-
دخول

عرض كامل الموضوع : ألعاب بهلوانية - حازم سليمان


اسبيرانزا
28/02/2009, 21:07
‏‏
في السيرك أخرج الساحر من قبعته فيلاً، ومن فردة حذائه مدينة ومن فمه امرأة، وحين أشار بعصاه إليّ اختفيت.‏‏
ضحك الجميع وأكلوا عرانيس الذرة، ومَصّوا قطع الحلوى الكبيرة.‏‏
الفيل عاد الى القبعة، والمدينة الى فردة الحذاء، والمرأة اندَحَشَت في الأحشاء، ونسيني الساحر، حتى أن أحداً لم يشعر بغيابي، جلس زبون جديد في مقعدي يَقرط ما يُقرط، ويَمصّ ما يُمصّ، وأنا بقيت هناك في قبعة الإخفا، أنتظر دون جدوى أن ينقلب السحر على الساحر.‏‏
***‏‏
في الليل تسللت من قبعة الإخفا، الى فردة الحذاء حيث المدينة كانت صاخبة بنساء ورجال لا يفعلون شيء غير اللذة، ودخلت فم الساحر بحثاً عن تلك المرأة التي كانت نائمة بشعر يغطي السرير والنوافذ.‏‏
قبلتها لم تصحو‏‏
عريتها لم تصحو‏‏
ضاجعتها لم تصحو‏‏
كانت ميتة منذ ألف عام، أو كما علمت فيما بعد أني كلما قبّلت امرأة تموت.‏‏
***‏‏
الكلب يُسلم على الجمهور، يُغرد كالعصفور، يعزف على الغيتار، ويأكل بالشوكة والسكين.‏‏
وفي المساء تتمسح فيه القطط، يبصق عليه اللصوص، يحاول أن ينبح فيخرج صوته تغريداً.‏‏
ثمّة من كتب القافلة تمر والكلاب تغرد.‏‏
***‏‏
الأسد يتدحرج على الأرض من أولها الى آخرها، يقف على رجليه وأذنيه، ويدوّر ذيله كطائرة مروحية.‏‏
يهمس المروِّض له: بقي أن تقفز في الحلقات النارية، سأطعمك أربع خسات، وأدعك تضاجع لولو أفعى الغابات الاستوائية.....يقفز دون تردد.‏‏
***‏‏
يبتلع المهرج زجاجاً....يصرخ الجمهور‏‏
يبتلع سيفاً.....يصرخ الجمهور‏‏
يبتلع طاولة....يصرخ الجمهور‏‏
وحين يبتلع خيبته يعم الهدوء ولا يشعر فيه أحد.‏‏
***‏‏
يضع رأسه في فم التمساح، يجعله يقف على رجل واحدة، ويضحك مثل آل باتشينو في "عطر امرأة".‏‏
وفي الأعلى...أعلى الخيمة ثمة حمامة وحيدة تُدخن ولا يراها أحد.‏‏
***‏‏
جلس الفيل قربي قائلاً...أين رأيتك قبل الآن.‏‏
قلت لا أعرف .. لم أذهب يوماً صوب الغابة.‏‏
مدّ خرطومه ليسلم.... إسمي فيل.....وأنا إسمي حازم.....تشرفنا يقول الفيل‏‏
ومشينا في الأسواق معاً، وجلسنا في المقاهي، وصعدنا في باصات النقل العام.‏‏
الكل يقول مرحباً بك سيدي الفيل....لماذا نراك اليوم وحيداً.‏‏
***‏‏
قال لي الكلب بنغمة كنار: ساعدني لأستعيد نباحي.‏‏
طوال الليل رحت أنبح وأنبح، وأهز بمؤخرتي.‏‏
اقتنع الكلب أن التغريد أفضل وراح يتعلم الطيران وبقيت أنا هناك أنبح وأنبح وأهز بمؤخرتي التي نبت عليها ذيل على شكل دائرة.‏‏
***‏‏
قال الأسد: ساعدني لأضاجع هذي الأفعى..‏‏
