-
دخول

عرض كامل الموضوع : دفاعاً عن سورية دفاعاً عن الحقيقة أيضاً


صياد الطيور
21/11/2005, 12:00
بتاريخ 14 شباط 2005 وقع زلزال مدمر في لبنان ،انه اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري . ولقد تشكلت لجنة تحقيق دولية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1595 تاريخ 7 نيسان 2005 برئاسة القاضي ديتليف ميليس والتي قدمت تقريرها في 19 تشرين الأول 2005 ولدى قراءة التقرير يتبين مدى الأخطاء الفادحة في هذا التقرير من حيث المقدمات والوقائع والأدلة والاستنتاجات ، ومن المؤسف أن نقول إن وسائل الإعلام قد أحاطت ديتليف ميليس بهالة من المعرفة والقدرة الكلية في أعمال التحقيق. . ‏




لكن القراءات المتعددة للتقرير من قبل خبراء ومختصين من رجال القانون تبين أن ميليس لم يراع المبادئ العامة في القانون . ‏
فالتقرير يبدو متناقضا مابين مقدماته ونتائجه ولأننا لا نريد أن نتوجه بالنقد لهذا التقرير لمجرد النقد أو ندافع عن سورية أرضا وشعبا وإنما ندافع عن الحقيقة التي حاول ميليس أن يقصدها فضاعت في التفاصيل والجزئيات . ‏
أولويات التحقيق ومقدماته : ‏
ولابد في البداية أن نؤكد على أولويات التحقيق في القانون الجنائي ومقدماته ، فالمتهم يعتبر بريئا ما لم تثبت إدانته ولا يجوز الافتراض بان المتهم مدان ما لم تثبت براءته .لان الأصل هو البراءة والاستثناء عن هذا الأصل هو الإدانة إلا أن مقدمة التقرير جاءت بالنتيجة قبل الدخول في التحقيق حيث يقول في البند الثامن من المقدمة ‏
« إن ثمة تورطا لبنانيا وسوريا في هذا العمل الإرهابي» ‏
ويبدو هذا الاتجاه في التحقيق معداً مسبقا ليضع النتائج قبل المقدمات ، ويقصد النتيجة قبل أن تضع النتيجة مقدماتها حيث يقول في البند الثامن أيضا ‏
«إن للاستخبارات العسكرية السورية وجودا منتشرا في لبنان » ‏
ويبدو أن ميليس قد نسي أو تناسى بأن جميع أجهزة الاستخبارات في العالم تعمل في لبنان، وبالتالي ما هو دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية والفرنسية ...الخ . ‏
وهل يستطيع السيد ميليس أن يوجه مثل هذه الأسئلة أو التحقيق فيها دون أن يفقد رأسه ؟؟! ‏
إن مقدمة التقرير تضع فرضا أحاديا وتسير عليه وهذا مخالف لأبسط قواعد التحقيق الجنائي . ‏
ويبدو التقرير أشبه بالتحقيق الصحفي الذي يفتقد للخبرة والمعرفة بأصول التحقيق الصحفي حيث يقوم بسرد مجموعة من الوقائع لا رابط بينها حيث يقول : ‏
(11 تشرين الأول/ أكتوبر 2004 الرئيس الأسد يلقي خطبة يدين فيها منتقديه في لبنان والولايات المتحدة ). ‏
ويبدو أن السيد ميليس لا يؤمن بالديمقراطية وحق الاختلاف مع الآخرين وضرورة محاورة الآخر ، وبالتالي فانه من حق السيد الرئيس بشار الأسدأن يرد على الذين يحاولون النيل من سورية فهل هذا الرد يشكل جرما جزائيا يعاقب عليه القانون ؟! ‏
وهل القانون الجنائي يعاقب على الآراء والأفكار والاختلاف في وجهات النظر وذلك خلافا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان . ‏
ثم يضيف التقرير في المقدمة (8آذار/ مارس 2005 حزب الله ينظم تظاهرة تضم مليون شخص مؤيدة لسورية ). ‏ ‏
ويبدو التقرير قد أغفل عبارة (لبناني)عن عبارة (مليون شخص) وبأن المتظاهرين هم من اللبنانيين ولم يتم استيرادهم من دول أخرى ، وهل الديمقراطيات الغربية والمتقدمة التي ينحدر منها ميليس تمنع التظاهر السلمي وحق التعبير عن الآراء والأفكار ، سواء أكانت مؤيدة هذه التظاهرات لسورية أو معادية لها . ‏
الجريمة واستغلال الفراغ الأمني : ‏
إن مسلسل الاغتيالات والتفجيرات ومحاولات الاغتيال التي أشار إليها التقرير ومنها ‏
(محاولة اغتيال مروان حمادة في بيروت في الأول من تشرين الثاني 2004 وانفجار قنبلة في الجديدة وجرح 11 شخصا في التاسع عشر من آذار 2005 وقتل ثلاثة آخرين في انفجار في مركز تجاري في الكسليك في الثالث والعشرين من شهر آذار، وانفجار قنبلة في حقيبة في منطقة صناعية وجرح ستة في السادس والعشرين من شهر آذار، وجرح تسعة أشخاص في مرآب تحت الأرض في مبنى تجاري في الأول من نيسان ، وانفجار قنبلة في جونيه شمال بيروت وجرح 29 شخصا في السادس من أيار ، وقتل الصحفي سمير القصير بانفجار سيارته في الثاني من حزيران، وقتل زعيم الحزب الشيوعي اللبناني السابق جورج حاوي بانفجار سيارته في الحادي والعشرين من حزيران، وجرح وزير الدفاع الياس المر وقتل اثنين آخرين في هجوم سيارة ملغومة في بيروت في الثاني عشر من تموز، وجرح ثلاثة أشخاص بانفجار قنبلة في حي الاشرفية في الثاني والعشرين من شهر تموز، وجرح ثلاثة أشخاص بانفجار في مرآب قرب فندق (برومنا) في الثاني والعشرين من آب، و قتل شخص وجرح عشرة آخرين بانفجار قنبلة في الاشرفية في السادس عشر من أيلول ومقتل شخص وجرح اثنين بانفجار في مكتب الإعلام الكويتي في التاسع عشر من أيلول وانفجار سيارة مفخخة وجرح مذيعة التلفزة مي شدياق في الخامس والعشرين من أيلول 2002). ‏
