ayhamm26
17/08/2009, 12:54
شكلت علاقة الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد مع رفاقه الذين قاموا معه بالحركة التصحيحية في العام 1970 ، أكثر من علامة استفهام ، فقد استطاع أن يجمعهم إلى جانبه ، بحيث لم تشهد سوريا من أي ممن كانوا معه كعبد الحليم خدام ومصطفى طلاس أي حركة انقلابية في عهده ، ولم يكن يسأل أحد منهما عما يفعلانه في الداخل وكمية التربح التي حصلا عليها خلال وجودهما في السلطة إلى جانبه ، وكل ذلك كان مدروساً من سياسي محنك ، أراد لسوريا أن تستقر بعد سلسلة من الانقلابات التي سبقت توليه للحكم .
وأسند لعبد الحليم خدام حقائب وزارية وملفات هامة ( لبنان ـ العراق ) إضافة إلى تعينه نائباً له ،أما مصطفى طلاس فقد ظل وزيراً للدفاع منذ قيام الحركة حتى سنوات قليلة.
وفي عام 1984 عين الرئيس الاسد نواباً له وكانوا ثلاثة : عبد الحليم خدام ـ زهير مشارقة ـ رفعت الاسد ، ولكن هذا الاخير وحسب ما كتبه باتريك سيل في كتابه الصراع على الشرق الاوسط ، حاول ترتيب انقلاب ضد أخيه في عام 1983، ولكن سرعان ما إحبط هذا التمرد .
أما الباقي من أصدقائه فقد ظلوا أوفياء لاستقرار النظام وللمصالح التي يكسبها من إطلاق يدهم ، ناهيك عن ظهور طبقة من الضباط الذين عرف عنهم قربهم من الاسد الراحل مثل : العماد حكمت الشهابي ( رئيس الاركان ) ، وعلي دوبا ، ومحمد الخولي واخرين .
ورغم أن الرئيس الاسد الاب كان يعرف علاقة العماد حكمت الشهابي بالمخابرات الامريكية كما ذكر العماد مصطفى طلاس في مقابلة مع محطة روسيا تودي العام الفائت ، إلا انه بقي مقرباً منه ، وذلك ليقينه بان شعرة معاوية بينه وبين الامريكان يجب أن لاتقطع .
ولكن العلاقة بين الرئيس الاسد ورفقاه القدامى تبدلت في سنوات حياته الاخيرة ، بعد أن بلغته أنباء لم يسر لها ، واستشعر منها ضرراً يلحق بهيكيلة النظام ، فتمت إحالة العماد حكمت الشهابي للتقاعد ، وتم سحب الملف اللبناني على مراحل من يد خدام الذي كانت له الكلمة الفصل في لبنان ، وتم وضع الملف اللبناني بعهدة الرئيس بشار الاسد قبل أن يتسلم مقاليد الحكم ، أما اللواء علي دوبا فقد استقر في بلدته .
ولم يكن كل من العمادين حكمت الشهابي و مصطفى طلاس وزهير مشارقة براغبين في السلطة ، فلكل منهم إسلوب حياة ، فالاول القادم من حلب التي يحمل أهلها خصوصية التجارة وإقامة المعامل والشركات ، ذلك النفوذ الاهم الذي يلبي طموحهم ، وهو ما فعله الشهابي فقد أقام العديد من المعامل النسيجية في مدينته حلب ، إضافة إلى المشاريع التي قام بها في أمريكا .
والنائب زهير مشارقة الذي وافته المنية قبل سنوات قليلة ، كان كحال الشهابي قادماً من قلب حلب ، التي كما ذكرنا يهمها النفوذ الاقتصادي أكثر منه السياسي .
أما العماد مصطفى طلاس فقد كان مولعا بالفروسية وبكتابة الشعر وبنجمات السينما اللواتي استضافهن في دمشق في وقت كانت سوريا تحت حصار إقتصادي خانق . وكان ولعه الاكبر بالممثلة الإيطالية جينا لولوبريجيدا. وكان يعلق في مكتبه, كوزير دفاع, صورتها عارية. وكان كلما زار سوريا رئيس إيطالي أو أي وفد كان طلاس لا يكف عن طلب مقابلتها وصورها, وكان يرسل لها الهدايا والكثير من دعوات الزيارة لسنوات طوال. وكتب عنها في أحد كتبه. لم تقبل جينا زيارته حتى طلبت ذلك منها شركة أوكوستا الإيطالية لصناعة طائرات الهليكوبتر مخبرة إياها بأن صفقة طائرات مع سوريا مرهونة بزيارتها لطلاس ففعلت .
وفي مقابلة مع صحيفة البيان الإماراتية عام 1998 قال طلاس فيه: "عندما نـُشرت قوات يونيفيل الدولية في لبنان, جمعت زعماء المقاومة الوطنية اللبنانية وقلت لهم: افعلوا ما شئتم بالجنود الأمريكيين والبريطانيين, ولكني لا أريد أن يؤذى جندي إيطالي واحد, لأني لا أريد أن أرى دمعة واحدة من عيون جينا لولوبريجيدا".
