Fares
06/11/2004, 15:32
ما سأكتبه اليوم يا سادتي الكرام لا يدخل ضمن قصص ألف ليلة وليلة.. ولا حكايات السندباد أو أساطير الجان!!! بل هو وببساطة خبرة شخصية متواضعة في مشافي حلب الجامعية..
أعترف قبل أن أبدأ أنني قد ضحكت حتى الثمالة.. وأني قد بكيت حتى الثمالة.. ثم بدأت أشك بإنسانية جنسي، وما زلت حتى الآن أشكر ربي كل صباح لأن هيئتي لم تنقلب إلى هيئة الوحوش بعد!!!
بدأت قصتي عندما تقرر دوامي –كطالب سنة سادسة- في مشفى الكندي بحلب.. وهذا المشفى يبعد حوالي نصف ساعة سفر، فتبرعت الحكومة مشكورة بباص لنقل الطلاب، وكان يحشر به أكثر من 100 طالب لتبدأ رحلة العذاب اليومية...
وأول ما يستدعي انتباهك داخل المشفى وبين الأسرة، الكم المعتبر من القطط، وبمختلف الأعمار... قطط تأكل فتات الطعام المرمي في الزوايا، أخرى ترضع أطفالها، وأخرى تستجم تحت حرارة الشمس!!!
الشيء الآخر الذي يستدعي الانتباه هو رائحة العفن الممزوجة مع رائحة القيح المعششة في أروقة المشفى...
وإذا دخلت إلى غرفة لفحص المريض، عليك الانتباه كي لا تدوس بطريق الخطأ على أحد زوار أو مرافقي المريض!! لأنهم غالباً ما يكونون مستلقين على الأرض بجوار المريض يقطعون البندورة والخيار ليعدوا (سلطة) أطيب من سلطة الشيف رمزي...
إلى هنا وكل شيء على ما يرام.. فأنا مثلاً كنت مفروزاً مع الدكتور (س) –وهو طالب دراسات عليا سنة ثالثة- وبينما كنت أزور معه المرضى، بدأ يفحص إحدى المريضات وأخذ نبضها وضغطها وحرارتها وغيرها من الفحوص الروتينية، ثم همّ بالانصراف. فسألته: منذ كم يوم هي عندنا في المشفى؟ أجابني: منذ 3 أيام.. فسألته: ومن أجل ماذا دخلت إلى المشفى ؟؟ سكت لبرهة من الزمن ثم سأل المريضة: صحيح، أنتي مشان شو دخلتي ع المشفى؟؟؟
تخيلوا.. الطبيب الذي عاين المريضة وفحصها لم يخطر على باله لماذا دخلت إلى المشفى (شو فحص ما بعرف!!)!!
المهم أننا انتقلنا إلى المريض التالي –وكان معه قصور في القلب- وإذ بحالته تسوء بدل أن تتحسن بعد (3) أيام من دخوله المشفى.. ولدى سؤاله عن الأدوية التي يتناولها في المشفى، عبر عن دهشته وقال: أنا لم آخذ أي دواء هنا!! وكانت المشكلة أن الممرضة قد نسيت إعطاء المريض أدويته كل صباح (لأن الأدوية هي من تقديم المشفى وتعطى يومياً)..
إي كلها كام حبة دواء ونسيت الممرضة تعطيهون للمريض، إي شو ما في براسها غبر المريض ودواءه؟؟!!؟!؟!
وخلال شهر رمضان يختلط على الدكاترة مفهوم الحلال والحرام، الطاهر والنجس.. حيث أن الوقت المتبقي من الدوام في المشفى نقضيه مع الطبيب المختص، وننحشر حوالي 40 طالب علم مع طبيب ومريض واحد.. وكانت هذه المرة مريضة نسائية، والدنيا صيام.. فانبرى الطبيب المختص وقال:
" كما تعلمون الدنيا رمضان، وفحص المرأة يفك الصيام، لأن الفحص النسائي نجس. من أجل هذا أنا لن أفحصها وكذلك الصائمون لن يفحصوها. فإذا كان من بينكم أحد مسيحي (لا يصوم) فليفحصها" !!!
والله يا جماعة إذا بدي أكتب كل شيء ما بخلص لبكرة.. وبيطلع حكي بالجملة عن ممارسة هذه المهنة الإنسانية ضمن مشافينا الحكومية..
