The morning
02/03/2009, 01:47
من شرطي المرور حتى خدام ..كم مرة بعنا الوطن ؟
سيارة قديمة مغبرة تسير ، مثل برامج الاصلاح ، الهوينة على الطريق السريع ، ولوحة حكومية مائلة كالحة يفضح لونها الاخضر قاعدة "التجاوزات" المقيتة لتبدأ القصة من هنا.
وتمضي السيارة القديمة المتهالكة المهترئة مثل القطاع العام عندنا .. نوافذ مغلقة معتمة ، ودواليب تتأرجح في حركة غير مستقرة تهدد بانفراط " العربة " ، التي تسير بقدرة قادر ، في اية لحظة ..
ومسؤول لا يؤثر فيه "زمور" ولا ضوء ولا صياح ولا رياح ، سرعة ثابتة لا تتأثر بالنسبية ولا تعترف بالمتغيرات على طريق مرسوم يصل بين نقطتين يتحرك بينهما مثل النواس ..
وصاحبنا بدأ موظفاً صغيراً ، درج مقفول وعقل مفتوح و" قفا " على الكرسي وعين على الناس ، في اول الشهر يقبض الراتب ويصرف منه الى اخره .. اذا وقف وقف منتصبا واذا تكلم تكلم جهارا يقبل الصحيح ويرفض ما هو خاطئ ، ينام في الليل ليحلم ويصحو في الصباح على الحقيقة ، يشكر ويحمد على النعمة ..
تحول المشهد مع الوقت ، واصبح الدرج مفتوحاً والعقل مغلقاً ، عينه على الكرسي وقفاه للناس ، يصرف الراتب قبل ان يقبضه في اول الشهر ، اذا وقف يقف منحنيا مائلا ، واذا تكلم يتكلم همسا ويتلفت ( حواليه ) ، والصحيح في قاموسه تحكمه قواعد متبدلة مثل السياسة ، فما ينطبق على حالة لا ينطبق على اخرى حسب الواسطة والرشوة والجماعة والمعرفة والحلاوة .. ، يصحو في الليل ارقاً وينام في الوظيفة مللاً .. منتظرا الترقية الكبرى ..
يفتح الحقيبة السوداء في كل يوم ، يسجل تفاصيل الحركة اليومية .. 100 ليرة اكرامية . . 200 .. ترويقة .. 500 ثمن فنجان قهوة .. يجمعها ولا يعدها لكي لاتفقد بركتها .. ويضعها في الخزانة تحت الثياب في الظلام من حيث اتت ..
وهكذا أصبح البلد كله يدور في فلك فنجان القهوة هذا ، وتحول الى اقطاعيات ومناطق نفوذ في سلسلة طويلة طويلة منقسمة الى لانهاية ، تشبه متاهة طويلة متشعبة موزعة الى غرف وصالات ، جلس فيها حراس وشخوص لا يختلف الواحد منهم عن الاخر الا بثمن التذكرة ، وكل ما عليك ان تعرف كيف تقدم قهوتك للـ " الشخص المناسب في المكان المناسب " .. ؟؟! واياك ان تقاوم او ترفض القواعد لان من يفرضها قوي مثل الرياح العاتية وما عليك الا ان تنحني
في الطريق بين دمشق حلب وقبل الوصول الى مدينة حمص هناك مشهد طالما كان مثيرا للاهتمام ..
الشجر المائل المنحني حتى تخال ان قممه قاربت ان تلامس الارض.
والسبب كما شرح لي اهل المنطقة هو الرياح العاتية التي تأتي من فرجة في الجبال التي تفصل لبنان عن سوريا ، حيث تخرج هذه الاشجار في حالتنا عن المثال الذي يقول اذا اتتك الريح فانحني مثل الشجر ..
لان هذا الشجر مثل المواطن السوري من كثرة ما انحنى لم يعد يقوى على الانتصاب مرة اخرى ..
لا اعرف لماذا قفز الى ذهني سؤال خطير وانا ادس ثمن فنجان قهوة في يد الشرطي ليمرر لي
مخالفة وقوف ممنوع في شارع الحمراء ، حيث فكرت بخدام عندما قبض قصرا في بارس " ثمن فنجان قهوة " من الحريري .. ؟؟!
ماذا مرر له .. ؟!!
الوطن ؟!
كم مرة كان الوطن ثمن صفقة .. ؟؟
بعدد القصور التي يمتلكها مسؤولينا ؟!!
