وسن22
11/04/2009, 08:35
بلقيـــــس .. امرأة الألغاز وشيطانة الجنس
كيف خلط الإخباريون العرب بين بلقيس وزنوبيا؟ ومن هي ملكة سبأ؟
تعتبر شخصية بلقيس الأوفر حظاً بين الشخصيات التاريخية ذات الوجه شبه الأسطوري، لما دار حولها من حكايات وخرافات، وما تواتر عنها من أخبار; سواء من حيث وجودها تاريخياً، أو ظروف مولدها وصفاتها، كذلك سريانها وتوالدها المتوالي في مأثورات الشرق العربي والعالم أجمع، واستقطابها لاهتمام الباحثين.
في كتابه «بلقيس.. لغز ملكة سبأ»، يحاول د. زياد منى صاحب كتاب «جغرافية التوراة» الإجابة عن بعض الأسئلة التي لا تزال تحيط ببلقيس الملكة اليمنية والروايات المرتبطة بها، وكشف اللثام عن الجوانب الغامضة في تلك الشخصية العربية المثيرة التي كانت مثاراً لخيالات القراء، ولا تزال تلهم الفنانين والمفكرين بمختلف عقائدهم ومشاربهم الفكرية في شتى بقاع الأرض، من خلال منهجية تقوم على تحليل النصوص بلغتها الأصلية، حيث توافرت، ومقارنة بعضها ببعض. المنطلق في منهجية الباحث استيعاب، ومن ثم فهم وشرح دلالات مكونات القصص الأصلية وعناصرها، وعلاقاتها في وحدتها الداخلية، اعتماداً على المعارف العلمية الموثقة عن تاريخ اليمن وحضاراته القديمة. ثم العمل على مقارنة ما استنبط من معلومات بما ورد عند الرواة والمؤولين، بما يساعد على فهم مقاصدهم ودلالات إضافاتهم للرواية الأصلية. منهجية تقصد الاطلاع على جوانب تراثنا الأدبي والثقافي بعيداً عن العصبيات أياً كان مصدرها ووجهتها. كان للعرب عن بلقيس الملكة روايات وقصص، مستمدة من تاريخ ملكات حقيقيات حكمن في سبأ، اكتسبت إحداهن شهرة غير عادية بسبب مآثرها الاستثنائية، وكانت على مدار العصور، المثال للجمال والحكمة والسلطان. ومما عزز مكانتها، مجيء الإسلام لينقل خبراً عن ملكة حكمت في سبأ ورُبط عهدها بالنبي سليمان عليه السلام، وذكرت على نحو إيجابي، بإيمانها بالله. فجرى الخلط بينها من جهة وملكة سبأ، بلقيس الأسطورة/الخرافة وبقية القصص المتواترة في الإقليم من جهة أخرى، ليحدث إشكال كبير ويؤدى إلى صراع حول المعنى، مما أدى إلى اختلافات كبيرة في التفاصيل.
توطئة للبحث يضع د. منى نصاً واحداً حول بلقيس، يمزج فيه بين العديد من القصص والشخصيات، يربط كل منها ببلقيس رابط. هذا النص يحتوي على المناحي المختلفة التي سيسلكها في محاولات واسعة وشاملة لتفهم قصة بلقيس من خلال صورها المتعددة، فتظهر تارة ملكة سبأ في لباس أسطوري خرافي، امرأة من الجن لا من الإنس. في حين تنتج بلقيس القصة/ التاريخ عن المزج بين أسطورة بلقيس وقصة ملكة سبأ، وهي أكثر من ملكة، يولد منها أربع قصص، تحديد هوية كل واحدة منهن غاية في التعقيد. أما بلقيس المسلمة فقصتها تعتمد على القصة القرآنية وما نالها من تأويلات ذكورية/ اجتماعية، وذكوري جنسي، بالإضافة إلى تأويل سياسي وصوفي. ومن ثم بلقيس الفاتحة، المرتبطة ببابل ونهاوند وأذربيجان والصين.. الخ. فبلقيس المعمرة التي عمرت الصروح والقصور في غمدان وسلحين.. الخ. أخيراً، بلقيس طارحة الألغاز المرتبطة على نحو ما باليهوديات. ومن تلك نشهد جولات لها مع قيصر الصين مُو وُنغ، وديودور الصقلي.
