-
دخول

عرض كامل الموضوع : المذاهب الفلسفية- العقلاني والتجريبي والوجودي والبراغماتي


جحلاط فيصل
15/06/2009, 09:20
ا- المذهب العقلاني
العقلانية هي اتجاه فكري يرى أن العقل هو المصدر الأول للمعرفة ، و الأداة الأساسية في البرهنة ، و المقياس الذي نميز به بين الأفكار الصحيحة و الأفكار الخاطئة ، و بين الافعال الخيرة و الأفعال السيئة ، و المنبر الوحيد الذي نطل به على الحقيقة .و يعتبر رنيه ديكارت s ، و سبينوزا و لايبنتز من رواد هذا المذهب . و تتمثل أهم حججهم في :
- في العقل مبادئ فطرية و قبلية سابقة عن كل تجربة ، و ليست متولدة من الحس ، فهي واضحة و بسيطة لا يشوبها الخطأ ، عليها تنشأ المعرفة وتتكون الأفكار الصحيحة ، مثل مبدأ الهوية القائل أن الشيئ هو دائما ذاته ، و لا يكون شيئأ آخرا ، و مبدأ عدم التناقض القائل أن المتناقضين لا يجتمعان معا ، ، و مبدا العلية القائل ان لكل علة معلول و لكل معلول علة ، ومن الأفكار الفطرية و البديهية فكرة وجود الله ، و وجود الذات الذي مرده التفكير يقول ديكارت ( انا أفكر فأنا اذن موجود )
- إن معرفتنا بحقيقة الامور لا تتوقف على الحواس ، بل على نشاط العقل لأن الحواس لا تحقق معرفة مجردة التي يحتاجها التفكير ، ان التفكير يقوم على الكليات و هي صور مجردة تدرك بالعقل مثل صورة الانسان و صورة الحيوان و صورة المعدن ..الخ بينما الحواس لا تدرك الا الجزئيات ، فالعين ترى أحمد ، و علي ، و حياة ، لكنها لا ترى الإنسان لأنه صورة مجردة ..
- الحواس مصدر غير موثوق ، و أحسن دليل على ذلك هو الخداع البصري ، الا نرى السماء ملتصقة بالبحر لما ننظر في الأفق؟ ، ألا تبدو لنا العصا المغموسة في الماء منكسرة ؟ ألا نرى حجم الجسم يكبر كلما يقترب منا و يصغر كلما يبتعد عنا ؟ فالحقيقة اذن ليست ما نراه بل ما نتصوره
- الحقائق الاولى كالاوليات الرياضية و المنطقية تدرك بالعقل عن طريق الحدس من غير مقدمات ، و الحدس نور فطري و معرفة مباشرة ليست مسبوقة بمقدمات كقضية الكل أكبر من جزئه ، و أن ثلاثة عدد فردي ، أن المستقيم ليس معوج ، و أن الجسم ممتد ...الخ يقول ديكارت ( اإن حدس البداهة اوثق من الاستنتاج ذاته ) و يقول سبينوزا ( ان العقل يجد شكله الاسمى و الاصح في الحدس )

النقد/ عندما نفكر لا نصيب دائما مما يعني أن الفكر غير معصوم من الخطأ ، و الحواس رغم أنها لا تقدم لنا معرفة يقينية أحيانا ، الا أنها تبقى ضرورية من أجل الاتصال بالعالم الخارجي ، و لو كانت المعرفة فطرية لكانت واحدة عند الجميع لكن الواقع يثبت أنها متفاوتة

