-
دخول

عرض كامل الموضوع : ديمة ونوس


butterfly
16/08/2009, 19:27
ديمة ونوس
هي بنتو للراحل المبدع سعد الله ونوس

كاتبة في بداياتا لسى ( وأعمالها جميلة _ اللي قريتا منها عالقليلة )
رح حاول أني نزل أعمالها حصريا ً وبس عنا
:gem::gem:
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

butterfly
16/08/2009, 19:37
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
تفاصيل
مجموعة قصصية
( ناقدة ، ورائعة ، وجرئية - استغربت انو الرقابة ما قصت منها شي :lol: :gem: )

حصريا وبس هون
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

:mimo:

butterfly
16/08/2009, 19:51
فيروز على كتف قاسيون


ديمة ونوس

عند الساعة الثامنة من مساء الاثنين، ارتسمت ابتسامة على ثغر قاسيون. ليست الابتسامة الأولى وربما لن تكون الأخيرة. فهو الشاهد الوحيد على ما يجري في دمشق. يطلّ عليها منذ زمن طويل. يتفرج على فرحها وحزنها ويصمت. لكنه قد يبتسم أحياناً. وابتسامته تكون غريبة بعض الشيء.
قاسيون يبعد الضباب وغيوم الشام الواطئة ويتأمل المدعوين وهم يدلفون إلى «دار الأوبرا» ليلتقوا بالسيدة فيروز. قاسيون لم يكن مدعواً. ومحمد الماغوط، إن تعب يرمي برأسه على كتف قاسيون لم يكن مدعواً. وأنطون المقدسي، قاوم أحلامه وعاش في دمشق ودفن فيها لم يكن مدعواً. وسعد الله ونوس، كتب كلمة يوم المسرح العالمي وألقاها على خشبة مسرح الحمراء في قلب دمشق لم يكن هو أيضاً مدعواً. «أهل الشآم» الذين التقوا بالست فيروز في الستينيات على أرض المعرض لم يكونوا مدعوين. أهل الشام، يصحون على صوت الملكة وهي تغني من وراء جدران البيوت. يصغون إليها ويحتسون قهوتهم الصباحية ويشردون وقد ترتسم على أفواههم ابتسامة غريبة.
جاءت فيروز إلى دمشق وأحيت الحفلة الأولى على مسرح «دار الأوبرا» رغم كل النداءات. كانت كصبية في العشرين من عمرها تتبختر على الخشبة، تغنج بمشيتها، تتمرد على الوالي النائم دائماً. تصرّ وتلحّ وترفض الصمت لأن «الحكي لم يخلق إلا لنحكي». هذا ما قالته فيروز. والصالة المخنوقة بالناس كانت تهتز من إيقاع التصفيق والصراخ. ما ان تلفظ فيروز جملة من جملها الثائرة عن فساد الوالي والدولة المصنوعة من خشب والختم المخصص لثلاث معاملات كل شهر حتى تعلو حدة التصفير والتصفيق. وأهل الشام لم يكونوا مدعوين. ولا مثقفوها المتمردون كفيروز. ولا قاسيون.
أهل الشآم الذين تجمعوا لساعات طويلة على باب «درا الأوبرا»، يلفهم الهواء الرطب والبارد طال انتظارهم دون جدوى. فالسيارات الفارهة وصلت قبلهم واستطاعت التسلل إلى البهو الفسيح وحصلت على بطاقات لفئة أخرى من أهل الشام. فئة لم تغادر بيتها ولم تنتظر في الخارج ولم تعصر ميزانيتها لتلتقي بالملكة. فقط استغنت عن سياراتها وسائقيها لبعض الوقت. وسائقو تلك السيارات الذين كلفوا بإحضار البطاقات لم يكونوا مدعوين أيضاً. لكنهم ابتسموا ربما عندما لمحوا اسم السيدة فيروز مطبوعاً في أعلى البطاقة. البطاقة التي رافقتهم للحظات قصيرة تفصل دار الأوبرا عن المالكي والمزة وأبو رمانة والأحياء الراقية الأخرى.
الشام التي سميت «عاصمة للثقافة العربية»، هل كانت مدعوة؟ الشام ليست مجرد ماضٍ يعبق بروائح الياسمين المتدلي على الجدران والهال المتبخر من فناجين القهوة وبردى يطفح بشعر نزار قباني وبصوت فيروز. هي أيضاً حاضر. وغادة السمان التي قرئت مقاطع من روايتها «فسيفساء دمشقية» خلال الافتتاح الرسمي تركت دمشق منذ زمن طويل. الرائحة لا تصنع وطناً. ومحمود درويش الذي كتب عن دمشق وقرئت قصيدته في الاحتفالية افتقدته دمشق. والحنين إلى الماضي، لا يغني الحاضر.
كثيرون انتظروا مساء الاثنين. ساروا في الشوارع المفضية إلى ساحة الأمويين حيث دار الأوبرا، ليلتقوا بالملكة. كثيرون تجمعوا في الساحة الكبيرة رغم البرد القاسي، أعينهم معلقة إلى قاسيون. وقاسيون يتعرّق، يتندّى، يتلوّن، يختبئ وراء الضباب، يسند الملكة على كتفه ويبتسم...
(دمشق)


