-
دخول

عرض كامل الموضوع : ذكرياتي مع رجل منتحر ..


ay-kh
01/11/2005, 15:19
" عندما نتوقف عاجزين عن الصيد ، و شرب الخمر ، و عشق النساء ، و الركض في المساحات الواسعة ، و تتطهر بمياه البحر ، و لا يوجد أمل لتغيير الواقع ، و ظلام يمتد بين أحشاء الجسد ، من الانحطاط و العزلة و التوحش البربري ..

عندها ما الذي يبقى لك سوى طلقة الرحمة "



23/ 12 / 2000 م

الساعة الخامسة صباحاً الهاتف يرن بجنون . .



آسفة على الإزعاج بهذا الوقت المبكر ..

لا باس بأي وقت تتصلين ، مرحب بك ..

خبر مزعج .

ما هو ؟

عمار توفي البارحة ليلاً ..

كيف ؟

انتحر ، طلقة واحدة كانت كافية لموت صديقك الذي أحببته ..

متى الدفن ؟

اليوم الساعة 2 بعد الظهر في فريته ..

سأكون من المشاركين

سأكون هناك أيضاً





الحياة ، الولادة ، الصداقة ، السفر ، البحر ، الحب ، صرخات الليل و نحن سكارى ، فرحه ، و غضبه ، و بكاؤه ، شريط مر في مخيلتي بثواني ..الصدمة كانت مميتة ، ذكرتني بصدمة موت أمي منذ سنوات ..

و أنا مستلق على الفراش ، رأيت السقف يتحول إلى توابيت ، توابيت تتطاير في الفضاء من دون قانون يجمعها ، تتطاير و ترتطم ببعض .



الساعة الواحدة ظهراً كنت في قريته ..

قريته المطلة على البحر من فوق جبل من جبال اللاذقية ، المحاطة بغابات الصنوبر ..

لقد بدأت ذاكرتي تعمل ، هنا كنا و هنا حدث ما حدث ..

و بنفس الوقت كنت أودعها ، و أدفن ذكرياتي بها ..

ما كان شيء يعكر صفو القرية ، و صفو عالمي . ثمة جثة خرجت بلا مراسيم و دفنت في التراب بصمت .

جثة رجل قدم إلى هذا العالم في لحظة خطأ . هذا ما كان يردده دائماً .



أراك هنا متى وصلت ..

الساعة الواحدة ..

لم أراك ..

تجولت في القرية قليلاً .

و أنت متى وصلتي .

قبلك بساعة و نصف .. فبعد تحدثي معك هذا الصباح قدمت إلى هنا ..

لوحدك

نعم ..

اهلك ألا يعرفون

لم يعد يهمني احد ، الإنسان الذي أحببته ، ذهب و لن يعد ..

امسحي دموعك .. البكاء لن يعيده ..

لا أعرف ، لا أفهم لماذا فعل هذا ، لماذا انتحر ؟ هل أخطأت في علاقتي معه حتى ينتحر ؟ أم أن هناك أشياء لا أعرفها ؟ كانت وراء هذه المصيبة ؟ أنت الشاهد الوحيد على علاقتنا .

نعم ، أعرف تقريباً كل شيء بحياته ، لكنك لست السبب ، و لن تكوني أبداُ أنت السبب ..

لقد أحببته ، و إنما عشقته ..

أعرف هذا و هو أحبك كثيراً ، كان دائماً يقول أنت نور الله على الأرض ، و قربه منك هي عبادة و تقرب إلى الله ، لقد كان يعبدك ..

منذ عشرة أيام كنا نحتفل بعيد ميلاده ، كان يغني و يرقص بجنون ، و يشرب الخمر بجنون ، و يضحك بجنون كل شيء بجنون .. و حتى نهايته كانت فكرة مجنونة ..

امسحي دموعك ، و دعينا نرجع بعد ساعات ستغيب الشمس و هي الآن تمطر ..

هيا بنا ..



كيف يمكنني أن اروي لكم عنه ، و قد دخل في غابات النسيان ، بموته الذي اختاره قبل الأوان ، في موته غدر لي



كيف يمكن التقاط تفاصيل صداقتنا العذبة ، صداقتنا كانت ممزوجة بالدم ، و الدمع في أوقات الفرح و الحزن و العزلة ...



يتبع



أيهم