sheldi
11/09/2009, 16:58
معظم المناقشات الدائرة حول حسنات وسيئات "العالم الحديث" تبدأ من فرضيات ومسلمات تحتاج إلى المساءلة. منذ مدة طويلة وأنا مسحور بالاختلافات بين عالمنا المعاصر والمجتمعات الأكثر تقليدية، وكذلك بجدة الأفكار والمؤسسات الاغريقية السابقة عليها، او بتلك التي تنتمي إلى ثقافات أخرى. ما هي الأسباب التي تكمن وراء تلك الاختلافات؟ وهل توجد جذور يمكن ردها إليها؟ إن فوائد التحرر الحديث واضحة، وكذلك فظاعته وشروره أيضا. هل من الضروري علينا أن تجعلنا نخسر حريتنا وفوائد التقدم؟ وهل تمثل الفظاعة الثمن الذي ندفعه من أجل الحرية؟ أم أنها تمثل الحواجز والعوائق التي تزحزح ونحن على طريق المضي إلى الحرية الأكثر إكتمالا؟ وهل يجب علينا أن نختار بين الحرية الحديثة وبين المعنى التقليدي؟ من هذه الأسئلة نبعت هذه المقالة، وإنني في حل من الشك بخصوص المسلمات التي تقبع وراء الأسئلة التي بدأت بها. فالحداثة في حاجة الى أن توضع في فضائها وضمن السياق الواسع الذي يجعلها ممكنة، وذلك الذي لا يوصف بواسطة المعيار الحديث. ومن أجل سبر هذه الاستراتيجية التي أستعملها هنا فإنني سوف أستخدم أفكار فيلسوفين ألمانيين وهما هيجل وهيدغر كدليلين.. إن هذين الفيلسوفين قاما برد فعل تجاه العالم الحديث، وذلك حسب نظرة كل واحد منهما، كما أن كل واحد منهما قد رفض التفكير داخل المقولات التي نجدها نحن طبيعية. إنني لا أقدم هنا ملخصا لأفكار هذين الفيلسوفين علما أنني أستمتع بتعقيدات النظام الفلسفي الهيجلي المفكر الأكبر كما يعترف بذلك هيدغر مباشرة، وليس واضحا فيما إذا نحن في حاجة إلى النظم الكبرى. لو كنت في موقع الاختيار لفضلت الممارسة التفكيكية عند هيدغر على حياة هيجل المبررة ولكن من الأفضل لم شتات نظام هيجل وذلك بقصد النظر إلى الوضعيات على نحو أفضل إن أفكار كل من الألمانيين ساحرة بذاتها، وعلى نحو منفرد، غير أنني أتناولها ككل لسبب خاص. على الرغم من أنهما يشتركان في استراتيجية كاملة واحدة لمقاربة الحداثة غير أنهما يصلان إلى نتائج مختلفة إلى حد ما انه بواسطة سبر هذه النتائج والنظر إلى كل من هذين المفكرين من منظور أحدهما الآخر سندرك بشكل أفضل الامكانيات والمخاطر والمآزق التي تتضمنها مقارباتهما.
سأحاول استعمال فكر هيجل وهيدغر لمتابعة تفكيرنا وتعميقه بخصوص العالم الحديث. إنني لست أشرح فقط أفكار هذين الفيلسوفين الألمانيين المتميزين بصعوبة نصوصهما غير أن ثمة امكانية عرضها على نحو معتبر، وغايتي هنا لا تتمثل في تقديم محاجة حاسمة وإنما هدفي هو أن أقنع وأن أقدم المعلومات. والحق أن هدفي هو فتح الامكانيات للتفكير واقتراح وصفات نميز فيها أنفسنا.