السفير
:akh:

butterfly
16/08/2009, 19:56
يمين... يسار! - ديمة ونوس (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)

بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ساهمت الكآبة السوداء ورائحة الموت التي عششت بإصرار في لبنان بتعميق المسافة بين النظام والنخبة في كل من دمشق وبيروت. تلك المسافة التي تلونها الأزمات والمصائب في المنطقة. النظام في تلك المرحلة كان يأمل من هذه النخبة غير المعترف بها أصلاً والتي لا تُستخدم إلا في الأزمات، أن تتجاهل كل مشاكلها الداخلية لتقف إلى جانبه في وجه الضغوط والاتهامات الباطلة. كان ينادي بالوحدة الوطنية في دمشق وتوحيد الشرائح كلها لمواجهة التحديات. هذه الشرائح التي لا يُطلب منها التوحد إلا في أوقات الوهن والهشاشة. في هذه المرحلة الجنائزية، ازدادت كثافة الفجوة بين النظام والنخبة. خاصة بعد ظهور أعداء النظام الجدد الذين كانوا جزءاً منه ودعامة ارتكز عليها لسنوات. لم تكن النخبة هذه تحتاج خروج عبد الحليم خدام من النظام وانشقاقه عن دمشق حتى تعترف بكرهها له وحقدها على سنوات كان هو من المخربين الرئيسيين فيها. سنة بعد حادثة الاغتيال والحوادث التي لحقت بها، والشرخ يزداد اتساعاً. النخبة كانت في تلك المرحلة تأمل من هذا النظام أن يتعامل مع الأزمة بصبر وحب. لا حب في السياسة ولا عواطف تجيش في الأمور المصيرية، كلنا نعرف ذلك. لكن الحب كان الأقدر في تلك المرحلة على تجاوز سنوات الألم وخلق مساحة جديدة من التأمل والصفاء. سنة مرت، إثنا عشر شهراً من الكآبة، أيام من عدم الاستقرار والخوف من هذه المرحلة الانتقالية التي لم تعلمنا التجارب السابقة كيف نتعامل معها، كيف نمر من أمامها دون أن تمسنا أو تمس مشاعر الحب التي نكنها للبنانيين، جيراننا.
سنة ونصف بعد حادثة الاغتيال والاغتيالات الأخرى، دخل لبنان حرباً جديدة مع إسرائيل. حتى هذه اللحظة كان الاختلاف يطعن كل الصلات بين النظام والنخبة. هذه النخبة التي آلمها قرار الحرب وأحزنها تغييب الشعب اللبناني عن هذا القرار المصيري الذي ربما يجرجر المنطقة كلها إلى المجهول. لم تعتقد هذه النخبة ولو لثانية واحدة فقط أن المقاومة المتمثلة بحزب الله اللبناني ستفوز بمعركتها. على العكس تماماً، كان الخوف وعبق الصواريخ القاتل يخيمان فوق سماء دمشق جارة لبنان. المشاهد الصباحية التي كان أطفال الجنوب هم أبطالها، أطفال سقطت الصواريخ الإسرائيلية على بيوتهم فتطايرت أجسادهم الهزيلة أشلاء، هذه المشاهد المؤلمة عززت كره تلك النخبة لقرار الحرب الفردي. الحرب التي لم تشن حينها إلا لترتيب الأولويات في الداخل اللبناني، إلا لإثبات حاجة لبنان لقوة عسكرية غير نظامية تمتلك قدرة جبارة لمقاومة عدو لبنان الأوحد إسرائيل.
