سمر1
21/04/2009, 08:02
بعد مرور أكثر من عام على قيام السلطات السورية بحجب موقع «FACEBOOK» عن السوريين ها هي السيدة بثينة شعبان، مستشارة رئيس الجمهورية للشؤون الإعلامية، تقدم تفسيراً للخلفيات والأسباب التي كانت وراء قرار الحجب. لقد ادعت السيدة شعبان خلال ردها على سؤال لوفد برلماني بريطاني، خلال لقاء جمعه مع مجموعة من الصحافيين السوريين العاملين في مؤسسات إعلامية «خاصة»، أن الحجب يعود «لأسباب أمنية»، وقالت: «إن موقع (الفيس بوك) كان مفتوحاً في البداية أمام الجميع في سورية، لكننا اكتشفنا محاولات لجماعات إسرائيلية بفتح حوار مع مستخدمي (الفيس بوك) من السوريين، وهذا ما لا نسمح به، لأننا نرفض الخوض في حوار مباشر معهم، وهم يحاولون من خلال هذه المواقع جعل الحوارات، وكأنها أمر طبيعي، وهذا ما لا نقبله ولن نقبله لأن إسرائيل عدو لنا وتحتل أرضنا العربية».
هذه هي الإجابة الحرفية للسيدة شعبان وقد نقلها أحد الصحافيين الذين شاركوا في الاجتماع.
وما زاد اللغط و«القيل والقال» أن مكتب السيدة شعبان أجرى اتصالات فورية وعاجلة باصحاب موقع «سيريا نيوز» الإلكتروني الذي نشر تصريحاتها وبعضاً مما دار في اللقاء مع الوفد البريطاني، وطلب من الموقع أن يقوم بحذف الخبر على وجه السرعة، ولم يكتف الموقع بحذف الخبر، بل اعتذر، لسبب ما، من القراء عن نشره بدعوى أنه لقاء خاص، كذلك جرت اتصالات عاجلة مع الذين حضروا اللقاء كلهم وطلب منهم ألا ينشروا أي شيء عن اللقاء وما جرى فيه من اتصالات، خصوصاً منها تلك التي تعلقت بأسباب حجب موقع «FACEBOOK»، وقد نسي من كلف بإجراء هذه الاتصالات العاجلة أن وفدا بريطانياً كان حاضراً لا يمكن أن يُطلب منه أن يصمت عما جاء في اللقاء، كذلك نسي مكتب شعبان أن الخبر تم نشره وقرأه الملايين، لا بل اتضح أن مكتب شعبان ليس عنده معرفة كافية بما تعنيه «الشبكة العنكبوتية العالمية» أو هذه الأحرف الثلاثة «WWW».
لقد حاول مكتب السيدة شعبان أن يلملم الضجة التي أثارها الخبر، لكن محاولته باءت بالفشل أكثر، لأن سحب الخبر المفاجئ، ومن ثم الاعتذار عن نشره لاحقاًَ، جعل الجميع داخل سورية وخارجها يبحث عن حقيقة ما جرى. لقد تسرب الخبر عبر شبكة الإنترنت وقرأه الملايين، فباتوا كمن يحاول أن يلملم الماء المسكوب بقبضة يده.
ليست القصة هنا، إنما القصة تكمن في تبرير السيدة شعبان لقرار الحجب، فلقد تبين أخيراً أن القيادة السياسية حريصة جداً على عدم قيام «حوار» سوري - إسرائيلي على مستوى الشباب عبر «الفيس بوك»، وهو تبرير يفتقد
إلى المصداقية، كما أنه يرتد على السلطات السورية نفسها سلباً. فهو يفتقد للمصداقية لأن الأسباب التي كانت وراء قرار الحجب، حسب ما أخبرنا أحد المسؤولين في مؤسسة الاتصالات السورية، هو كتاب صادر عن «جهة أمنية عليا» يطلب فيه من إدارة المؤسسة حجب الموقع بسبب التعرض إلى المواقف السياسية السورية و... من قبل بعض مشتركي «الفيس بوك».