المراجعة الدقيقة، تبين خلط الاخباريين العرب بين بلقيس والزبَّاء/ زنوبيا; في توارد الكثير من التشابهات في الصفات بينهما، سببه الخلط والمزج بين روايات عديدة عن شخصيات مختلفة، فمثلاً بالنسبة للزبَّاء/ زنوبيا، نجد في النصوص تشابهاً مذهلاً لا يمكن أن يعد مصادفة: تسلمهما المُلك بعد قتلهما الغريم باستخدامهما الحيلة ذاتها، كانتا مثالاً للجمال والحكمة، اعتزالهن للرجال، امتلاكهن لوصيفات، إقامتهن لمبان، كل منهن تعرف بلقب أو صفة وليس باسمها الأصلي، كما أنه هناك خلاف على الاسم الحقيقي لكل من الملكتين، ثمة أكثر من زباء وأكثر من بلقيس. لم يقتصر تجلي شخصية بلقيس على التراث العربي، والعربي ـ الإسلامي ـ المسيحي، بل امتد إلى الديني اليهودي والحبشي المسيحي. فنواجهها في أكثر من جهة. ففي التراث الديني اليهودي، لا وجود لها إلا في معرض الحديث عن شهرة سليمان ومملكته وبيت يهوه الذي قيل إنه بُني برعايته، كذلك ليس من إشارة إلى دور بارز مارسته في ذلك التراث، ويفسر إغفالها بأنه رد فعل على الموقع الذي احتلته صورتها في المحيط الثقافي العربي، فاتخذ التراث اليهودي موقفاً معادياً تجاهها، من دون مسوغ واضح. مع العلم أن هذا الموقف ليس غريباً على التراث اليهودي، لأنه في الواقع يعبر عن موقف اليهودية المعادي للمرأة عموماً، ولا علاقة له بتأويل يخص شخص ملكة سبأ فقط، لذلك دخلت التراث اليهودي بصفتها ممثلة للشيطان والغول والساحرة. لكن دخولها للتراث الديني القبطي، والذي عُرفت فيه على أنها ملكة الجنوب، كان محفوفاً بالتكريم، بصفتها امرأة مثال الخلق والتعفف وهي التي ستعود يوم الساعة لمحاسبة العصاة، كذلك في التراث الحبشي المسيحي، المعروفة فيه بملكة التيمن خلال ملحمة (كبرا نجست/عظمة الملوك) وكرمت فيها أكثر من سليمان، حيث تقول الملحمة إنها ذهبت إليه لتمتحن حكمته، وليس لتعلم الحكمة منه، بل وتعاقبه حين تجعله يرى نهايته ونهاية مملكته، لكن كاتب الملحمة لم يتمكن من مقاومة إغراء إدخال مفاهيمه الاجتماعية عن المرأة، التي تكررت في الروايات العربية الإسلامية والدينية اليهودية. ولابد من القول إن قراءة الكتاب لا توفر المتعة والإثارة فحسب، وإنما المعرفة والإحساس باقتحام عالم البحث والتنقيب التاريخي ودلالاته الواسعة المتفاوتة والعميقة، وكأننا ندخل مشغلاً زاخراً باللقى الآثارية والنقوش القديمة والأساطير والخرافات والكتب المقدسة من القرآن إلى نصوص العهد القديم والجديد، مع المراجع الإغريقية والرومانية، وكتب الإخباريين العرب، كذلك آراء المستشرقين والبحوث العربية المعاصرة، ولن تفوتنا قواميس اللغة وكتب التاريخ بعصورها القديمة والمراجع بأنواعها الإنجليزية والألمانية والفرنسية والعربية، في محاولة فهم ترنو إلى الشمولية لإحدى أعقد وأدق الحكايات العربية وأقدمها على الإطلاق، والتنطح لشرح أسباب استمرارها حية في التراث العالمي.
