نمر سوريا
02/12/2005, 23:40
أرجو منكم عدم الخلط بين ( نهاد الغادري ) و ابنه ( فريد الغادري ) ..
قرينة البراءة...؟
توقفت طويلاً عند إصرار أهل السلطة في دمشق على حماية الشهود المشتبه بهم سواء في الإصرار على أنهم مجرد شهود، أو في شروط استجوابهم أو في شرط عودتهم، وما قيل عن تمسكهم المتشدّد بمحضر لقاء مستشار الخارجية رياض الداووي مع المحقق الدولي ميليس في برشلونة. وبغض النظر عما إذا كانت سورية تستطيع الوثوق بأي وعد تُعطاه، أو كان هنالك وعد أصلاً، فقد كان دفاع أهل السلطة عن مواطنيهم المسؤولين مثيراً وجديراً بالإعجاب. انطلاقاً من هذا الاتفاق أو المحضر بين الداووي وميليس والحرص على عودة المسؤولين السوريين إلى دمشق، عدّاً ونقداً، فإن من حق المواطن السوري أن يطلب من ذوي القرار في النظام أن يعقدوا مع الشعب السوري اتفاقاً شبيهاً باتفاق الداوودي - ميليس يشترط عودة المشتبه به إذا ما سيق للاستجواب إلى أهله وحفظ كرامته ومنع توقيفه ظناً وتخميناً ما لم تتوفر أدلة ثابتة دامغة حسية لا يرقى إليها الشك، كما يشدد المدافعون عن موقف سورية، سواء في سورية أم في لبنان من الشركاء..! لا يستطيع نظام ما أن يعتبر اتهام مواطنيه المسؤولين مجرد ظن ويلوذ بقرينة البراءة في مواجهة المجتمع الدولي ما لم يأخذ هو بهذه القاعدة لمواطنيه في مواجهته. أي بقرينة البراءة، وبحق العودة، وبالدليل الحسي الثابت والدامغ. إن الواقع على الأرض هو أن المواطن السوري متهم حتى تثبت براءته وأن المتهم مدان حتى الحكم وتنفيذه. وأن أي حكم ظالم هو عادل حتى إذا تكشفت أدلة جديدة تثبت البراءة..؟!!
يصعب فهم تشدد النظام السوري في موضوع المتهمين في إطار مفهوم السيادة وحقوق المواطنة. فقد طالما انتُهكت السيادة وما تزال، وقد طالما احتُلّت الأرض وما تزال محتلة، وقد طالما استُبيحت حقوق المواطن وما تزال على كل صعيد. من هنا كان تشدد سورية في موضوع الإستماع للشهود الخمسة، أو الأكثر أو الأقل، غير مفهوم أو يصعب فهمه في إطار التمسك بقرينة البراءة أو الحديث عن السيادة الوطنية وحقوق المواطن. إن أي مواطن سوري وكل مواطن سوري مستعد أن يدافع عن هذه العناوين التي تَمَسّك بها النظام بشرط أن يعلن أنها تشمل كل المواطنين السوريين، سواء في التعامل مع سلطات الخارج الدولية أم في التعامل مع سلطات الداخل الوطنية. يريد المواطن في علاقته بالنظام أن يتمتع بقرينة البراءة لا قرينة الإرتكاب، وبحق العودة إلى بيته بعد الإستجواب لا الدخول إلى السجن ريثما تثبت براءته، وبأن يمثل أمام أجهزة الأمن بوصفه بريئاً لا متهماً. وحده القضاء المستقل يملك حق التوقيف والاتهام. حين يُعطي النظام مواطنه على أرضه هذه الحقوق يستطيع أن يطلبها لمواطنه من الغير وأن يتمسك بها ويكون حقاً وعدلاً أن يقف شعبه معه مهما كان الثمن. أما أن يطلبها لأجهزته فحسب، في مواجهة العدالة الدولية، فإن المواطن السوري يسأل بحرقة: ومن لي أنا في مواجهة الظالم الوطني وظلمه..؟.. ولماذا لا أملك الحق في طلب الحماية.. وممن..؟.. .. أم أن معيار الوطنية يختلف بين مستويين من المواطنة: الذين هم تحت والذين هم فوق..؟
