dani75
19/05/2009, 00:23
50 % نسبة انخفاض أسعار العقارات!!
لايزال امتلاكُ منزل مجرد حلم بالنسبة للكثير من السوريين!، الذين سيكون عليهم انتظار اللحظة التي قد لا تكون قريبة، ولاسيما مع استمرار الوضع في سوق العقارات السوري على حاله من الجمود، رغم انخفاض أسعار العقارات في مختلف بلدان العالم تحت تأثير الأزمة المالية العالمية، والانخفاض الدراماتيكي لأسعار مواد البناء. ويبدو أنَّ الحديث عن عدم تأثر سورية بالأزمة المالية العالمية يجد ما يؤكده تحديداً في هذا القطاع المعند وغير القابل حتى الآن للنزول عن عرشه،
لتأتي التقارير العالمية المبيّنة أنَّ مدينة كدمشق تتربَّع اليوم على قائمة المدن العشر الأكثر غلاء في أسعار العقارات عالمياً لتؤكد هي الأخرى أنَّ امتلاك منزل في سورية، ولا سيما في دمشق، سيبقى مجرد حلم للكثيرين؛ طالما بقيت الظروف المحيطة بهذا القطاع على حالها، رغم الحديث هنا وهناك عن أنَّ مسألة هبوط أسعار العقارات هي مسألة وقت فقط. ولكن السؤال هنا سيكون عن نسبة الانخفاض الموعود، وهل ستكون الأسعار بعده في متناول المواطن السوري؟.
لم يحن الوقت بعد!!
مسألة العقارات مازالت الموضوع الشائك الذي لا يزال في حالة من الجمود والركود، حيث تحافظ أسعار العقارات في سورية على ارتفاعها منذ بداية العام الحالي، على الرغم من انخفاض أسعارها عالمياً نتيجة الأزمة المالية العالمية. ومن الممكن أن يتأثر قطاع العقارات بالأزمة لكن ليس بشكل كبير، وانخفاض أسعار العقارات سيكون نتيجة جمود حركة البيع والشراء في السوق، وليس من المتوقع أن تنخفض تلك الأسعار أو حتى تتغيَّر إلا في أوائل الشهر الثامن من العام الجاري، وذلك بحسب ما أفاد به إبراهيم عم علي رئيس نقابة المقاولين السوريين في دمشق: «من المتوقع أن تنخفض أسعار العقارات في سورية أوائل الشهر الثامن من العام الحالي، وذلك بنحو 50 % تقريباً. وبعد فترة لاحقة، قد تصل نسبة الهبوط إلى أقل من ذلك، لكن ليس بالسرعة التي ينتظرها البعض. والسبب في ذلك يعود إلى عودة جزء كبير من اليد العاملة في منطقة الخليج العربي إلى سورية، للعمل والاستقرار فيها، نتيجة الركود الموجود هناك».
ومن الملاحظ أنَّ التأكيد على هبوط أسعار العقارات واقعٌ لا مهرب منه، لكن الوضع الآن لا يوصف إلا بالجمود والركود، فالاتجاه نحو الهبوط التنازلي في أسعار العقارات سيكون -بحسب الخبير الاقتصادي رياض كحالة- في العقارات التي ليس لها نظام بناء، أي العقارات المبنية خارج حدود التنظيم، والتي تخضع إلى موافقات خاصة في الحصول على تراخيص سياحية- هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإنَّ أسعار العقارات، التي تكون في مناطق التنظيم وضمن حدود البلديات والقرى والمحافظات (بناء سكني أو حتى بناء تجاري)، ستبقى متماسكة، وهبطت بنحو 20 %، فأسعار بعض المناطق تدنت بحدود 30 %، وأخرى بنسبة 40 %. أما المناطق الأخرى، مثل دمر وكفرسوسة وغرب المالكي، فلا تزال أسعارها ثابتة».