قلت عار عليك ان تفعلها وأنت الأسد ملك الغابة سيد الأحراش، ماذا تركت للقطاء...‏‏
صرخ الأسد....أخفض صوتك لا تنبح هكذا ...ستفضحنا.‏‏
***‏‏
أخبرني صديقي وحيد القرن أن الأسد يعاني من شذوذ غريب، وأنه شاهد حمار الوحش يضاجع سلحفاة شبقة، وأن التمساح يفضل الغزلان النافقة في النهر.‏‏
وأنت ماذا تحب سألت صديقي وحيد القرن.‏‏
اقترب مني كثيراً، وضع قرنه الوحيد على رقبتي وتنهد.....لا أدري شعرت بخوف عميق.‏‏
***‏‏
أحبتني الساحرة المراهقة إبنة الساحر.‏‏
أحيانا تحولني الى وسادة وتنام فوقي، وتجعلني دباً محشواً بالقَش وتحشرني بين فخذيها وفي أغلب الأحيان يقطينة خضراء مصقولة، وحين يصيبها الملل، كانت تسحرني على شكل غطاء وتلقيني متدلياً على طرف السرير.‏‏
والدها يدخل ومعه لاعبة الجمباز، يفرشني على الأرض، وكذلك مدير السيرك مع نائبته، ولاعبة الأراجيح تُدخل معها رافع الأثقال، والأقزام السبعة يرتمون فوق أميرتهم المجنونة، والمهرج المهووس يأتي آخر المطاف ليشم روائح الغطاء ويمارس عادته السرية.‏‏
الخادمة تنفضني تضربني بعصاها المؤلمة وتتركني أتدلى من النافذة.‏‏
***‏‏
المحقق يقول للساحر: ثمة رجل اختفى يقولون أنه داخل قبعتك‏‏
يا سيدي..هل تصدق هذا الكلام.... إنها مجرد ألعاب بهلوانية.‏‏
لكن زوجته تقول أنه كان قربها يقرض أظافره ويبصقها في الهواء عندما اختفى‏‏
إنه كلام مبلغ فيه... لعلها أضاعته في مكان آخر.‏‏
عادت زوجتي لتبحث عني بين ثيابها لعلي كنت خائفاً، أو عالقا في صنارة علاقة الثياب.‏‏
وأنا كنت أصرخ... وأصرخ لسيدي المحقق ولزوجتي..... أنا هنا.... لكن لا أحد يفهم لغة الأغطية.‏‏
***‏‏
البومة قالت: ما لذي تفعله هنا‏‏
أنا رجل مسحور يا سيدتي البومة ولا يراني أحد سواكم‏‏
يالك من أحمق....اذهب حاول أن تخرج اركض نحو البوابة‏‏
ومشيت ومن ثم ركضت أعماني ضوء الشمس، وفي الخارج كان الناس يستأجرون الأحصنة الصغيرة لأولادهم، ويمصون ما يُمص أيضاً‏‏
صرخت هل يراني أحد.....إيه أنتم هل تروني.....أنا هنا اقتربوا ....اقتربوا.‏‏
تجمع الناس من حولي على شكل دائرة......هل تروني جميعاً....قالوا نعم‏‏
ودون أن أشعر رحت اُخرج فيلا من تحت أظافري، ومدينة من حذائي، وامرأة من أحشائي، وزرافات وتماسيح ورحت أقلد صوت الكلاب وأهز مؤخرتي، وأقفز في الحلقات النارية، وأنفرش على الأرض كغطاء.‏‏
وحدها الحمامة التي لم يراها أحد سواي كانت تُدخن وتُدخن وتقول...‏‏
يالك من أحمق.‏‏

achelious
01/03/2009, 10:57
شكرا اسبيرانزا,:D

نقل قصص حازم مانو بالأمر الهيّن, !