بعد وقف إطلاق النار، وانسحاب الكبرياء الإسرائيلي مهزوماً، بدأت ملامح الإجماع تتشكل وتبدو أكثر وضوحاً. لأول مرة تبدو النخبة في دمشق مجمعة على ما يجمع عليه النظام. لأول مرة تعشق النخبة حالة عشقها النظام ودافع عنها. فوز المقاومة وخسارة إسرائيل التاريخية عوضت للمرة الأولى مشاعر الهزيمة لدى تلك النخبة. الهزيمة التي كانت قدر البلدان العربية في مواجهة أعدائها، وقدر الشعوب العربية في مواجهة أنظمتها القمعية. للمرة الأولى ربما، لا تحس تلك النخبة بالندم والقهر. فالتجارب علمتها أن الندم هو مصير أي مبادرة يتخذها حكام المنطقة في أي شأن من الشؤون. علمتها أن التراجع هو اللغة السائدة، والخسارة هي خبز الحياة وملحها.
خطابات السيد حسن نصرالله المحكمة التي تعج بالذكاء والدهاء السياسي الشعبي، أوقدت الحب لدى هذه النخبة. جعلتها تنتظر في البيت للتواصل مع عينيه الخجولتين من خلال الشاشة الصغيرة. استطاع السيد بوعوده «الصادقة» أن يجمع حشداً من العلمانيين المثقفين والمعارضين أمام شاشات التلفزيون. يستمعون إليه بدهشة وسعادة. تتجمع الدموع في أعينهم التي لم تشهد حتى الآن أي انتصار حقيقي ولا حتى انتصار الفريق الوطني لكرة القدم. حضور السيد حسن نصر الله خلق انشقاقاً غريباً بين النخبة أيضاً. فمنهم من يدافع عنه وعن انتصاره التاريخي ومنهم من يتهمه بالمغامرة بمنطقة بأكملها. البعض يرى أن هزيمة إسرائيل هي الأولوية العظمى وأن الإهانة التي يشعر بها العربي تستحق الوقوف مع السيد ومع المقاومة الباسلة. والبعض الآخر يرى أن هذا الانتصار ليس سوى انتصار لفكر حزب الله ولطموحاته بالسيطرة على لبنان والمنطقة، وأن مغازلة السيد تنم عن مغازلة النظام. النخبة ذاتها لم تفلح سابقاً بفصل مشاعرها في ما يتعلق بالعراق، فهي ضد صدام حسين وضد الأميركيين كما هي اليوم ضد حسن نصرالله وضد جماعة الرابع عشر من آذار.
في كل مرة يخطــب فيها الســيد حسـن نصرالله، تشاهده هذه النخبة بعين لا تخلو من الحزن متمنية لو أن المسـؤولين في بلدها يمتلكون ربع قدرة السيد على الكــلام بشكــل متــزن. السيد الذي يبدأ خطابه بالبسملـة لا يكمله إلا بأسلوب راق وشعبي في الوقــت ذاته. خــطاب يخلو من الحماسـة الدينيــة والتجيــيش الجهادي. خطاب عميق، ودود، ذكي. على الأقل، السيد يفعل ما يقول ولا يقول إلا ما هو متأكد من حتمية القيام به. على الأقل، السيد يعرف ماذا يريد بغض النظر عن طموحاته، فلا يقول ما سيتراجع عنه بعد أيام أو يصحح معناه. في كل مرة يخطب فيها سماحة السيد حسن نصرالله، تتمنى هذه النخبة لو أن المسؤولين في حكومتها يتعظون قليلاً ويتعلمون كيفية تركيب جمل مفيدة يواجهون بها الجمهور المسكين.
حتى في لبنان، يبدو الانقسام جلياً بين زعماء النخبة. منهم من كان معارضة منذ سنتين لكنه الآن من الموالين، ومنهم من كان ولا يزال من المعارضة مع اختلاف فئاتها بين اليوم والبارحة. حتى في لبنان، يبدو الانقسام جلياً في افتتاحيات الصحف المستقلة التي تتراوح بين اليمين واليسار. المشكلة أن النخبة الثقافية أو السياسية في كل من بيروت ودمشق لا يمكن لها إلا أن تتأرجح بين ذلك اليمين وذلك اليسار. فالانتصار التاريخي على إسرائيل يثير إعجاب كل النخب، الحاكمة منها والمعارضة، كما تثير الطموحات الإسلامية خوف معظم الشرائح ومعظم الأنظمة العلمانية التي جعلت من الإسلام المتشدد بديلها الوحيد.