بين الريف والمدينة
على الرغم من انخفاض أسعار العقارات عالمياً، إلا أنَّ العقارات في سورية بقيت شامخة في الأعالي!!، والسبب يعود كما يقول مازن (أحد أصحاب المكاتب العقارية) إلى أنه «لا يوجد بديل مناسب للعقار الموجود في المدينة؛ فعلى سبيل المثال الريف يتضمَّن محاضر كثيرة ومنتشرة بشكل كبير، لكن الريف في المقابل لا تتوافر فيه تلك الخدمات المتوافرة في المدينة، من شبكة مياه وكهرباء جيدة توازي الموجودة منها في المدينة، والتي تجذب الجميع للسكن فيها، لتوافر هذه الخدمات بشكل مريح، وكلُّ فرد يسعى كي يأخذ قرضاً من البنك لشراء منزل، ويتحمّل تسديد أقساطه للبنك.. كلُّ ذلك لقاء عدم ذهابه للعيش في الريف».
وفيما يخصّ جمود أسعار العقارات، أشار مازن إلى أنَّ «السوق الآن يعتبر في حالة ترقب: ماذا سيحدث؟ وكيف سيكون الوضع؟.. إذ من الممكن أن يستمرَّ هذا الوضع حتى يتوافر البديل المناسب، سواء من ناحية الخدمات المتوافرة حالياً في المحاضر المبنية في الريف، أم من ناحية أن يتوافر استثمار مناسب وسريع للمواطن أفضل من الاستثمار في العقار»، مضيفاً: «التأثر الملموس بالأزمة المالية العالمية لم ينعكس على العقارات، ولاسيما في المدينة، إذ لم يحدث هبوط في الأسعار فيها كما هو مشاع حالياً بين المواطنين».
فالطلب الموجود في السوق الآن لايتناسب مع المعروض، والمعروض في السوق حالياً سعره مرتفعٌ قياساً إلى نفس العقار الأفضل منه والذي بيع سابقاً، وكلُّ عقار بيع حالياً في السوق بيع بسعر مرتفع أكثر من ذي قبل.
ويرجع أبو محمد (صاحب مكتب عقاري) سببَ جمود وركود سوق العقارات إلى عدم إقبال المواطنين على شراء المنازل، بسبب قلة السيولة بين أيدي المواطنين، حيث أصبح أغلب الناس يتجهون إلى استثمار أموالهم في مجال آخر غير مجال العقارات، ولاسيما في حال طرح موضوع سوق الأوراق المالية، إذ سيكون توظيف الأموال في منحى آخر.
عقارات ثابتة
من المعروف أنَّ الدورة العقارية في سورية تستمرُّ من 6 إلى 7 سنوات كحدّ أدنى، وهي لا تنتهي بسرعة (دورة صعود وهبوط)، فسوق العقارات سيبقى جامداً، ولن يتحرك على مدى سنتين على الأقل، باستثناء الطفرات التي من الممكن أن تحصل، كزيادة السيولة والطلب من قبل بعض الأشخاص. ويستثنى من هذه المعادلة -بحسب كحالة- العقارات المتميزة في دمر وكفرسوسة وغرب المالكي؛ إذ ستبقى أسعارها ثابتة. ويعود السبب إلى هجرة السكان من منازلهم وسط المدينة والذهاب إلى الضواحي هرباً من الضجيج وأزمة المرور التي باتت خانقة، فمنطقة دمر وقدسيا الآن أسعارها مرتفعة كثيراً نتيجة زيادة الطلب عليها، وتحوّل تلك المنازل إلى مكاتب تجارية.
من المعروف أنَّ وضع أسعار العقارات في المدينة يختلف عنه في الريف؛ يقول كحالة: «يبدأ فيها هبوط الأسعار بشكل جزئي إلى أن يتدرج في النزول، على خلاف الوضع في المدينة، التي تظلّ محافظة على أسعارها ومتمسكة بها».
