-
دخول

عرض كامل الموضوع : الإنترنت بين الهزال والمهزلة


sona78
17/04/2009, 11:43
منذ إختراع الكتابة وحروف الهجاء في سومر واوغاريت..كانت المعرفة ومازالت الجنرال والفاتح الأعظم الذي دانت له الأمم والبلدان. فالإسكندر، وجنكيز خان، ونابليون، وكل الفاتحين الكبار رحلوا وذهب أثرهم. وإنطوى خبرهم حتى السيد بوش تنازل عن فتوحاته أيضا، بعد أن أتعب أمريكا وجعلها عاجزة عن فتح علبة سردين.
هذه المقدمة تستبطن بالتأكيد بعضا من مجاز اللغة، فعندما نذكر سومر واوغاريت فيجب أن لا ننسى أمريكا التي قادت مغامرة الإنسان في عصرنا والتي قدمت للبشرية أهم إبداعين وهما مصباح أديسون الكهربائي وشباك الوندوز. (بعكس بلادنا التي توقفت عند صناعة الحمص والفول والأسلحة الكيمياوية المشابهة)
لكن ومع كل فضائل هذه الثورة المعلوماتية وسرعة الإتصال، نستطيع أيضا أن نترحم على "ماض تولى، أو نردد مع أم كلثوم: قد يكون الغيب حلوا إنما الحاضر أحلى" لكن الحقيقة أننا لم نعد نرى القمر والنجوم، ولا الوقوف على الأطلال (بسبب الجلوس على الكراسي) ولم نعد نقوى على كتابة الشعر، أو إستقبال الضيوف، فقد تحولنا من حملة أقلام إلى مبعبصين على الكيبورد، ومن قراء إلى كتاب لايقرأوون (سوى إيميلات المديح والمجاملة والنفاق) فضاق بنا الكتاب وأصبح النت خير جليس، نختاره حتى على مجالسة هيفاء غيداء مغناج.. النت بدأ يستقيظ معنا فكتّابه ورواده أصبحوا كرفاق المقهى نتشاجر ونلعب معهم وأصبح كلّ يدخل مقهاه حتى قبل أن يغسل وجهه، ولن أستغرب إذا نسي البعض مائدة الطعام وأصبح يجلب قهوته وشطيرته ليلتهمها وهو متحنط ومبحلق في حاسوبه..فالأمر تجاوز قضية الثقافة الكتابية وأصبح لذة وإدمانا وتعبيرا عن حياة فردية إفتراضية..وبما أن موضوعي يتناول هذا التحوّل الكبير في الثقافة الكتابية ..أجد مقدما أن أعيد ماسبق وأذعته يوما: الكتابة الإلكترونية، تساهم في خلق ثقافة حضارة إستهلاك متوترة تُفقد الإنسان شرطه كحيوان تاريخي كان قد نضج وتكوّن معرفيا على نار هادئة.
ورغم ما قدم النت من سرعة هائلة في الإتصال وفيضان معلومات وقدرة على الولوج إلى المكتبات وجلب الوثائق بلمسة زر ..إلا أنه لم يستطع أن يساعد في تنمية إنتاج معرفي حقيقي كما يفعل الكتاب.. فمعظم صفحات الثقافة والرأي والنشاط الإعلامي، ماتزال إمتدادا لثقافة داحس والغبراء.. ولا تقدم إضافات معرفية بل تكتفي بتقديم أطباق من سجالات وحوارات بين نخبة تكتب وتقرأ ما تكتبه، في حين يعيش معظم الناس مشغولين بهموم أخرى..
وإستجلاء للموقف علينا أن نسجل بأن عدد مستخدمي النت في العالم العربي لا يزيد عن 2%، جلهم يستخدمه للإتصال والإيميل وأندية الدردشة أو البحث في غابة غوغل عن معلومات عشوائية فاقدة للنسق المعرفي؟ وهذا يلحظه المرء من خلال حجم الزوار الكبير في مواقع كوووورة وطرب وغيرها من صفحات الترفيه. أما مواقع الثقافة وصناعة الرأي والإعلام فتكاد تكون ملتقى معروف لنخب الثقافة والسياسة والإعلام ، وهي في غالب الأحيان ذراع لمؤسسات إعلامية ترعاها الدول، بالإضافة إلى منابر إعلامية وثقافية قامت بجهود شخصية لبعض المثابرين والعصاميين.. وتلك وإن كانت تدعي الإستقلال المادي والمعرفي..إلا أنها ذراع خفي أو تسعى لتكون..