إن هذه الجرائم ليست أقل أهمية من اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الآخرين .وكان على لجنة التحقيق الدولية برئاسة ميليس أن تقرا الواقع المحيط قراءة موضوعية لمعرفة التطورات التي لاحقت هذه الجرائم ومَنْ المستفيد منها . ‏
ولا نريد كما فعل السيد ميليس في تقريره أن نضع النتائج قبل أن نكتب المقدمات الصحيحة ، فالانسحاب السوري من لبنان استتبع مجموعة من الجرائم المرتكبة من قبل أشخاص أو أطراف غايتها الدفع بالعلاقات السورية اللبنانية إلى حافة الجحيم . ‏
حيث تم قتل عدد من العمال السوريين والاعتداء الجسدي على عدد منهم ومحاولات خلق عداء بين الشعبين السوري اللبناني وهذه النتائج كانت تتطلب من البعض التصعيد إلى أقصى درجات التصعيد بما فيها مسلسل التفجيرات والاغتيالات التي أشار إليها التقرير ولكن للأسف لم يقرأ ميليس دلالتها إلا في إطار ضيق وضمن احتمالات محددة تخالف المبادئ العامة في القانون . ‏
ولذلك فان السيد ميليس لا يقرأ أو يرى أو يفكر إلا في طريقة واحدة وهي إدانة سورية . ‏
وهذا الغرض سابق على التحقيق وليس نتيجة لمعطياته . ‏
تسييس التقرير: ‏
إن التحقيق الجنائي يختلف عن التحقيقات السياسية أو الصحفية نظرا لوجود إجراءات محددة في قوانين الأصول الجزائية في مختلف تشريعات العالم ،والتي تتقاطع وتتفق في المبادئ العامة. ‏
ولكن السيد ميليس لم يتبع هذه المبادئ والإجراءات في إعداد تقريره . ‏
حيث ادخل التاريخ والجغرافيا باعتبارهما عوامل تساعده على إعداد تقرير سياسي محدد الأهداف والمقاصد ولذلك يتطرق في باب (خلفية) إلى أن سورية كان لها دائما دور كبير في لبنان خلال العهد العثماني ((وكان جزءاً من الأرض الإدارية التي تحكم من دمشق وعندما تم إنشاء هذه الدولة بعد الحرب العالمية الأولى ما يعتبره الكثيرون من القوميين العرب انه جزء من سورية ومنذ أن أصبحت الدولة مستقلة فانه لم تقم بين الدولتين علاقات دبلوماسية)) هل يستطيع احد من فقهاء القانون الجزائي أن يربط مابين جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبين هذه المقدمات التي مضى عليها أكثر من قرن من الزمن كما أن العلاقة بين الحريري وسورية لا تشكل سببا أو مستندا قانونيا للإدانة والاتهام وحتى في حال وجود خلاف ما بين الطرفين مادام أن الخلاف يتعلق بقضايا سياسية تتطلب دائما الحوار المستمر ما بين الطرفين ولذلك لا يجوز للسيد ميليس أن يفترض بأن هذه الخلافات تشكل عناصر جرميه. ‏
يمكن الركون إليها ، لاسيما ان الكثير من دول وزعماء العالم يختلفون سياسيا ، كما ان الكثير من الأحزاب والتيارات السياسية في دول العالم تختلف في مسائل أكثر خطورة من الخلافات بين سورية والحريري حول التمديد للرئيس لحود . وحتى في حال وجود هذا الخلاف. فهل هذا الخلاف في حال وجوده يشكل قاعدة للسيد ميليس في تكوين قناعاته حول جريمة مروعة. ‏
كما إن استخدام ميليس لكلمة سورية في تقريره يدل على جهله الفاضح بالقانون ، لان الشخصيات الاعتبارية في جميع دول العالم لا يمكن محاكمتها جزائيا . ‏
كما أن ميليس يعتبر جميع المواطنين السوريين هم شركاء في ارتكاب هذه الجريمة، حيث حمّل السيد ميليس سورية المسؤولية مستخدما هذه العبارة ست مرات ، كما أن استخدامه لعبارة المسؤولين أو الأجهزة السورية أكثر من عشر مرات ، علما بان كلمة المسؤولين أو الأجهزة أو الاستخبارات ليس لها دلالة محددة في القانون الجزائي، لان أساس المسؤولية هو الشخص بذاته ودوره في ارتكاب الفعل الجرمي، وضرورة التفريق مابين الفاعل والمتدخل والشريك والمحرض في حال كانت عبارة المسؤولين أو الأجهزة تعني مجموعة محددة من الأشخاص بمفهوم السيد ميليس ، علماً بان المطلق يجري على إطلاقه ما لم يكن له تحديد . فإذا كان التحديد للشخص ودوره منتفيا في تقرير السيد ميليس فكيف يتم تحديد المسؤولية الجزائية في النتائج النهائية للتقرير . ‏
وهل الغاية من تقرير السيد ميليس توصيف الواقع اللبناني وظروف ارتكاب الجريمة , أم تحديد المسؤول عن هذه الجريمة بصفته الشخصية ؟! ‏
كل هذه الأسئلة وغيرها كانت غائبة عن ذهنية السيد ميليس أو مغيبة عنه لأسباب واعتبارات مختلفة . ‏