وهذا التفسير، ربما هو الأقرب للحقيقة، لأنه ينسجم مع السياسة السورية العامة المتبعة خلال الأعوام الأخيرة، وهي سياسة ارتكزت على حجب المواقع الإلكترونية كلها التي تنشر مقالات أو أخبار نقدية للسياسة السورية، وعلى المواقع كلها التي تسمح بتدوال للآراء في القضايا العامة، ولا يمكن للسلطات المختصة التحكم بها أو مراقبتها. في هذا الصدد، سجل أن السلطات أوقفت العديد من المواقع الإلكترونية التي تصدر من داخل سورية، كما أنها حجبت العشرات من المواقع السورية المعارضة والعشرات من المواقع التي تنشر باللغة العربية لمجرد أنها نشرت بعض المقالات السياسية.
من ناحية ثانية، فإن تبرير السيدة المستشارة يحمل في طياته ومضامينه، نزعة استعلائية اتجاه عقول السوريين وتشكيكاً بثفافتهم ومواقفهم الوطنية، حين يعبر عن خشية من قيام سوريين بإجراء حوار مع إسرائيليين، وكأن السوري سيقوم بتنازل عن هضبة الجولان خلال تلك النقاشات على موقع «الفيس بوك»، وإذا لم يكن هذا هو
بالضبط ما يقف وراء أسباب الحجب، فإن التبرير ومراميه تقول إن قضية الحوار مع الإسرائيليين هي شأن القيادة السياسية فقط، أي أن ما يحق للسياسي السوري، لا يحق للمواطن السوري، لأنه الأكثر حرصاً، ولأنه الأكثر وطنية، بينما لا تثق القيادة بالحوار الذي سيجريه المواطن مع إسرائيلي من خلال «الفيس بوك».
إن هذه الوصائية التي تمارسها السلطات السورية منذ زمن طويل على مواطنيها تعني، فيما تعنيه أيضاً، أنه لا يحق للسوري أن يعبر عن قناعاته السياسية وآرائه لأن حق التعبير وحقوق الرأي يحاسب عليها القانون، بمعنى أن السوري الذي يخترق الشبكة العنكبوتية العالمية ويتصفح موقع «فيس بوك»، سيتعرض للمساءلة السياسية والاستجواب الأمني.
في النهاية نود الإشارة والتنويه، ونتمنى من السيدة المستشارة بثينة شعبان أن تأخذ ذلك على محمل الجد، إلى جملة من الملاحظات على ما جاء في تصريحاتها:
أولاً: إن موقع «الفيس بوك» هو موقع عالمي للتواصل الاجتماعي بين الأصدقاء والأهل، خصوصاً المغتربين منهم، وهي كانت وزيرة للمغتربين وتعرف قيمة وجود قنوات اتصال بين أبناء الوطن في الغربة وبين أصدقائهم وأهاليهم.
ثانياً: إن وطنية المواطن السوري مسألة غير قابلة للتشكيك، وبالتالي، فإذا قبل السياسي أن يتفاوض مع الإسرائيليين، بطريقة مباشرة وبطريقة غير مباشرة، فإن المواطن السوري، ربما يرفض الطريقتين.
ثالثاً: وإذا ما افترضنا أن حواراً بين سوري وإسرائيلي حصل على «الفيس بوك» فيجب أن تعرف السيدة شعبان أن المواطن السوري أكثر قدرة على الدفاع عن أرضه من السياسي، لأنه بكل بساطة مواطن وغير سياسي، يعني لا يعرف المساومة واللف والدوران، وهو صاحب الأرض والحق، فيما الاسرائيلي مجرد مستوطن قدم من أرض بعيدة إلى أرض غريبة عليه ولا يعنيه الدفاع عن الجولان كثيراً.
رابعاً: المواطن السوري هو ذاته من سطر أروع الملاحم على ذرى جبل الشيخ ووصل خلال أكتوبر 1973 إلى سطح مياه بحيرة طبرية وغسل وجهه منها وشرب من مائها، وهو المواطن الذي لم ينزح عن الجولان ويتركها إلا بعد صدور بلاغ عسكري عن وزير الدفاع السوري في ذلك الوقت، ونقصد من كان وزيراً للدفاع عام 1967.