بخصوص وصف المسلمات المعيارية المتعلقة بالذوات، والمؤسسات الحديثة، فإنني أبدأ في النظر إلى بعض الكليشيهات العامة، وإلى التحليلات السوسيولوجية لكل من بيتر بريجر، وماكس فيبر. إن الجانب المعين للحداثة الذي يشغلني يتمثل في فكرة الذات "النفس" المبعدة، والمعرفة شكليا على أساس قوتها، أي امتلاكها لقوة الاختيار، وتكمن هذه الفكرة خلف الشعور بأن الفرد يصبح حديثا عندما يعزل القيود "التقييدات" الأساسية المفروضة من قبل القيم، وأساليب الحياة التقليدية، أي التقييدات التقليدية التي تقيد الفرد وتحول دونه ودون الدخول إلى حقل الامكانيات الأوسع. إن كلا من هيجل وهيدغر لم يكن يقبل بهذا الوصف البديهي للعوالم التي يدعوانها بالحديثة. ولكن كلا منهما يمكن أن يقولا شيئا أعمق مما يحدث. لا أحد منهما يقبل المأزق المشترك القائم في المناقشات الليبرالية واليمينية "المحافظة" بالولايات المتحدة الأمريكية وهو المأزق الذي يؤكد أنه يجب علينا أن نعود إلى التقليد المقيد، أو إلى تأكيد وتثبيت الفرد الحديث الذي اقتلع من جذوره.
إن كلا من هيجل وهيدغر يرفض المنهجية الفيبرية "نسبة إلى ماكس فيبر" الفردانية على أساس أن الفرد يتغير عبر التاريخ. فالفردانية الحديثة ليست بالجوهر المتجاوز للتاريخ. وهكذا يضع هيجل وهيدغر الحداثة في مكانها. إنهما يضعان الذاتية الحديثة داخل السياق الذي يجعلها ممكنة، ذلك السياق الذي لا يمكن أن يقدم بالصيغ المألوفة في الوصف الذاتي الحديث العادي. إن ثمة شيئا أبعد من علاقة الذات – الموضوع النموذجية والمعروفة وإنه يجب علينا أن ندع هذا الشيء يحدث وأن تقبل الذات الحديثة التي أصبحت ممكنة ضمن سياق أكثر عمقا عندما نعترف بهذا السياق كما هو نجد أنفسنا في حالة قبول حدود الحداثة، وقصورها ولن نعود تواجه الامكانيات المفتوحة بشكل لا نهائي والتي تطبع الحداث. إن الفيلسوفين الالمانيين يمارسان هذا النقد على نحو مختلف، إذ نجد عند هيجل نقدا للذاتية الرومانسية، ونقدا للمجتمع الاقتصادي الحديث الذي يدعوه بالمجتمع المدني، وإلى جانب ذلك نجده يقدم مقترحا خاصا بالمجتمع العقلاني ويسميه بالدولة. وخلف هذا يبرز نقده للمقولات الأساسية للحداثة منفذا ياه في كتابه "علم المنطق" حيث قام بدراسة مقولات الشكل والمضمون، والكوني والخاص، واكتشف الشكل المطلفق لحركة الروح الذي هو حافز لنا لكي نملك عالما له معنى.
كما يلاحظ تشالز تايلور أن هيجل ينتقد الذاتية المتناثرة الأجزاء، أي النزعة الذرية التي يتميز بها معيار الحداثة دون أن يسقط في فخ التقابلات الرومانسية المتضادة. هنا هيجل يجنب معيار الملصقات الليبرالية أو المحافظة التي نحب أن ننسبها إلى أولئك الذين يفكرون في الحداثة وحولها. لا أعتقد أنه يمكن فهم نقد هيجل تماما ما لم ننظر إليه على أساسه المنطقي، وهذا يجعل الأمر واضحا وهو أن مقترح هيجل أكثر دقة وتماسكا من مجرد مزج أنفسنا بمطلق ما وذلك لتجنب العزل الذي تلجأ إليه الحداثة. أما هيدغر فإنه يعالج الحداثة في مناقشاته للذاتية، وللتكنولوجية، وخدعة الكوني، وبذلك وضع النفس الحديثة في موقعها.
إنه يجب علينا أن نقيم حيث نوجد، ولكن حياتنا ستكون أكثر من نشاط الأشخاص الذين يحركون الأمور على هواهم، أو يحركونها على هوى الآخرين، ذلك النشاط الذي يلزمنا به عصرنا، سوف نملك أسلوبا جديدا به نحيا داخل العالم الحديث، ونأمل في تغييره على الرغم أن تأثير هيدغر ليس واضحا، وليس مبهما كذلك، ولكنني أحاجج بأنه لا يقترح انسحابا ساذجا إلى الغابة السوداء "أي إلى العالم الرومانسي والعزلة"، أو رفضا قطعيا للعالم الحديث.