عوامل تتحكَّم بالعقارات
هناك عاملان يتحكمان بمسألة صعود وهبوط أسعار العقارات في سورية؛ يوضح كحالة ذلك بقوله:
«العامل الأول يتعلق بمسألة العرض والطلب التي تشبه إلى حدّ كبير المعادلة العكسية، فإذا زاد العرض وقلَّ الطلب تهبط الأسعار، فالمشتري في هذه الحالة هو الذي يقوم بتحديد سعر العقار الذي يريده، وهو حال السوق الآن، حيث يضطر البائع إلى البيع بسعر أقل من التقييم الذي يملكه.
لكن عندما يكون اتجاه الأسعار تصاعدياً فالبائع يقوم بفرض السعر الذي يريده». وفي السياق ذاته، تحدَّث عم علي: «العرض في سوق العقارات كثير لكن الطلب قليل.
وهذا بدوره أدى إلى هبوط أسعار العقارات دون حدّ التكلفة». فالحركة العقارية، كما أشار إبراهيم عم علي في سورية، «هي حركة تجارية وليست حركة عرض وطلب، أي أنَّ الشخص عندما يشتري العقار يقوم ببيعه ليربح فيه؛ فانخفاض الطلب في سوق العقارات سيؤدي إلى هبوط الأسعار حتى دون المستوى المطلوب، إلى جانب مسألة الإيجارات التي تخضع أيضاً إلى مسألة العرض والطلب، ولاسيما خلال فترة الصيف الذي يعتبر موسم السياحة وقدوم السياح، حيث ستزيد حتماً أسعار الإيجارات».
نداء استغاثة
إنَّ انخفاض أسعار مواد البناء لا ينعكس إيجابياً على العقارات الموجودة، لاسيما أنه يوجد في دمشق وريف دمشق أبنية خالية. والسبب يعود -كما أوضح الموحد- إلى أنه لا يوجد قوة شرائية لها. وأسعار هذه العقارات من المستحيل أن تهبط لأنَّ التكلفة التي بنيت بها تلك البيوت مرتفعة؛ فالتاجر الذي قام بالبناء وقت كانت أسعار مواد البناء مرتفعة، من الصعب أن يبيع بسعر أقل ويتحمّل الخسارة التي ستصبح فيما بعد أمراً واقعاً عملياً. والمستفيد الوحيد من هبوط أسعار العقارات هم الذين قاموا بالبناء في ظلِّ انخفاض أسعار مواد البناء، وانخفاض العقارات سيكون حسب المناطق، ونسبته تختلف من منطقة إلى أخرى.
والمشكلة الكبرى التي يعاني منها معظم المقاولين -على حدّ قول الموحد- هي مسألة الروتين الموجود لدى الجهات المعنية، والذي يتطلَّب منهم السير في أروقتها الطويلة للحصول على تراخيص من أجل البناء الذي ينوون بناءه. وهذه المسألة غير موجودة في باقي الدول؛ فعلى الحكومة أن تعمل على تسهيل الأمور أمام المستثمرين من كافة الدول لفتح باب الاستثمار في سورية لمشروع سكني أو سياحي أو تجمع عمراني، حيث يجب تهيئة الظروف أمام المستثمرين من قبل الدولة، حيث تمَّ توقيف جميع المشاريع العمرانية في البلد كي تنتهي اللجنة التي شكلت في مجلس الوزراء من أجل دراسة التخطيط الإقليمي الذي من الممكن أن يأخذ سنوات طويلة الأمد كي تصدر القرارات في هذه المشاريع، فهناك أموال مجمّدة في العقارات المنوي إنشاؤها بقيمة 30 إلى 35 مليار ليرة سورية.