تتغاير التفسيرات منحى لآخر، تتوافق أحياناً وتتناقض أحياناً أخرى، وكأن هذا اللغز رغم جلائه يبقى لغزاً محفوفاً بالخوافي والغوامض، وما تحول بينه وبين الانكشاف الكامل، أمور قاهرة شتى، تجعل البحث يتعثر لأسباب كثيرة، غياب النقوش الحجرية، عدم العثور على أثر لأسماء كثيرة في اللقى الأثرية، اللجوء إلى التكهنات في انتظار المزيد من التنقيبات، الارتكاز على الحدس، عدم الخوض في مسألة تحديد بعض التواريخ، افتقاد كتابات الإخباريين العرب للدقة لامتلائها بالأخطاء اللغوية والمطبعية، ولا يمكن الاستفادة منها على نحو واف إلا بعد تحقيقها تحقيقاً علمياً.
وإذا كان المؤلف الباحث، يبدو أحياناً وكأنه يضرب في غياهب الماضي، وهو يحلل ويفسر، يتحزر ويرجح ويؤوّل، يحيلنا إلى الأساطير وتاريخ زلق وجغرافيا قابلة للتمدد والتقلص، وبيئة مفتوحة على الأنواء والشظف والحيوانات والهوام والشمس دائماً، ضارباً رغم المراجع الكثيرة والكتب القديمة في المجهول، والأصح المجاهيل، في بحث فريد من نوعه، شاق وشائك، لم يخطئه الجهد والخيال والقدرة، في جعله طيعاً وقابلاً للتشكل على نحو مقنع وعميق ومتسع. وقد نتجرأ ونقـــــول إن قلة من الكتب الصادرة بالعربية في هذه المباحث، تهيأ لها هذا الدأب الممتاز والإلحاح المفرط على تقصي حقيقة، ربما كان نصيب الخيال فيها أكبر من نصيب الواقع، ولا يستطيع أن يسد الثغرة بينهما سوى البحث العلمي الرصين والمنفتح، مع ذخيرة أكاديمية رفيعة; نقول، كتاب «بلقيس لغز ملكة سبأ» أحدها، ولا عجب، فالباحث من الرهط الذي يقف في مقدمته في العقود الأخيرة د. كمال صليبي وغيره من الباحثين الجسورين.
*بلقيس، لغز ملكة سبأ
*المؤلف: زياد منى
*قَدمس للنشر والتوزيع 2004
سعيد زكريا / الشرق الاوسط الدولية (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
لتحميل الكتاب اضغط هنا (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
.
.
..
كيف خلط الإخباريون العرب بين بلقيس وزنوبيا؟ ومن هي ملكة سبأ؟
تعتبر شخصية بلقيس الأوفر حظاً بين الشخصيات التاريخية ذات الوجه شبه الأسطوري، لما دار حولها من حكايات وخرافات، وما تواتر عنها من أخبار; سواء من حيث وجودها تاريخياً، أو ظروف مولدها وصفاتها، كذلك سريانها وتوالدها المتوالي في مأثورات الشرق العربي والعالم أجمع، واستقطابها لاهتمام الباحثين.
في كتابه «بلقيس.. لغز ملكة سبأ»، يحاول د. زياد منى صاحب كتاب «جغرافية التوراة» الإجابة عن بعض الأسئلة التي لا تزال تحيط ببلقيس الملكة اليمنية والروايات المرتبطة بها، وكشف اللثام عن الجوانب الغامضة في تلك الشخصية العربية المثيرة التي كانت مثاراً لخيالات القراء، ولا تزال تلهم الفنانين والمفكرين بمختلف عقائدهم ومشاربهم الفكرية في شتى بقاع الأرض، من خلال منهجية تقوم على تحليل النصوص بلغتها الأصلية، حيث توافرت، ومقارنة بعضها ببعض. المنطلق في منهجية الباحث استيعاب، ومن ثم فهم وشرح دلالات مكونات القصص الأصلية وعناصرها، وعلاقاتها في وحدتها الداخلية، اعتماداً على المعارف العلمية الموثقة عن تاريخ اليمن وحضاراته القديمة. ثم العمل على مقارنة ما استنبط من معلومات بما ورد عند الرواة والمؤولين، بما يساعد على فهم مقاصدهم ودلالات إضافاتهم للرواية الأصلية. منهجية تقصد الاطلاع على جوانب تراثنا الأدبي والثقافي بعيداً عن العصبيات أياً كان مصدرها ووجهتها. كان للعرب عن بلقيس الملكة روايات وقصص، مستمدة من تاريخ ملكات حقيقيات حكمن في سبأ، اكتسبت إحداهن شهرة غير عادية بسبب مآثرها الاستثنائية، وكانت على مدار العصور، المثال للجمال والحكمة والسلطان. ومما عزز مكانتها، مجيء الإسلام لينقل خبراً عن ملكة حكمت في سبأ ورُبط عهدها بالنبي سليمان عليه السلام، وذكرت على نحو إيجابي، بإيمانها بالله. فجرى الخلط بينها من جهة وملكة سبأ، بلقيس الأسطورة/الخرافة وبقية القصص المتواترة في الإقليم من جهة أخرى، ليحدث إشكال كبير ويؤدى إلى صراع حول المعنى، مما أدى إلى اختلافات كبيرة في التفاصيل.
