yass
16/09/2004, 10:34
بقلم: ناصح أمين *
أخبار الشرق - 15 أيلول 2004
كيفما قلبنا النظام السوري فلن يخرج معنا إلا هذا الثالوث الذي يسيطر على على مقدرات البلاد والعباد. وفي ظل هذا الثالوث أصبح النظام البعثي في سورية وبامتياز صانعاً لمعاناة الشعب لأنه أخطر ثالوث يصيب المجتمع ويقف عثرة في طريق تقدمه ونهضته، ويقف في وجه أي محاولة لتشكيل المجتمع المدني ويحبط أي أمل في عملية البناء الحضاري الشامل، كما أنه يجعل الشعب قطيعاً لا همّ لهم إلا البحث عن لقمة العيش فينحسر الوعي وينتشر الجبن والخنوع وتنعدم الشجاعة للدفاع عن الحريات الأساسية للانسان.
في ظل هذا الثالوث انعدمت كل قيم الحرية والديمقراطية إلا ديمقراطية واحدة هي: أنت حر في أن تقول ما أريد! فالاستبداد في بلادنا - بفضل النظام الحاكم - أصبح مسيطراً على أبسط الأمور، حتى في طلبات القبول الجامعية، بل حتى في عقود الزواج. أما الظلم فانه اغتال كل ماهو جميل في المجتمع اغتيالاً مادياً ومعنوياً، إذ انتفت العدالة والحرية والكرامة وأصبحت المناصب والوظائف حكرا ًعلى شريحة معينة لا تغدو أن تكون مجموعة من الباغين والنخاسين، وتم إقصاء الفرد والمجتمع عن المساهمة في ممارسة عملية البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاخلاقي.
أما الفساد الاقتصادي والمالي والاداري فحدث عنه ولا حرج، فأصبحت سورية مضرب المثل بل في مقدمة الدول في هذا المجال، فانتشرت الرشوة واختلست أموال الشعب ومقدرات البلاد من قبل "مافيا" مدعومة من قبل النظام. وعندما يستشري الفساد الاقتصادي الذي هو مكمن الداء لانه يمهد للاستبداد والظلم وكل من يقف بوجه هذا الفساد؛ يُقال عليك أن تقبل بالواقع (شر لا بد منه)!
لقد رسخ هذا الثالوث في سورية فكرة الحزب الواحد والقائد الأوحد، وكل من تحدثه نفسه بالاعتراض ليس أمامه إلا الاعتقال أو القتل أو النفي والحرمان من كل الحقوق المدنية، بينما المافيا المنظمة ترتع في مقدرات البلاد والعباد.
وفي ظل هذا النظام يتمكن "عريف المباحث" رفعت الأسد من الوصول الى أعلى المناصب ويمتلك الملايين (كازينو ضخم في مالطا - فندق في مارسيليا - مصنع إسمنت في بيروت الشرقية - مطبعة في عمان - دار نشر في باريس - مؤسسة إعلامية في لندن - قصر ضخم في ضواحي واشنطن - عدد كبير من الاسهم في النفق البريطاني الفرنسي - .. والمخفي أعظم) وكل ذلك "ورثه عن أبويه"؟!!
وفي ظل هذا الثالوث تظهر مواهب جميل علي الأسد، فيدخل مجلس الشعب ويصبح عضواً في المؤتمر القومي الثاني عشر لمنظمة البعث سنة 1975 وفي سنة 1985 يؤسس "جمعية المرتضى" الدينية، وبما "ورّثه أبوه" أصبح مالكاً لأضخم مؤسسة للاستيراد والتصدير بإدارة ولده الأكبر فواز.
وفي ظل هذا الثالوث يصبح علي دوبا من الأثرياء ويمتلك قصراً في قريته بكلفة 112 مليون ليرة سورية.
أما آل مخلوف وسيطرتهم على كثير من الأنشطة الاقتصادية المهمة فحدث عنها ولا حرج.
وفي ظل هذا الثالوث؛ يُعدّل الدستور، على مقاس شخص بعينه، لتصبح البلاد الجملكية العربية السورية.
إنه داء الاستبداد والظلم والفساد. في ظله نرى المعجزات وتنقلب المفاهيم؛ حيث تنشأ الطبقة التي تملك كل شيء وتتسع طبقة المستبدين المنتفعين وتذوب السلطات وتُداس القوانين بالأقدام وتكثر الأجهزة الأمنية وتزداد مساحة الخوف والرعب وتصبح الديمقراطية تأصيلاً للدكتاتورية والحكم الشمولي وعلاقة الزعيم مع الشعب هي علاقة القهر والظلم.
وحيال هذا الثالوث فإن كل الشرفاء والأحرار والمخلصين مدعوون ليقفوا بوجهه بكل حزم وشجاعة لان مستقبل البلاد أصبح في خطر. ولا تقل خطورة هذا "الثالوث" على البلاد من خطورة العدو المتربص؛ فكلاهما خطر علينا، ويجب التخلص من السوس الذي ينخر فينا. فلننظف بيتنا الداخلي لتصبح لدينا جبهة شعبية قوية ومتراصة قادرة على الوقوف في وجه أي اعتداء خارجي.
إن الاستبداد هو العدو الاول والعائق أمام أي نهضة وتقدم، فلا يفيد معه إلا الحزم والشجاعة، أما الليونة مع الاستبداد .. فسلاح الضعيف.