وقد أوضح صاحب أحد المكاتب الهندسية، التي تعمل في مجال البناء والإكساءات، قائلا: «فيما يخصُّ موضوع العقارات وانخفاض السوق، لا نستطيع تحديد انخفاض أسعار العقارات وارتفاعها، لاسيما في ظلّ ركود السوق، الذي يعود إلى مجموعة من العوامل الموجودة في السوق، كموضوع العرض والطلب.. فالعرض موجود بكثرة، والطلب يبنى على العرض، فإذا كان الطلب كثيراً ترتفع الأسعار، أما في حال قلَّ الطلب فستنخفض الأسعار. والموجود حالياً في السوق هو طلب قليل مقارنة بالفترة الماضية، بالإضافة إلى انخفاض أسعار المواد الأولية للبناء؛ فالانخفاض الذي أصاب الحديد عكس انخفاضاً شديداً من 10 إلى 15 % في السوق؛ فالمنزل الذي كان سعره 10 ملايين سينخفض إلى 7 ملايين ليرة سورية، وليس إلى 4 ملايين، والتكاليف أيضاً تعكس انخفاضاً نسبته من 5 إلى 10 %، فسعر المتر يكلف على الهيكل 6 أو 7 آلاف ليرة سورية.. أما الآن فيعكس انخفاضاً إلى 5 آلاف ونصف، ومن المستحيل أن تعود تكلفة المتر إلى 2000 أو 2800».
رؤى واقعية
ربما ينتظر المواطنون هبوط أسعار العقارات بعد الجمود والركود الذي أصابها، ولاسيما بعد انخفاض أسعار المواد الأولية، الذي لم يحرّك في أسعارها أيّ ساكن. لكن حتى الآن، لم يستطع أحد أن يجزم متى تكون فترة الانخفاض تلك، على الرغم من جاهزية جميع المعطيات التي تنبأ بمسألة انخفاض أسعار العقارات.. لكن الوضع الآن على ما هو عليه وكأنَّ شيئاً لم يكن.
توقعات
من المتوقع في عام 2009 أن تنخفض أسعار العقارات أكثر من عام 2008. وتعود الأسباب، كما ذكر المقاول حسام الموحد، إلى «انخفاض العقارات عالمياً، والوضع الاقتصادي في العالم، وهبوط الأسعار لاسيما أسعار مواد البناء حصراً، وهو ما ترك أثراً على السعر الحالي المحلي.. فإنَّ التكلفة اليوم للبناء أصبحت أقل بحدود 20 % أو 25 % تقريباً من التكلفة التي كانت عام 2007. وهذه التكلفة، ضمن نطاق انخفاض الأسعار، تعود على المستهلك وليس على التاجر. وعملياً إنَّ انخفاض الأسعار يؤدي إلى الانخفاض في العقارات التي تبنى حديثاً بالأسعار المحلية الآنية، وليس بالأسعار السابقة في عام 2007؛ فمثلاً انخفض سعر طن الحديد ليصل إلى 20 و25 ألف ليرة سورية اليوم، وهذا الانخفاض جيد جداً، فالإسمنت كان غير متوافر، والآن يعاني الإسمنت من الكساد جراء عدم وجود إنتاج».
ونعود إلى عملية العرض والطلب، التي تعتبر أحد العوامل الأساسية في تحديد أسعار العقارات، حيث قلّت عملية الطلب في السوق وكثُر العرض، فانخفضت الأسعار.. وهذا ما أثَّر أيضاً على المواد الأساسية في البناء (الإسمنت والحديد). وحسب التوقعات التي ذكرها الموحد، سينخفض العقار في عام 2009 من 40 إلى 50 % مقارنة بـ2007، وليس مقارنة بعام 2008.
وقال: «عدم وجود السيولة بين أيدي التجار والمواطنين وبالأخص المستهلك، يعود إلى تأثير الضربة الاقتصادية العالمية التي حدثت، ما أدَّى إلى انخفاض آخر داخلي وخارجي.. وهو ما أدَّى بدوره إلى انخفاض العقارات التي هي في طريقها إلى الانخفاض. وهذه هي طبيعة السوق المحلية التي نعيشها».
