-
دخول

عرض كامل الموضوع : صمت رسمي سوري مطبق: هل "توفي" رفعت الأسد في مشفى د


yass
18/09/2004, 12:30
ما زال مصير رفعت الأسد نائب الرئيس السوري الأسبق غامضاً وسط "صمت رسمي مطبق" يلف العاصمة السورية؛ في الوقت الذي حصلت فيه أخبار الشرق على أنباء لم يتسنّ تأكيدها من مصادر حكومية عن "وفاة" الرجل الأكثر إثارة للجدل في سورية خلال العقود الثلاثة الماضية.

فقد ذكر مصدر سوري مطلع في دمشق لأخبار الشرق أن رفعت الأسد (66 عاماً)، شقيق الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وعم الرئيس الحالي بشار الأسد؛ تدهور وضعه الصحي بشكل خطير في أحد مشافي دمشق، حتى أن "مصادر طبية" ألمحت إلى أنه "توفي" في المشفى، بل و"دُفن في مسقط رأسه القرداحة" غرب سورية، في مراسم عائلية خاصة.

وأوضحت "المصادر الطبية" المنقول عنها أن رفعت الأسد عانى في الآونة الأخيرة من مرض دماغي خطير، اشتكى بسببه من طنين متواصل منذ أشهر. ولم تتمكن أخبار الشرق من تأكيد نبأ "الوفاة" من مصادر سورية أخرى، في ظل التعتيم الشديد الذي يحيط بالقضية.

وكانت وكالة أنباء الإمارات "وام" نقلت قبل نحو أسبوعين عن "مصدر سوري مطلع" لم تسمه أن رفعت الأسد أُدخل المشفى نتيجة مرض عضال عانى منه لسنوات، ولم تذكر الوكالة أي تفاصيل حول الوقت الذي أدخل فيه الأسد إلى المشفى بحالة غيبوبة أو حول موعد عودته إلى دمشق من مقر إقامته في أوروبا.

ومنذ ذلك الحين، استمر الشد والجذب بشأن وضع رفعت الأسد الصحي، وسط أنباء تحدثت عن مخاطبة الأخير ابن أخيه رئيس الجمهورية طالباً منه العودة إلى سورية لأنه لا يريد أن يقضي نحبه بعيداً عن بلاده.

ولم تعلق المصادر الرسمية السورية على هذه الأنباء، إلا أن "متحدثاً" باسم رفعت الأسد نفى أن يكون الأخير دخل في غيبوبة إثر مرض خطير. ونقلت صحيفة "إيلاف" الإلكترونية عن نائب رئيس مجلس إدارة فضائية شبكة الأخبار العربية (ANN) التي تبث من العاصمة البريطانية، قاسم مزرعاني قوله: "أؤكد أن هذه المعلومات عارية عن الصحة جملة وتفصيلاً".

بل إن مزرعاني نفى أن يكون رفعت قد دخل سورية أصلاً، وقال: "رفعت الأسد لم يزر سورية أبداً، وهو سيقوم بجولة عربية في وقت قريب". وتابع القول: "نائب الرئيس السوري يتواجد حالياً في ماربيا ذلك المنتجع الإسباني المعروف، وهو (قبل أربعة أسابيع) احتفل مع أسرته بزواج كريمته الصغرى من شاب ينتمي إلى إحدى الأسر السورية، بحضور حشد كبير من الضيوف العرب والأجانب".

واستهجن مزرعاني "هذه الأنباء"، مشيراً إلى أن "من الغريب أن هذه الشائعات تسري منذ ستة أسابيع، والأكثر غرابة أن مصدرها أبوظبي". ولفت مزرعاني إلى أن "هناك صوراً فوتوغرافية حديثة وكذلك أشرطة فيديو للفريق الدكتور الأسد، خلال حفل كريمته، وهي متاحة لأي شخص للاطلاع عليها لإثبات كذب شائعة المرض"، حسب تعبير مزرعاني.

من جانبه؛ نفى وزير الدفاع السوري السابق العماد أول مصطفى طلاس في تصريحات لصحيفة "الرياض" السعودية الثلاثاء أن يكون رفعت الأسد عاد إلى سورية منذ عام 1984 إلا مرة واحدة وهي بعد وفاة شقيقه حافظ الأسد، مؤكداً أنه شخصياً أصدر قراراً بمنعه من دخول البلاد.