لم يتطرق السيد ميليس إلى القانون الواجب التطبيق سواء بالنسبة للتحقيق أو المحاكمة، لان تحديد القانون الواجب التطبيق يعتبر من أهم المسائل الواجب إثارتها وقبل البدء في التحقيق ، حيث لا يمكن ان يتم التحقيق دون تحديد المرجعية القانونية من حيث الأصول الواجب اتباعها في قانون أصول المحاكمات ، حيث لا يمكن معرفة مدى اتفاق هذه الإجراءات المتبعة مع الأصول أو مخالفتها إلا في حال تحديد المرجعية القانونية . ‏
افتراضات خاطئة : ‏
لقد أورد التقرير مجموعة كبيرة من الافتراضات الخاطئة , حيث ورد البند 94) إن عملية اغتيال رئيس الوزراء السابق لم تكن لتتم من دون معرفة السلطات اللبنانية وموافقة سورية) . ‏
فإذا كانت الولايات المتحدة بما تملكه من قوة عسكرية وأجهزة استخبارات تسيطر على العالم لم تستطع اكتشاف الأشخاص الذين نفذوا تفجيرات 11 أيلول , فهل نستطيع ان نقول ان هذه التفجيرات لم تكن لتتم دون علم أو معرفة السلطات الأمريكية؟ وهذا الافتراض الخاطئ نجد تطبيقا له في تفجيرات لندن ومدريد وغيرهما. ‏
وإذا كانت العراق تتعرض لعمليات تفجير شبه يومية فهل هذه التفجيرات تتم بمعرفة وعلم السلطات العراقية والأمريكية والبريطانية . ‏
إن مثل هذه الفرضيات في تقرير ميليس تدل دلالة واضحة على استخدام سريربروكست حيث يلجأ السيد ميليس لتقطيع أطراف الحقيقة لتكون متلائمة مع قياس وحجم السرير. ‏
وتطرق تقرير ميليس في البند 95 إلى فرضية أخرى تتعلق بوجود اتصالات بين الجنرال رستم غزالة ومسؤول لبناني بارز في 19 تموز 2004 عند الساعة 9.54 ولم يحدد التقرير اسم المسؤول اللبناني وكيفية القيام بالتسجيل ومدى صحته ؟ ومَنْ هي الجهة التي تقوم بالتسجيل ؟! ‏
إلا انه لا بد من مناقشة هذا الدليل بغض النظر عن مشروعيته واتفاقه أو اختلافه مع الواقع، فالتسجيلات الصوتية لا تشكل مستندا للإدانة أو الاتهام في القانون اللبناني وفي معظم القوانين والتشريعات في العالم . كما أن هذا الحوار يفترض عدة قراءات وليس قراءة واحدة كما جاء في تقرير ميليس حيث جاء في الحوار «غزالة : دعني أقول لك أمرا واحدا دع حركة العمال تخرج إلى الشارع في العشرين في سوليدير وقريطم» ، ثم يضيف غزالة ) :فلتستمر التظاهرات إلى أن يرغم بالقوة على التنحي..( حيث يسأله السيدX(إذاً هل نترك الأمور للشارع؟)، فأجابه غزاله )هذا أفضل). ‏