ماريشا زهر - بلدنا
لايزال امتلاكُ منزل مجرد حلم بالنسبة للكثير من السوريين!، الذين سيكون عليهم انتظار اللحظة التي قد لا تكون قريبة، ولاسيما مع استمرار الوضع في سوق العقارات السوري على حاله من الجمود، رغم انخفاض أسعار العقارات في مختلف بلدان العالم تحت تأثير الأزمة المالية العالمية، والانخفاض الدراماتيكي لأسعار مواد البناء. ويبدو أنَّ الحديث عن عدم تأثر سورية بالأزمة المالية العالمية يجد ما يؤكده تحديداً في هذا القطاع المعند وغير القابل حتى الآن للنزول عن عرشه،
لتأتي التقارير العالمية المبيّنة أنَّ مدينة كدمشق تتربَّع اليوم على قائمة المدن العشر الأكثر غلاء في أسعار العقارات عالمياً لتؤكد هي الأخرى أنَّ امتلاك منزل في سورية، ولا سيما في دمشق، سيبقى مجرد حلم للكثيرين؛ طالما بقيت الظروف المحيطة بهذا القطاع على حالها، رغم الحديث هنا وهناك عن أنَّ مسألة هبوط أسعار العقارات هي مسألة وقت فقط. ولكن السؤال هنا سيكون عن نسبة الانخفاض الموعود، وهل ستكون الأسعار بعده في متناول المواطن السوري؟.
لم يحن الوقت بعد!!
مسألة العقارات مازالت الموضوع الشائك الذي لا يزال في حالة من الجمود والركود، حيث تحافظ أسعار العقارات في سورية على ارتفاعها منذ بداية العام الحالي، على الرغم من انخفاض أسعارها عالمياً نتيجة الأزمة المالية العالمية. ومن الممكن أن يتأثر قطاع العقارات بالأزمة لكن ليس بشكل كبير، وانخفاض أسعار العقارات سيكون نتيجة جمود حركة البيع والشراء في السوق، وليس من المتوقع أن تنخفض تلك الأسعار أو حتى تتغيَّر إلا في أوائل الشهر الثامن من العام الجاري، وذلك بحسب ما أفاد به إبراهيم عم علي رئيس نقابة المقاولين السوريين في دمشق: «من المتوقع أن تنخفض أسعار العقارات في سورية أوائل الشهر الثامن من العام الحالي، وذلك بنحو 50 % تقريباً. وبعد فترة لاحقة، قد تصل نسبة الهبوط إلى أقل من ذلك، لكن ليس بالسرعة التي ينتظرها البعض. والسبب في ذلك يعود إلى عودة جزء كبير من اليد العاملة في منطقة الخليج العربي إلى سورية، للعمل والاستقرار فيها، نتيجة الركود الموجود هناك».
ومن الملاحظ أنَّ التأكيد على هبوط أسعار العقارات واقعٌ لا مهرب منه، لكن الوضع الآن لا يوصف إلا بالجمود والركود، فالاتجاه نحو الهبوط التنازلي في أسعار العقارات سيكون -بحسب الخبير الاقتصادي رياض كحالة- في العقارات التي ليس لها نظام بناء، أي العقارات المبنية خارج حدود التنظيم، والتي تخضع إلى موافقات خاصة في الحصول على تراخيص سياحية- هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإنَّ أسعار العقارات، التي تكون في مناطق التنظيم وضمن حدود البلديات والقرى والمحافظات (بناء سكني أو حتى بناء تجاري)، ستبقى متماسكة، وهبطت بنحو 20 %، فأسعار بعض المناطق تدنت بحدود 30 %، وأخرى بنسبة 40 %. أما المناطق الأخرى، مثل دمر وكفرسوسة وغرب المالكي، فلا تزال أسعارها ثابتة».