السفير
:akh:

butterfly
16/08/2009, 20:01
ربّوا أولادكم

صباح البارحة، حي الشعلان كعادته مزدحماً بالناس والسيارات والشرطة والروائح التي تتسلل من محلات البزورية لتسكن شهيق المارة.
هناك في تلك الزاوية تحديداً، وقف شرطي أمام سيارة فخمة " أودي ". تأملها بحذر وكأنه يفتش في حديدها عن نفسه هو الشرطي المرتبك، الذي ربما لم يلامس يوماً صلاحياته المفترضة. أمعن النظر في رقم السيارة الذي يخيفني أن أذكره. تنفسه بصعوبة ثم زفره على ورقة جديدة من دفتر المخالفات. نزع الورقة من الدفتر ورماها على مقدمة السيارة الفضية وكأنه يرمي عبئاً ثقيلاً ليرتاح.
هناك في تلك الزاوية تحديداً، ظهر شاب وسط الزحام. عيناه تتقدان غضباً. في الثلاثين من عمره. طويل القامة. شعره الأسود يتدلى على جبينه وكتفيه. صرخ بوجه رجل يجلس وراء بسطة دخان. سأله عن الشرطي الحقير الذي تجرأ على ممارسة مهامه. سأله عن ابن الكلب الذي خالف السيارة. شتمه وشتم الشرطي بأشنع الكلمات وأكثرها فظاظة. ثم بصق أمام البسطة بالضبط.
هناك في تلك الزاوية تحديداً، جاء الشرطي منتشياً بإنجازاته كموظف يملك الشارع، ينظم السير فيه، يحق له أن يخالف كل السيارات أو أن يتسامح مع كل المواطنين الذين لا يملكون في وطنهم كراجاً يركنون فيه سياراتهم. اقترب الشرطي من الشاب، وقال له بكل جدية أنه ممنوع ركن السيارات في منتصف الشارع. وأنه عرقل بذلك مرور السيارات الأخرى فتوجب عليه مخالفته.
هناك في تلك الزاوية تحديداً، توجه الشاب إلى مقدمة سيارته. أمسك بالورقة التي تخالفه. رماها بكل جسارة في وجه الشرطي ولعن أمه وأخته. في تلك اللحظة، بدا جسد الشرطي وكأنه يذوب ويتلاشى. في تلك اللحظة، ربما فكر الشرطي بالقانون الذي يحميه. ربما تذكر صلاحياته كشرطي ينظم حركة السير. ربما آمن للحظات بكرامته كإنسان يعبر الشارع فيـُشتم هو وأمه وأخته وكل أسرته. تنفس بعمق وطلب من الشاب بكل لطف أن يحترم عمل الشرطي فهو لا يقف في الشارع طوال النهار ليتفرج على الزحام وإنما ليخفف قدر الإمكان عرقلة السير.
هناك في تلك الزاوية تحديداً، رفع الشاب يده ولطم الشرطي بكل طاقته، طاقة محرك سيارة الأودي الفخمة. خرس الشارع تلك اللحظة. الزحام تشتت وصار سكوناً قاتلاً. حتى الروائح عادت إلى أماكنها على الرفوف. ركب الشاب سيارته وكأن شيئاً لم يكن. وكأن هذه الحادثة عابرة في يومه المخنوق بحوادث مشابهة.
جفت حنجرة الشرطي. أمطرت عيناه دمعة واحدة أغرقت الشارع بالإهانة والقهر. نظر إلى السماء وكأنه يعاتب
القانون الذي أعطاه صلاحيات لا يملكها في الواقع.