ب المذهب التجريبي
/ التجريبية مذهب فلسفي يرجع كل المعرفة و مادتها و قوانينها إلى التجربة و معنى ذلك انه لا يوجد شيء في العقل ما لم يوجد في الحس ، إذن التجربة التي مصدرها الإحساس هي المنبع الأول لجميع الأفكار و يعتبر حون و كوندياك و دافيد هيــوم رواد هذا المذهب و تتمثل مبرراتهم في
- الحواس مصدر المعرفة والنافذة التي نطل بها على العالم الخارجي ، ومن فقد حاسة ، فقد المعاني المتعلقة بها ، فالبرتقالة مثلا ، يصل إلينا لونها عن طريق البصر ، و رائحتها عن طريق الشم ، و طعمها عن طريق الذوق ، و ملمسها عن طريق اللمس ، فلو تناول هذه البرتقالة كفيف البصر يدرك كل صفاتها الا لونها ، فالكفيف لا يدرك الألوان ، و الأصم لا يدرك الأصوات ، فلولا الحواس لما كان للأشياء الخارجية وجودا في العقل
- النفس لوحة بيضاء و كل ما فيها مكتسب فكرتنا عن العالم الخارجي ليست سوى مجموعة من الاحساسات تحولت بحكم التجربة الى تصورات ،فالمعرفة تكتسب بالتدريج عن طريق الاحتكاك بالعالم الخارجي و ما تحدثه الوقائع من آثار حسية، هكذا تتكون فكرتنا عن اللين و الصلب ، الابيض و الاسود ، القبيح و الجميل ، الخير و الشر ، فلا يستطيع الطفل ادراكها منذ ولادته إذن لا وجود لأفكار فطرية أو مبادئ قبلية سابقة عن التجربة يقول جون لـــوك (لنفرض أن النفس صفحة بيضاء فكيف تحصل على الأفكار ؟ إني أجيب من التجربة ، و منها تستمد كل مواد التفكير )فنحن ندرك الملموس قبل المجرد ، و الخاص قبل العام
- فالمبادئ ليست ضرورية و لا كلية ، لأن العقل ثمرة التجربة ، و التجربة متغيرة وأنه لهذا السبب نفسه تابع لشروط متغيرة ، وأحكامه لا تصبح كلية و لاضرورية الا بالنسبة لظرف معين فهي نسبيـــة و كما انها غير ذاتية لأنها متعلقة بحوادث متغيرة خارجية

النقد / رغم أن الحواس ضرورية للاتصال بالعالم الخارجي إلا أنها غير كافية للإطلاع على حقيقة هذا العالم فالكثير من الأمور تغيب عن شهادة الحواس و تحتاج الى إدراك عقلي كالصور المجردة والعلاقة الثابتة بين الأشياء ، بالإضافة إلى أن الحواس مصدر غير موثوق في المعرفة

1- المذهب البراغماتي Pragmatisme
أو (الذرائعية )فلسفة أمريكية تجعل الأفكار ذريعة أو أداة لتحقيق عمل نافع و عليه تكون المصلحة أسبق من كل شيئ ، و هي التي يجب اعتمادها في الحكم على صحة الأفكار . إن لفظ (براغما Pragma) تعني باليونانية عمل و ممارسة ، و يعتبر كل من تشارلز بيرس و وليام جيمس و جون ديوي من رواد هذا المذهب .و تتمثل اهم حججهم في:
- فالأفكار تصدق بواسطة العمل الذي تحققه (العبرة بالنتائج ، و ليس بالمبادئ )، و معنى ذلك أن الفكرة التي لا تنتهي بسلوك عملي ، تعتبر فكرة باطلة لأنها عديمة الفائدة
- ان الفكرة ، التي تتحول الى عمل يمكن التحقق منها و معرفة صحتها و ذلك النظر الى النتائج المترتبة عنها . اذا كانت نافعة فهي صادقة ، أما اذا كانت ضارة فهي كاذبة ، أما الافكار المجردة التي لا تتحول الى عمل ، أي عديمة النشاط فهي ليست بأفكار لأننا لا يمكن التحقق منها ، فهي مجرد تخمينات فارغة . هذه هي الحقيقة التي يجب العمل بها
يقول وليام جيمس (ان الفكرة تكتسب صدقها بعمل تحققه ....، و تكتسب صحتها بإنجاز العمل الذي هدفه و نتيجته هو اثبات صحتها ) . اذن غاية الفكرة هي العمل
و يرى جون ديوي أن مقياس الحقيقة هوالمرونة و السهولة اللذان يوصلان الى الهدف .والفكرة يجب أن تكون أداة لخدمة الحياة ، و لما كانت للعلم آثار نافعة طالب جون ديوي بضرورة تعميم المنهج العلمي في شتى المجالات ، و الابتعاد عن الأفكار الميتافيزيقية التي لا تفيد و لا تزيد الإنسان الا ضياعا .