بين الريف والمدينة
على الرغم من انخفاض أسعار العقارات عالمياً، إلا أنَّ العقارات في سورية بقيت شامخة في الأعالي!!، والسبب يعود كما يقول مازن (أحد أصحاب المكاتب العقارية) إلى أنه «لا يوجد بديل مناسب للعقار الموجود في المدينة؛ فعلى سبيل المثال الريف يتضمَّن محاضر كثيرة ومنتشرة بشكل كبير، لكن الريف في المقابل لا تتوافر فيه تلك الخدمات المتوافرة في المدينة، من شبكة مياه وكهرباء جيدة توازي الموجودة منها في المدينة، والتي تجذب الجميع للسكن فيها، لتوافر هذه الخدمات بشكل مريح، وكلُّ فرد يسعى كي يأخذ قرضاً من البنك لشراء منزل، ويتحمّل تسديد أقساطه للبنك.. كلُّ ذلك لقاء عدم ذهابه للعيش في الريف».
وفيما يخصّ جمود أسعار العقارات، أشار مازن إلى أنَّ «السوق الآن يعتبر في حالة ترقب: ماذا سيحدث؟ وكيف سيكون الوضع؟.. إذ من الممكن أن يستمرَّ هذا الوضع حتى يتوافر البديل المناسب، سواء من ناحية الخدمات المتوافرة حالياً في المحاضر المبنية في الريف، أم من ناحية أن يتوافر استثمار مناسب وسريع للمواطن أفضل من الاستثمار في العقار»، مضيفاً: «التأثر الملموس بالأزمة المالية العالمية لم ينعكس على العقارات، ولاسيما في المدينة، إذ لم يحدث هبوط في الأسعار فيها كما هو مشاع حالياً بين المواطنين».
فالطلب الموجود في السوق الآن لايتناسب مع المعروض، والمعروض في السوق حالياً سعره مرتفعٌ قياساً إلى نفس العقار الأفضل منه والذي بيع سابقاً، وكلُّ عقار بيع حالياً في السوق بيع بسعر مرتفع أكثر من ذي قبل.
ويرجع أبو محمد (صاحب مكتب عقاري) سببَ جمود وركود سوق العقارات إلى عدم إقبال المواطنين على شراء المنازل، بسبب قلة السيولة بين أيدي المواطنين، حيث أصبح أغلب الناس يتجهون إلى استثمار أموالهم في مجال آخر غير مجال العقارات، ولاسيما في حال طرح موضوع سوق الأوراق المالية، إذ سيكون توظيف الأموال في منحى آخر.
عقارات ثابتة
من المعروف أنَّ الدورة العقارية في سورية تستمرُّ من 6 إلى 7 سنوات كحدّ أدنى، وهي لا تنتهي بسرعة (دورة صعود وهبوط)، فسوق العقارات سيبقى جامداً، ولن يتحرك على مدى سنتين على الأقل، باستثناء الطفرات التي من الممكن أن تحصل، كزيادة السيولة والطلب من قبل بعض الأشخاص. ويستثنى من هذه المعادلة -بحسب كحالة- العقارات المتميزة في دمر وكفرسوسة وغرب المالكي؛ إذ ستبقى أسعارها ثابتة. ويعود السبب إلى هجرة السكان من منازلهم وسط المدينة والذهاب إلى الضواحي هرباً من الضجيج وأزمة المرور التي باتت خانقة، فمنطقة دمر وقدسيا الآن أسعارها مرتفعة كثيراً نتيجة زيادة الطلب عليها، وتحوّل تلك المنازل إلى مكاتب تجارية.
من المعروف أنَّ وضع أسعار العقارات في المدينة يختلف عنه في الريف؛ يقول كحالة: «يبدأ فيها هبوط الأسعار بشكل جزئي إلى أن يتدرج في النزول، على خلاف الوضع في المدينة، التي تظلّ محافظة على أسعارها ومتمسكة بها».