ديمة ونوس

butterfly
16/08/2009, 20:04
عزله دوليه واخرى داخليه–ديمه ونوس


منذ فترة ويعبّر معارضون وناشطون سوريون عن استيائهم من التقارب الغربي مع دمشق. فالتجارب علّمتنا أن أي تقارب لا يزيد النظام إلا قوة ولا يزيد الوضع الداخلي إلا تعقيداً. عندما يتفق الغرب مع دمشق على الأوراق الخارجية كالحدود مع العراق والوضع في لبنان والعلاقة مع كل من حماس وإيران، تصبح الحريات العامة وحقوق الإنسان والإفراج عن معتقلي الرأي كلها أموراً ثانوية. هكذا علّمتنا التجارب، هكذا هي سياسة الغرب غير المبدئية التي تتجاهل حقوق الشعوب عندما يتعلق الأمر بمصالحها الخارجية والاستراتيجية. في المقابل، لا يمكننا تجاهل التأثيرات السلبية التي يخلّفها العداء بين الغرب ودمشق أو بين واشنطن ودمشق. فعندما يطالب الرئيس الأميركي جورج بوش النظام السوري بالإفراج عن معتقلي الرأي ويسميهم بأسمائهم، لا يساهم هذا الأمر إلا بتعقيد وضع السجناء. هذا ما دفع الكاتب السوري المعتقل ميشيل كيلو للرد على كلام بوش وللتنديد بمطالبه الإصلاحية هو «الغارق في مستنقع العراق والمعطل الرئيسي لعملية السلام في المنطقة». عندما يتدخل الغرب في الشؤون الداخلية السورية، يزداد النظام السوري تعنّتاً وعناداً. هكذا علمتنا التجارب. فالنظام يعتقد بأن الاعتقالات هي شأن سوري كما أن الإفراج عن المعتقلين يخصّ سوريا وحدها.
بعد الحرب على العراق بأسابيع عدة، قام وزير الخارجية الأميركي كولن باول بزيارة إلى دمشق. الإعلام السوري صوّر الزيارة وقتها على أنها ودية لمناقشة الأوضاع على الساحتين العربية والدولية. بينما كان السيد باول يحمل قائمة طويلة من المطالب الأميركية المتعلقة بمراقبة الحدود السورية العراقية لضبط دخول الأسلحة والمجاهدين، وإغلاق مكاتب المقاومة الفلسطينية في دمشق، والانسحاب من لبنان، ومحاربة الإرهاب، والإفراج عن معتقلي الرأي للّحاق بقطار الديموقراطية التي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. بعد أشهر من هذه الزيارة، نفّذت سوريا التزاماتها الخارجية كاملة، فسلّمت عدة إرهابيين لأميركا وذكّرت الإدارة الأميركية بتعاونها الأمني في أحداث الحادي عشر من أيلول، وقامت بضبط الحدود مع العراق، وبإغلاق المكاتب الفلسطينية ولو مؤقتاً، وبدأت بإعادة الانتشار في لبنان. مع تنفيذ الالتزامات هذه، أغلق ملف الإفراج عن المعتقلين وحقوق الإنسان.
ما يثير الحزن هو أن تتحول حقوق الشعوب وحرياتهم إلى مجرد ورقة ضغط لا تستخدم إلا للتلويح والتهديد، وأن لا تكون حقوق المواطن هاجساً حقيقياً يتملك دول الغرب الحضارية والمنفتحة والديموقراطية. والشعب يبقى في حالة انتظار. انتظار الضغوط الغربية التي ربما لن تفلح إلا بزيادة الوضع سوءاً. انتظار المبادرات المحلية النادرة. انتظار عزلة دمشق التي قد تدفع المسؤولين إلى احتضان الداخل وفك عزلة الشعب. أو انتظار فك عزلة دمشق التي قد تزيد المسؤولين شراسة وعناداً في ما يتعلق بالشؤون الداخلية.
ما يثير اليأس والبؤس هو إصرار النظام على تعميق الفجوة بينه وبين المعارضة السورية الوطنية، ما يدفع هذه الأخيرة إلى اشتهاء عزلة دمشق وتكثيف الضغوط عليها للإفراج عن أصدقائها الذين اعتقلوا لأسباب رثة. فالكاتب ميشيل كيلو المعارض المعتدل والموالي المعتدل الذي دافع عن سياسة النظام وتبنّى شعارات الشفافية والإصلاح والتغيير وأيّد مواقف النظام المبدئية من الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي وكتب عن تحرير الجولان السوري، اعتُقل من دون تردد. فما هي إذاً حال المعارضين الأكثر قسوة ومبدئية من كيلو. وما هي الخطوط الحمراء إن لم تكن إسرائيل واحتلال الجولان وسياسة النظام الحكيمة!
لماذا لا يوفر النظام لأبنائه السوريين حياة اجتماعية وسياسية واقتصادية مقبولة. لماذا لا يمنح النظام لشعبه فرصة الدفاع المستميت عنه وعن سياسته. لماذا لا يترك النظام سياسة التطويع جانباً، ويهيّئ شعبه ليكون قاعدة صلبة وحضارية وواعية تدافع عنه بالمنطق ضد سياسة العزل الغربية وفي وجه الضغوط الواهية. لماذا لا يثق النظام بأبنائه ويعتمد على قدراتهم.
من جهة أخرى، ليس على الناشطين السوريين في مجال حقوق الإنسان أن يستاؤوا من التقارب الغربي مع دمشق. فالعزلة التي تعيشها سوريا والتي يفرضها الغرب، تساهم بكثافة بتعزيز علاقات دمشق مع إيران الحليف الوحيد المتوافر، أو مع حماس شريكها الوحيد في معاداة إسرائيل وتشريع المقاومة في وجه الاحتلال. ليس على المعارضة السورية أن تعرب عن استيائها من هذا التقارب، فالتجارب علّمتنا أن الشعب هو الخاسر الوحيد في سياسة العزل. الشعب الذي يقف بصمت منتظراً، هو البريء تماماً من اللعبة السياسية الوسخة، هو الخاسر الأكبر في سياسة العزل. الشعب الذي لم يكن طرفاً في العملية السياسية، هو الذي تـُرمى نتائج العزلة على كتفيه، هو الذي تتلاعب به السياسة كورقة ضغط لا تستخدم إلا للتلويح والتهديد.