أما عبد الحليم خدام فقد راوده حلم السلطة كونه نائباً للرئيس ، وإن كان يخفي هذا الامر وقد قام بتأسيس شبكة علاقات كبيرة داخل البلد أهمها بين العشائر ، ولكن بالحقيقة أن خدام كان مطيعاً للرئيس الراحل حافظ الاسد ، رغم معرفة الاسد بما يفعله ولكنه كما يقال بالعامية ساكت بمزاجه ) ، بالمقابل كان يعلم كل من حوله عواقب الانقلاب بعد تجربته مع أخيه الذي لم يرحمه .
ولكن شهوة حلم السلطة التي راودته ، شجعته أطراف دولية واقليمية على إفصاحها ، فكانت حادثة اغتيال رفيق الحريري النقطة الذي حولت مساره ، فإنقلب على النظام السوري ، في سابقة كانت الاولى على السوريين ، وقد إختار أقسى اللحظات التي مرت على سوريا ، وفي وقت لايمكن لعاقل ولا مجنون أن يفكر بذلك ، أو أن يقف معه .
والآن وبعد عودة حكمت الشهابي إلى سوريا وإستقباله إستقبال الفاتحين ، وبعدما قدمته وسائل إعلامية على أنه عراب التقارب السوري ـ الامريكي ، ومهندس إنتقال وليد جنبلاط إلى الضفة الدمشقية ، من يمحي من ذاكرتنا قول العماد مصطفى طلاس أن الشهابي كان عميلاً أمريكياً ، وأنه كان غير موثوق به من قبل الرئيس الراحل .
أما قول النائب سليمان حداد أن الشهابي لم يضع يده بيد العدو ، أمر غير مقنع ، فإن كان الشهابي محباً لبلده ، لماذا لم يعد في فترة حكم بوش الابن ، و التي كانت من أقسى المراحل التي مرت بها العلاقة السورية ـ الامريكية .
بلاشك من حق سوريا أن تجير كل ما يحصل لمصلحتها بعد أن إنتظر الكثيرين إنقلاباً شهابياً بعد إنقلاب خدام ، ولكن تبقى اسئلة مشرعة أمام الرأي العام الذي عليه أن يحتفل بعودة الشهابي ، مع أن لكل من الشخصيات التي وردت التي رافقت الاسد الاب في الذاكرة السورية مئات التجاوزات ...؟
فهل تستفيد سوريا ـ اليوم ـ من تجربة أ صدقاء الامس ، وتقطع الطريق على شخصيات خلف الكواليس وبالواجهة بات يتردد إسمها ، وتكبر في ظل النماء الاقتصادي الجديد، خاصة أن الراي العام لم يعد كما السابق، يعرف ويدقق ويبحث عن المعلومة في ظل عالم الاتصالات ، لذا فإن الحديث معه بشفافية بات ضرورة ملحة .
نشرة كلنا شركاء.
وأسند لعبد الحليم خدام حقائب وزارية وملفات هامة ( لبنان ـ العراق ) إضافة إلى تعينه نائباً له ،أما مصطفى طلاس فقد ظل وزيراً للدفاع منذ قيام الحركة حتى سنوات قليلة.
وفي عام 1984 عين الرئيس الاسد نواباً له وكانوا ثلاثة : عبد الحليم خدام ـ زهير مشارقة ـ رفعت الاسد ، ولكن هذا الاخير وحسب ما كتبه باتريك سيل في كتابه الصراع على الشرق الاوسط ، حاول ترتيب انقلاب ضد أخيه في عام 1983، ولكن سرعان ما إحبط هذا التمرد .
أما الباقي من أصدقائه فقد ظلوا أوفياء لاستقرار النظام وللمصالح التي يكسبها من إطلاق يدهم ، ناهيك عن ظهور طبقة من الضباط الذين عرف عنهم قربهم من الاسد الراحل مثل : العماد حكمت الشهابي ( رئيس الاركان ) ، وعلي دوبا ، ومحمد الخولي واخرين .
ورغم أن الرئيس الاسد الاب كان يعرف علاقة العماد حكمت الشهابي بالمخابرات الامريكية كما ذكر العماد مصطفى طلاس في مقابلة مع محطة روسيا تودي العام الفائت ، إلا انه بقي مقرباً منه ، وذلك ليقينه بان شعرة معاوية بينه وبين الامريكان يجب أن لاتقطع .
ولكن العلاقة بين الرئيس الاسد ورفقاه القدامى تبدلت في سنوات حياته الاخيرة ، بعد أن بلغته أنباء لم يسر لها ، واستشعر منها ضرراً يلحق بهيكيلة النظام ، فتمت إحالة العماد حكمت الشهابي للتقاعد ، وتم سحب الملف اللبناني على مراحل من يد خدام الذي كانت له الكلمة الفصل في لبنان ، وتم وضع الملف اللبناني بعهدة الرئيس بشار الاسد قبل أن يتسلم مقاليد الحكم ، أما اللواء علي دوبا فقد استقر في بلدته .