خامساً: نحن كسوريين، نعرف تماماً أن ما يقف وراء قرار حجب «الفيس بوك» ليس الخوف من مثل هذا الحوار الافتراضي، بل أسباب أخرى... نقصد أن ذكاءنا يسمح لنا بالقول إن أسباب الحجب تتعلق برغبتكم ببقائنا نحن السوريين محجوبين عن العالم... وخارج التغطية.
زين الشامي
كاتب سوري
مادة حلوة كتير بتمنى تعجبكم
هذه هي الإجابة الحرفية للسيدة شعبان وقد نقلها أحد الصحافيين الذين شاركوا في الاجتماع.
وما زاد اللغط و«القيل والقال» أن مكتب السيدة شعبان أجرى اتصالات فورية وعاجلة باصحاب موقع «سيريا نيوز» الإلكتروني الذي نشر تصريحاتها وبعضاً مما دار في اللقاء مع الوفد البريطاني، وطلب من الموقع أن يقوم بحذف الخبر على وجه السرعة، ولم يكتف الموقع بحذف الخبر، بل اعتذر، لسبب ما، من القراء عن نشره بدعوى أنه لقاء خاص، كذلك جرت اتصالات عاجلة مع الذين حضروا اللقاء كلهم وطلب منهم ألا ينشروا أي شيء عن اللقاء وما جرى فيه من اتصالات، خصوصاً منها تلك التي تعلقت بأسباب حجب موقع «FACEBOOK»، وقد نسي من كلف بإجراء هذه الاتصالات العاجلة أن وفدا بريطانياً كان حاضراً لا يمكن أن يُطلب منه أن يصمت عما جاء في اللقاء، كذلك نسي مكتب شعبان أن الخبر تم نشره وقرأه الملايين، لا بل اتضح أن مكتب شعبان ليس عنده معرفة كافية بما تعنيه «الشبكة العنكبوتية العالمية» أو هذه الأحرف الثلاثة «WWW».
لقد حاول مكتب السيدة شعبان أن يلملم الضجة التي أثارها الخبر، لكن محاولته باءت بالفشل أكثر، لأن سحب الخبر المفاجئ، ومن ثم الاعتذار عن نشره لاحقاًَ، جعل الجميع داخل سورية وخارجها يبحث عن حقيقة ما جرى. لقد تسرب الخبر عبر شبكة الإنترنت وقرأه الملايين، فباتوا كمن يحاول أن يلملم الماء المسكوب بقبضة يده.
ليست القصة هنا، إنما القصة تكمن في تبرير السيدة شعبان لقرار الحجب، فلقد تبين أخيراً أن القيادة السياسية حريصة جداً على عدم قيام «حوار» سوري - إسرائيلي على مستوى الشباب عبر «الفيس بوك»، وهو تبرير يفتقد
إلى المصداقية، كما أنه يرتد على السلطات السورية نفسها سلباً. فهو يفتقد للمصداقية لأن الأسباب التي كانت وراء قرار الحجب، حسب ما أخبرنا أحد المسؤولين في مؤسسة الاتصالات السورية، هو كتاب صادر عن «جهة أمنية عليا» يطلب فيه من إدارة المؤسسة حجب الموقع بسبب التعرض إلى المواقف السياسية السورية و... من قبل بعض مشتركي «الفيس بوك».
وهذا التفسير، ربما هو الأقرب للحقيقة، لأنه ينسجم مع السياسة السورية العامة المتبعة خلال الأعوام الأخيرة، وهي سياسة ارتكزت على حجب المواقع الإلكترونية كلها التي تنشر مقالات أو أخبار نقدية للسياسة السورية، وعلى المواقع كلها التي تسمح بتدوال للآراء في القضايا العامة، ولا يمكن للسلطات المختصة التحكم بها أو مراقبتها. في هذا الصدد، سجل أن السلطات أوقفت العديد من المواقع الإلكترونية التي تصدر من داخل سورية، كما أنها حجبت العشرات من المواقع السورية المعارضة والعشرات من المواقع التي تنشر باللغة العربية لمجرد أنها نشرت بعض المقالات السياسية.