butterfly
16/08/2009, 20:07
في دمشق شريحة على الهامش
ديمة ونوس: صحيفة الاخبار اللبنانية 24/11/2006

في دمشق، كما في معظم العواصم العربية، هناك شريحة عظمى تولد في الشارع من دون أن نلمحها أو نكترث لوجودها. شريحة أنهكها الفقر والخوف. لا تهمها الأحداث التي تربك الحياة في الوطن العربي. لا تعنيها الضغوط التي تتعرض لها دمشق أو إيران. غير مسؤولة عن الوضع في لبنان. غير مكترثة بالاحتلال الأميركي لأفغانستان أو للعراق. شريحة أنهكها الفقر والخوف.
في دمشق، الكل مشغول بلملمة قصاصات من التصريحات الأميركية والأوروبية. بتحليل ما يجري بطريقة لا تخلو من المبالغة. بالتربع أمام التلفاز لساعات طويلة. ما عدا تلك الشريحة التي لم تعد معنية بأي تفصيل يتجاوز بؤسها المخيف، الكبت الاجتماعي والسياسي المحيط بها، الفروق الطبقية التي صارت جزءاً من نسيج الحياة في سوريا، القهر الشرس والخانق.
في دمشق، كما في معظم العواصم العربية، هذه الشريحة العظمى غير المعنية بأي تفاصيل مهمة، هي التي تولد في الشارع من دون أن نلمحها. هي التي تحرك السير في الشارع وتنظمه من دون أن نكترث لوجودها. أن نتأمل قهرها وبؤسها. هذه الشريحة المترامية في شوارع دمشق المعدومة، في القرى التي تعتلي الجبال بالقرب من البحر أو بعيداً عنه، تغضبها محاكمة صدام حسين. هذه الشريحة التي لا تمتلك تلفازاً، ولا تقرأ الصحف، ولا تُشغل بلملمة قصاصات من التحليلات التي تصدّرها البرامج السياسية، تحزن على صدام وتتسامح مع جرائمه. ترفض تسميته بالديكتاتور وتضعه مكان أي زعيم عربي يتربع على عرشه. هي تعرف جيداً أنه إرهابي وينتمي للأنظمة الشمولية القمعية، لكنها ترفض أن يحكم عليه بالإعدام وتهان كرامته، كرامة القائد العربي.
هذه الشريحة المهمشة التي لا يثبت وجودها سوى الختم الرسمي المطبوع على دفاترها العائلية، تعشق السيد حسن نصر الله وتعتبره زعيماً عربياً بامتياز. تستمع إلى خطاباته في المقاهي أو يتناءى إلى مسامعها صدى نبرة صوته الواثق من وراء جدران البيوت المتلاصقة. يشدها خطابه الحماسي والوطني. يتقد الدم في شرايينها من إيقاع جمله القصيرة والمُحكمة. تتسارع نبضات فؤادها من نظرات السيد، من لمعان عينيه المفعمتين بالحكمة والحنكة. السيد حسن نصر الله استعاد لهذه الشريحة العظمى الراكدة على هامش الحياة، هامش الذاكرة، متعة الانتصار أو التفوق. أعاد لها كرامتها التي ولدت وماتت في الشارع من دون أن يلمحها أحد أو يكترث لوجودها أصلاً.
في دمشق، هذه الشريحة التي أرغمت على العيش في محيط لم يساهموا يوماً إلا في تكريس تخلفه وانغلاقه، لا تكتمل صورة الكرامة العربية في أذهانها إلا بانضمام الرئيس الإيراني إلى الصورة من اليمين أو من اليسار أو حتى في الوسط لا يهم. محمود أحمدي نجاد هو ربما القائد الوحيد الذي تجرأ على تهديد العدو بالفناء. هو الوحيد الذي يرد على تهديدات إسرائيل في اليوم ذاته بتطوير سلاحه أو بتجريب صاروخ قدرته تفوق المنطق. هذه الشريحة يمتعها الحديث عنه، عن طموحاته النووية، عن قوته وجرأته الخارقتين، عن عينيه الطفوليتين أو حتى عن سمعته النظيفة، فهو لا يمتلك حتى الآن سوى سيارة صغيرة متواضعة.
