-
دخول

عرض كامل الموضوع : تجارة الشهادات الطبية الرخيصة للطلاب السوريين


ayhamm26
03/10/2009, 12:26
جاءت فكرة دراسة وسيم الموصلي لهندسة المعلوماتية في روسيا لعدم وجود هذا الفرع في سورية يومها بالدرجة الأولى وتلبية لتشجيع خاله خريج إحدى الجامعات الروسية إضافة لما تتميز فيه روسيا من تقارب في المعيشة وتكاليف الحياة مع سورية لا أكثر ولا أقل ولم يعتمد وسيم أياً من مكاتب الخدمات الدراسية ولم يلجأ لشراء شهادته الجامعة بحسب تأكيده والتزامه بزمن الإقامة بهدف الدراسة لست سنوات متواصلة، لكنه عندما تقدم لمعادلة شهادته في وزارة التعليم العالي وجد أنها لا تساوي الهندسة المعلوماتية بل العلوم المعلوماتية ويحتاج لما يسمى التجسير حيث يتقدم في كلية المعلوماتية في جامعة دمشق لعدة مواد دراسية ويتخرج فيها فيحصل على شهادته المبتغاة.

بؤرة فساد أكاديمية عالمية
بالطبع وسيم لم يكن ضحية من ضحايا الفساد التعليم العالمي بحسب التقرير الوطني للتعليم العالي والذي لجأت فيه وزارة التعليم العالي إلى عولمة إشكالية تعادل الشهادات الجامعية ضمن ما سمته التعليم العابر للحدود، واعتبرت الوزارة بحسب التقرير الوطني للتعليم العالي إشكالية التعليم العابر للحدود وتعادل الشهادات إحدى القضايا المهمة التي تواجه منظومات التعليم العالي محلياً وإقليمياً وعالمياً وذلك لتعدد إشكالاته وتنوع الجهات المتصلة به، وتطلبه لرؤى وسياسات تواكب المستجدات المتصلة باستشراء ظاهرة الفساد الأكاديمي العالمي، ما يقتضيه ذاك الفساد من عمق في الطرح وحكمة وشجاعة في المعالجة.
كما أرجع التقرير حالات الفساد الأكاديمي إلى العولمة التي عصفت بالعالم وحملت التغيير على أكثر من صعيد، وعملت على خلق بؤر فساد عالمية وتحويل الفساد في التعليم العالي من ظاهرة لا تتجاوز الإطار الفردي أو المحلي في بعض الدول إلى سياق عالمي تنافسي فيه شبكات تعليمية وهمية وعصابات متعددة الجنسيات، تضم أفراداً يعملون في بلدان الدراسة ويملكون ارتباطات داخل البلدان التي يأتي منها الطلاب الدارسون عن طريق مكاتب الخدمات الدراسية في الوطن الأم، ويقومون بالترويج لهذا النمط من الدراسة واجتذاب الطلاب الباحثين عن «فرصة العمر» التي ستؤمن منحهم شهادات عليا بمختلف المسميات والاختصاصات حسب الطلب من البلدان التي تكاثر فيها ما اصطلح على تسميته «طواحين الشهادات» مراهنين على «تساهل» الوزارة في معادلة الشهادة بعد عودتهم إلى وطنهم الأم.

