الإسلامية، بالنسبة للمبادئ والقيم الإسلامية ألا تنتهك في أي موقع من المواقع بشكل من الأشكال. نعم، دروس التربية الدينية - أيها الإخوة - هي عبارة عن سدى ولحمة الأمة. وحدة الأمة ينبغي أن تعطى فعاليتها، الآن هذه أيضاً من جملة الأسباب التي تحدث زوبعة قال وقيل وفتن وما إلى ذلك. ست أو خمس ساعات من ساعات التربية الدينية في الابتدائي أصبحت في مهب الريح. لماذا؟ ما السبب؟ الآن الآن بالذات؟ ولكن أنا واثق أن قادتنا أصحاب البصائر اليقظة سيحرسون هذا النظام وهذه البلدة من أن يعبث بها عابث. والعبث ليس فقط في القاعدة الشعبية، ممكن أن يتسلل أحدهم إلى منظمة من المنظمات، نعم، يعبث أيضاً.

إذن هذه البلدة التي أثنى عليها السيد الرئيس الآن بلسان القرآن، - لا يجوز أن نقول بلسان الله، وإنما بلسان القرآن - ألا يقتضينا ذلك أن نشكره؟ الشكر كيف يكون؟ رب أقامنا على هذه الأرض المقدسة. قدسية الأرض انعكاس لقدسية الناس، أنتم لو لم يكن ربي يحبكم لم يقمكم هنا. لذا يجب أن نعرف قيمة هذه النعمة، يجب أن تكون أعيناً حارسة لهذا الدين، الغرب يهدف من كل ما يفعله إلى القضاء على الإسلام، كما قال بوش الجد: ((تدمير إمبراطورية المسلمين عن طريق القضاء على الإسلام)).

إذن أنا ماذا يجب أن أفعل؟ يجب أن أكون أكثر تمسكاً بها، يجب أن أكون أكثر اعتزازاً بها. في الوقت نفسه نفرق بين الإفراط والتفريط، نفرق بين العدل وبين - أنا لا أستعمل كلمة الإرهاب ولكن أستعمل الكلمة المعروفة في الشريعة الإسلامية، كلمة التطرف، كلمة الغلو.

هذا الذي جرى بالأمس في الأردن هذا عبارة عن أسوأ سلاح وأمضى سلاح للقضاء على الإسلام، وأنا على يقين أن الذين قادوا هذا الذي قضى على حياته ذليلاً عبداً لمن كلفه.. بعد أن غُسِل دماغه، وزرع في دماغه الباطل بعد أن كان الحق مهيمناً عليه، وبطريقة ما ذهب ففعل هذا، والهدف من ذلك أن يشوَّه الإسلامُ وأن يتأتّى للصهيونية العالمية ولأمريكا أن يقولوا: انظروا هذا هو إسلامكم، إذن فنحن معذورون إذا حاربنا هذا الإسلام.

اللهم لك الحمد وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وعليك التكلان.

وصل الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

والحمد لله رب العالمين