بعد مناقشة المفكرين على نحو منفصل فإنني أنتقل إلى رسم خطوط التوازي وعلامات الاختلافات بينهما، وأؤسس نقدا لكل واحد منهما على ضوء وجهة كل من هيجل في هيدغر، وهيدغر في هيجل. ويقدم لنا هذا النقد مقترحات في الوقت الذي يبين لنا فيه المآزق التي يجب أن نتجنبها إذا أردنا أن نستعمل استراتيجية لموضعة الثنائيات والمآزق الحديثة داخل سياق أوسع، ذلك السياق الذي لا يمكن وصفه بواسطة الصيغ الحديثة.
إن الأوصاف التي يطلقها هيدغر على الحداثة تتوازى إلى حد بعيد مع مناقشات هيجل التي نجدها في كتابة "فلسفة الحق". إن تفسير هيدغر للتاريخ على أساس كونه يقود إلى عصرنا المتميز بالخدعة الكونية بتوازى كثيرا مع تفسير هيجل للتاريخ إذ أن كلا منهما يستعمل اليونان على نحو متشابه على أساس أنهم أسلاف مختلفون عنهما.
إن تفسير هيدغر للحداثة التاريخية تتوازى مع تفسير هيجل المنطقي. من الناحية الاستراتيجية فإنهما يلعبان الأدوار نفسها، ولكن الفرق أو الاختلاف بين المفكرين يكمن في تطرفهما حيث يمكن أن يظهرا أيضا متشابهين كثيرا. إنني ألح هنا على التوازيات المهمة.
إن هيدغر يرى هيجل أنه بقي ضمن مبادئ الحداثة، وذلك لأنه احتفظ بالتركيز على الذاتية، وبالاندفاع إلى الحضور الكلي الذي هو خصيصة من خصائص الميتافيزيقا التي تؤدي لا محالة إلى العالم التكنولوجي. إنني أتفق مع وصف هيدغر لـ"هيجل" باعتباره ميتافيزيقيا بالمعنى الخاص للكلمة، ولكنني أعارض التهمة التي يثقل بها كاهل هيجل بأنه بقي ضمن قيود الميتافيزيقا الذاتية. إن طريقة هيدغر في القراءة لا تعمل جيدا مع مفكر مثل هيجل حيث أن مسلمات هيدغر القبلية تقف في طريق فهم ما يريده أو يقصده هيجل في لحظة حاسمة.
لو كان بالإمكان أن يقرأ هيجل هيدغر لانتقده باعتباره فشل في قهر الحداثة، وذلك بسبب بقاء هيدغر مربوطا إلى بعض التمايزات الموجودة في التقليد الكانطي "نسبة إلى عمانويل كانط" أي التقليد المدعو بالفلسفة الترانسندانتالية "المتعالية"، تلك الفلسفة التي تؤمن بأن الشكل والمضمون أساسيان وجوهريان ومن ثم غير أساسيين وغير جوهريين، وإن الموقف الفينومينولوجي يفهم أفضل من الوعي "الطبيعي" الذي يصفه، وبالنتيجة هنالك أكثر مما ينبغي من الوحدة في تشخيصات هيدغر للشرط الذي يجعل الحداثة ممكنة، الأمر الذي يجعل هيدغر يواصل تثبيت بعض المآزق الحديثة الأساسية.
دايفد كولب
سأحاول استعمال فكر هيجل وهيدغر لمتابعة تفكيرنا وتعميقه بخصوص العالم الحديث. إنني لست أشرح فقط أفكار هذين الفيلسوفين الألمانيين المتميزين بصعوبة نصوصهما غير أن ثمة امكانية عرضها على نحو معتبر، وغايتي هنا لا تتمثل في تقديم محاجة حاسمة وإنما هدفي هو أن أقنع وأن أقدم المعلومات. والحق أن هدفي هو فتح الامكانيات للتفكير واقتراح وصفات نميز فيها أنفسنا.
