King RORO
26/09/2004, 09:56
مع صيحات ديك الجيران التي لم تعرف يوما اجازة مذ سكنت أميمة أو أم البنات كما يدعوها الجميع هذا البيت المتواضع جدا .....فتحت عيناها على دقات فجر جديد ........كأسلافه ......لا تنتظر منه الكثير...
قبلت بناتها الأربع النائمات كملائكة الطهر على يمينها و يسارها...أعادت تدثيرهم بأغطية تقطعت أوصالها...و نهضت كعادتها كل صباح لتبحث عما يسد رمق فلذات كبدها و يبقي على دفء أنفاسهم يوما بيوم.
و في المطبخ الذي قد يوحي بأي شئ عدا طهو الطعام ...بدأت و هي تتعثر بأطباق تناثرت هنا و هناك على أرضيته المتآكلة تنقل ناظريها بين أرجائه تستجدي لقمة فاضت عن لقيمات الأمس أو سلة فيها بعض الخبز الطري تركه بعض أبناء الجان المزعوم وجودهم بين الإنس..
بعد تأمل في أجزاء الفراغ المحيط بالمكان....قنعت بالنتيجة المتوقعة....و خرجت تبحث بين غصينات شجيراتها النائمة و تجمعات القش في فناء البيت عن بيض قد تكون دجاجتها المسنة تركته لها جزاء اهتمامها بها ....رغم القحط المترافق و إياها مذ تخلى عنها زوجها و معيلها الوحيد بعدما تعب من انتظار وريثه ....فالصبي نعمة و البنات نقمة فكيف بأربع بنات....و من سيرث كل هذا الشقاء و الفقر من بعده؟!!
بيضة....نعم إنها بيضة..و أخيرا"......هذه كانت كل حصاد اليوم من الآمال....لا تكفي لكنها تعين على إطعام أفواه لم تشبع في يوم من أيام حياتها الغضة...
تنهدت بحرقة و هي تستذكر كيف حاولت مرارا" دون طائل ان تقنع مأوى الأطفال الموجود في بلدة مجاورة على ان يقوم برعاية ولو احدى بناتها لتتذوق طعم الحياة و تنام مثل ما ينما أطفال الناس بعين قريرة ...لكن الجواب كان يتكرر دوما بانهم لا يستطيعون تبني من مازال أبواه على قيد الحياة...."شيء يدعو للسخرية و هل نعد نحن أحياء ...ما قيمة حياتنا اذا لم نستطع أن نشبع أفواها جائعة أو أن تقيها بردا ما زال يعبث بعظامها الطرية...."
لم تكد تدخل بيتها حتى سمعت نداء جارتها أم هيثم.....و هي تشكو لها حالها مع دجاجاتها المتمردة و التي ترفضن الاباضة في مزرعتها الصغيرة و تتنقلن حول عتبات الجيران.....ما كادت نتتهي من شكواها حتى سارعت أم البنات لتقدم أليها حصاد اليوم قائلة مؤكد هذه تعود لك فدجاجتي لا حول لها ولا قوة...بالكاد تحاول الاستمرار.....لم يرض قلبها الأبيض برغم اسوداد أيامه أن تأخذ ما قد يكون ليس لها رغم أنها وجدت البيضة داخل قن دجاجتها
تهاوت على عتبة الباب ...و هي تستشرف البعيد.....ثم رفعت رأسها بثقل إلى السماء و نادت...لطفك يا رب....أخجل من أن أشكي حالي و أن اعترض على قسمتي ....عفوك يا رب...فأنا راضية قانعة و أحمد فضلك ...لكني أستنجد بعطفك و رحمتك أن تترفق بصغيراتي فهن مكسورات الجناح ولا معيل لهن....ربي يا كريم ...خذ روحي و انثرها لتنبت زرعا يسد رمقهن و يكفيهن ذل الطلب و العوز ربي أنت السميع المجيب....
غابت آخر حروفها في ضبابية من الدموع .....بكت ......و استرخت بتعب و استسلام ليس لان قلبها لا يتسع لصبر الدنيا بأسرها و إنما لأن عمرها الذي يبدو أكبر من حقيقته بأضعاف قد ثقل حمله و ناء به و بصبر عجزت عن احتضانه جبال قريتها...
زخات ربيعية هطلت في غير أوانها .......بينما الشمس كانت تهم بالنهوض من مخدعها.....لكن أم البنات الحالمة بمأوى يضم بناتها و يطعمهن و يعلمهن حتى تستعد كل منهن لأهوال الحياة...أطالت سكينتها و على وجهها المنسكب فوق أكتافها بعض الرجاء..
