The morning
18/04/2009, 05:50
يبدو اليوم أن الإعلام التلفزيوني الخاص يخسر القنوات التي كان يأمل منها بعضهم أن تكون بديلاً عن التلفزيون السوري الرسمي، الذي صار بالنسبة لكثير من السوريين حالة ميؤوسا منها منذ سنوات طويلة، وهي حالة تختصر بكلمتين بليغتين: (فالج لا تعالج!)
قناة (الشام) وأدت قبل أن ينطلق بثها، وانتهت إلى القاهرة... فيما رفعت الحصانة عن صاحبها عضو البرلمان السوري محمد أكرم الجندي... بعد أن استدان قرضاً كبيراً من الحكومة وعجز عن التسديد بسبب 'خربان البيوت' الذي حل به بعد فترة الإيقاف القسري التي تعرضت لها القناة، وقيل له إنها لن تكون طويلة فإذا بها تمتد اشهراً طويلة!
أما قناة (الدنيا) فيتداول الوسط الإعلامي السوري، خبر عرض مجلس إدارتها القناة للبيع كاملة... بعد أن أدى الصدام مع مديرها المؤسس الدكتور فؤاد شربجي، إلى تقديم استقالته... لتتوالى الاستقالات والإقالات بعد ذلك... ولتحل المسلسلات القديمة والمستعادة على مساحات أوسع للبث، بعد تقليص مساحات نشرات الأخبار، والتقارير والمواد البرامجية الأخرى!
في الظاهر تبدو مشكلة هذه القنوات إدارية ومهنية من الداخل... لكن في واقع الحال، لا يمكن أن نفصل ذلك عن المناخ الإعلامي العام الذي تعاني منه سورية، منذ بزغت عام 2000 أحلام نشوء صحافة خاصة في سورية، تستعيد أمجاد الصحافة العريقة والعظيمة التي كانت قبل حكم البعث... ثم راحت تذوي وتذبل أمام الصدام تارة مع وزارة الإعلام، وأخرى مع كماشتيْ: (مؤسسة التوزيع، ومؤسسة الإعلان) اللتين أنيطا بهما خنق أي تجربة إعلامية بقوة القانون الذي أعطاهما الحق الحصري في التوزيع وفي الوساطة والتحصيل الإعلانيين.. وهكذا انتهت تجربة الصحافة السورية الخاصة إلى إنجازات هزيلة ومخجلة بحق تاريخ سورية العريق، قوامها مطبوعات وجرائد إعلانية، ومجلات ألبومات صور ومجتمع مخملي، وصحف يومية معدودة (لا تهش ولا تنش)!
بالمقياس ذاته، لن يكون حال الإعلام التلفزيوني السوري أفضل، فحين لا يكون بمقدور الإعلاميين الحقيقيين أن يكونوا مؤسسين لقناة، وأصحاب امتيازات إعلامية، وحين يتحالف رأس المال الجاهل مع سلطة تبارك تغييب الإعلاميين وتهميشهم في صنع مستقبل مهنتهم... سوف تهاجر قناة (الشام) وتباع قناة (الدنيا) وستكون (المشرق) أنجح التجارب، قياساً بما حاق بزميلتيها وليس بما يمكن أن يتحقق!
محمد منصور - القدس العربي
قناة (الشام) وأدت قبل أن ينطلق بثها، وانتهت إلى القاهرة... فيما رفعت الحصانة عن صاحبها عضو البرلمان السوري محمد أكرم الجندي... بعد أن استدان قرضاً كبيراً من الحكومة وعجز عن التسديد بسبب 'خربان البيوت' الذي حل به بعد فترة الإيقاف القسري التي تعرضت لها القناة، وقيل له إنها لن تكون طويلة فإذا بها تمتد اشهراً طويلة!
أما قناة (الدنيا) فيتداول الوسط الإعلامي السوري، خبر عرض مجلس إدارتها القناة للبيع كاملة... بعد أن أدى الصدام مع مديرها المؤسس الدكتور فؤاد شربجي، إلى تقديم استقالته... لتتوالى الاستقالات والإقالات بعد ذلك... ولتحل المسلسلات القديمة والمستعادة على مساحات أوسع للبث، بعد تقليص مساحات نشرات الأخبار، والتقارير والمواد البرامجية الأخرى!
في الظاهر تبدو مشكلة هذه القنوات إدارية ومهنية من الداخل... لكن في واقع الحال، لا يمكن أن نفصل ذلك عن المناخ الإعلامي العام الذي تعاني منه سورية، منذ بزغت عام 2000 أحلام نشوء صحافة خاصة في سورية، تستعيد أمجاد الصحافة العريقة والعظيمة التي كانت قبل حكم البعث... ثم راحت تذوي وتذبل أمام الصدام تارة مع وزارة الإعلام، وأخرى مع كماشتيْ: (مؤسسة التوزيع، ومؤسسة الإعلان) اللتين أنيطا بهما خنق أي تجربة إعلامية بقوة القانون الذي أعطاهما الحق الحصري في التوزيع وفي الوساطة والتحصيل الإعلانيين.. وهكذا انتهت تجربة الصحافة السورية الخاصة إلى إنجازات هزيلة ومخجلة بحق تاريخ سورية العريق، قوامها مطبوعات وجرائد إعلانية، ومجلات ألبومات صور ومجتمع مخملي، وصحف يومية معدودة (لا تهش ولا تنش)!
بالمقياس ذاته، لن يكون حال الإعلام التلفزيوني السوري أفضل، فحين لا يكون بمقدور الإعلاميين الحقيقيين أن يكونوا مؤسسين لقناة، وأصحاب امتيازات إعلامية، وحين يتحالف رأس المال الجاهل مع سلطة تبارك تغييب الإعلاميين وتهميشهم في صنع مستقبل مهنتهم... سوف تهاجر قناة (الشام) وتباع قناة (الدنيا) وستكون (المشرق) أنجح التجارب، قياساً بما حاق بزميلتيها وليس بما يمكن أن يتحقق!
محمد منصور - القدس العربي