بخصوص وصف المسلمات المعيارية المتعلقة بالذوات، والمؤسسات الحديثة، فإنني أبدأ في النظر إلى بعض الكليشيهات العامة، وإلى التحليلات السوسيولوجية لكل من بيتر بريجر، وماكس فيبر. إن الجانب المعين للحداثة الذي يشغلني يتمثل في فكرة الذات "النفس" المبعدة، والمعرفة شكليا على أساس قوتها، أي امتلاكها لقوة الاختيار، وتكمن هذه الفكرة خلف الشعور بأن الفرد يصبح حديثا عندما يعزل القيود "التقييدات" الأساسية المفروضة من قبل القيم، وأساليب الحياة التقليدية، أي التقييدات التقليدية التي تقيد الفرد وتحول دونه ودون الدخول إلى حقل الامكانيات الأوسع. إن كلا من هيجل وهيدغر لم يكن يقبل بهذا الوصف البديهي للعوالم التي يدعوانها بالحديثة. ولكن كلا منهما يمكن أن يقولا شيئا أعمق مما يحدث. لا أحد منهما يقبل المأزق المشترك القائم في المناقشات الليبرالية واليمينية "المحافظة" بالولايات المتحدة الأمريكية وهو المأزق الذي يؤكد أنه يجب علينا أن نعود إلى التقليد المقيد، أو إلى تأكيد وتثبيت الفرد الحديث الذي اقتلع من جذوره.
إن كلا من هيجل وهيدغر يرفض المنهجية الفيبرية "نسبة إلى ماكس فيبر" الفردانية على أساس أن الفرد يتغير عبر التاريخ. فالفردانية الحديثة ليست بالجوهر المتجاوز للتاريخ. وهكذا يضع هيجل وهيدغر الحداثة في مكانها. إنهما يضعان الذاتية الحديثة داخل السياق الذي يجعلها ممكنة، ذلك السياق الذي لا يمكن أن يقدم بالصيغ المألوفة في الوصف الذاتي الحديث العادي. إن ثمة شيئا أبعد من علاقة الذات – الموضوع النموذجية والمعروفة وإنه يجب علينا أن ندع هذا الشيء يحدث وأن تقبل الذات الحديثة التي أصبحت ممكنة ضمن سياق أكثر عمقا عندما نعترف بهذا السياق كما هو نجد أنفسنا في حالة قبول حدود الحداثة، وقصورها ولن نعود تواجه الامكانيات المفتوحة بشكل لا نهائي والتي تطبع الحداث. إن الفيلسوفين الالمانيين يمارسان هذا النقد على نحو مختلف، إذ نجد عند هيجل نقدا للذاتية الرومانسية، ونقدا للمجتمع الاقتصادي الحديث الذي يدعوه بالمجتمع المدني، وإلى جانب ذلك نجده يقدم مقترحا خاصا بالمجتمع العقلاني ويسميه بالدولة. وخلف هذا يبرز نقده للمقولات الأساسية للحداثة منفذا ياه في كتابه "علم المنطق" حيث قام بدراسة مقولات الشكل والمضمون، والكوني والخاص، واكتشف الشكل المطلفق لحركة الروح الذي هو حافز لنا لكي نملك عالما له معنى.
كما يلاحظ تشالز تايلور أن هيجل ينتقد الذاتية المتناثرة الأجزاء، أي النزعة الذرية التي يتميز بها معيار الحداثة دون أن يسقط في فخ التقابلات الرومانسية المتضادة. هنا هيجل يجنب معيار الملصقات الليبرالية أو المحافظة التي نحب أن ننسبها إلى أولئك الذين يفكرون في الحداثة وحولها. لا أعتقد أنه يمكن فهم نقد هيجل تماما ما لم ننظر إليه على أساسه المنطقي، وهذا يجعل الأمر واضحا وهو أن مقترح هيجل أكثر دقة وتماسكا من مجرد مزج أنفسنا بمطلق ما وذلك لتجنب العزل الذي تلجأ إليه الحداثة. أما هيدغر فإنه يعالج الحداثة في مناقشاته للذاتية، وللتكنولوجية، وخدعة الكوني، وبذلك وضع النفس الحديثة في موقعها.
