Nasserm
03/11/2009, 15:46
بذرة... ثمرة... شجرة
((أ)): لستُ أنسى ما قاله أمامنا، يومًا ما، أستاذ علم الأحياء.
(ب): ما الذي يدفعك إلى تذكُّره؟
((أ)): بالأمس، قسمتُ حبّة برتقال نصفين لأعصرها، فانتبهت إلى أنّه ليس فيها سوى بذرة واحدة.
(ب): فـَ...
((أ)): فعادت بي ذاكرتي إلى المرحلة الثانويّة...
(ب): "كنّا، ما أجمل ما كنّا"... أَفصِحْ! ماذا قال أستاذكم؟
((أ)): قال آنذاك، أثناء إحدى حصصه التعليميّة، مازجًـا المعلومة الجادّة بالمزاح والفكاهة، قال إنّ شجرة التفّاح -على سبيل المثال، لا الحصر- لا تَصوغ ثمارَها كي تأتي حضرتك فاغرًا فاك ملتهمًا متلمّظًا! الشجرة لا تفكّر فيك ولا تضعك ضمن حساباتها. الشجرة تفعل كلّ ذاك كيما تضمن بقاء نوعها.
(ب): أفْصِحْ، أَبِنْ!
((أ)): قصد بذلك أنّ الثمرة عينها تتضمّن بذورًا، وأنّها (الثمرة) هي البيت الصغير الحامي، أو الدرع الواقي الذي تقوم الشجرة ببنائه حول بذورها. فالشجرة، كما تعلم أنت -على ما أَعْلَم أنا!-، الشجرةُ بذرةُ الأمس، والبذرة شجرة الغد. وواجب الشجرة تجاه ذاتها، تجاه استمرار وجودها، أن توفّر لامتداداتها حمايةً.
(ب): وماذا بعد؟
((أ)): أمتذمّرٌ، أم مستخفّ؟! يا أخي المفروضَ علَيَّ، لاحظْ أنّ هذا الدرع الواقي هو في حدّ ذاته مُجمَّعُ فوائد لابن آدم وللطير ولسواهما من أبناء الحياة! الشجرة لا تتعمّد تقديمَ الفائدة لك، ورغم ذاك تَراهها تفيدك أنت وغيرك. في محاولتها ضمانَ بقائها، تُحْيي ذاتَها وسواها معًا.
(ب): عطاء غير مقصود!
((أ)): ربّما كان من أجمل ما فيه أنّه غير مقصود. عطاءٌ فطريٌّ منبعثٌ من داخل المعطي، بلا حدود، وبلا تحديد.
(ب): والعِبرة...؟!
((أ)): العِبرة؟! كن شجرة!
(ب): أنا...؟! شجرة؟!
((أ)): لا حول ولا... أجل، كن شجرة، لا لوحًا!
حنا نور الحاج - عبلّين - الجلّيل - فلسطين
((أ)): لستُ أنسى ما قاله أمامنا، يومًا ما، أستاذ علم الأحياء.
(ب): ما الذي يدفعك إلى تذكُّره؟
((أ)): بالأمس، قسمتُ حبّة برتقال نصفين لأعصرها، فانتبهت إلى أنّه ليس فيها سوى بذرة واحدة.
(ب): فـَ...
((أ)): فعادت بي ذاكرتي إلى المرحلة الثانويّة...
(ب): "كنّا، ما أجمل ما كنّا"... أَفصِحْ! ماذا قال أستاذكم؟
((أ)): قال آنذاك، أثناء إحدى حصصه التعليميّة، مازجًـا المعلومة الجادّة بالمزاح والفكاهة، قال إنّ شجرة التفّاح -على سبيل المثال، لا الحصر- لا تَصوغ ثمارَها كي تأتي حضرتك فاغرًا فاك ملتهمًا متلمّظًا! الشجرة لا تفكّر فيك ولا تضعك ضمن حساباتها. الشجرة تفعل كلّ ذاك كيما تضمن بقاء نوعها.
(ب): أفْصِحْ، أَبِنْ!
((أ)): قصد بذلك أنّ الثمرة عينها تتضمّن بذورًا، وأنّها (الثمرة) هي البيت الصغير الحامي، أو الدرع الواقي الذي تقوم الشجرة ببنائه حول بذورها. فالشجرة، كما تعلم أنت -على ما أَعْلَم أنا!-، الشجرةُ بذرةُ الأمس، والبذرة شجرة الغد. وواجب الشجرة تجاه ذاتها، تجاه استمرار وجودها، أن توفّر لامتداداتها حمايةً.
(ب): وماذا بعد؟
((أ)): أمتذمّرٌ، أم مستخفّ؟! يا أخي المفروضَ علَيَّ، لاحظْ أنّ هذا الدرع الواقي هو في حدّ ذاته مُجمَّعُ فوائد لابن آدم وللطير ولسواهما من أبناء الحياة! الشجرة لا تتعمّد تقديمَ الفائدة لك، ورغم ذاك تَراهها تفيدك أنت وغيرك. في محاولتها ضمانَ بقائها، تُحْيي ذاتَها وسواها معًا.
(ب): عطاء غير مقصود!
((أ)): ربّما كان من أجمل ما فيه أنّه غير مقصود. عطاءٌ فطريٌّ منبعثٌ من داخل المعطي، بلا حدود، وبلا تحديد.
(ب): والعِبرة...؟!
((أ)): العِبرة؟! كن شجرة!
(ب): أنا...؟! شجرة؟!
((أ)): لا حول ولا... أجل، كن شجرة، لا لوحًا!
حنا نور الحاج - عبلّين - الجلّيل - فلسطين