كي تضمن بحبوحة مادية لأصحابها، فمن العبث أن نتصورهم .. كمجاهدين نزيهين من أجل الحق والحقيقة والحرية وان دورهم إستلهم فقط الأم تيريزا وتشي غيفارا.. لكن أعتقد أن معظم المبادرات الثقافية تعبر أيضا عن هموم وطموح أصحابها وسعيهم للنجاح في بازار الثقافة والإعلام العربي. لهذا حاولت جاهدا أن أستفتي شركات إحصائية لمعرفة مدى التحوّل في أنماط وإستهلاك الثقافة الكتابية وإستخلاص العبر لفهم أثرها على واقع (النخب والعامة) ولتوضيح الأمر قمت بجمع بيانات عن بعض المنابر المختصة بترويج الكلمة المكتوبة معتمدا على " موقع ألكسا alexa وغيرها" وتتضمن المعلومات مايلي:
1ـ مرتبة الموقع على المستوى العالمي Rank
2ـ %النسبة المئوية للأجهزة (الزوّار) التي ترتاد الموقع (من المجموع العالمي) Reach
3ـ عدد زوّار الموقع، يمكن حسابه من خلال معرفة النسبة المئوية للأجهزة التي ترتاد الموقع وللسهولة فإن هذا العدد يعادل ال % Reach مضروبا بالرقم 500000 ( معلومات مستقاة من جيوفيزيت)
4ـ عدد الدقائق التي يقضيها الزائر يوميا في ضيافة الموقع M/D، وهذا أمر مهم يعكس مدى جدية وإهتمام القارئ بالصفحة؟!
5ـ جميع الأرقام تم إستطلاعها بعد مرور يومين على كذبة أبريل 2009 وتأخذ المعدلات الإحصائية للأشهر الثلاثة الأخيرة..
6ـ تجدر الملاحظة إلى أن معظم المواقع لها زبائنها المحددين؟! ويُستنتج ذلك من خلال تكرار أسماء المعلقين والدول التي ينتمون إليها.. مع الأخذ بعين الإعتبار أن الزائر يركز جل إهتمامه على صفحات مفضلة بعينها وهي لاتزيد عن أصابع اليد الواحدة.
7ـ النماذج المعروضة في الجدول تراعي مساحة واسعة من خريطة رواج الكلمة العربية، وتتدرج حسب المرتبة من الأكبر للأصغر مع ميل لإنتقاء صفحات عامة وعلمانية (دنيوية) بعيدة عن سوق الإلهيات والأيديولوجيات المقفلة مع إستثناءات قليلة.
جدول إحصائي:
إسم الموقع ــــ المرتبة Rank ــــ % Reach ــــ عدد الزوّار ــــ دقيقة/يوم
الجزيرة نت ــــــــــ 635 ـــــــــــــ 0.1558 ــــــــــ 77900 ـــــــــ 5.0
مصراوي ـــــــــــــــ 1429 ــــــــــ 0.0690 ـــــــــ 34950 ــــــــ 8.8
العربية نت ـــــــــــ1531 ـــــــــــــ 0.0793 ـــــــــ 39650 ـــــــــ 5.6
المصري اليوم ـــــــ2461 ــــــــــــ 0.0391 ـــــــــ 19450 ـــــــــ 8.5
الشرق الأوسط ــــ2531 ـــــــــــــ 0.0484 ـــــــــ 24200 ـــــــــ 2.9
الشروق الجزائرـــــ 2890 ـــــــــــ 0.0395 ــــــــ 19750 ــــــــــ 6.8
أسلام اون لاين ـــ 3485 ـــــــــــ 0.0322 ـــــــــ 16100 ــــــــــ 5.1
أخبار سورية ــــــــ3892 ـــــــــــــ 0.0262 ــــــــ 13100 ـــــــــ 6.0
إيلاف ـــــــــــــــــــ 3913 ـــــــــــ 0.0286 ـــــــــ 14300 ـــــــــ 5.3
القدس العربي ـــــ 7900 ـــــــــــــ 0.0130 ـــــــــ 6500 ــــــــــ 7.7
الحياة ـــــــــــــــــ 9570 ـــــــــــــ 0.0118 ـــــــــ 5900 ــــــــــ 3.5
عرب تايمز ــــــــــ 16109 ــــــــــ 0.0083 ــــــــــ 4150 ـــــــــــ 3.4
السفير اللبنانيةــ 19370 ـــــــــــ 0.0056 ـــــــــ 2800 ـــــــــــ4.6
النهار اللبنانية ــــ 22686 ـــــــــــ 0.0050 ـــــــــ 2500 ـــــــــــ 5.6
الراية القطرية ــــ 23797 ـــــــــــ 0.0049 ــــــــــ 2450 ــــــــــ 4.3

