sona78
25/10/2009, 18:23
بيار أبي صعب
لا تصدّقوا أن إسرائيل خطر على الأمّة! لا تصدّقوا أن الشعوب العربيّة تشكو من الظلم والاستبداد والتخلّف والجوع والأميّة والفساد والبؤس والضياع والتعصّب والاستلاب والخوف والانغلاق والتبعيّة والحروب العشائريّة ـــــ المذهبيّة ـــــ الأهليّة. لا تدعوا أحداً يعبث بعقولكم، أو يقنعكم بأن مجتمعاتنا تعاني من شرخ حضاري يقف حائلاً بيننا وبين العصر. أعداء الأمة، في الحقيقة، هم ماريا وهيفا وروبي والـ«فور كاتس» وإليسا ونانسي.... وأخيراً بيونسي نولز. والخطر الحقيقي هو الفحشاء والفسق والفجور. ولحسن الحظّ هناك حرّاس بالمرصاد في كل مكان، يسهرون ليل نهار لحمايتنا. وآخر المواجهات كانت في البرلمان المصري يوم الأربعاء (راجع المقال أدناه).
المشكلة أن علينا أن نحتاط كثيراً. أن نغلق النوافذ، ونسدل الستائر، ونمتنع عن فتح أبوابنا، أو التجوّل في الشارع، أو التنفّس، أو إرسال أولادنا إلى المدارس، أو ركوب السيارة، أو الذهاب إلى العمل والسوق، أو السفر، أو قراءة الصحف والمجلات والكتب، أو الاستماع إلى الأغاني، أو مشاهدة العروض والأفلام والفيديو والتلفزيون. وما أدراك ما التلفزيون في زمن الفضائيات. ماذا نقول عن الهاتف الخلوي، مرتع الرذائل الجوّالة؟ والكمبيوتر المشرّع على الهاوية الإلكترونيّة التي ليست سوى تجسيد بوست مودرن للجحيم: نقصد الإنترنت لعنة الله عليه!
يا قوم، إن العدوّ في كلّ مكان، فاحتاطوا ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً. يأتينا عبر ذرات الهواء، يتسرّب من الأثير، يهبط علينا من الزمن الافتراضي. يحاصرنا من كل حدب وصوب: من «روتانا» إلى «ميلودي» و«نغم»، من كليبات «إم تي في» (العالميّة) إلى استعراضات «فاشن تي في»، مروراً بمئات المحطات التي تحمرّ الوجنتان قبل لفظ اسمها. يكمنُ العدوّ في كلّ ما نشاهد ونلمس ونشتري ونرتدي ونقول ونسمع ونرى ونأكل ونشرب. تبّاً لنا، كيف نواصل العيش وسط غابة هائلة من العطور والآهات والنزوات والشهقات والأجساد.
نعم، الجنس في كلّ مكان! والعياذ بالله. إنّه قادر على هتك الأسوار المنيعة، والاستحواذ على العقول، وكسب ودّ الملايين. وإلا كيف تعيش الفضائيّات؟ ويزدهر سوق الفنّ؟ وتنشط حركة السوق؟ كيف نصرّف بضائعنا: من شفرات الحلاقة إلى الرؤوس النوويّة؟
يخامرنا الشك في أن الجماهير الغفيرة غير متنبّهة إلى المخاطر التي تحدق بها. أم أن كل مواطن عربي عميل مزدوج: يتواطأ مع العدوّ في الليل، ثم يهبّ لمحاربته عندما يطلع
الضوء؟ يحضرنا مشهد شهير من فيلم ليوسف شاهين، يصوّر ضابطاً في الجيش المصري، مستسلماً لتهويماته الجنسيّة، في موقع مواجهة متقدم مع الجيش الإسرائيلي. ونتذكّر قولاً للفيلسوف ريجيس دوبريه: «قل لي مما تهرب، أقل لك من أنت».
جريدة الاخبار
لا تصدّقوا أن إسرائيل خطر على الأمّة! لا تصدّقوا أن الشعوب العربيّة تشكو من الظلم والاستبداد والتخلّف والجوع والأميّة والفساد والبؤس والضياع والتعصّب والاستلاب والخوف والانغلاق والتبعيّة والحروب العشائريّة ـــــ المذهبيّة ـــــ الأهليّة. لا تدعوا أحداً يعبث بعقولكم، أو يقنعكم بأن مجتمعاتنا تعاني من شرخ حضاري يقف حائلاً بيننا وبين العصر. أعداء الأمة، في الحقيقة، هم ماريا وهيفا وروبي والـ«فور كاتس» وإليسا ونانسي.... وأخيراً بيونسي نولز. والخطر الحقيقي هو الفحشاء والفسق والفجور. ولحسن الحظّ هناك حرّاس بالمرصاد في كل مكان، يسهرون ليل نهار لحمايتنا. وآخر المواجهات كانت في البرلمان المصري يوم الأربعاء (راجع المقال أدناه).
المشكلة أن علينا أن نحتاط كثيراً. أن نغلق النوافذ، ونسدل الستائر، ونمتنع عن فتح أبوابنا، أو التجوّل في الشارع، أو التنفّس، أو إرسال أولادنا إلى المدارس، أو ركوب السيارة، أو الذهاب إلى العمل والسوق، أو السفر، أو قراءة الصحف والمجلات والكتب، أو الاستماع إلى الأغاني، أو مشاهدة العروض والأفلام والفيديو والتلفزيون. وما أدراك ما التلفزيون في زمن الفضائيات. ماذا نقول عن الهاتف الخلوي، مرتع الرذائل الجوّالة؟ والكمبيوتر المشرّع على الهاوية الإلكترونيّة التي ليست سوى تجسيد بوست مودرن للجحيم: نقصد الإنترنت لعنة الله عليه!
يا قوم، إن العدوّ في كلّ مكان، فاحتاطوا ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً. يأتينا عبر ذرات الهواء، يتسرّب من الأثير، يهبط علينا من الزمن الافتراضي. يحاصرنا من كل حدب وصوب: من «روتانا» إلى «ميلودي» و«نغم»، من كليبات «إم تي في» (العالميّة) إلى استعراضات «فاشن تي في»، مروراً بمئات المحطات التي تحمرّ الوجنتان قبل لفظ اسمها. يكمنُ العدوّ في كلّ ما نشاهد ونلمس ونشتري ونرتدي ونقول ونسمع ونرى ونأكل ونشرب. تبّاً لنا، كيف نواصل العيش وسط غابة هائلة من العطور والآهات والنزوات والشهقات والأجساد.
نعم، الجنس في كلّ مكان! والعياذ بالله. إنّه قادر على هتك الأسوار المنيعة، والاستحواذ على العقول، وكسب ودّ الملايين. وإلا كيف تعيش الفضائيّات؟ ويزدهر سوق الفنّ؟ وتنشط حركة السوق؟ كيف نصرّف بضائعنا: من شفرات الحلاقة إلى الرؤوس النوويّة؟
يخامرنا الشك في أن الجماهير الغفيرة غير متنبّهة إلى المخاطر التي تحدق بها. أم أن كل مواطن عربي عميل مزدوج: يتواطأ مع العدوّ في الليل، ثم يهبّ لمحاربته عندما يطلع
الضوء؟ يحضرنا مشهد شهير من فيلم ليوسف شاهين، يصوّر ضابطاً في الجيش المصري، مستسلماً لتهويماته الجنسيّة، في موقع مواجهة متقدم مع الجيش الإسرائيلي. ونتذكّر قولاً للفيلسوف ريجيس دوبريه: «قل لي مما تهرب، أقل لك من أنت».
جريدة الاخبار