-
دخول

عرض كامل الموضوع : الإمبراطورية والرجال الآليون - فيدل كاسترو


marochka
27/08/2009, 10:06
الإمبراطورية والرجال الآليون
فيدل كاسترو
تناولتُ قبل فترة وجيزة مخططات الولايات المتحدة الساعية إلى فرض التفوق المطلق لقواتها الجوية كأداة للهيمنة على العالم. ذكرتُ مشروعها لامتلاك أكثر من ألف مدمّرة وطائرة مقاتلة من طراز «أف ـ 22» و«أف ـ 35» ضمن أسطولها المؤلف من 2500 طائرة عسكرية بحلول العام 2020. وبعد عشرين عاماً أخرى، سيتم التحكم بمجمل طائراتها الحربية بواسطة رجال آليين.
تحظى الميزانيات العسكرية دائماً بدعم الغالبية الساحقة من المشرّعين الأميركيين، وبالكاد توجد ولايات لا تعتمد فيها العمالة، جزئياً، على الصناعة الدفاعية.
على المستوى العالمي، وعلى مستوى القيمة الدائمة، تضاعفت النفقات العسكرية خلال السنوات العشر الأخيرة، كما لو أنه ليس هناك أي خطر بنشوء أزمة. وفي هذه اللحظات تعتبر هذه الصناعة الأكثر ازدهارا على وجه الأرض.
في العام 2008 بلغ ما جرى استثماره في الموازنات المخصصة للدفاع نحو 1,5 بليون دولار. 42 في المئة من النفقات العالمية في هذا المجال، أي 607 آلاف مليون، كان من نصيب الولايات المتحدة، هذا من دون إدراج النفقات الحربية؛ بينما يصل عدد الجياع في العالم إلى ألف مليون شخص.
ذكرت برقية صحافية لوكالة أنباء غربية قبل يومين أن الجيش الأميركي قد عرض في أواسط شهر آب طائرة هيلوكبتر تُسيَّر عن بُعد، وكذلك رجالاً آليين قادرين على تنفيذ نشاطات مجنّدين، تم إرسال 2500 منهم إلى مناطق قتال.
وأكدت شركة تجارية لتسويق الرجال الآليين أن التكنولوجيات الجديدة ستُحدث ثورة في طريقة التحكم بالحروب. ونُشر بأن الولايات المتحدة بالكاد كانت تتمتع في عام 2003 برجال آليين ضمن ترسانتها الحربية «واليوم تتمتع، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، بعشرة آلاف آلية برّية وسبعة آلاف قطعة جوية، بدءا من طائرة «رافين» الصغيرة، التي يمكن إطلاقها باليد، وصولاً على «غلوبال هوك» العملاقة، وهي طائرة تجسس يصل طولها إلى 13 متراً وعرضها إلى 35 متراً، وهي قادرة على التحليق على علو شاهق لمدة 35 ساعة». واستعرضت البرقية الصحافية أنواعاً أخرى من الأسلحة.
في الوقت الذي تقر فيه النفقات الهائلة في الولايات المتحدة على تكنولوجيات القتل، يتصبب جبين رئيس هذا البلد بعرق ساخن كي يؤمن الخدمات الصحية لخمسين مليون أميركي يفتقدون لهذه الخدمات. وتبلغ حالة الغموض درجة أن الرئيس الجديد قال إنه «أقرب من أي وقت مضى من تحقيق إصلاح النظام الصحي، ولكن الصراع آخذ بالتحوّل إلى صراع وحشيّ».
وأضاف «القصة واضحة، كلّما ظهر الإصلاح الصحي في الأفق، تصارِع المصالح الخاصّة بكل ما هو في متناول أيديها، وتستخدم نفوذها وتطلق حملات إعلامية وتستخدم حلفاءها السياسيين من أجل إفزاع الشعب الأميركي».
الواقع الفعلي هو أن ثمانية آلاف شخص اجتمعوا في ملعب لكرة القدم في لوس أنجلوس، معظمهم من العاطلين من العمل بحسب الوكالة، لكي يستفيدوا من العناية التي تقدّمها عيادة مجانية متنقّلة تنشط في العالم الثالث. وكان الحشد قد بات ليلته هناك. بعضهم وصل إلى المكان بعد قطع مسافات تبلغ مئات الأميال.
«وماذا يهمّني أنا إن كان اشتراكياً أم لا؟ نحن البلد الوحيد في العالم حيث الأكثر هشاشة لا نملك شيئاً»، هذا ما قالته سيدة من حيّ زنجي وتحمل شهادة عليا.
وتذكر البرقية أنه «يمكن إجراء فحص للدم أن يكلّف 500 دولار وعلاجاً روتينياً للأسنان أن يكلّف أكثر من ألف دولار».
أي أمل يمكن أن يقدّمه هذا المجتمع للعالم؟
أعضاء مجموعات الضغط في الكونغرس يجمعون ثرواتهم من خلال العمل ضد قانون، يسعى فقط لتوفير العناية الطبية لمئات الملايين من الأشخاص الفقراء، الغالبية الساحقة منهم من الزنوج واللاتينيين، ممن يفتقدون هذه العناية. حتّى بلد محاصر ككوبا تمكّن من فعل ذلك، بل ويتعاون مع عشرات البلدان من العالم الثالث.
إذا كان الرجال الآليون بين أيدي الشركات العابرة للحدود يستطيعون أن يحلّوا محل الجنود الإمبراطوريين في حروب الغزو، فمن سيكفّ يد الشركات العابرة للحدود عن البحث عن أسواق لأجهزتها هذه؟ بالطريقة ذاتها التي أغرقت بها العالم بسياراتها التي تتنافس مع الإنسان اليوم على استهلاك الطاقة غير المتجددة، بل على الأغذية التي تم تحويلها إلى وَقود، تستطيع إغراقه أيضاً برجال آليين يحلّون محلّ ملايين العمال في أماكن عملهم.
وما هو أفضل من ذلك بعد، يمكن للعلماء أيضاً أن يصمموا رجالاً آليين قادرين على الحُكم، وهكذا يوفّرون هذا العمل المريع والمتناقض والمضطرب على حكومة وكونغرس الولايات المتحدة.
مما لا شك فيه بأن من شأنهم أن يفعلوا ذلك بشكل أفضل وأقل تكلفة.