الحوار المتمدن ــ 26750 ـــــــــــ 0.0051 ــــــــــ 2550 ــــــــــ 2.9
كتابات الزاملي ــ 47663 ـــــــــــ 0.0024 ـــــــــ 1200 ـــــــــــ7.0
أقباط متحدون ــــ 47721 ــــــــــــ 0.0022 ــــــــــ 1100 ـــــــــ 9.1
شبكة البصرة ــــ 79580ـــــــــــــ 0.0015 ـــــــــــ 750 ـــــــــــ 4.6
عرب 48 ــــــــــــ 82020 ــــــــــ 0.0016 ــــــــــ 800 ـــــــــــ 3.0
الأوان ـــــــــــــــ 121648 ـــــــــ 0.00087 ــــــــــ 435 ـــــــــــ 5.0
آفاق ـــــــــــــــــ 123316 ــــــــــ 0.0011 ـــــــــــ 505 ــــــــــــ 2.9
الحوار المغربيةـــ 132076 ــــــــ 0.00069 ــــــــ 345 ــــــــــــ 9.4
التجديد العربي ــ 141626 ـــــــــ 0.0001 ــــــــــ 500 ـــــــــــــ 1.5
شفاف ــــــــــــــ 199063 ــــــــــ 0.00059 ـــــــ 295 ـــــــــــــ 3.1
الهدهد ـــــــــــــ 227455 ــــــــــ 0.00048 ــــــــ 240ــــــــــــــ 4.4
العلمانيين العرب 263868 ــــــــــ 0.00044 ــــــــ 220 ــــــــــــ 2.8
المدى ف. كريم 301058 ـــــــــــ 0.00045 ـــــــــ 225 ـــــــــــ 1.5
موقع الناس ـــــ 962552 ـــــــــــ 0.00011 ـــــــــ 55 ــــــــــــــ 2.7
إستنتاجات:
المتابع للجدول أعلاه سوف يرى أن الترتيب العالمي للمواقع يخضع لعدد الزوّار، وعدد الصفحات المقروءة ( والزمن الذي يبذله الزائر يوميا في الموقع ) ولذا فإن تقييم أي موقع وتقدير كثافة القراءة فيه ترتبط نوعيا بنشاط ذلك الموقع، والمواد اليومية المضافة، وهذا أمر عادي في مواقع الصحف اليومية المعروفة (كالقدس العربي والشرق الأوسط وغيرها) وعلينا لتقييم الزمن الذي يقضيه الزائر (يقاس دقيقة باليوم) أن نستثني بعض المواقع ذات البث التلفزيوني الحي (كالجزيرة) أو المواقع التي تُوضع في المفضّلة لأسباب معيّنة. لكن ما يسترعي الإنتباه أن الزمن المبذول من الزائر يوميا مؤشر لا بأس به لمعرفة جديّة وحقيقة القراءة الإلكترونية ولتوضيح ذلك دعنا نأخذ بعض الأمثلة من مواقع، تقوم بالتجديد اليومي وتضخ يوميا أكثر من عشرة مواضيع، آخذين بالحسبان أن متوسط قراءة مقال (صفحة فولسكوب) يحتاج لعشر دقائق فإننا نستنج مايلي:

1ـ التجديد العربي: مجموع الدقائق المبذولة يوميا تساوي ( 500 زائر × 1.5 دقيقة للزائر يوميا) 750 دقيقة (لاحظ الجدول أعلاه)
الزمن اللازم لقراءة عشرة مواضيع يومية جديدة يساوي فرضيا (10 × 10دقائق للموضوع) 100 دقيقة
هذا يعني أن عدد القراء الحقيقيين الذين طالعوا المواد العشرة كاملة هو ( 750 ÷ 100) سبعة قراء أو سبعون شخصا قرأوا موضوعا واحدا فقط، أما باقي الزوّار فقد قاموا بنقر الصفحة بدافع الفضول.

2ـ المدى لفخري كريم : صحيح أن الصحيفة يومية ورقية سياسية لكن موقعها حسب فرضيتنا السابقة يحظى بزيارة (225× 1.5÷ 10×10) ثلاثة قراء حقيقيين طالعوا الجريدة كاملة أو ثلاثين قرأوا موضوعا واحدا والباقي هم طبعا من الفضوليين الذين يريدون التأكد من بقاء الصفحة على قيد الحياة.

