sheldi
15/09/2009, 20:06
توفي الليلة قبل الماضية، نورمان بورلوغ، عالم النباتات الذي فعل أكثر من أي شخص آخر في القرن العشرين لتعليم العالم كيف يطعم نفسه، والذي يعزى إليه الفضل في إنقاذ مئات الملايين من الأرواح. وقد توفي، عن 95 عاما، وكان يعيش في دالاس. وقالت كاثلين فيلبيس، المتحدثة باسم جامعة «تكساس ايه آند ام»، حيث كان الدكتور بورلوغ يعمل منذ عام 1984 إن مضاعفات مرض السرطان كانت هي سبب الوفاة.
وقد قادت اكتشافات بورلوغ في مجال زراعة النباتات إلى نجاحات كبيرة في زيادة إنتاج الطعام في دول أميركا اللاتينية وآسيا وقد لاقت ترحيبا دوليا كبيرا. وفي عام 1970 حصل على جائزة نوبل للسلام. وقد وصف بورلوغ، على نطاق واسع، بأنه الأب الروحي للحركة الزراعية الواسعة والتي كانت تسمى «الثورة الخضراء»، على الرغم من أنه كان مترددا في قبول هذا اللقب. وكان لعمل بورلوغ أثر كبير على حياة ملايين الناس في الدول النامية. وقد ساعد نشاطه في مجال زراعة المحاصيل ذات الإنتاجية العالية والمتنوعة على تجنب المجاعات الشاملة التي كان من المتوقع حدوثها في حقبة الستينات من القرن الماضي، فغير بذلك مسار التاريخ. وبسبب عمله، تحولت الدول التي كانت تعاني من نقص الغذاء مثل المكسيك والهند إلى دول مكتفية ذاتيا في مجال إنتاج الحبوب النباتية. وقالت لجنة جائزة نوبل عند تقديم جائزة السلام له إنه «قد ساعد على توفير الغذاء للجوعى في العالم كله أكثر من أي شخص آخر في هذا العصر. وقد اخترناه أملا في أن يعمل توفير الطعام على إتاحة السلام أيضا». وفي يوم إعلان الجائزة، كان بورلوغ يبلغ من العمر 56 عاما وكان نشيطا ونحيل الجسد، وكان يعمل في حقل قمح خارج مدينة مكسيكو عندما جاءت إليه زوجته مارغريت لتخبره بالخبر فقال لها «لا بد أن أحدهم يمزح معك»، حسبما أفاد أحد كتاب سيرته الذاتية، ليون هيسر. ولكن عندما أكدت له زوجته صحة الخبر، واصل العمل وقال لها إنه سيحتفل بذلك لاحقاً.
وعندما سافر إلى النرويج، بلد أجداده، لتسلم الجائزة، حذر جمهور المستمعين من أن الصراع ضد الجوع لم ينته بعد. وقال «ربما نكون في موقف جيد اليوم، لكن ذلك قد يتغير إذا تراخينا وقلت جهودنا». وقد صدق توقعه مرتين، الأولى في السبعينات والثانية في عام 2008، عندما قلت كميات الغذاء وارتفعت الأسعار وتسبب ذلك في اضطراب عالمي. وقد جاءت جائزة نوبل تتويجا لجهوده الحثيثة التي بدأت عندما كان طفلا صغيرا يشب في إحدى مزارع ولاية ايوا الأميركية، وكان يتساءل عن السبب في أن بعض النباتات تنمو بصورة أفضل في بعض الأماكن عنها في أماكن أخرى. ولم يكن بورلوغ يبحث عن الرقي الوظيفي، فقد بدأ في العمل مع قرب انتهاء الحرب العالمية الثانية وترك وظيفة واعدة في شركة كيميائية تدعى «دو بونت»، ليحصل على أخرى في مكسيكو حيث كان يساعد المزارعين على تحسين جودة محاصيلهم. وكانت هذه الوظيفة جزءا من حملته للقضاء على الجوع في مكسيكو وقد بدأت في مكاتب مؤسسة روكفيلر في مانهاتن، مع الدعم السياسي في واشنطن. لكنها لم تكن وظيفة تقود إلى الشهرة أو المجد. ومع رؤيته للموقف في مكسيكو، فإنه كان يعمل في وضع مأساوي. فقد كانت التربة المكسيكية مستنفدة وكانت المحاصيل تصاب بالأمراض وكانت إنتاجيتها منخفضة ولم يكن المزارعون قادرين على إطعام أنفسهم فضلا عن تطوير أراضيهم. وكانت السنوات التالية سنوات كدح وحرمان، حيث