-
دخول

عرض كامل الموضوع : المنشآت الصغيرة ..... والبنوك


السيد الحسيني
17/11/2005, 16:03
المنشآت الصغيرة ..... والبنوك

فلو كان هذا النظام المصرفي قائم في غير بلادنا الإسلامية لما تكبدت عناء البحث وكتابة هذه الوريقات ، وذلك لأنهم لا يحتكمون الى سياسة أو منهج رباني يقومون به أعمالهم


نعلم جميعا ما يعانيه اقتصادنا العربي بشكل عام من مشكلة ارتفاع معدلات البطالة حيث بلغ 30 % في بعض الدول العربية من حجم القوى العاملة ، ومن المعلوم أيضا أن البطالة التي نعاني منها يرجع سببها الى اختلال التوازن بين حجم قوة العمل ورؤوس الأموال المنتجة المتوفرة مما يؤدي الى عدم المقدرة على توفير مناخ العمل المنتج لتلك الأيدي العاملة الموسومة بالعاطلة .

وعليه فان التوسع في قطاع المنشآت الصغيرة سيؤدي بلا شك دورا متميزا من بين كل الأنشطة الاقتصادية الأخرى في معالجة مشكلة البطالة ، وذلك لأنها تؤدي الى زيادة رصيد المجتمع من رؤوس الأموال المنتجة ، وأيضا لأنها لا تحتاج الى وقت طويل لإنشائها وبتوظيف عمالة أكثر مقياسا الى وحدة رأس المال المستثمر ، وبالتالي فهي الوسيلة الوحيدة الأقل كلفة لخلق فرص عمل جديدة .


ولا تنحصر منافع المنشآت الصغيرة على امتصاص العمالة فحسب بل أن العديد من الدول تلجأ الى التوسع فيها للتخفيف من الآثار الناجمة عن عمليات الإصلاح الهيكلي التي تتبناها ، فسيكون التوسع في إقامة المنشآت الصغيرة هو الخيار المتاح والأمثل لخلق الفرص البديلة نظرا لسهولة تمويلها لكونها لا تتطلب تكاليف استثمارية باهظة لاقامتها ولا تتطلب مستوى عالي من المهارات الفنية في تشغيلها .


وفي الحقيقة أنا لست هنا بصدد استعراض أهمية المنشآت الصغيرة ودورها في الاقتصاد الوطني لما تمثله من إنتاجية وملاءة اقتصادية عالية ، وانما في الشق الآخر المفروض عليه مساندة هذه المنشآت وهي البنوك .


إذن ما هي طبيعة عمل البنوك والأهداف المنشودة منها لخدمة اقتصادنا الوطني ؟


العمل المصرفي :


طبيعة العمل المصرفي هو التعامل في الائتمان او الديون او القروض وعلى ذلك يحكم علاقة البنك بالمتعاملين معه ( عقد القرض ) فتعامل البنك مع عملائه يظهر في تفاصيل مركزه المالي والذي يتمثل في ميزانية البنك والتي تنقسم الى قسمين :


1.الموارد ( الخصوم ) يحكمها أساسا عقد القرض ويأتي الجزء الهام منها من المودعين وهنا يكون المودعون مقرضين والبنك مقترضا نظير فائدة يدفعها البنك باستثناء الودائع الجارية التي لا يدفع لاصحابها فائدة عادة .

2.الاستخدامات ( الأصول ) يقوم البنك بإقراض الأموال التي تجمعت لديه للتجار والمستثمرين وغيرهم ويدهم كمقترضين يد ظمان أي يضمنون اصل قروضهم ويدفعون فائدة للبنك .

والفرق بين مجموع الفوائد التي يدفعها البنك للمودعين ومجموع الفوائد التي يحصل عليها البنك من مستخدمي موارده المالية يمثل العائد الصافي للبنك .

إذن فسعر الفائدة بالنسبة للبنوك القائمة هو الجهاز العصبي وهو الأداة الأساسية لادارة النظام النقدي وهو العامل المؤثر في المدخرات وهو المعيار الذي يضمن انتقاء أكفأ المشروعات ، وإذا حاولنا التخلص منه فسوف ينهار النظام المصرفي من وجهة نظرهم ؟


إذا ما هو الحل ؟ وكيف تحصل المنشأة الصغيرة على مواردها المالية دون عناء البحث عن ضامن لاموال البنك إن وجد أصلا ، وكذلك فوائد عمليات التمويل ؟


يرجع الاقتصادي سيمونز السبب الأساسي للكساد العالمي العظيم في الثلاثينات الى تغيرات الثقة التجارية الناشئة عن نظام ائتماني غير مستقر ، وأكد على اعتقاده بأن خطر الاضطراب الاقتصادي يمكن تفاديه الى حد كبير إذا لم يتم اللجوء الى الاقتراض ، واذا ما تمت الاستثمارات كلها على شكل تمويل ذاتي وبالمشاركة أي من خلال الحصص أو الأسهم .