من ناحية ثانية، فإن تبرير السيدة المستشارة يحمل في طياته ومضامينه، نزعة استعلائية اتجاه عقول السوريين وتشكيكاً بثفافتهم ومواقفهم الوطنية، حين يعبر عن خشية من قيام سوريين بإجراء حوار مع إسرائيليين، وكأن السوري سيقوم بتنازل عن هضبة الجولان خلال تلك النقاشات على موقع «الفيس بوك»، وإذا لم يكن هذا هو
بالضبط ما يقف وراء أسباب الحجب، فإن التبرير ومراميه تقول إن قضية الحوار مع الإسرائيليين هي شأن القيادة السياسية فقط، أي أن ما يحق للسياسي السوري، لا يحق للمواطن السوري، لأنه الأكثر حرصاً، ولأنه الأكثر وطنية، بينما لا تثق القيادة بالحوار الذي سيجريه المواطن مع إسرائيلي من خلال «الفيس بوك».
إن هذه الوصائية التي تمارسها السلطات السورية منذ زمن طويل على مواطنيها تعني، فيما تعنيه أيضاً، أنه لا يحق للسوري أن يعبر عن قناعاته السياسية وآرائه لأن حق التعبير وحقوق الرأي يحاسب عليها القانون، بمعنى أن السوري الذي يخترق الشبكة العنكبوتية العالمية ويتصفح موقع «فيس بوك»، سيتعرض للمساءلة السياسية والاستجواب الأمني.
في النهاية نود الإشارة والتنويه، ونتمنى من السيدة المستشارة بثينة شعبان أن تأخذ ذلك على محمل الجد، إلى جملة من الملاحظات على ما جاء في تصريحاتها:
أولاً: إن موقع «الفيس بوك» هو موقع عالمي للتواصل الاجتماعي بين الأصدقاء والأهل، خصوصاً المغتربين منهم، وهي كانت وزيرة للمغتربين وتعرف قيمة وجود قنوات اتصال بين أبناء الوطن في الغربة وبين أصدقائهم وأهاليهم.
ثانياً: إن وطنية المواطن السوري مسألة غير قابلة للتشكيك، وبالتالي، فإذا قبل السياسي أن يتفاوض مع الإسرائيليين، بطريقة مباشرة وبطريقة غير مباشرة، فإن المواطن السوري، ربما يرفض الطريقتين.
ثالثاً: وإذا ما افترضنا أن حواراً بين سوري وإسرائيلي حصل على «الفيس بوك» فيجب أن تعرف السيدة شعبان أن المواطن السوري أكثر قدرة على الدفاع عن أرضه من السياسي، لأنه بكل بساطة مواطن وغير سياسي، يعني لا يعرف المساومة واللف والدوران، وهو صاحب الأرض والحق، فيما الاسرائيلي مجرد مستوطن قدم من أرض بعيدة إلى أرض غريبة عليه ولا يعنيه الدفاع عن الجولان كثيراً.
رابعاً: المواطن السوري هو ذاته من سطر أروع الملاحم على ذرى جبل الشيخ ووصل خلال أكتوبر 1973 إلى سطح مياه بحيرة طبرية وغسل وجهه منها وشرب من مائها، وهو المواطن الذي لم ينزح عن الجولان ويتركها إلا بعد صدور بلاغ عسكري عن وزير الدفاع السوري في ذلك الوقت، ونقصد من كان وزيراً للدفاع عام 1967.
خامساً: نحن كسوريين، نعرف تماماً أن ما يقف وراء قرار حجب «الفيس بوك» ليس الخوف من مثل هذا الحوار الافتراضي، بل أسباب أخرى... نقصد أن ذكاءنا يسمح لنا بالقول إن أسباب الحجب تتعلق برغبتكم ببقائنا نحن السوريين محجوبين عن العالم... وخارج التغطية.
زين الشامي
كاتب سوري
مادة حلوة كتير بتمنى تعجبكم