توطئة للبحث يضع د. منى نصاً واحداً حول بلقيس، يمزج فيه بين العديد من القصص والشخصيات، يربط كل منها ببلقيس رابط. هذا النص يحتوي على المناحي المختلفة التي سيسلكها في محاولات واسعة وشاملة لتفهم قصة بلقيس من خلال صورها المتعددة، فتظهر تارة ملكة سبأ في لباس أسطوري خرافي، امرأة من الجن لا من الإنس. في حين تنتج بلقيس القصة/ التاريخ عن المزج بين أسطورة بلقيس وقصة ملكة سبأ، وهي أكثر من ملكة، يولد منها أربع قصص، تحديد هوية كل واحدة منهن غاية في التعقيد. أما بلقيس المسلمة فقصتها تعتمد على القصة القرآنية وما نالها من تأويلات ذكورية/ اجتماعية، وذكوري جنسي، بالإضافة إلى تأويل سياسي وصوفي. ومن ثم بلقيس الفاتحة، المرتبطة ببابل ونهاوند وأذربيجان والصين.. الخ. فبلقيس المعمرة التي عمرت الصروح والقصور في غمدان وسلحين.. الخ. أخيراً، بلقيس طارحة الألغاز المرتبطة على نحو ما باليهوديات. ومن تلك نشهد جولات لها مع قيصر الصين مُو وُنغ، وديودور الصقلي.
المراجعة الدقيقة، تبين خلط الاخباريين العرب بين بلقيس والزبَّاء/ زنوبيا; في توارد الكثير من التشابهات في الصفات بينهما، سببه الخلط والمزج بين روايات عديدة عن شخصيات مختلفة، فمثلاً بالنسبة للزبَّاء/ زنوبيا، نجد في النصوص تشابهاً مذهلاً لا يمكن أن يعد مصادفة: تسلمهما المُلك بعد قتلهما الغريم باستخدامهما الحيلة ذاتها، كانتا مثالاً للجمال والحكمة، اعتزالهن للرجال، امتلاكهن لوصيفات، إقامتهن لمبان، كل منهن تعرف بلقب أو صفة وليس باسمها الأصلي، كما أنه هناك خلاف على الاسم الحقيقي لكل من الملكتين، ثمة أكثر من زباء وأكثر من بلقيس. لم يقتصر تجلي شخصية بلقيس على التراث العربي، والعربي ـ الإسلامي ـ المسيحي، بل امتد إلى الديني اليهودي والحبشي المسيحي. فنواجهها في أكثر من جهة. ففي التراث الديني اليهودي، لا وجود لها إلا في معرض الحديث عن شهرة سليمان ومملكته وبيت يهوه الذي قيل إنه بُني برعايته، كذلك ليس من إشارة إلى دور بارز مارسته في ذلك التراث، ويفسر إغفالها بأنه رد فعل على الموقع الذي احتلته صورتها في المحيط الثقافي العربي، فاتخذ التراث اليهودي موقفاً معادياً تجاهها، من دون مسوغ واضح. مع العلم أن هذا الموقف ليس غريباً على التراث اليهودي، لأنه في الواقع يعبر عن موقف اليهودية المعادي للمرأة عموماً، ولا علاقة له بتأويل يخص شخص ملكة سبأ فقط، لذلك دخلت التراث اليهودي بصفتها ممثلة للشيطان والغول والساحرة. لكن دخولها للتراث الديني القبطي، والذي عُرفت فيه على أنها ملكة الجنوب، كان محفوفاً بالتكريم، بصفتها امرأة مثال الخلق والتعفف وهي التي ستعود يوم الساعة لمحاسبة العصاة، كذلك في التراث الحبشي المسيحي، المعروفة فيه بملكة التيمن خلال ملحمة (كبرا نجست/عظمة الملوك) وكرمت فيها أكثر من سليمان، حيث تقول الملحمة إنها ذهبت إليه لتمتحن حكمته، وليس لتعلم الحكمة منه، بل وتعاقبه حين تجعله