-
دخول

عرض كامل الموضوع : شعارات


sheldi
04/10/2009, 19:03
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////



الصحافي الإنكليزي وزوجته الفلسطينية غادرا بنايتنا بعد طويل إقامة، ونظر السكان القليلون الى الحمالين ينقلون الأثاث القديم والكتب، لتفرغ الشقة الفسيحة في قلب بيروت الذي كان كوسموبوليتياً فصار سياحياً لعابرين لا لون ثابتاً لهم ولا صفة.آخر الجيران المتعاملين مع الكتابة ترك البناية ولن التقيه في الصباح أو في المساء يؤازر واحدنا الآخر.

كانت بيروت مدينة الكتاب والفنانين، ومن بنايتنا انطلقت قصيدة النثر العربية في الطابق الأرضي وعروض الفلامنكو المتطورة في النادي الليلي تحت الأرض. وعلى الرصيف كم بشر بلغات متعددة. لم نكن في عصر استعمار أو انتداب بل في حكم وطني غير متزمت، لا يزعجه التنوع ولا يضيق بفرنسيين لم يلحقوا بجيش بلادهم حين عاد الى بلادهم.

استقلال لبنان كان في وجهه الاجتماعي استمراراً لعهد الانتداب، فلم يطمح الوطنيون الى أبعد من الدولة ومسؤولياتها المدنية وقواها الأمنية وحضورها في المحافل الإقليمية والدولية. بقي جورج سير في بيته المطل على البحر يرسم من الطبيعة ومن خيالاته، وتعود لوحاته كلها الى منبع واحد هو عين المريسة البحرية، وبقي شعراء وفنانون عرب وأجانب يأتون في مواعيدهم الموسمية للعرض والنشر وتبادل الأفكار وحوار الأحاسيس.
لم تستطع زلازل المنطقة كسر السياق المدني المفتوح في لبنان، لا حرب 1948 ولا 1956 ولا 1967. وحدها الحروب الأهلية كسرت المدنيين عندنا ولا تزال، وهي لم تبدأ بإطلاق نار بل بإطلاق هاجس الهوية: صاحب «فرن الاتحاد» سماه «فرن الاتحاد العربي»، وانسحب نعت «العربي» على لافتات المكتبات والأبنية ومخازن الخضار واللحوم والألبان والأجبان ودور النشر.

وبعد ثلاثين سنة من الحروب الأهلية الصامتة والملتهبة حصل تبديل في الكلمة/ الهاجس، فوضع صاحب الفرن لافتته الجديدة «فرن الاتحاد الإسلامي»، ومثله فعل أصحاب المخازن التي تبيع أغذية وأوراقاً بيضاء وكتباً مطبوعة.