المنظومة السوفييتية أساس المشكلة

وتعاني منظومة التعليم العالي في سورية بشكل خاص من هذه الظاهرة لأسباب عديدة تعود في أهمها إلى موجات الطلاب التي اعتادت أن تتوجه للدراسة في الخارج وعلى الأخص في دول منظومة الاتحاد السوفييتي سابقاً واستمرت في هذا التوجه خلال العقد الماضي حتى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي بدافع الحصول على فرص لدراسة الفروع التي يرغبون فيها وفي مقدمتها العلوم الطبية.
نظراً لما سبق من حالات الفساد العالمي بحسب التقرير الوطني للتعليم العالي وبخاصة ما يتعلق بالشهادات الطبية فقد اتخذت وزارة التعليم العالي مجموعة من الإجراءات للتصدي لما اسمته «الغزو» الذي يهدد ما سمته أيضاً «الأمن التعليمي»، وتبنت حزمة من الآليات والاستراتيجيات التي عملت بدأب ومنذ عام 2006 على تطويرها لمواجهة التحدي وأعطت الشهادات الطبية أولوية خاصة نظراً لانعكاسه المباشر على جودة الخدمات المقدمة في إطار الصحة العامة وما لهذا من أثر على المجتمع، وكذلك للإقبال الشديد على هذه الاختصاصات من قبل شريحة من طلاب سوريين لا يحوزون مقومات دراسة هذه الاختصاصات في جامعات القطر.
كما تولت وزارة التعليم العالي مهمة إجراء الامتحانات التقويمية بهدف معادلة الشهادات الطبية غير السورية منذ عام 2005 بعد أن كانت هذه المهمة منوطة بوزارة الصحة، ويعد النجاح في الامتحان التقويمي الوطني شرطاً لازماً وغير كاف لمعادلة الشهادات غير السورية في العلوم الطبية «الطب، طب الأسنان، الصيدلة» للتقدم إلى امتحان تقديم وثائق دراسية صارمة تثبت مواظبة الطالب على الدراسة في بلد الجامعة ولكامل الفترة المخصصة.
ولتنسيق ما سبق من امتحانات وحفظ وثائق الدراسة وتحديد آليات القبول والتعادل أحدثت وزارة التعليم العالي مديرية سمتها مديرية التقويم والاعتماد هدفت لمأسسة الامتحان التقويمي الخاص بخريجي الجامعات غير السورية وإجرائه على أسس موضوعية تعتمد الخيارات المتعددة وتضمن قياس الكفاءات والمعارف الأساسية للخريج، وأصدرت الوزارة إحصائيات مفصلة بأعداد المتقدمين ونسب النجاح في الامتحان التقويمي للدورات الامتحانية الست التي أجرتها الوزارة في عامي 2007 و2008.

مكاتب خدمات دراسة غير شرعية
وبخصوص أصول ما سماه التقرير الفساد العالمي للتعليم العالي والشبكات المتعددة الجنسيات وتورط بعض مكاتب الدراسات والجامعات المحلية فيها، فقد عمدت الوزارة إلى إغلاق جميع مكاتب الخدمات الدراسية المرخص لها سابقاً، غير أن المشكلة لا تزال قائمة بوجود مكاتب غير مرخصة تمارس نشاطاتها وتروج لمستويات رديئة من التعليم الجامعي خارج البلاد وتمارس أدواراً تضليلية بحق الطلاب السوريين في الجامعات غير المحلية عبر عمليات سمسرة وتواطؤ بالاشتراك مع شبكات خارجية تعمل على تأمين القبول للطلاب في مؤسسات غير معتمدة أو حتى معترف بها في بلدانها.
وجاءت الإجراءات الاحترازية لوزارة التعليم العالي لمواجهة هذه الظاهرة بتعميمها لتوجيهات إرشادية للطلبة الدارسين خارج سورية وأصدرت مطويات توزع مجاناً وتغطي كافة جوانب تعادل الشهادات والامتحان التقويمي، كما أصدرت الوزارة دليلاً للجامعات غير السورية المعترف بها من قبل الوزارة وتعمل على تحديثه بشكل دائم، كما تم ربط تعادل الشهادات باعتمادية الجامعات لجميع الخريجين.

أكثر من 3000 خريجو رابطة الدول المستقلة


واللافت أن عمل هؤلاء يتركز على دول محددة مثل رابطة الدول المستقلة وعلى الأخص أوكرانيا، روسيا، مولدافيا، أرمينيا، روسيا البيضاء، أوزباكستان، كازاخستان، وقيرغيزستان، ويبن التقرير أن مجموع المتقدمين إلى الامتحان التقويمي الوطني من خريجي تلك الدول بلغ 3167 خريجاً في العلوم الطبية فقط ليمثلوا 65% من المجموع الكلي للطلاب المتقدمين، علماً أن هذا العدد لا يشمل الأعداد المتراكمة من الخريجين الذين لم يحققوا شروط التقدم إلى الامتحان بسبب مخالفتهم للشروط التوثيقية وخاصة شرط الإقامة في بلد الدراسة.
قد تكون حكاية الدول الاشتراكية سابقا أساس المشكلة فعلا ولكن المكاتب الدراسية غير الشرعية العاملة لا تلعب الدور الكامل ورغم ذلك لا بد من مكافحتها فما الآلية المتبعة لذلك؟ ولماذا لا يزال طلاب سورية يرغبون بالدراسة في الخارج؟ هل لسهولته أم لرخص تكاليفه مقارنة مع الجامعات الخاصة؟ وما تقييم وضع خريجي رابطة الدول المستقلة القدماء من أطباء وصيادلة وهل فعلا يجب الحكم عليهم بالإعدام المهني؟
المصدر:صحيفة الوطن السورية