صياد الطيور
21/11/2005, 12:02
إن القراءة السطحية وليست العميقة لهذا الحوار في حال صحته وثبت بالبصمة الصوتية يعتبر بان إسقاط الحكومة اللبنانية برئاسة الحريري يتطلب وجود قضايا مطلبيه للعمال والتظاهر ضد الحكومة تمهيدا لإسقاطها . ‏

فهل من حق السيد ميليس أن يتغاضى عن هذا الحق أو يغفله قصدا إذا كان لا يؤدي إلى المشاركة أو المساهمة في عملية الاغتيال . ‏

وإذا كانت طريقة تغيير رئيس الحكومة بالطرق والوسائل السلمية ، لماذا يفترض السيد ميليس افتراضات أخرى خارجة عن السياق الحقيقي للحوار ، إن قراءة أي نص أو حوار تفترض قراءات متعددة مع اختلاف القراء وزاوية الرؤية لكل قارئ ، ولا يحق للسيد ميليس أن يقوم بإكراه النص لقراءة واحدة هي قراءته الشخصية بعيدا عن السياقات الأخرى . ‏

تعدد المتهمين : ‏

إذا كانت سورية والأجهزة الأمنية اللبنانية والأحباش والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة وإشارات أخرى لمتهمين آخرين هي المسؤولة عن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري كما جاء في تقرير ميليس ، فهل كانت مهمة التحقيق توسيع دائرة المتهمين ونسج خيوط جديدة في التحقيق ، أم غايته الوصول للحقيقة والتي تسعى سورية ولبنان والعالم لمعرفتها ؟! ‏

ويبدو ان السيد ميليس سعى لتوسيع دائرة الاتهام لأسباب واعتبارات تجد ضرورتها وأسبابها في الاستعجال في نشر التقرير وقبل اكتمال التحقيقات فما غاية ومبرر ذلك لدى السيد ميليس ؟! ‏

سرية التحقيق : ‏

تتفق جميع تشريعات العالم على مبدأ سرية التحقيق ولا يجوز كشف أسماء الشهود وأقوالهم والأدلة المقدمة ووسائل الإثبات الأخرى إلا بعد الانتهاء من أعمال التحقيق وصدور القرار النهائي فهل السيد ميليس جاهل بالقانون وأصول المحاكمات الجزائية المعمول فيها في لبنان وبقية دول العالم ، أم أن السيد ميليس سعى من خلال نشر التقرير وقبل اكتمال إجراءات التحقيق لأغراض أخرى خارجة عن مقتضيات التحقيق وأصوله وطرقه المعروفة ؟ ‏