كان بورلوغ وزملاؤه يعملون على تحسين إنتاجية الأراضي وتنويعها. كان يقضي الساعات تحت أشعة السماء المحرقة، وليعمل على إسراع العمل، قام بإعداد عمليات في الشتاء والصيف في أجزاء بعيدة في المكسيك، حيث كان يسافر آلاف الأميال على الطرق الوعرة. وكان يكافح المرض ويخوض الأنهار وكان ينام في بعض الأحيان داخل الخيام. وكان في ذلك الوقت يحمل درجة الدكتوراه في أمراض النباتات. ومع بحثه عن إنتاج أفضل للقمح في المكسيك، كان يعتمد على حدس المزارع الذي نشأ في مزرعة لمعرفة جودة التربة والنبات. كان نورمان يعمل في جامعة مينيوسوتا أثناء فترة «الكساد الكبير». وكان قد درس الغابات لكنه وقع في غرام أمراض النباتات بتأثير من خبير يدعى إلفين سي ستاكمان والذي شجعه على ذلك. وبعد حصوله على درجة الدكتوراه في هذا المجال، حصل على وظيفة في شركة «دو بونت» عام 1942 وعمل على مكونات كيميائية مفيدة في الحرب. لكن البروفيسور ستاكمان أقنعه بالالتحاق بمشروع مكافحة الجوع في المكسيك والخاص بمؤسسة روكفيلر عام 1944. وكان الهدف الرئيس لبورلوغ هو الوصول إلى أنواع مختلفة من القمح توائم المناخ في المكسيك ويمكن أن تقاوم أشد أنواع أمراض القمح وهو نوع من الفطريات يسمى الصدأ. وقد استطاع الوصول إلى ذلك خلال سنوات قليلة من خلال خلط القمح المكسيكي بأنواع أخرى مقاومة للصدأ من أماكن أخرى. قد كان إصراره على الزراعة في مكانين، الأول هو صحراء سونوران في الشتاء والثاني هو المرتفعات الوسطى في الصيف، سببا في فرض أعباء ثقيلة عليه وعلى فريقه، لكنه كان سببا في تقليل الوقت الذي يتطلبه إنجاز العمل إلى النصف. وبنوع من الحظ، كانت هذه الاستراتيجية سببا في إنتاج أنواع من القمح غير حساسة لطول النهار وبذلك يمكنها النمو في العديد من الأماكن، وهو الأمر الذي سيتضح بعد ذلك أنه كان ذا أهمية كبرى. وقد فاز فريق روكفيلر بصورة تدريجية بالموافقة من قبل المزارعين المكسيكيين على زراعة أنواع مختلفة، كما قفز إنتاج القمح في هذا البلد بصورة ملحوظة. لكن هذه الإنجازات أصبحت مجرد استهلال لإنجازات بورلوغ الكبرى. في أواخر الأربعينات، أدرك الباحثون أن باستطاعتهم تحقيق إنتاجية عالية من القمح من خلال إعطاء النباتات أسمدة كيماوية توفر لها كميات كبيرة من النيتروجين وقد كان نقصه السبب الرئيس في نقص نمو النبات. لكن هذه الاستراتيجية كانت لها حدود صارمة: فعند مستوى معين من إعطاء السماد، كانت رؤوس البذور التي تحتوي على حبوب القمح تكبر كثيرا وتصبح ثقيلة مما يجعل النبات يسقط ويفسد المحصول. وفي عام 1953، بدأ بورلوغ العمل على أنواع من القمح تحتوي على جينات غير عادية، وكان لها تأثير على انكماش القمح وجعله مكتنزا وممتلئا. ومع ذلك فإن رؤوس البذور لم تنكمش وهو ما يعني أن النبات الصغير يمكن أن ينتج كميات كبيرة كذلك.
وقد قام بورلوغ وفريقه بتحويل الجين إلى قمح استوائي. وعندما تم استخدام مستويات أعلى من الأسمدة على هذه النباتات «شبه القزمة» كانت النتائج مبهرة. فقد أنتجت النباتات رؤوسا كبيرة من الحبوب ومع ذلك فقد كان جسمها صلبا وقصيرا وهو الأمر الذي جعلها تحمل الثقل دون الوقوع. وعلى نفس المساحة من الأرض أصبح إنتاج القمح ثلاثة أو أربعة أضعاف ما تنتجه نفس المساحة. وبعد ذلك طبقت الفكرة نفسها على الأرز، وهو المحصول الرئيس لنحو نصف سكان الأرض، فتضاعف إنتاجه كذلك.