هذه الشريحة المغيبة تماماً عن كل ما يجري، يفرحها خبر التفجيرات التي تستهدف السفارات الأجنبية في العواصم العربية، كما أفرحتها تفجيرات الحادي عشر من أيلول رغم تداعياتها. ترضي إحساسها بالنقص، تعيد لها كبرياءها المنتهكة. تشعر بأن هذا الإحساس «القومي والعروبي» يميزها عن الشرائح الأخرى.
فوز حماس كان فوزها، فوز المقاومة الباسلة، فوز العقلية الدينية على عقلية الفكر وثقافة الحوار المتمدن. حتى في فلسطين أضاعت النخبة السياسية مشروعها والمخزون الثقافي الذي مضى قرن على مراكمته. فوز حماس كان فوز الغالبية العظمى من الشارع الذي اختار ثقافة الدين والفقه الإسلامي والجهاد.
تصريحات قادة حماس المتوعدة تملأ الفراغ في ذاكرة تلك الشريحة. الثأر لدماء الفلسطينيين هو ثأرها لدمائها الجامدة في العروق خوفاً من المجهول. تبنّي كتائب القسام لعملية استشهادية ينسكب بريقاً لزجاً من الحرارة والغبطة في روحها التي لم تشارك يوماً في القرار السياسي أو في تغيير ما.
هذه الشريحة التي تعيش في الشارع من دون أن تمتلك ذرة من ترابه أو رصيفه، صفعتها التصريحات الأخيرة لوزير الثقافة المصري فاروق حسني، عندما وصف شعر النساء بالورود. كفـّرته وطالبت بإقالته وربما اشتهت موته. هذه الشريحة التي لا تملك ثمن صحيفة أو أي وسيلة إعلامية، حاصروا مخيلتها وقدرتها على الإدراك بقناة تلفزيونية واحدة تشبه ربما قناة السويس أو قناة بنما أكثر بكثير مما تشبه قناة تلفزيونية. حددوا خياراتها بثلاث صحف محلية يهمها الحديث عن جرائم الشرف أو عن المحاضرات الممجوجة التي لا تمل البحث في الأدب الجاهلي أكثر بكثير من الوقائع المخيفة التي ترهب العالم بأسره.
هذه الشريحة التي تعاني أزمة وجود يأسرها وجود شخص كأسامة بن لادن في حياتها. بن لادن الأسطورة التي استعاضوا بها عن أساطير ألف ليلة وليلة حتى في نسختها المعدلة. بن لادن الذي يمتلك الأسلحة الوحيدة المتاحة لهذه الشريحة. سلاح الإيمان بالله واليوم الآخر. سلاح المقاومة الدينية والجهاد في سبيل الله. سلاح الخطاب الديني الحماسي. لم تعد الثورات الفكرية والثقافية قادرة على مواجهة الفحش السياسي والاجتماعي. لم تعد الشريحة هذه تؤمن بأحلام المقاومة الفكرية الثقافية التي أفشلت مشروعها تراكمات من القمع والدماء. التي قتلت لغة العسكر حماستها وحريتها.
قد تكون الأنظمة التي جاء بها القدر هي التي سممت أرواح الغالبية العظمى من الشارع، لكن الخطاب الإيديولوجي التي تتبناه النخبة رافضة التخلي عنه، قد يكون عاملاً محزناً، لكنه مهم في ابتعاد القاعدة الشعبية المغيبة والمهمشة والمحرومة من وسائل الانفتاح والإدراك عن الخطابات الفكرية والثقافية. قد يكون عاملاً أساسياً في انضمام هذه الشريحة العظمى للفكر الديني الشعبي الذي يناسب قدراتها وبؤسها والفراغ السياسي والثقافي الذي تعيشه.