قبلت بناتها الأربع النائمات كملائكة الطهر على يمينها و يسارها...أعادت تدثيرهم بأغطية تقطعت أوصالها...و نهضت كعادتها كل صباح لتبحث عما يسد رمق فلذات كبدها و يبقي على دفء أنفاسهم يوما بيوم.
و في المطبخ الذي قد يوحي بأي شئ عدا طهو الطعام ...بدأت و هي تتعثر بأطباق تناثرت هنا و هناك على أرضيته المتآكلة تنقل ناظريها بين أرجائه تستجدي لقمة فاضت عن لقيمات الأمس أو سلة فيها بعض الخبز الطري تركه بعض أبناء الجان المزعوم وجودهم بين الإنس..
بعد تأمل في أجزاء الفراغ المحيط بالمكان....قنعت بالنتيجة المتوقعة....و خرجت تبحث بين غصينات شجيراتها النائمة و تجمعات القش في فناء البيت عن بيض قد تكون دجاجتها المسنة تركته لها جزاء اهتمامها بها ....رغم القحط المترافق و إياها مذ تخلى عنها زوجها و معيلها الوحيد بعدما تعب من انتظار وريثه ....فالصبي نعمة و البنات نقمة فكيف بأربع بنات....و من سيرث كل هذا الشقاء و الفقر من بعده؟!!
بيضة....نعم إنها بيضة..و أخيرا"......هذه كانت كل حصاد اليوم من الآمال....لا تكفي لكنها تعين على إطعام أفواه لم تشبع في يوم من أيام حياتها الغضة...
تنهدت بحرقة و هي تستذكر كيف حاولت مرارا" دون طائل ان تقنع مأوى الأطفال الموجود في بلدة مجاورة على ان يقوم برعاية ولو احدى بناتها لتتذوق طعم الحياة و تنام مثل ما ينما أطفال الناس بعين قريرة ...لكن الجواب كان يتكرر دوما بانهم لا يستطيعون تبني من مازال أبواه على قيد الحياة...."شيء يدعو للسخرية و هل نعد نحن أحياء ...ما قيمة حياتنا اذا لم نستطع أن نشبع أفواها جائعة أو أن تقيها بردا ما زال يعبث بعظامها الطرية...."
لم تكد تدخل بيتها حتى سمعت نداء جارتها أم هيثم.....و هي تشكو لها حالها مع دجاجاتها المتمردة و التي ترفضن الاباضة في مزرعتها الصغيرة و تتنقلن حول عتبات الجيران.....ما كادت نتتهي من شكواها حتى سارعت أم البنات لتقدم أليها حصاد اليوم قائلة مؤكد هذه تعود لك فدجاجتي لا حول لها ولا قوة...بالكاد تحاول الاستمرار.....لم يرض قلبها الأبيض برغم اسوداد أيامه أن تأخذ ما قد يكون ليس لها رغم أنها وجدت البيضة داخل قن دجاجتها
تهاوت على عتبة الباب ...و هي تستشرف البعيد.....ثم رفعت رأسها بثقل إلى السماء و نادت...لطفك يا رب....أخجل من أن أشكي حالي و أن اعترض على قسمتي ....عفوك يا رب...فأنا راضية قانعة و أحمد فضلك ...لكني أستنجد بعطفك و رحمتك أن تترفق بصغيراتي فهن مكسورات الجناح ولا معيل لهن....ربي يا كريم ...خذ روحي و انثرها لتنبت زرعا يسد رمقهن و يكفيهن ذل الطلب و العوز ربي أنت السميع المجيب....
غابت آخر حروفها في ضبابية من الدموع .....بكت ......و استرخت بتعب و استسلام ليس لان قلبها لا يتسع لصبر الدنيا بأسرها و إنما لأن عمرها الذي يبدو أكبر من حقيقته بأضعاف قد ثقل حمله و ناء به و بصبر عجزت عن احتضانه جبال قريتها...
زخات ربيعية هطلت في غير أوانها .......بينما الشمس كانت تهم بالنهوض من مخدعها.....لكن أم البنات الحالمة بمأوى يضم بناتها و يطعمهن و يعلمهن حتى تستعد كل منهن لأهوال الحياة...أطالت سكينتها و على وجهها المنسكب فوق أكتافها بعض الرجاء..