وقد كان ذلك المبدأ الغريب لزيادة المحصول من خلال العمل على انكماش النبات هو الرؤية الأساسية للثورة الخضراء، وكان أثرها هائلا. وفي بداية الستينات، قام عدد كبير من المزارعين في المكسيك بتطبيق اكتشافات وبرنامج بورلوغ للزراعة وتضاعف الإنتاج ست مرات عن إنتاج الأربعينات. وبدأت الطلبات من جانب الدول الفقيرة الأخرى للاستفادة من هذه التجربة.
وقد قادت اكتشافات بورلوغ في مجال زراعة النباتات إلى نجاحات كبيرة في زيادة إنتاج الطعام في دول أميركا اللاتينية وآسيا وقد لاقت ترحيبا دوليا كبيرا. وفي عام 1970 حصل على جائزة نوبل للسلام. وقد وصف بورلوغ، على نطاق واسع، بأنه الأب الروحي للحركة الزراعية الواسعة والتي كانت تسمى «الثورة الخضراء»، على الرغم من أنه كان مترددا في قبول هذا اللقب. وكان لعمل بورلوغ أثر كبير على حياة ملايين الناس في الدول النامية. وقد ساعد نشاطه في مجال زراعة المحاصيل ذات الإنتاجية العالية والمتنوعة على تجنب المجاعات الشاملة التي كان من المتوقع حدوثها في حقبة الستينات من القرن الماضي، فغير بذلك مسار التاريخ. وبسبب عمله، تحولت الدول التي كانت تعاني من نقص الغذاء مثل المكسيك والهند إلى دول مكتفية ذاتيا في مجال إنتاج الحبوب النباتية. وقالت لجنة جائزة نوبل عند تقديم جائزة السلام له إنه «قد ساعد على توفير الغذاء للجوعى في العالم كله أكثر من أي شخص آخر في هذا العصر. وقد اخترناه أملا في أن يعمل توفير الطعام على إتاحة السلام أيضا». وفي يوم إعلان الجائزة، كان بورلوغ يبلغ من العمر 56 عاما وكان نشيطا ونحيل الجسد، وكان يعمل في حقل قمح خارج مدينة مكسيكو عندما جاءت إليه زوجته مارغريت لتخبره بالخبر فقال لها «لا بد أن أحدهم يمزح معك»، حسبما أفاد أحد كتاب سيرته الذاتية، ليون هيسر. ولكن عندما أكدت له زوجته صحة الخبر، واصل العمل وقال لها إنه سيحتفل بذلك لاحقاً.
وعندما سافر إلى النرويج، بلد أجداده، لتسلم الجائزة، حذر جمهور المستمعين من أن الصراع ضد الجوع لم ينته بعد. وقال «ربما نكون في موقف جيد اليوم، لكن ذلك قد يتغير إذا تراخينا وقلت جهودنا». وقد صدق توقعه مرتين، الأولى في السبعينات والثانية في عام 2008، عندما قلت كميات الغذاء وارتفعت الأسعار وتسبب ذلك في اضطراب عالمي. وقد جاءت جائزة نوبل تتويجا لجهوده الحثيثة التي بدأت عندما كان طفلا صغيرا يشب في إحدى مزارع ولاية ايوا الأميركية، وكان يتساءل عن السبب في أن بعض النباتات تنمو بصورة أفضل في بعض الأماكن عنها في أماكن أخرى. ولم يكن بورلوغ يبحث عن الرقي الوظيفي، فقد بدأ في العمل مع قرب انتهاء الحرب العالمية الثانية وترك وظيفة واعدة في شركة كيميائية تدعى «دو بونت»، ليحصل على أخرى في مكسيكو حيث كان يساعد المزارعين على تحسين جودة محاصيلهم. وكانت هذه الوظيفة جزءا من حملته للقضاء على الجوع في مكسيكو وقد بدأت في مكاتب مؤسسة روكفيلر في مانهاتن، مع الدعم السياسي في واشنطن. لكنها لم تكن وظيفة تقود إلى الشهرة أو المجد. ومع رؤيته للموقف في مكسيكو، فإنه كان يعمل في وضع مأساوي. فقد كانت التربة المكسيكية مستنفدة وكانت المحاصيل تصاب بالأمراض وكانت إنتاجيتها منخفضة ولم يكن المزارعون قادرين على إطعام أنفسهم فضلا عن تطوير أراضيهم. وكانت السنوات التالية سنوات كدح وحرمان، حيث كان بورلوغ وزملاؤه يعملون على تحسين إنتاجية الأراضي وتنويعها. كان يقضي الساعات تحت أشعة السماء المحرقة، وليعمل على إسراع العمل، قام بإعداد عمليات في الشتاء والصيف في أجزاء بعيدة في المكسيك، حيث