يرى نهايته ونهاية مملكته، لكن كاتب الملحمة لم يتمكن من مقاومة إغراء إدخال مفاهيمه الاجتماعية عن المرأة، التي تكررت في الروايات العربية الإسلامية والدينية اليهودية. ولابد من القول إن قراءة الكتاب لا توفر المتعة والإثارة فحسب، وإنما المعرفة والإحساس باقتحام عالم البحث والتنقيب التاريخي ودلالاته الواسعة المتفاوتة والعميقة، وكأننا ندخل مشغلاً زاخراً باللقى الآثارية والنقوش القديمة والأساطير والخرافات والكتب المقدسة من القرآن إلى نصوص العهد القديم والجديد، مع المراجع الإغريقية والرومانية، وكتب الإخباريين العرب، كذلك آراء المستشرقين والبحوث العربية المعاصرة، ولن تفوتنا قواميس اللغة وكتب التاريخ بعصورها القديمة والمراجع بأنواعها الإنجليزية والألمانية والفرنسية والعربية، في محاولة فهم ترنو إلى الشمولية لإحدى أعقد وأدق الحكايات العربية وأقدمها على الإطلاق، والتنطح لشرح أسباب استمرارها حية في التراث العالمي.
تتغاير التفسيرات منحى لآخر، تتوافق أحياناً وتتناقض أحياناً أخرى، وكأن هذا اللغز رغم جلائه يبقى لغزاً محفوفاً بالخوافي والغوامض، وما تحول بينه وبين الانكشاف الكامل، أمور قاهرة شتى، تجعل البحث يتعثر لأسباب كثيرة، غياب النقوش الحجرية، عدم العثور على أثر لأسماء كثيرة في اللقى الأثرية، اللجوء إلى التكهنات في انتظار المزيد من التنقيبات، الارتكاز على الحدس، عدم الخوض في مسألة تحديد بعض التواريخ، افتقاد كتابات الإخباريين العرب للدقة لامتلائها بالأخطاء اللغوية والمطبعية، ولا يمكن الاستفادة منها على نحو واف إلا بعد تحقيقها تحقيقاً علمياً.
وإذا كان المؤلف الباحث، يبدو أحياناً وكأنه يضرب في غياهب الماضي، وهو يحلل ويفسر، يتحزر ويرجح ويؤوّل، يحيلنا إلى الأساطير وتاريخ زلق وجغرافيا قابلة للتمدد والتقلص، وبيئة مفتوحة على الأنواء والشظف والحيوانات والهوام والشمس دائماً، ضارباً رغم المراجع الكثيرة والكتب القديمة في المجهول، والأصح المجاهيل، في بحث فريد من نوعه، شاق وشائك، لم يخطئه الجهد والخيال والقدرة، في جعله طيعاً وقابلاً للتشكل على نحو مقنع وعميق ومتسع. وقد نتجرأ ونقـــــول إن قلة من الكتب الصادرة بالعربية في هذه المباحث، تهيأ لها هذا الدأب الممتاز والإلحاح المفرط على تقصي حقيقة، ربما كان نصيب الخيال فيها أكبر من نصيب الواقع، ولا يستطيع أن يسد الثغرة بينهما سوى البحث العلمي الرصين والمنفتح، مع ذخيرة أكاديمية رفيعة; نقول، كتاب «بلقيس لغز ملكة سبأ» أحدها، ولا عجب، فالباحث من الرهط الذي يقف في مقدمته في العقود الأخيرة د. كمال صليبي وغيره من الباحثين الجسورين.
*بلقيس، لغز ملكة سبأ
*المؤلف: زياد منى
*قَدمس للنشر والتوزيع 2004
سعيد زكريا / الشرق الاوسط الدولية (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
لتحميل الكتاب اضغط هنا (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
.
.
..