3ـ شفاف الشرق الأوسط : تقدم يوميا حوالي خمسة نصوص (مقالة أو تحليل خبري) وبنفس العملية الحسابية نستنتج أن عدد القراء الحقيقيين يساوي:
(295 زائر ×3.1 دقيقة للزائر ÷ 10 دقائق/للموضوع) 90 قارئا إكتفوا بموضوع واحد في حين أن الزوّار الآخرين مرّوا على الموقع مرور الكرام.

بعدهذه النماذج يمكننا تناول بعض المواقع الكبيرة والمعروفة:

4ـ القدس العربي: وهو موقع سياسية يومية معروفة ويضخ يوميا مواده على أبواب مختلفة تتضمن المقال والتحليل والخبر والثقافة والأدب والمنوعات.. ولو إفترضنا أن مجموع المواد يالمنشورة يوميا يعادل 20 موضوعا ( بحجم صفحة فولسكوب) فإن زمن قراءتها يحتاج (20× 10) 200 دقيقة؟؟ الأن إذا أخذنا الزمن المبذول (من الجدول أعلاه) لقراءة الموقع ( 6700 زائر × 7.7 دقيقة للزائر) تكون النتيجة بحدود 50000دقيقة ÷ 10 وهذا يساوي 5000 قارئ إكتفوا بقراءة موضوع واحد. ( وهذه نتيجة مقبولة على السيد عبد الباري عطوان أن يفرح لها)

5ـ الحوار المتمدن: موقع إعلامي يضخ يوميا حوالي 100 موضوع جديد في شؤون الثقافة والإعلام والسجال السياسي والأدب (عدا المواد الخبرية) ولو طبقنا نفس القاعدة أعلاه فإن عدد القراء الذين يطالعون موضوعا واحدا يكون: (2550×2.9 ÷ 10) 750 قارئا. أما الباقون فقد إكتفوا بإلقاء نظرة فضولية.. أي أن متوسط مايناله الكاتب الواحد من قراءة جدية لايتجاوز سبع مرات، وهذه نتيجة مقبولة لمشروع قام على مبادرة فردية (هذا لاينطبق طبعا على الكتاب المعروفين فالقضية تعتمد معدلات إحصائية، وتذكرني شخصيا بحساب معدل إستهلاك اللحوم في البلدان الفقيرة والتي تعني ضمنا أن البعض يفترس كيلوم غرام يوميا بينما ينام عشرة على لحم بطنهم أو على الفول والطعمية ؟؟)

6ـ إيلاف: مؤسسة إعلامية خبرية سعودية (روتانية) تقدم يوميا حوالي خمسين مادة منوعة، ولو طبقنا معطياتنا السابقة يكون عدد زوّارها الذين يطالعون موضوعا واحدا: (14300×5.3 ÷ 10) حوالي 7500 شخص، أي أن المادة الكتابية الواحدة تستدرج ما متوسطه 250 قارئا، لكن عدد التعليقات الكبير يُوحي بأن الوقت المبذول في كتابتها يقوم أساسا على حساب القراءة، مما يعني ضمنا أن عدد القراء الحقيقي هو أقل من ذلك بكثير ناهيك عن الوقت المهدور وترك الموقع مفتوحا وإنشغال الزائر (بتنظيف أنفه بالسبابة) وهذا ينطبق أيضا على العربية والجزيرة وغيرها من المؤسسات الكبيرة..

لهذا فإن معرفة أعداد القراء الفعليين يلزمه دراسة الموقع نفسه وعدد مواده اليومية الجديدة وكم يستغرق زمن قراءتها، وعدد زواره ومدة عصيانهم في الموقع.. وهذا نستطيع معرفته من خلال المعلومات الإحصائية التي تقدمها بعض الصفحات الإختصاصية.. أما الحكم النهائي فمتروك لإستنتاج القارئ وذكائه ومخيلته. لكن منبع الخطورة الإعلامية برأيي الشخصي لايعود للقراءة الذكية والفهم العميق للكلمة المنشورة بل في عدد الناقرين الذين يكتفون بالمرور والتسكع وقراءة العناوين والمانشيتات التي تُختزن بشكل عشوائي في لا وعيهم، فهؤلاء هم هدف وغاية الدعايا والبروباغندا ووسائل الإعلام والإعلان وهم على الأغلب الحقل الخصب لإستمرار الجاهلية.

ملاحظة: من يود نشر الموضوع، ويجد حرجا في تناول موقعه بالإسم، فلا بأس من حذف الفقرة الخاصة به

من موقع نادر قريط على النت