السيد/ اللعبة القذرة..؟
لا أعرف ما إذا كان ذوو الأمر في دمشق محيطين بكل ما يجري حولهم. أعرف فقط أن لعباً كثيرة قذرة يديرها البعض وأن النظام يفتقد الوحدة والضبط والانضباط، وأن لكل فريق أو مجموعة مواقفها ومصالحها وبرامجها. لكل فريق من فرقاء السلطة الموزعة بين الأجهزة سياسته. صداقاته الداخلية والخارجية وخصوماته. عملاؤه وأبواقه وأدواته. لقد كشفت مجريات التحقيق وأحداثه وآخرها تمثيلية هسام هسام الكثير من الفضائح، أتوقف منها اليوم عند موضوع يخصني و«المحرر العربي». يعرف القراء أنني كنت أول من كشف مخطط اغتيال الحريري الموضوع قيد البحث والتنفيذ قبل سنوات في قصتي مع المظنون به جميل السيد عام 1999. يومها رويت للحريري ما قاله لي في العشاء الأخير ما بيننا في مطعم «فلوكه» من أن نهايته هي: الهرب أو السجن أو القتل. وأشار جميل بيديه إلى ما يشبه الإنفجار. وبالرغم من خبرتي السياسية الطويلة فقد اعتقدت يومذاك أن ما قاله السيد تعبير عن مشاعر أكثر مما هو تعبير عن مخطط. غير أن ما انكشف فيما بعد أكد أنه كان مخططاً وأن التسريب كان زلة لسان ربما، أو كان هدفه دفع الحريري إلى مغادرة لبنان وتركه لعصابة الأمن. قالوا له إن خياره هو بين ثلاثة: الهرب أو السجن.. أو القتل بالإنفجار الكبير، ولكنه آثر البقاء فأنهوه.
في حديث المخبر السوري هسام هسام الأول الذي نشره التلفزيون السوري أثار الموضوع من جديد وقال إن قتل الحريري كان مقرراً في عام 1999 لولا سقطة لسان جميل السيد لنهاد الغادري الذي نقلها بدوره للرئيس شيراك. والحقيقة أن الذي نقلها للرئيس الفرنسي هو الرئيس الشهيد وقد أكدتها فيما بعد. على مدى سنوات ما بعد هذه الحادثة واجهتُ و«المحرر العربي» سياسة مزدوجة: الإحتواء والتهميش في دمشق، والتضييق في لبنان. ثم قيل لي صراحة بعد اغتيال الرئيس إن السياسة التي وضعها لهم جميل السيد تقضي بتوصية الرئيس الحريري على نحو مستمر، يثير الشبهة في أنني «أعمل» معهم، فينفر الحريري مني ويُبعد ذلك ما بيني وبينه، لا سيما وأنني أجمل الجنسية السعودية أيضاً ولي تاريخي هناك. وكان مما قاله لهم جميل السيد: ما الذي يمكن أن يحدث لو أمكن لنهاد الغادري أن يصدر صحيفة يومية بدعم من الحريري؟. وأجاب على السؤال: سيتعبنا كثيراً فهو ليس منا وله تاريخه وعلاقاته العربية والخارجية والداخلية، ثم إنه الأجرأ ويعرف زواريب اللعبة. واتخذوا قرار التحجيم والتهميش والتضييق. اليوم أستطيع، على ضوء ما انكشف بمصرع الرئيس الشهيد، أن أفهم كثيراً مما أحاط بي هناك في دمشق وهنا في بيروت. أستطيع أن أفهم أن سياسة الخنق البطيء هي التي اتبعوها معي و«المحرر العربي»، وكانت تقديرات جميل السيد أن أتوقف في نهاية المطاف فأعود مهاجراً إلى باريس أو واشنطن لأقضي بقية عمري هناك. القدر وحده، وربما بقية عناد وصمود وإيمان وثقة بالنفس، هو الذي جعلني أتمسك بموقعي هنا، أستمر ومعي «المحرر العربي». وهاأنذا اليوم حر. غيري هو الذي في السجن.. أو ينتظره.؟!! وليرحم الله رفيق الحريري.