__________
* كاتب سوري - ألمانيا
أخبار الشرق - 15 أيلول 2004
كيفما قلبنا النظام السوري فلن يخرج معنا إلا هذا الثالوث الذي يسيطر على على مقدرات البلاد والعباد. وفي ظل هذا الثالوث أصبح النظام البعثي في سورية وبامتياز صانعاً لمعاناة الشعب لأنه أخطر ثالوث يصيب المجتمع ويقف عثرة في طريق تقدمه ونهضته، ويقف في وجه أي محاولة لتشكيل المجتمع المدني ويحبط أي أمل في عملية البناء الحضاري الشامل، كما أنه يجعل الشعب قطيعاً لا همّ لهم إلا البحث عن لقمة العيش فينحسر الوعي وينتشر الجبن والخنوع وتنعدم الشجاعة للدفاع عن الحريات الأساسية للانسان.
في ظل هذا الثالوث انعدمت كل قيم الحرية والديمقراطية إلا ديمقراطية واحدة هي: أنت حر في أن تقول ما أريد! فالاستبداد في بلادنا - بفضل النظام الحاكم - أصبح مسيطراً على أبسط الأمور، حتى في طلبات القبول الجامعية، بل حتى في عقود الزواج. أما الظلم فانه اغتال كل ماهو جميل في المجتمع اغتيالاً مادياً ومعنوياً، إذ انتفت العدالة والحرية والكرامة وأصبحت المناصب والوظائف حكرا ًعلى شريحة معينة لا تغدو أن تكون مجموعة من الباغين والنخاسين، وتم إقصاء الفرد والمجتمع عن المساهمة في ممارسة عملية البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاخلاقي.
أما الفساد الاقتصادي والمالي والاداري فحدث عنه ولا حرج، فأصبحت سورية مضرب المثل بل في مقدمة الدول في هذا المجال، فانتشرت الرشوة واختلست أموال الشعب ومقدرات البلاد من قبل "مافيا" مدعومة من قبل النظام. وعندما يستشري الفساد الاقتصادي الذي هو مكمن الداء لانه يمهد للاستبداد والظلم وكل من يقف بوجه هذا الفساد؛ يُقال عليك أن تقبل بالواقع (شر لا بد منه)!
لقد رسخ هذا الثالوث في سورية فكرة الحزب الواحد والقائد الأوحد، وكل من تحدثه نفسه بالاعتراض ليس أمامه إلا الاعتقال أو القتل أو النفي والحرمان من كل الحقوق المدنية، بينما المافيا المنظمة ترتع في مقدرات البلاد والعباد.
وفي ظل هذا النظام يتمكن "عريف المباحث" رفعت الأسد من الوصول الى أعلى المناصب ويمتلك الملايين (كازينو ضخم في مالطا - فندق في مارسيليا - مصنع إسمنت في بيروت الشرقية - مطبعة في عمان - دار نشر في باريس - مؤسسة إعلامية في لندن - قصر ضخم في ضواحي واشنطن - عدد كبير من الاسهم في النفق البريطاني الفرنسي - .. والمخفي أعظم) وكل ذلك "ورثه عن أبويه"؟!!
وفي ظل هذا الثالوث تظهر مواهب جميل علي الأسد، فيدخل مجلس الشعب ويصبح عضواً في المؤتمر القومي الثاني عشر لمنظمة البعث سنة 1975 وفي سنة 1985 يؤسس "جمعية المرتضى" الدينية، وبما "ورّثه أبوه" أصبح مالكاً لأضخم مؤسسة للاستيراد والتصدير بإدارة ولده الأكبر فواز.
وفي ظل هذا الثالوث يصبح علي دوبا من الأثرياء ويمتلك قصراً في قريته بكلفة 112 مليون ليرة سورية.
أما آل مخلوف وسيطرتهم على كثير من الأنشطة الاقتصادية المهمة فحدث عنها ولا حرج.
وفي ظل هذا الثالوث؛ يُعدّل الدستور، على مقاس شخص بعينه، لتصبح البلاد الجملكية العربية السورية.
إنه داء الاستبداد والظلم والفساد. في ظله نرى المعجزات وتنقلب المفاهيم؛ حيث تنشأ الطبقة التي تملك كل شيء وتتسع طبقة المستبدين المنتفعين وتذوب السلطات وتُداس القوانين بالأقدام وتكثر الأجهزة الأمنية وتزداد مساحة الخوف والرعب وتصبح الديمقراطية تأصيلاً للدكتاتورية والحكم الشمولي وعلاقة الزعيم مع الشعب هي علاقة القهر والظلم.
وحيال هذا الثالوث فإن كل الشرفاء والأحرار والمخلصين مدعوون ليقفوا بوجهه بكل حزم وشجاعة لان مستقبل البلاد أصبح في خطر. ولا تقل خطورة هذا "الثالوث" على البلاد من خطورة العدو المتربص؛ فكلاهما خطر علينا، ويجب التخلص من السوس الذي ينخر فينا. فلننظف بيتنا الداخلي لتصبح لدينا جبهة شعبية قوية ومتراصة قادرة على الوقوف في وجه أي اعتداء خارجي.
إن الاستبداد هو العدو الاول والعائق أمام أي نهضة وتقدم، فلا يفيد معه إلا الحزم والشجاعة، أما الليونة مع الاستبداد .. فسلاح الضعيف.
__________
* كاتب سوري - ألمانيا