وتتنافى هذه التصريحات مع حقيقة دخول رفعت الأسد إلى سورية مرات عديدة منذ مغادرته البلاد وسط الثمانينات بناء على طلب من أخيه الراحل حافظ الأسد. فقد عبرت مصادر سورية عن استغرابها إزاء ما أدلى به طلاس، مؤكدة أن رفعت الأسد دخل إلى سورية "بعد قرار طلاس المزعوم، وحضر مؤتمر حزب "البعث" وانتخب عضواً في القيادة القطرية وعين نائباً للرئيس. ثم خرج بعدد ذلك متوجهاً إلى فرنسا وعاد أواخر عام 1985، ويومها أشعل عناصر سرايا الدفاع سماء دمشق بالرصاص ابتهاجاً بالقائد العائد، ولا بد أن طلاس ما زال يذكر ذلك اليوم المميز. ثم خرج رفعت، وعاد عام 1988 ومكث فترة في القرداحة، ثم طلب منه مغادرتها، بعد أن شعر بعض أركان الحكم بخطره، إذ بدأ يوزع المعونات على الوافدين إليه من قرى الجبل بشكل اعتباطي. ثم عاد عند وفاة والدته السيدة ناعسة عثمان، ومكث فترة طويلة نسبياً، غادر بعدها".

وأضافت المصادر "عند وفاة نجل الرئيس السوري الراحل الأكبر باسل الأسد عام 1994 حضر رفعت الأسد، وظهر على شاشات التلفزة إلى جانب الرئيس في تقبل التعازي، رغم التعليمات التي كانت شددت على عدم تصويره. وزار رفعت الأسد دمشق في عام 1995، أي بعد عام من وفاة باسل، وبسببه أقيل محافظ دمشق محمد أمين أبو الشامات من منصبه، إذ التقاه على مدخل فندق الميريديان وصافحه، كما أنه حاول إعادة نشاطه عبر استقطاب عدد من ضباط السرايا عن طريق منحهم لوحات سيارات فتم تطويق الأمر، وفي تلك السنة شاهده معظم سكان حي المزة وهو يصلي في جوامعها المشهورة مثل جامع الأكرم، لكنه غادر طوعياً بعد أن شعر بالتضييق عليه. ثم حضر أثناء جنازة شقيقه حافظ الأسد. وأخيراً، أتى قبل عام ونصف العام وشوهد في منزله الكائن في حي الشعلان المقابل لمكتب نائب رئيس الجمهورية عبد الحليم خدام، ثم شوهد قبل أيام من اعتداء المزة في بيته على أوتستراد المزة بجانب البيت الذي تم استهدافه من قبل المجموعة المسلحة"، في شهر أيار 2004.

يُشار إلى أن رفعت الأسد غادر سورية في منتصف الثمانينات، إثر خلاف مع شقيقه الرئيس حافظ الأسد، وأنباء عن محاولته الاستيلاء على السلطة عام 1984 أثناء مرض الرئيس. وجُرد رفعت في التسعينات من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية.

وُلد رفعت الأسد في القرداحة ودرس العلوم السياسية بجامعة دمشق. وانضم إلى حزب البعث عام 1952، وأصبح عضواً في القيادة القطرية للحزب بعد نجاح أخيه حافظ الأسد في الاستيلاء على السلطة عام 1970. وهو مؤسس ورئيس "سرايا الدفاع" المتهمة بارتكاب مجزرة تدمر بحق معتقلين سياسيين معظمهم من الإخوان المسلمين (معارضة محظورة) عام 1980 أسفرت عن مقتل نحو ألف معتقل أعزل، وبالمشاركة في مجزرة حماة في شهر شباط من عام 1982 التي راح ضحيتها نحو 30 ألف قتيل من سكان المدينة.

وبقي رفعت الأسد طوال عقود مثيراً للجدل في سورية، بسبب دوره في "القمع" وصورته "القاسية" المرتسمة في أذهان المواطنين، وارتباط كثير من ممارسات القمع باسمه، لا سيما أن "سرايا الدفاع" التي حُلّت في الثمانينات؛ اتُّهمت بقمع المدنيين في شوارع المدن السورية إبان أحداث المواجهات الدامية بين حزب البعث العربي الاشتراكي وبين جماعة الإخوان المسلمين بين عامي 1979 و1982.

وكان رفعت الأسد مهدداً بملاحقة قضائية في أوروبا حيث مقر إقامته منذ نحو عقدين؛ بعد أن خسر قضية قذف رفعها ضد الصحفي السوري المعارض نزار نيوف الذي اتهمه في برنامج تلفزيوني مباشر بالمسؤولية عن مجزرة تدمر.
دمشق - أخبار الشرق (خاص)