ربما اكثر بكثير .. ؟؟
اذا اخذنا بعين الاعتبار ان كثيراً ممن يمتلك القصور اليوم .. كان في يوم من الايام مجرد .. صاحب درج مفتوح ثنته الريح واعتبر من الشجر ..؟
نـضال معلـوف - سـيريانيوز
سيارة قديمة مغبرة تسير ، مثل برامج الاصلاح ، الهوينة على الطريق السريع ، ولوحة حكومية مائلة كالحة يفضح لونها الاخضر قاعدة "التجاوزات" المقيتة لتبدأ القصة من هنا.
وتمضي السيارة القديمة المتهالكة المهترئة مثل القطاع العام عندنا .. نوافذ مغلقة معتمة ، ودواليب تتأرجح في حركة غير مستقرة تهدد بانفراط " العربة " ، التي تسير بقدرة قادر ، في اية لحظة ..
ومسؤول لا يؤثر فيه "زمور" ولا ضوء ولا صياح ولا رياح ، سرعة ثابتة لا تتأثر بالنسبية ولا تعترف بالمتغيرات على طريق مرسوم يصل بين نقطتين يتحرك بينهما مثل النواس ..
وصاحبنا بدأ موظفاً صغيراً ، درج مقفول وعقل مفتوح و" قفا " على الكرسي وعين على الناس ، في اول الشهر يقبض الراتب ويصرف منه الى اخره .. اذا وقف وقف منتصبا واذا تكلم تكلم جهارا يقبل الصحيح ويرفض ما هو خاطئ ، ينام في الليل ليحلم ويصحو في الصباح على الحقيقة ، يشكر ويحمد على النعمة ..
تحول المشهد مع الوقت ، واصبح الدرج مفتوحاً والعقل مغلقاً ، عينه على الكرسي وقفاه للناس ، يصرف الراتب قبل ان يقبضه في اول الشهر ، اذا وقف يقف منحنيا مائلا ، واذا تكلم يتكلم همسا ويتلفت ( حواليه ) ، والصحيح في قاموسه تحكمه قواعد متبدلة مثل السياسة ، فما ينطبق على حالة لا ينطبق على اخرى حسب الواسطة والرشوة والجماعة والمعرفة والحلاوة .. ، يصحو في الليل ارقاً وينام في الوظيفة مللاً .. منتظرا الترقية الكبرى ..
يفتح الحقيبة السوداء في كل يوم ، يسجل تفاصيل الحركة اليومية .. 100 ليرة اكرامية . . 200 .. ترويقة .. 500 ثمن فنجان قهوة .. يجمعها ولا يعدها لكي لاتفقد بركتها .. ويضعها في الخزانة تحت الثياب في الظلام من حيث اتت ..
وهكذا أصبح البلد كله يدور في فلك فنجان القهوة هذا ، وتحول الى اقطاعيات ومناطق نفوذ في سلسلة طويلة طويلة منقسمة الى لانهاية ، تشبه متاهة طويلة متشعبة موزعة الى غرف وصالات ، جلس فيها حراس وشخوص لا يختلف الواحد منهم عن الاخر الا بثمن التذكرة ، وكل ما عليك ان تعرف كيف تقدم قهوتك للـ " الشخص المناسب في المكان المناسب " .. ؟؟! واياك ان تقاوم او ترفض القواعد لان من يفرضها قوي مثل الرياح العاتية وما عليك الا ان تنحني
في الطريق بين دمشق حلب وقبل الوصول الى مدينة حمص هناك مشهد طالما كان مثيرا للاهتمام ..
الشجر المائل المنحني حتى تخال ان قممه قاربت ان تلامس الارض.
والسبب كما شرح لي اهل المنطقة هو الرياح العاتية التي تأتي من فرجة في الجبال التي تفصل لبنان عن سوريا ، حيث تخرج هذه الاشجار في حالتنا عن المثال الذي يقول اذا اتتك الريح فانحني مثل الشجر ..
لان هذا الشجر مثل المواطن السوري من كثرة ما انحنى لم يعد يقوى على الانتصاب مرة اخرى ..
لا اعرف لماذا قفز الى ذهني سؤال خطير وانا ادس ثمن فنجان قهوة في يد الشرطي ليمرر لي
مخالفة وقوف ممنوع في شارع الحمراء ، حيث فكرت بخدام عندما قبض قصرا في بارس " ثمن فنجان قهوة " من الحريري .. ؟؟!
ماذا مرر له .. ؟!!
الوطن ؟!
كم مرة كان الوطن ثمن صفقة .. ؟؟
بعدد القصور التي يمتلكها مسؤولينا ؟!!
ربما اكثر بكثير .. ؟؟
اذا اخذنا بعين الاعتبار ان كثيراً ممن يمتلك القصور اليوم .. كان في يوم من الايام مجرد .. صاحب درج مفتوح ثنته الريح واعتبر من الشجر ..؟
نـضال معلـوف - سـيريانيوز