إن الإجابة عن هذه الأسئلة تفترض عدة قراءات وعدة إجابات ومنها أن السيد ميليس قام فعلا بتسييس التقرير وأراد المساومة على نتائجه ، لأن المبادئ العامة في القانون لا تجيز نشر أسماء الشهود والأدلة إلا بعد اكتمال جميع التحقيقات مهما كانت ظروف التحقيق صعبة وقاسية وعلى درجة كبيرة من الدقة ، ولكن السيد ميليس قرر الاستعجال في نشر نتائج التحقيق ، لأسباب وغايات أرادها ميليس أو أطراف أخرى تسعى ومن خلال هذا التقرير غير المكتمل للوصول لاغراض سياسية محددة ولا أريد الخوض في هذه الأغراض لأنها أصبحت معروفة جيدا ، وهي تدجين سورية وإعادتها للحظيرة الأمريكية . ‏

بما يتفق مع مشروع الشرق الأوسط الكبير والتسليم بالسيطرة الصهيونية الجديدة على العالم . ‏

الشك والشبهة والظن والاتهام : ‏

إن المبادئ العامة في القانون في جميع دول العالم تؤكد بان الشك والشبهة والظن لا تصلح مستندا للإدانة والاتهام والمراجعة البسيطة لتقرير ميليس تدل دلالة واضحة إن الأساس الذي بني عليه قائمة على الشك والشبهة والظن ، ولذلك جاءت عبارات (يظن ويتوقع ويفترض ومن غير المحتمل وغيرها ) لتكون أساس التقرير ولغة خطابه وهذه اللغة الاحتمالية المتعددة الوجوه والافتراضات والاحتمالات لا تشكل الأساس القانوني للتحقيق فهل أراد السيد ميليس هذه اللغة وقصدها لأسباب واعتبارات أخرى أم أن السيد ميليس يجهل ابسط المبادئ في القانون ؟!! ‏

مسؤولية ميليس الجزائية : ‏

إن القانون في جميع دول العالم يعاقب على نشر التحقيقات الأولية وقبل صدور القرار النهائي ، وإذا كان السيد ميليس قد سرب نتائج التحقيق لوسائل الإعلام المختلفة وقبل صدور التقرير ، فان السيد ميليس يتحمل المسؤولية الجزائية بسبب أعمال النشر التي سبقت صدور التقرير ، وإذا كان السيد ميليس عادلا ونزيها في أعمال التحقيق إذا كان يدعي بأنه قد فوجئ بنشر أجزاء من التقرير وقبل صدوره فإن ذلك يتطلب منه واحتراما لشخصه ومكانته العلمية التنحي عن متابعة أعمال التحقيق ، مع الأخذ بعين الاعتبار حق الأطراف المتضررة من النشر في مقاضاة السيد ميليس . ‏



قصص وروايات : ‏

يبدو أن السيد ميليس مغرم بالقصص والروايات ولذلك يصدق الراوي مهما كانت القصة أو الرواية تحمل من وهم أو تخيل أو مفارقة عن الواقع ولقد استمع السيد ميليس إلى مجموعة من القصص والروايات البعض منها تناولته وسائل الإعلام قبل البدء في التحقيق ثم أصبح هذا الوهم حقيقة في تقرير ميليس وذلك بناء على أقوال مجموعة من الشهود، فإن مناقشة هذه الشهادات لا ينتقص من شخصياتهم أو ينال منها وغايته كشف الحقيقة ومعرفة الفاعلين الحقيقيين في جريمة الاغتيال . ‏

إن الجميع يعرف بأن الخلافات مابين الشهود المذكورين والسلطة السورية بسبب ممارسات خاطئة لبعض المسؤولين في لبنان وهذا ما أكده الرئيس السوري في لقاءات وحوارات سابقة، ولكن نحن أمام جريمة قتل مروعة وعلى الجميع أن يضع الحقيقة التي ندافع ويدافع السيد سعد الحريري وبقية الشهود عنها ، والحقيقة في شهادة الشهود يجب أن تكون بعيدة عن العداوات والخلافات السابقة مع السلطة السورية ، لأنه من الشروط الواجب توفرها في الشاهد الحياد والموضوعية والنزاهة وعدم وجود عداوة سابقة مع أحد أطراف القضية ، ولا يجوز سماع الشاهد إذا كانت العداوة شديدة ووصلت لمرحلة من تبادل التهم وتجييش الشارع اللبناني ضد سورية ، ولا أريد الدخول في مناقشة مدى مشروعية أو عدم مشروعية ما يفعله الشهود المذكورون بسبب الخلاف مع السلطة السورية وانعكاس ذلك على علاقة الشعبين بعد الاغتيالات وأعمال القتل لعدد من العمال السوريين ، وإنما نسعى للوصول إلى الحقيقة التي يسعى إليها السيد سعد الحريري ويسعى إليها جميع الشرفاء المدافعين عن الحقيقة في العالم . ‏