النقد/ إن المنفعة ليست مقياس موضوعي ، بل ذاتي يختلف من شخص لآخر ، فما ينفعنا على سبيل المثال قد لا ينفع غيرنا ، فلا تكون الحقيقة واحدة عند جميع الناس، بمعنى أن الفكرة قد تصح عند البعض و لا تصح عند البعض الآخر لذلك يجب أن نأخذ بالمبادئ أيضا

2-المذهب الوجودي L’existentialisme

الوجودية حركة فكرية معاصرة تهتم بوجود الإنسان و بما يصنعه ، و تكشف عن معاناته ،و تقدير إرادته على تغيير هذا العالم و توجيهه و خلق مستقبل جديد ، و يعتبر كل من سورين كيركغارد ، و مارتن هيدغر ، و جون بول سارتر ، رواد هذا المذهب ، و تتمثل مبرراتهم في :
1- اسبقية الوجود عن الماهية/ فالإنسان يوجد اولا ثم يختار ما يكون عليه في المستقبل ، أي هو الذي يقرر مصيره بنفسه ، فالماهية هي دائما مشروع مستقبلي ، هكذا نجد أن الطفل يعمل من اجل شبابه و الشاب يعمل من أجل رجولته وهكذا ....اذن وجود الانسان هو ما يفعله ، فأفعاله هي التي تحدد وجوده و تكونـه .(الإنسان مشروع و ليس موضوع)
2- الفرديـــــــة/ الانسان كائن فردي لأنه لا يعترف الا بما يحبه و يشتهيه ، و لا حقيقة عنده الا ما يهمه و ما ينفعل له . يقول كيركغارد (الحقيقة ما أحياه و أنفعل له ) و يرى هيدجر ان الفرار من وجه العدم الماثل في صميم الوجود يدفع بالسقوط بين الناس في الحياة اليومية الزائفة
3 - الحريــــــــــة، الإنسان حر ، و هذه الحرية تعبر عن صميم وجوده ، فالإنسان عندما يختار بين الرغبات فانه يشعر بذاته الحرة المستقلة و المتميزة يقول سارتر ( الشعور بالذات يقتضي الحرية ، و الحرية تقتضي الإمكانية ، لأن الحرية تتضمن الاختيار ، و كل اختيار هو اختيار بين ممكنات) و في الاختيار مخاطرة ، فلا بد إذن من تصميم واعي بالأسباب و الأهداف 4 - القلــــــــق / أعظم مظاهر الوجود يقول هيدجـــــر " القلق هو الذي ينبه الى الوجود " لولاه لما استيقظ الإنسان من سباته و تعرف على اهتماماته و اكتشف أخطاءه
القلق من ان يكون الاختيار سيئ و بالتالي الرسوب ، و أعظم ما يثير القلق هو الموت ، لكن الموت كما يرى هيدجر ليس ثمرة الحياة ، بالحياة تتضمن الموت منذ هي حياة ، فمنذ ان يولد الإنسان يكون ناضجا للموت ، و الموت يجعلني أشعر بالفردية الى ابعد الحدود ، فلا أحد يستطيع الموت بدل مني ، ولذلك كان الموت أعظم ما يعبر عن وجودي الفردي الحق.

النقد /هكذا جمعت الوجودية بين المتناقضات بين الوجــود و العدم ، القلق و التفاؤل ، الموت و الحياة فهي فلسفة لا عقليـة ، و استطاعت أن تعبر عن معانات الإنسان المعاصر ، و تقدم له منهجا جديدا في الحياة ، يعتمد على الذات و تقبل الواقع ، غير أنها تجاهلت الحتميات و اثرها على الانسان ، فالحرية نسبية غير مطلقة ، فلا يمكن أن نحقق كل ما نريد



الأستاذ ج فيصل

sandra
15/06/2009, 14:15
رائع رائع
مقال جيد وغني
عجبني كتير الوصف والشرح بهالشكل المختصر المفيد للمذاهب الأربعة
بحس حالي اقرب للمذهب التجريبي
رغم أيماني بمقولة الذكي هو يلي بيتعلم من خطأه والعبقري هو يلي بيتعلم من أخطاء غيره
لكن أغلب معارفنا وأحكامنا ومواقفنا مستندة إلى تجربتنا الشخصية
طبعاً لما منستند لتجربتنا الشخصية فقط فمعرفتنا ناقصة
وهالمعرفة الناقصة بتكتمل أو بتصير اقرب للكمال بالتفكير والمحاكمة العقلية وهون بيجي دور المذهب العقلاني

برجع بشكرك عالمقال
:D

safafita
26/09/2009, 23:30
thanks a lot :clap: