-
دخول

عرض كامل الموضوع : الأمن السياسي أصبح تابعاً فعلياً لوزارة الداخلية


yass
19/10/2004, 17:38
دمشق - أخبار الشرق (خاص)بدأت ملامح التغييرات الأمنية في سورية تتضح شيئاً فشيئاً بعد أن تسلم اللواء غازي كنعان وزارة الداخلية. فلأول مرة يتبع جهاز الأمن السياسي (الشعبة السياسية) من الناحية العملية لوزير الداخلية رغم تبعيته النظرية له.

كما علمت "أخبار الشرق" أنه سيتم في الفترة القادمة المضي في إجراءات إعادة هيكلة جهاز أمن الدولة (إدارة المخابرات العامة)، ليصار إلى إلحاقها بوزارة الداخلية أيضاً تحت اسم "جهاز الأمن العام"، بعد أن كانت تتبع نظرياً لمكتب الأمن القومي في حزب "البعث" الحاكم.

أما جهازا الأمن العسكري (إدارة المخابرات العسكرية) والأمن الجوي (إدارة المخابرات الجوية) فلم تتضح الأمور بشأنهما بعد، في وقت ترجح الأنباء فيه إجراء إعادة هيكلة يجري خلالها حل الكثير من فروع أجهزة، تمهيداً لحصر مهمتها في الشؤون التي تتعلق بأمن القوات المسلحة. وتتبع إدارة المخابرات العسكرية رئيس أركان الجيش، بينما يتبع جهاز المخابرات الجوية قيادة القوى الجوية مباشرة.

ومن المرجح أن تشهد هذه الخطوات ممانعة كبيرة من قبل "أباطرة" الأمن، وأن تأخذ فترة طويلة تعتمد بالدرجة الأولى على حسن إدارة وزير الداخلية المكلف بهذا الملف.

وكانت بعض المصادر قد أبلغت "أخبار الشرق" بأن تحجيم أجهزة المخابرات وإعادة هيكلتها هو أحد المطالب الأوروبية "السرية" لتوقيع اتفاقية الشراكة. وسبق أن ذكرت أخبار الشرق أن رئيس الجمهورية رحب بفكرة وزير الداخلية الجديد توحيد مرجعية أجهزة الأمن تحت سلطته "ولكنه طلب تطبيقها بشكل هادئ دون ضجيج". إلا أن مصادر أوضحت أن بعض الأجهزة (كالمخابرات العسكرية والجوية) لا يمكن أن تتبع وزير الداخلية نظرياً أو عملياً.

yass
19/10/2004, 17:39
إذا تأكدت الأنباء التي تتحدث عن سعي السلطة في سورية إلى إعادة هكيلة الأجهزة الأمنية، وربما توحيد مرجعيتها في ما يخص التعامل مع المواطنين؛ فإنها تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، شرط أن يتم تغيير طريقة عمل هذه الأجهزة أيضاً، لا مجرد إعادة هيكلة تشبه ما حدث في العديد من الوزارات ولكن دون نتيجة.

وبعيداً عن التكهنات أو الافتراضات، فإن أي تصحيح للأخطاء يجب أن يبدأ من حيث أصل المشكلة، وأصل المشكلة هو "التمدد" في صلاحيات الأجهزة الأمنية ونفوذها، إلى حد باتت معه تتجاوز كل الحدود والقيود، وباتت هي القاضي والجلاد في آن معاً. والخطير هو تحول الأجهزة العسكرية إلى أجهزة تلاحق المواطنين المدنيين، وتركت مهمتها الأساسية في حماية البلاد من التهديدات الخارجية.

ومن الممكن أن تتحقق بعض التطورات إذا تم البدء بحل المشكلات الملحة قبل انتظار "الهيكلة" الشاملة، التي قد لا تأتي بنتيجة إذا لم تتغير "العقلية" التي تحكم الأجهزة الأمنية، والمتمثلة أساساً في الشعور بأنها فوق القانون (بموجب القانون .. الاستثنائي!)، وأن عناصرها لا يخضعون للمحاسبة، لا سيما أن سلوك عناصر الأمن أصلاً مثير لحفيظة المواطنين.

بالطبع، فالقضية التي نحن بصددها متعددة الأوجه، فهناك أيضاً ما هو مرتبط ببنى الأجهزة الأمنية التي تجعل من كل فرع "دولة" قائمة بذاتها، إذ بات المواطن يشعر بأن في سورية عدداً كبيراً من الأجهزة الأمنية، رغم أن واقع الحال يشير إلى أن عددها قليل لكن فروعها الكثيرة تتصرف وكأنها أجهزة مستقلة، وفي كثير من الأحيان لا يوجد تنسيق بينها، وهو ما يضيف نقطة أخرى إلى معاناة المواطن الذي يعاني من "بطش الأجهزة". والنقطة الأساسية هنا هي المتعلقة بطريقة عمل الأجهزة وتمثيلها عنصر خوف للمواطن، بدلاً من أن تكون عنصر "أمن" كما هو واضح من اسمها. إذن، لا يستبعد أن يكون التغيير الشكلي غير دال على تغير حقيقي.

لذلك، وحتى يتم الخروج بنتيجة ملموسة في هذا الاتجاه، لا بد من الالتزام بثلاثة تعديلات: إلغاء القانون الذي يعفي عناصر الأمن من المسؤولية وإعادتهم إلى "بشريتهم" التي تسمح بمحاسبتهم بالقانون كغيرهم، ثم تحسين طريقة معاملة المواطنين وكف يد البطش عنهم، ويأتي بعد ذلك توحيد مرجعية الأجهزة الأمنية في ما يخص المواطنين، ليكون عامل ضبط إضافي، لكنه وحده لا يكفي.


رأي أخبار الشرق - 18 تشرين الأول 2004