قرينة البراءة...؟
توقفت طويلاً عند إصرار أهل السلطة في دمشق على حماية الشهود المشتبه بهم سواء في الإصرار على أنهم مجرد شهود، أو في شروط استجوابهم أو في شرط عودتهم، وما قيل عن تمسكهم المتشدّد بمحضر لقاء مستشار الخارجية رياض الداووي مع المحقق الدولي ميليس في برشلونة. وبغض النظر عما إذا كانت سورية تستطيع الوثوق بأي وعد تُعطاه، أو كان هنالك وعد أصلاً، فقد كان دفاع أهل السلطة عن مواطنيهم المسؤولين مثيراً وجديراً بالإعجاب. انطلاقاً من هذا الاتفاق أو المحضر بين الداووي وميليس والحرص على عودة المسؤولين السوريين إلى دمشق، عدّاً ونقداً، فإن من حق المواطن السوري أن يطلب من ذوي القرار في النظام أن يعقدوا مع الشعب السوري اتفاقاً شبيهاً باتفاق الداوودي - ميليس يشترط عودة المشتبه به إذا ما سيق للاستجواب إلى أهله وحفظ كرامته ومنع توقيفه ظناً وتخميناً ما لم تتوفر أدلة ثابتة دامغة حسية لا يرقى إليها الشك، كما يشدد المدافعون عن موقف سورية، سواء في سورية أم في لبنان من الشركاء..! لا يستطيع نظام ما أن يعتبر اتهام مواطنيه المسؤولين مجرد ظن ويلوذ بقرينة البراءة في مواجهة المجتمع الدولي ما لم يأخذ هو بهذه القاعدة لمواطنيه في مواجهته. أي بقرينة البراءة، وبحق العودة، وبالدليل الحسي الثابت والدامغ. إن الواقع على الأرض هو أن المواطن السوري متهم حتى تثبت براءته وأن المتهم مدان حتى الحكم وتنفيذه. وأن أي حكم ظالم هو عادل حتى إذا تكشفت أدلة جديدة تثبت البراءة..؟!!
يصعب فهم تشدد النظام السوري في موضوع المتهمين في إطار مفهوم السيادة وحقوق المواطنة. فقد طالما انتُهكت السيادة وما تزال، وقد طالما احتُلّت الأرض وما تزال محتلة، وقد طالما استُبيحت حقوق المواطن وما تزال على كل صعيد. من هنا كان تشدد سورية في موضوع الإستماع للشهود الخمسة، أو الأكثر أو الأقل، غير مفهوم أو يصعب فهمه في إطار التمسك بقرينة البراءة أو الحديث عن السيادة الوطنية وحقوق المواطن. إن أي مواطن سوري وكل مواطن سوري مستعد أن يدافع عن هذه العناوين التي تَمَسّك بها النظام بشرط أن يعلن أنها تشمل كل المواطنين السوريين، سواء في التعامل مع سلطات الخارج الدولية أم في التعامل مع سلطات الداخل الوطنية. يريد المواطن في علاقته بالنظام أن يتمتع بقرينة البراءة لا قرينة الإرتكاب، وبحق العودة إلى بيته بعد الإستجواب لا الدخول إلى السجن ريثما تثبت براءته، وبأن يمثل أمام أجهزة الأمن بوصفه بريئاً لا متهماً. وحده القضاء المستقل يملك حق التوقيف والاتهام. حين يُعطي النظام مواطنه على أرضه هذه الحقوق يستطيع أن يطلبها لمواطنه من الغير وأن يتمسك بها ويكون حقاً وعدلاً أن يقف شعبه معه مهما كان الثمن. أما أن يطلبها لأجهزته فحسب، في مواجهة العدالة الدولية، فإن المواطن السوري يسأل بحرقة: ومن لي أنا في مواجهة الظالم الوطني وظلمه..؟.. ولماذا لا أملك الحق في طلب الحماية.. وممن..؟.. .. أم أن معيار الوطنية يختلف بين مستويين من المواطنة: الذين هم تحت والذين هم فوق..؟