عوامل تتحكَّم بالعقارات
هناك عاملان يتحكمان بمسألة صعود وهبوط أسعار العقارات في سورية؛ يوضح كحالة ذلك بقوله:
«العامل الأول يتعلق بمسألة العرض والطلب التي تشبه إلى حدّ كبير المعادلة العكسية، فإذا زاد العرض وقلَّ الطلب تهبط الأسعار، فالمشتري في هذه الحالة هو الذي يقوم بتحديد سعر العقار الذي يريده، وهو حال السوق الآن، حيث يضطر البائع إلى البيع بسعر أقل من التقييم الذي يملكه.
لكن عندما يكون اتجاه الأسعار تصاعدياً فالبائع يقوم بفرض السعر الذي يريده». وفي السياق ذاته، تحدَّث عم علي: «العرض في سوق العقارات كثير لكن الطلب قليل.
وهذا بدوره أدى إلى هبوط أسعار العقارات دون حدّ التكلفة». فالحركة العقارية، كما أشار إبراهيم عم علي في سورية، «هي حركة تجارية وليست حركة عرض وطلب، أي أنَّ الشخص عندما يشتري العقار يقوم ببيعه ليربح فيه؛ فانخفاض الطلب في سوق العقارات سيؤدي إلى هبوط الأسعار حتى دون المستوى المطلوب، إلى جانب مسألة الإيجارات التي تخضع أيضاً إلى مسألة العرض والطلب، ولاسيما خلال فترة الصيف الذي يعتبر موسم السياحة وقدوم السياح، حيث ستزيد حتماً أسعار الإيجارات».
نداء استغاثة
إنَّ انخفاض أسعار مواد البناء لا ينعكس إيجابياً على العقارات الموجودة، لاسيما أنه يوجد في دمشق وريف دمشق أبنية خالية. والسبب يعود -كما أوضح الموحد- إلى أنه لا يوجد قوة شرائية لها. وأسعار هذه العقارات من المستحيل أن تهبط لأنَّ التكلفة التي بنيت بها تلك البيوت مرتفعة؛ فالتاجر الذي قام بالبناء وقت كانت أسعار مواد البناء مرتفعة، من الصعب أن يبيع بسعر أقل ويتحمّل الخسارة التي ستصبح فيما بعد أمراً واقعاً عملياً. والمستفيد الوحيد من هبوط أسعار العقارات هم الذين قاموا بالبناء في ظلِّ انخفاض أسعار مواد البناء، وانخفاض العقارات سيكون حسب المناطق، ونسبته تختلف من منطقة إلى أخرى.
والمشكلة الكبرى التي يعاني منها معظم المقاولين -على حدّ قول الموحد- هي مسألة الروتين الموجود لدى الجهات المعنية، والذي يتطلَّب منهم السير في أروقتها الطويلة للحصول على تراخيص من أجل البناء الذي ينوون بناءه. وهذه المسألة غير موجودة في باقي الدول؛ فعلى الحكومة أن تعمل على تسهيل الأمور أمام المستثمرين من كافة الدول لفتح باب الاستثمار في سورية لمشروع سكني أو سياحي أو تجمع عمراني، حيث يجب تهيئة الظروف أمام المستثمرين من قبل الدولة، حيث تمَّ توقيف جميع المشاريع العمرانية في البلد كي تنتهي اللجنة التي شكلت في مجلس الوزراء من أجل دراسة التخطيط الإقليمي الذي من الممكن أن يأخذ سنوات طويلة الأمد كي تصدر القرارات في هذه المشاريع، فهناك أموال مجمّدة في العقارات المنوي إنشاؤها بقيمة 30 إلى 35 مليار ليرة سورية.
