-
دخول

عرض كامل الموضوع : اليدان المصلّيتان


شكو زولو
08/10/2004, 10:27
في قرية قريبة من بلدة نورمبرج الأوروبية، في القرن الخامس عشر، عاشت عائلة مكونة من أب وأم وثمانية عشر طفلاً0 لذا كانت ظروفهم المادية في غاية الصعوبة0 ولكن ذلك لم يمنع الأخوين الأكبرين من حلم كان يراودهما... فالاثنان موهوبان في الرسم، ولذا حلما بالانضمام الى الدراسة في أكاديمية الفنون في نورمبرج0 كان حلمًا لأنهما علما أن والدهما لن يستطيع أن يتكفل باحتياجاتهما المادية وقت الدراسة0 أخيرًا، توصلا إلى حل بعد مناقشات طويلة امتدت لساعات الفجر المبكرة ولأيام عديدة ... أن يُجريا قرعة0

الخاسر يذهب للعمل في المناجم ويتكفل بمصاريف أخيه الفائز لمدة أربع سنوات هي فترة الدراسة في الأكاديمية0 وبعدها يذهب الآخر ليدرس ويتكفل به أخوه ببيع الأعمال الفنية أو بالعمل في المناجم لو اقتضت الضرورة0 بعد القداس يوم الأحد، أُجريت القرعة، فاز بها ألبرت دورير، و هكذا ذهب إلى الأكاديمية، وأما أخوه فذهب إلى المناجم ليعمل فيها أربع سنوات0 منذ البداية كان واضحًا أن ألبرت سيكون له شأن عظيم في عالم الفن، وعندما حان وقت تخرجه، كانت لوحاته و تماثيله تدر عليه دخلا وفيرًا0

عاد ألبرت إلى قريته بعد غياب 4 سنوات وسط احتفال هائل؛ و صنع له أهله وليمة كبيرة0 وعندما انتهوا من الطعام، وقف ألبرت و قال: "يا أخي الحبيب، الرب يباركك ويعوضك عن تعب محبتك لي0 لولاك لما استطعت أبدًا أن أدرس في الأكاديمية0 الآن حان دورك في الذهاب، وأنا سأتكفل بمصاريفك، فلديّ دخل كبير من بيع اللوحات"0 اتّجهت الأنظار صوب الأخ منتظرة ما سيقوله0

أما هو فهز رأسه ببطء وقال: "لا يا أخي، أنا لا أقدر على الذهاب الآن0 انظر إلى يديّ وما فعلته بهما 4 سنوات من العمل في المناجم0 لقد تكسر الكثير من عظامها الصغيرة0 لا يا أخي، فإني لا أقدر على الإمساك بريشة صغيرة والتحكم الخطوط الدقيقة"0 وذات يوم مر ألبرت على حجرة أخيه، فوجده راكعًا يصلّي و يداه مضمومتان؛ فاستوقفه المنظر وشعر برهبة شديدة0 وهنا أخذ أدواته و رسم تلك اليدين، كتكريم للمحبة الباذلة التي لا تفكر في نفسها0 أطلق على اللوحة اسم "اليدين"، وأما العالم فأذهله الرسم وأعاد تسمية اللوحة بـ"اليدين المصليتين"0 لقد مر على هذه الأحداث العديد من الأعوام0 وأعمال هذا الفنان منتشرة في متاحف كثيرة، و لكن معظمنا لا يعرف مِن أعماله سوى هذه اللوحة الرائعة0

فى المرة القادمة عندما ترى هذه اللوحة تذكر: كل يد قدمت لك خدمة، كل يد ضحت من أجل راحتك، كل يد بذلت نفسها من أجلك، وفوق الكل، تذكر يدي الرب يسوع المثقوبتين من أجلك0