فإذا كانت هذه الخلافات ما بين الشهود والسلطة السورية قد وصلت إلى درجة من العداوة المانعة من الشهادة هل يحق للسيد ميليس أن يبني تقريره على شهادة الشهود المذكورين وما هي أهمية التقرير إذا شابته عيوب قانونية وأخطاء في الإجراءات لان جميع قوانين أصول المحاكمات الجزائية في لبنان وألمانيا وفرنسا والعالم تمنع شهادة الشاهد إذا كانت بينه وبين أحد المتهمين عداوة وخلافات ، ولا يستطيع أحد من الشهود المذكورين أن ينفي ذلك ، لأن أقوالهم وتصريحاتهم في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة تؤكد ذلك ، وفي حال أهدر السيد ميليس من تقريره شهادة الشهود المذكورين ماذا يبقى في تقريره من أدلة ووسائل إثبات ضد سورية . ‏

قصة الصديق : ‏

تطرق التقرير من الفقرة /104/ وحتى الفقرة /116/ إلى الحديث عن زهير بن محمد سعيد الصديق ، وهذا الشاهد المحكوم والملاحق قضائيا في سورية من أجل عدد من الجرائم ، حاول التقرير أن يعطيه دور الشاهد) السوبر مان( الذي يعرف كل شئ )أعطى تفاصيل ومعلومات عن المهمة المتعلقة بالجريمة وتفاصيل كل واحد (وهذا يفترض حسب لغة التقرير أن يكون الصديق هو المنسق العام لعملية الاغتيال ، وهو الذي قام بتوزيع الأدوار والمهمات ، كما أن الشاهد الصديق كما جاء في التقرير كلي القدرة والمعرفة وحيث ورد في الفقرة( /106/ السيد صديق صرح أن قرار اغتيال السيد الحريري اتخذ في سورية بعد اجتماع سري في لبنان بين مسؤولين لبنانيين كبار وضباط سوريين ...( ‏

ولقد استخدم التقرير كلمة )صرح(بدلا من عبارة )اعترف( والصديق أبلغ أن الـTNTوبعض المتفجرات الخاصة استخدمت بهدف توجيه الشبهة نحو مجموعات إسلامية ... ويبدو أن مسرحية الصديق تنتهي في الفقرة /115/من التقرير حيث جاء فيها ) حقيقة أن السيد صديق ورط نفسه في الاغتيال ما أدى في النهاية إلى توقيفه ، وأضف مصداقيته )يبدو أن زهير الصديق الذي ارتكب عدة جرائم في سورية ووجد في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري فرصة للثراء فتقدم إلى لجنة التحقيق بهذه القصة ليقبض ثمنها إلا أن أمر توقيفه في /16/ تشرين الأول إما أن يكون أحد ضرورات الحبكة في هذه القصة أو مشهدا من مشاهد هذه المسرحية اللامعقولة التي لا يمكن للعقل أو المنطق أن يصدقها إلا إذا كان مغرما بمسرحيات العبث أو اللامعقول . ‏

وإذا كان الصديق مجرما وفارا وأراد النيل من سورية لأسباب ذاتية وشخصية فهل تقبل شهادته في وقت تعد الجرائم التي ارتكبها جرائم تمنعه من الشهادة ؟! ‏

مقدمات / نتائج : ‏

إذا كانت جميع المقدمات الخاطئة في تقرير السيد ميليس تنال منه من حيث تعدد الأطراف المشتبه في تورطها واللغة الافتراضية العائمة التي تستند للشك والشبهة والظن في كتابة التقرير ، وافتراض جهات مجهولة أخرى لم يكشف التحقيق عنها وترك الباب مفتوحا للتأويل والافتراض وإعادة استمرار التحقيق وتسريب التحقيقات لوسائل الإعلام ونتائجها وقبل صدور التقرير ونشره والمسؤولية الجزائية الشخصية التي يمكن أن يتحملها السيد ميليس بسبب ذلك. ‏

وهل استطاع السيد ميليس كشف الجناة الحقيقيين ونأمل أن تساهم إعادة القراءة لتقرير ميليس في كشف الجريمة الجديدة في هذا التقرير وهي تضليل العدالة . ‏


بقلم : المحامي أحمد مشوّل ( تشرين )