وقد أوضح صاحب أحد المكاتب الهندسية، التي تعمل في مجال البناء والإكساءات، قائلا: «فيما يخصُّ موضوع العقارات وانخفاض السوق، لا نستطيع تحديد انخفاض أسعار العقارات وارتفاعها، لاسيما في ظلّ ركود السوق، الذي يعود إلى مجموعة من العوامل الموجودة في السوق، كموضوع العرض والطلب.. فالعرض موجود بكثرة، والطلب يبنى على العرض، فإذا كان الطلب كثيراً ترتفع الأسعار، أما في حال قلَّ الطلب فستنخفض الأسعار. والموجود حالياً في السوق هو طلب قليل مقارنة بالفترة الماضية، بالإضافة إلى انخفاض أسعار المواد الأولية للبناء؛ فالانخفاض الذي أصاب الحديد عكس انخفاضاً شديداً من 10 إلى 15 % في السوق؛ فالمنزل الذي كان سعره 10 ملايين سينخفض إلى 7 ملايين ليرة سورية، وليس إلى 4 ملايين، والتكاليف أيضاً تعكس انخفاضاً نسبته من 5 إلى 10 %، فسعر المتر يكلف على الهيكل 6 أو 7 آلاف ليرة سورية.. أما الآن فيعكس انخفاضاً إلى 5 آلاف ونصف، ومن المستحيل أن تعود تكلفة المتر إلى 2000 أو 2800».
رؤى واقعية
ربما ينتظر المواطنون هبوط أسعار العقارات بعد الجمود والركود الذي أصابها، ولاسيما بعد انخفاض أسعار المواد الأولية، الذي لم يحرّك في أسعارها أيّ ساكن. لكن حتى الآن، لم يستطع أحد أن يجزم متى تكون فترة الانخفاض تلك، على الرغم من جاهزية جميع المعطيات التي تنبأ بمسألة انخفاض أسعار العقارات.. لكن الوضع الآن على ما هو عليه وكأنَّ شيئاً لم يكن.
توقعات
من المتوقع في عام 2009 أن تنخفض أسعار العقارات أكثر من عام 2008. وتعود الأسباب، كما ذكر المقاول حسام الموحد، إلى «انخفاض العقارات عالمياً، والوضع الاقتصادي في العالم، وهبوط الأسعار لاسيما أسعار مواد البناء حصراً، وهو ما ترك أثراً على السعر الحالي المحلي.. فإنَّ التكلفة اليوم للبناء أصبحت أقل بحدود 20 % أو 25 % تقريباً من التكلفة التي كانت عام 2007. وهذه التكلفة، ضمن نطاق انخفاض الأسعار، تعود على المستهلك وليس على التاجر. وعملياً إنَّ انخفاض الأسعار يؤدي إلى الانخفاض في العقارات التي تبنى حديثاً بالأسعار المحلية الآنية، وليس بالأسعار السابقة في عام 2007؛ فمثلاً انخفض سعر طن الحديد ليصل إلى 20 و25 ألف ليرة سورية اليوم، وهذا الانخفاض جيد جداً، فالإسمنت كان غير متوافر، والآن يعاني الإسمنت من الكساد جراء عدم وجود إنتاج».
ونعود إلى عملية العرض والطلب، التي تعتبر أحد العوامل الأساسية في تحديد أسعار العقارات، حيث قلّت عملية الطلب في السوق وكثُر العرض، فانخفضت الأسعار.. وهذا ما أثَّر أيضاً على المواد الأساسية في البناء (الإسمنت والحديد). وحسب التوقعات التي ذكرها الموحد، سينخفض العقار في عام 2009 من 40 إلى 50 % مقارنة بـ2007، وليس مقارنة بعام 2008.
وقال: «عدم وجود السيولة بين أيدي التجار والمواطنين وبالأخص المستهلك، يعود إلى تأثير الضربة الاقتصادية العالمية التي حدثت، ما أدَّى إلى انخفاض آخر داخلي وخارجي.. وهو ما أدَّى بدوره إلى انخفاض العقارات التي هي في طريقها إلى الانخفاض. وهذه هي طبيعة السوق المحلية التي نعيشها».
ماريشا زهر - بلدنا