ولم يكن كل من العمادين حكمت الشهابي و مصطفى طلاس وزهير مشارقة براغبين في السلطة ، فلكل منهم إسلوب حياة ، فالاول القادم من حلب التي يحمل أهلها خصوصية التجارة وإقامة المعامل والشركات ، ذلك النفوذ الاهم الذي يلبي طموحهم ، وهو ما فعله الشهابي فقد أقام العديد من المعامل النسيجية في مدينته حلب ، إضافة إلى المشاريع التي قام بها في أمريكا .
والنائب زهير مشارقة الذي وافته المنية قبل سنوات قليلة ، كان كحال الشهابي قادماً من قلب حلب ، التي كما ذكرنا يهمها النفوذ الاقتصادي أكثر منه السياسي .
أما العماد مصطفى طلاس فقد كان مولعا بالفروسية وبكتابة الشعر وبنجمات السينما اللواتي استضافهن في دمشق في وقت كانت سوريا تحت حصار إقتصادي خانق . وكان ولعه الاكبر بالممثلة الإيطالية جينا لولوبريجيدا. وكان يعلق في مكتبه, كوزير دفاع, صورتها عارية. وكان كلما زار سوريا رئيس إيطالي أو أي وفد كان طلاس لا يكف عن طلب مقابلتها وصورها, وكان يرسل لها الهدايا والكثير من دعوات الزيارة لسنوات طوال. وكتب عنها في أحد كتبه. لم تقبل جينا زيارته حتى طلبت ذلك منها شركة أوكوستا الإيطالية لصناعة طائرات الهليكوبتر مخبرة إياها بأن صفقة طائرات مع سوريا مرهونة بزيارتها لطلاس ففعلت .
وفي مقابلة مع صحيفة البيان الإماراتية عام 1998 قال طلاس فيه: "عندما نـُشرت قوات يونيفيل الدولية في لبنان, جمعت زعماء المقاومة الوطنية اللبنانية وقلت لهم: افعلوا ما شئتم بالجنود الأمريكيين والبريطانيين, ولكني لا أريد أن يؤذى جندي إيطالي واحد, لأني لا أريد أن أرى دمعة واحدة من عيون جينا لولوبريجيدا".
أما عبد الحليم خدام فقد راوده حلم السلطة كونه نائباً للرئيس ، وإن كان يخفي هذا الامر وقد قام بتأسيس شبكة علاقات كبيرة داخل البلد أهمها بين العشائر ، ولكن بالحقيقة أن خدام كان مطيعاً للرئيس الراحل حافظ الاسد ، رغم معرفة الاسد بما يفعله ولكنه كما يقال بالعامية ساكت بمزاجه ) ، بالمقابل كان يعلم كل من حوله عواقب الانقلاب بعد تجربته مع أخيه الذي لم يرحمه .
ولكن شهوة حلم السلطة التي راودته ، شجعته أطراف دولية واقليمية على إفصاحها ، فكانت حادثة اغتيال رفيق الحريري النقطة الذي حولت مساره ، فإنقلب على النظام السوري ، في سابقة كانت الاولى على السوريين ، وقد إختار أقسى اللحظات التي مرت على سوريا ، وفي وقت لايمكن لعاقل ولا مجنون أن يفكر بذلك ، أو أن يقف معه .
والآن وبعد عودة حكمت الشهابي إلى سوريا وإستقباله إستقبال الفاتحين ، وبعدما قدمته وسائل إعلامية على أنه عراب التقارب السوري ـ الامريكي ، ومهندس إنتقال وليد جنبلاط إلى الضفة الدمشقية ، من يمحي من ذاكرتنا قول العماد مصطفى طلاس أن الشهابي كان عميلاً أمريكياً ، وأنه كان غير موثوق به من قبل الرئيس الراحل .
أما قول النائب سليمان حداد أن الشهابي لم يضع يده بيد العدو ، أمر غير مقنع ، فإن كان الشهابي محباً لبلده ، لماذا لم يعد في فترة حكم بوش الابن ، و التي كانت من أقسى المراحل التي مرت بها العلاقة السورية ـ الامريكية .
بلاشك من حق سوريا أن تجير كل ما يحصل لمصلحتها بعد أن إنتظر الكثيرين إنقلاباً شهابياً بعد إنقلاب خدام ، ولكن تبقى اسئلة مشرعة أمام الرأي العام الذي عليه أن يحتفل بعودة الشهابي ، مع أن لكل من الشخصيات التي وردت التي رافقت الاسد الاب في الذاكرة السورية مئات التجاوزات ...؟
فهل تستفيد سوريا ـ اليوم ـ من تجربة أ صدقاء الامس ، وتقطع الطريق على شخصيات خلف الكواليس وبالواجهة بات يتردد إسمها ، وتكبر في ظل النماء الاقتصادي الجديد، خاصة أن الراي العام لم يعد كما السابق، يعرف ويدقق ويبحث عن المعلومة في ظل عالم الاتصالات ، لذا فإن الحديث معه بشفافية بات ضرورة ملحة .
نشرة كلنا شركاء.