وعليه فان قيام كل مشروع بالتمويل الذاتي او بالمشاركة لرأس ماله العامل والتخطيط الرشيد لاستثمار أرباحه الغير موزعة بفرز نظاما ماليا قويا ، ويمكن القول باطمئنان أن ( الربح ) هو القوة الأساسية الموجهة لقرارات المستثمرين وليس فقط كمعيار لجاذبية الاستثمار ، وانما أيضا لأنه مصدر تمويلي هام .


ومما سبق من تعريف لطبيعة العمل المصرفي القائم يمكنا تشخيص الصعوبات التي تواجه المنشآت الصغير مع هذا النظام المصرفي ببساطه على النحو التالي :


·صعوبة حصول هذه المنشآت على القروض او التمويل اللازم لاشتراط البنوك أو النظام المصرفي القائم لظامن لعملية التمويل سواء كان شخص آخر صاحب محفظة استثمارية كبيرة أو رهن عقاري أو غيره ، وعند توفره نقوم بدفع فائدة أيضا محددة سلفا ( أي نظمن راس المال وعليه فائدته ) ؟


فلو كان هذا النظام المصرفي قائم في غير بلادنا الإسلامية لما تكبدت عناء البحث وكتابة هذه الوريقات ، وذلك لأنهم لا يحتكمون الى سياسة أو منهج رباني يقومون به أعمالهم .
إذن المصارف تتعامل معنا في بلادنا الإسلامية وفق معاييرهم فهل العيب في نظامنا الإسلامي أم في القائمين عليه ؟


أ‌-في تصوري أن هذه الشروط التعجيزية التي تضعها البنوك ما هي إلا بسبب غياب أو تغييب أدوات اقتصادنا الإسلامي ، وعدم الفهم الدقيق لنصوص القرآن الكريم وآلياته التي تعالج مسائل القروض وضماناتها قال تعالى : ( يا أيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين الى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل .. الآية ) البقرة 282 وهنا الآية الكريمة خاطبة الذين آمنوا أي اللذين لديهم منهج إيماني يسيرون عليه أن الضمان الوحيد للقروض كتابتها عند كاتب عدل أو من يقوم مقامه ، وكان لزوم الرهان غياب كاتب العدل قال تعالى : ( وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة .. الآية ) البقرة 283 .


إذا ما هو السبب الذي جعل البنوك في بلادنا الإسلامية لا تقبل إلا بالرهن والضمانات التعجيزية لعملية التمويل أو القرض مع وجود كاتب عدل ؟


اعتقد ان ذلك سببه عائد الى غياب او عدم تفعيل الحماية القانونية التي تدعم مبدأ الكتابة وتعيد الى المقرض حقه ، والى العقود هيبتها والزاميتها ، وتجعل من يفكر في أخذ قرض أن يفكر ألف مرة ومرة قبل ان يبحث عن القلم الذي سوف يوقع فيه عقد القرض أو التمويل .

ب‌-بقي علينا ان نسأل هل القرض او رأس المال الذي سوف يقدمه البنك وفق نظامنا الاقتصادي الاسلامي بلا تكلفة ( بلا فائدة ) ؟

اقتصادنا الإسلامي لم يقم بإلغاء سعر الفائدة على المستوى الفكري أو التطبيقي وإلا لكانت النتيجة تبديدا واضحا في استخدام عنصر شديد الندرة وهو رأس المال ، وانما قدم الاقتصاد الإسلامي بديلا عنه ( الربح ) كمعيار يحكم هذا الاستخدام على أسس أكثر منطقية ، وأكثر عدالة اجتماعية ، وأكثر كفاءة اقتصادية .

وعليه فان إلغاء سعر الفائدة لا يعني بتاتا أن رأس المال ليس له عائد ويقدم للمتعاملين مجانا بلا تكلفة ، فرأس المال إسلاميا وغير إسلاميا بالقطع له عائد نظير اشتراكه الفعلي في النشاط التجاري وهذا العائد إسلاميا ليس فائدة محددة سلفا ، وانما حصة نسبية شائعة في الربح بعد تحقيق رأس المال .


هذا هو منهجنا الإسلامي ، وهذا هو المطلوب تحقيقه في بلادنا وفق معتقداتنا وأهدافنا وآلياتنا الإسلامية ،،