خلاصة الحديث: الله يخلي الحكومة فوق راسنا، وتسقط الإمبريالية والصهيونية، وكل عملاءها الرجعيين..
أعترف قبل أن أبدأ أنني قد ضحكت حتى الثمالة.. وأني قد بكيت حتى الثمالة.. ثم بدأت أشك بإنسانية جنسي، وما زلت حتى الآن أشكر ربي كل صباح لأن هيئتي لم تنقلب إلى هيئة الوحوش بعد!!!
بدأت قصتي عندما تقرر دوامي –كطالب سنة سادسة- في مشفى الكندي بحلب.. وهذا المشفى يبعد حوالي نصف ساعة سفر، فتبرعت الحكومة مشكورة بباص لنقل الطلاب، وكان يحشر به أكثر من 100 طالب لتبدأ رحلة العذاب اليومية...
وأول ما يستدعي انتباهك داخل المشفى وبين الأسرة، الكم المعتبر من القطط، وبمختلف الأعمار... قطط تأكل فتات الطعام المرمي في الزوايا، أخرى ترضع أطفالها، وأخرى تستجم تحت حرارة الشمس!!!
الشيء الآخر الذي يستدعي الانتباه هو رائحة العفن الممزوجة مع رائحة القيح المعششة في أروقة المشفى...
وإذا دخلت إلى غرفة لفحص المريض، عليك الانتباه كي لا تدوس بطريق الخطأ على أحد زوار أو مرافقي المريض!! لأنهم غالباً ما يكونون مستلقين على الأرض بجوار المريض يقطعون البندورة والخيار ليعدوا (سلطة) أطيب من سلطة الشيف رمزي...
إلى هنا وكل شيء على ما يرام.. فأنا مثلاً كنت مفروزاً مع الدكتور (س) –وهو طالب دراسات عليا سنة ثالثة- وبينما كنت أزور معه المرضى، بدأ يفحص إحدى المريضات وأخذ نبضها وضغطها وحرارتها وغيرها من الفحوص الروتينية، ثم همّ بالانصراف. فسألته: منذ كم يوم هي عندنا في المشفى؟ أجابني: منذ 3 أيام.. فسألته: ومن أجل ماذا دخلت إلى المشفى ؟؟ سكت لبرهة من الزمن ثم سأل المريضة: صحيح، أنتي مشان شو دخلتي ع المشفى؟؟؟
تخيلوا.. الطبيب الذي عاين المريضة وفحصها لم يخطر على باله لماذا دخلت إلى المشفى (شو فحص ما بعرف!!)!!
المهم أننا انتقلنا إلى المريض التالي –وكان معه قصور في القلب- وإذ بحالته تسوء بدل أن تتحسن بعد (3) أيام من دخوله المشفى.. ولدى سؤاله عن الأدوية التي يتناولها في المشفى، عبر عن دهشته وقال: أنا لم آخذ أي دواء هنا!! وكانت المشكلة أن الممرضة قد نسيت إعطاء المريض أدويته كل صباح (لأن الأدوية هي من تقديم المشفى وتعطى يومياً)..
إي كلها كام حبة دواء ونسيت الممرضة تعطيهون للمريض، إي شو ما في براسها غبر المريض ودواءه؟؟!!؟!؟!
وخلال شهر رمضان يختلط على الدكاترة مفهوم الحلال والحرام، الطاهر والنجس.. حيث أن الوقت المتبقي من الدوام في المشفى نقضيه مع الطبيب المختص، وننحشر حوالي 40 طالب علم مع طبيب ومريض واحد.. وكانت هذه المرة مريضة نسائية، والدنيا صيام.. فانبرى الطبيب المختص وقال:
" كما تعلمون الدنيا رمضان، وفحص المرأة يفك الصيام، لأن الفحص النسائي نجس. من أجل هذا أنا لن أفحصها وكذلك الصائمون لن يفحصوها. فإذا كان من بينكم أحد مسيحي (لا يصوم) فليفحصها" !!!
والله يا جماعة إذا بدي أكتب كل شيء ما بخلص لبكرة.. وبيطلع حكي بالجملة عن ممارسة هذه المهنة الإنسانية ضمن مشافينا الحكومية..
خلاصة الحديث: الله يخلي الحكومة فوق راسنا، وتسقط الإمبريالية والصهيونية، وكل عملاءها الرجعيين..