إنه يجب علينا أن نقيم حيث نوجد، ولكن حياتنا ستكون أكثر من نشاط الأشخاص الذين يحركون الأمور على هواهم، أو يحركونها على هوى الآخرين، ذلك النشاط الذي يلزمنا به عصرنا، سوف نملك أسلوبا جديدا به نحيا داخل العالم الحديث، ونأمل في تغييره على الرغم أن تأثير هيدغر ليس واضحا، وليس مبهما كذلك، ولكنني أحاجج بأنه لا يقترح انسحابا ساذجا إلى الغابة السوداء "أي إلى العالم الرومانسي والعزلة"، أو رفضا قطعيا للعالم الحديث.
بعد مناقشة المفكرين على نحو منفصل فإنني أنتقل إلى رسم خطوط التوازي وعلامات الاختلافات بينهما، وأؤسس نقدا لكل واحد منهما على ضوء وجهة كل من هيجل في هيدغر، وهيدغر في هيجل. ويقدم لنا هذا النقد مقترحات في الوقت الذي يبين لنا فيه المآزق التي يجب أن نتجنبها إذا أردنا أن نستعمل استراتيجية لموضعة الثنائيات والمآزق الحديثة داخل سياق أوسع، ذلك السياق الذي لا يمكن وصفه بواسطة الصيغ الحديثة.
إن الأوصاف التي يطلقها هيدغر على الحداثة تتوازى إلى حد بعيد مع مناقشات هيجل التي نجدها في كتابة "فلسفة الحق". إن تفسير هيدغر للتاريخ على أساس كونه يقود إلى عصرنا المتميز بالخدعة الكونية بتوازى كثيرا مع تفسير هيجل للتاريخ إذ أن كلا منهما يستعمل اليونان على نحو متشابه على أساس أنهم أسلاف مختلفون عنهما.
إن تفسير هيدغر للحداثة التاريخية تتوازى مع تفسير هيجل المنطقي. من الناحية الاستراتيجية فإنهما يلعبان الأدوار نفسها، ولكن الفرق أو الاختلاف بين المفكرين يكمن في تطرفهما حيث يمكن أن يظهرا أيضا متشابهين كثيرا. إنني ألح هنا على التوازيات المهمة.
إن هيدغر يرى هيجل أنه بقي ضمن مبادئ الحداثة، وذلك لأنه احتفظ بالتركيز على الذاتية، وبالاندفاع إلى الحضور الكلي الذي هو خصيصة من خصائص الميتافيزيقا التي تؤدي لا محالة إلى العالم التكنولوجي. إنني أتفق مع وصف هيدغر لـ"هيجل" باعتباره ميتافيزيقيا بالمعنى الخاص للكلمة، ولكنني أعارض التهمة التي يثقل بها كاهل هيجل بأنه بقي ضمن قيود الميتافيزيقا الذاتية. إن طريقة هيدغر في القراءة لا تعمل جيدا مع مفكر مثل هيجل حيث أن مسلمات هيدغر القبلية تقف في طريق فهم ما يريده أو يقصده هيجل في لحظة حاسمة.
لو كان بالإمكان أن يقرأ هيجل هيدغر لانتقده باعتباره فشل في قهر الحداثة، وذلك بسبب بقاء هيدغر مربوطا إلى بعض التمايزات الموجودة في التقليد الكانطي "نسبة إلى عمانويل كانط" أي التقليد المدعو بالفلسفة الترانسندانتالية "المتعالية"، تلك الفلسفة التي تؤمن بأن الشكل والمضمون أساسيان وجوهريان ومن ثم غير أساسيين وغير جوهريين، وإن الموقف الفينومينولوجي يفهم أفضل من الوعي "الطبيعي" الذي يصفه، وبالنتيجة هنالك أكثر مما ينبغي من الوحدة في تشخيصات هيدغر للشرط الذي يجعل الحداثة ممكنة، الأمر الذي يجعل هيدغر يواصل تثبيت بعض المآزق الحديثة الأساسية.
دايفد كولب