السيد/ اللعبة القذرة..؟
لا أعرف ما إذا كان ذوو الأمر في دمشق محيطين بكل ما يجري حولهم. أعرف فقط أن لعباً كثيرة قذرة يديرها البعض وأن النظام يفتقد الوحدة والضبط والانضباط، وأن لكل فريق أو مجموعة مواقفها ومصالحها وبرامجها. لكل فريق من فرقاء السلطة الموزعة بين الأجهزة سياسته. صداقاته الداخلية والخارجية وخصوماته. عملاؤه وأبواقه وأدواته. لقد كشفت مجريات التحقيق وأحداثه وآخرها تمثيلية هسام هسام الكثير من الفضائح، أتوقف منها اليوم عند موضوع يخصني و«المحرر العربي». يعرف القراء أنني كنت أول من كشف مخطط اغتيال الحريري الموضوع قيد البحث والتنفيذ قبل سنوات في قصتي مع المظنون به جميل السيد عام 1999. يومها رويت للحريري ما قاله لي في العشاء الأخير ما بيننا في مطعم «فلوكه» من أن نهايته هي: الهرب أو السجن أو القتل. وأشار جميل بيديه إلى ما يشبه الإنفجار. وبالرغم من خبرتي السياسية الطويلة فقد اعتقدت يومذاك أن ما قاله السيد تعبير عن مشاعر أكثر مما هو تعبير عن مخطط. غير أن ما انكشف فيما بعد أكد أنه كان مخططاً وأن التسريب كان زلة لسان ربما، أو كان هدفه دفع الحريري إلى مغادرة لبنان وتركه لعصابة الأمن. قالوا له إن خياره هو بين ثلاثة: الهرب أو السجن.. أو القتل بالإنفجار الكبير، ولكنه آثر البقاء فأنهوه.
في حديث المخبر السوري هسام هسام الأول الذي نشره التلفزيون السوري أثار الموضوع من جديد وقال إن قتل الحريري كان مقرراً في عام 1999 لولا سقطة لسان جميل السيد لنهاد الغادري الذي نقلها بدوره للرئيس شيراك. والحقيقة أن الذي نقلها للرئيس الفرنسي هو الرئيس الشهيد وقد أكدتها فيما بعد. على مدى سنوات ما بعد هذه الحادثة واجهتُ و«المحرر العربي» سياسة مزدوجة: الإحتواء والتهميش في دمشق، والتضييق في لبنان. ثم قيل لي صراحة بعد اغتيال الرئيس إن السياسة التي وضعها لهم جميل السيد تقضي بتوصية الرئيس الحريري على نحو مستمر، يثير الشبهة في أنني «أعمل» معهم، فينفر الحريري مني ويُبعد ذلك ما بيني وبينه، لا سيما وأنني أجمل الجنسية السعودية أيضاً ولي تاريخي هناك. وكان مما قاله لهم جميل السيد: ما الذي يمكن أن يحدث لو أمكن لنهاد الغادري أن يصدر صحيفة يومية بدعم من الحريري؟. وأجاب على السؤال: سيتعبنا كثيراً فهو ليس منا وله تاريخه وعلاقاته العربية والخارجية والداخلية، ثم إنه الأجرأ ويعرف زواريب اللعبة. واتخذوا قرار التحجيم والتهميش والتضييق. اليوم أستطيع، على ضوء ما انكشف بمصرع الرئيس الشهيد، أن أفهم كثيراً مما أحاط بي هناك في دمشق وهنا في بيروت. أستطيع أن أفهم أن سياسة الخنق البطيء هي التي اتبعوها معي و«المحرر العربي»، وكانت تقديرات جميل السيد أن أتوقف في نهاية المطاف فأعود مهاجراً إلى باريس أو واشنطن لأقضي بقية عمري هناك. القدر وحده، وربما بقية عناد وصمود وإيمان وثقة بالنفس، هو الذي جعلني أتمسك بموقعي هنا، أستمر ومعي «المحرر العربي». وهاأنذا اليوم حر. غيري هو الذي في السجن.. أو ينتظره.؟!! وليرحم الله رفيق الحريري.