كان يسافر آلاف الأميال على الطرق الوعرة. وكان يكافح المرض ويخوض الأنهار وكان ينام في بعض الأحيان داخل الخيام. وكان في ذلك الوقت يحمل درجة الدكتوراه في أمراض النباتات. ومع بحثه عن إنتاج أفضل للقمح في المكسيك، كان يعتمد على حدس المزارع الذي نشأ في مزرعة لمعرفة جودة التربة والنبات. كان نورمان يعمل في جامعة مينيوسوتا أثناء فترة «الكساد الكبير». وكان قد درس الغابات لكنه وقع في غرام أمراض النباتات بتأثير من خبير يدعى إلفين سي ستاكمان والذي شجعه على ذلك. وبعد حصوله على درجة الدكتوراه في هذا المجال، حصل على وظيفة في شركة «دو بونت» عام 1942 وعمل على مكونات كيميائية مفيدة في الحرب. لكن البروفيسور ستاكمان أقنعه بالالتحاق بمشروع مكافحة الجوع في المكسيك والخاص بمؤسسة روكفيلر عام 1944. وكان الهدف الرئيس لبورلوغ هو الوصول إلى أنواع مختلفة من القمح توائم المناخ في المكسيك ويمكن أن تقاوم أشد أنواع أمراض القمح وهو نوع من الفطريات يسمى الصدأ. وقد استطاع الوصول إلى ذلك خلال سنوات قليلة من خلال خلط القمح المكسيكي بأنواع أخرى مقاومة للصدأ من أماكن أخرى. قد كان إصراره على الزراعة في مكانين، الأول هو صحراء سونوران في الشتاء والثاني هو المرتفعات الوسطى في الصيف، سببا في فرض أعباء ثقيلة عليه وعلى فريقه، لكنه كان سببا في تقليل الوقت الذي يتطلبه إنجاز العمل إلى النصف. وبنوع من الحظ، كانت هذه الاستراتيجية سببا في إنتاج أنواع من القمح غير حساسة لطول النهار وبذلك يمكنها النمو في العديد من الأماكن، وهو الأمر الذي سيتضح بعد ذلك أنه كان ذا أهمية كبرى. وقد فاز فريق روكفيلر بصورة تدريجية بالموافقة من قبل المزارعين المكسيكيين على زراعة أنواع مختلفة، كما قفز إنتاج القمح في هذا البلد بصورة ملحوظة. لكن هذه الإنجازات أصبحت مجرد استهلال لإنجازات بورلوغ الكبرى. في أواخر الأربعينات، أدرك الباحثون أن باستطاعتهم تحقيق إنتاجية عالية من القمح من خلال إعطاء النباتات أسمدة كيماوية توفر لها كميات كبيرة من النيتروجين وقد كان نقصه السبب الرئيس في نقص نمو النبات. لكن هذه الاستراتيجية كانت لها حدود صارمة: فعند مستوى معين من إعطاء السماد، كانت رؤوس البذور التي تحتوي على حبوب القمح تكبر كثيرا وتصبح ثقيلة مما يجعل النبات يسقط ويفسد المحصول. وفي عام 1953، بدأ بورلوغ العمل على أنواع من القمح تحتوي على جينات غير عادية، وكان لها تأثير على انكماش القمح وجعله مكتنزا وممتلئا. ومع ذلك فإن رؤوس البذور لم تنكمش وهو ما يعني أن النبات الصغير يمكن أن ينتج كميات كبيرة كذلك.
وقد قام بورلوغ وفريقه بتحويل الجين إلى قمح استوائي. وعندما تم استخدام مستويات أعلى من الأسمدة على هذه النباتات «شبه القزمة» كانت النتائج مبهرة. فقد أنتجت النباتات رؤوسا كبيرة من الحبوب ومع ذلك فقد كان جسمها صلبا وقصيرا وهو الأمر الذي جعلها تحمل الثقل دون الوقوع. وعلى نفس المساحة من الأرض أصبح إنتاج القمح ثلاثة أو أربعة أضعاف ما تنتجه نفس المساحة. وبعد ذلك طبقت الفكرة نفسها على الأرز، وهو المحصول الرئيس لنحو نصف سكان الأرض، فتضاعف إنتاجه كذلك.
وقد كان ذلك المبدأ الغريب لزيادة المحصول من خلال العمل على انكماش النبات هو الرؤية الأساسية للثورة الخضراء، وكان أثرها هائلا. وفي بداية الستينات، قام عدد كبير من المزارعين في المكسيك بتطبيق اكتشافات وبرنامج بورلوغ للزراعة وتضاعف الإنتاج ست مرات عن إنتاج الأربعينات. وبدأت الطلبات من جانب الدول الفقيرة الأخرى للاستفادة من هذه التجربة.