-
دخول

عرض كامل الموضوع : شيء من محاسبة الذات


sheldi
09/09/2009, 22:39
“الرحمن هو اسم الحق تعالى من حيث إنه وجود محض، لأنه صيغة المبالغة من الرحمة. أما الاسم الرحيم فهو أيضاً لوجود مشتق من هذه الرحمة الواسعة الشاملة”.

(ابن عربي في "مراتب التقوى").

أروع وأشجع ما يمكن أن يختلج في أعماق الإنسان، فرداً كان أم جماعة أم أمّة، هو محاسبة النفس والاعتراف بأخطائها.

هذا ما يُسمى في العصر الحديث النقد الذاتي، وفي علم النفس المصالحة مع اللاوعي، وفي علم الاجتماع المصارحة والمكاشفة. والهدف الأسمى هو تنقية الذات من أخطاء الماضي، لإعادة إشادة الحاضر على أسس قيمية وأخلاقية نقية.

جنوب إفريقيا فعلت ذلك بنجاح، حين أرادت إغلاق صفحة التاريخ العنصري والانطلاق نحو مستقبل تعددي مُتسامح. والفاتيكان دخل معتركه مع الاعتراف بخطايا الكنيسة في الحروب الصليبية وضد حرية الرأي. وأمريكا حاولت التكفير عن ذنوبها ضد السود حين انتخبت واحداً منهم رئيساً لها.

قبل هذه المحاسبة المُحدثة للنفس بألف عام، كان عمر بن الخطاب يضرب قفاه كل ليلة ويقول: ماذا عملتِ اليوم؟ كما كان يخاطب ذاته قائلاً: “والله لتتقين الله يا ابن الخطاب أو ليعذبنك”. وعلى خُطى الخليفة الثاني، كان شيوخ الصوفية الكبار يحاسبون أنفسهم كل يوم على كل ما يتكلمون ويفعلون، ويقيّدونه في دفتر حساب يفتحونه بعد صلاة كل عشاء. لا بل طوّر بعضهم هذه العادة الحضارية الكبرى بإضافة الخواطر والأفكار إلى سجلّ المحاسبة.

ما مناسبة هذا الكلام، الذي يبدو أنه أجدى بواعظ ديني متفوّه منه إلى كاتب مُتواضع؟

إنه الحدث الثقافي الكبير الذي حققه السوريون في المسلسل التلفزيوني “أنا قلبي دليلي”، الذي يكشف ويدين الذنب العظيم الذي ارتكبناه نحن العرب بحق إحدى مُبدعات الأمة: ليلى مراد.

هذه الفنانة التي سطعت في سماء مصر والمنطقة العربية في حقبة الأربعينات فكانت نجمة الغناء الجميل والراقي فيها على مدى عقدين، تعرّضت إلى اضطهاد مُخجل يندى له الجبين لمجرد أن أصولها يهودية. فتم منعها من دخول بعض الدول العربية (سوريا)، وألصقت بها تهم ملفّقة حول علاقتها بالصهيونية، وأُجبرت على الانسحاب من الحياة العامة لترحل عن هذه الدنيا العام 1993 وهي تُعاني العوز والفاقة والانهيارات العصبية.

لا شيء كان يبرر هذه الخطايا التي ارتكبت في حقها، ولا حتى الغضب الشعبي العربي الجامح الذي رافق اغتصاب الصهيونية لفلسطين، ليس لأنها أشهرت إسلامها العام ،1945 بل لسببين آخرين اثنين: الأول، لأنها كانت لردح من الزمن العصفور الناطق باسم روح الأمة (والموسيقا هي لغة الخلق، كما يُقال). والثاني، لأن الحضارة الإسلامية تفرّدت من بين كل الحضارات بأنها كانت على مدى تاريخها أُمة التسامح، والاعتراف بالآخر، والادماج الناجح للأغيار فيها، وفي مقدمهم اليهود.

ما فعلناه مع ليلى مراد (رغم كل جهود جمال عبد الناصر لانقاذها)، كان في الواقع تدميراً لذواتنا، وتشويهاً لأنفسنا، ونفياً لكل تاريخنا إلى مناف قصية وسحيقة. وعلى الرغم من أن اعتذارنا الآن من ليلى لن يفيدها في شيء، إلا أنه قد يُطهّر أنفسنا من لطخة سوداء على جبيننا.

والآن، وبعد هذه المحاسبة للذات، بات في وسعنا أن نكرر مع ابن عربي تعبير “الرحمن الرحيم”، ونحن نسمع روح ليلى تشدو ببكاء فَرِحْ.
سعد محيو

مملكة الورود
10/09/2009, 00:11
آآآآآآآآآآآآآخ
شو بدنا نقول غير الله يرحما
يا حرام كتير تغلبت بحياتا
خصوصا لما ماتت