..Jimy
16/08/2009, 21:58
ما كنت سمعان عنها..لحتى طلعت قناة المشرق.. وصرت تابع برنامجها..
وهيي عم تعمل مقابلة مع صادق جلال العظم قلها "انا أملي بالكتاب الشباب متلك"..

فلهلئ عم نزل الكتاب اتصفحوا بين ما صارت عندي وقت لاقرأو:pos:..

يسلمون مرسيل :mimo:..

اسبيرانزا
17/08/2009, 14:36
ربّوا أولادكم



هالقصة فظيعة :cry:

DARKNESS
18/08/2009, 11:56
يسلموا عالكتب الحصرية:D

بعتقد في ألها مستقبل زاهر هال ديمة لأنها جريئة جدا حسب مو شايف

بس ألا ما تواجه صعوبات من ورا جرئتها و تخطيها الحدود الحمراء

ritka
22/08/2009, 06:26
ربّوا أولادكم
في دمشق شريحة على الهامش رائعة جدا :D

الكتاب كمان حلو كتير.. كل قصة كانت بتعبر عن شي منشوفو دايما.. او بـ اسوأ الحالات منسمع عنو
يمكن اكتر وحدة اثرت فيني هاي تبع سواق التكسي.. و اول وحدة بتع جعفر..

شكرا الك مرسيل لـ تعريفي فيها ما كنت بعرفها من قبل .. :mimo:

butterfly
23/08/2009, 10:31
إي (( مواطن )) يرفض الإصلاح ؟

كل صباح، يتربع المواطن أمام ذاكرته، هو السوري الذي لا ذنب له بما يحدث. تخونه ذاكرته أمام المبادرات الاصلاحية التي تغنيها شريحة لا تشبهه. ذلك الصباح، قرأت المواطن فراس طلاس بعين يبللها الغبار. تساءلت ذاكرتي المشحونة بقصصهم عن ال<<نحن>> التي ملأت فراغ الذاكرة في مقالته.

هذه ال<<نحن>> التي لا تُلفظ إلا في الازمات، المبعدة عن أي خطاب وأي مبادرة، التي لم تساهم يوماً في صنع هذا القدر الحزين.
تساءلت ذاكرتي عن دعوته الجميع لإنقاذ الوطن من الضغوط المغرضة، الجميع الذي لم يدع يوماً لإبداء رأيه بما يحدث. الذي انتزعت من يومه مفردات المشاركة.
انفجرت في ذاكرتي كلمة <<الحوار>> التي اختبأت بخجل في مقالته، الحوار الذي أودى بالكثيرين الى المجهول، الذي يتجنبه المواطن ليعيش يومه بسلام.
كتب فراس طلاس عن عظمة الانسان السوري ومقدراته، ناسياً أن هذا الانسان شُلت قدرته على التحمل، هو الذي يتصارع يومياً مع إنسانيته المسلوبة والمفرغة من حقها في الفهم والحوار والتمرد.
تحدث عن الثروات التي يمتلكها الوطن، متجاهلا عين المواطن الجائعة التي تحدق بقهر في ترف حياة البعض. الثروات التي نهبت وابتلعت أمام عينيه العاجزتين.
الآن فقط، يراهن فراس طلاس على الانسان السوري ويطالبه بنسف مرارته والبدء من الصفر، لبناء بلد راق! وكأن الانسان السوري هو من يرفض الرقي، ويصر على موقعه الهامشي وصوته المقموع.
عندما تعترف ال<<هم>> بقيمة الانسان الفكرية، قد تقبل ال<<نحن>> بتأمل خطاب مواطن يقاسمها المواطنة بندية كفراس طلاس.


السفير