-
دخول

عرض كامل الموضوع : الغروب العصبي- مايكل انجلو


نوح عواضة
27/02/2009, 17:34
الغروب العصبي



ما الذي يفعله النهار في الليل
أينام من تعب
أيصيبه أرقٌ على سرير الوقت ؟

مستلقياً على الغروب العصبي
يفكّر
بعذابات الناس
بأوجاع التراب .

أبندم لطلوعه كل يوم
موبّخاً ديكة الأرض
مصادِراً الصيحات
حابساً شهقة الفجر
في حنجرة الظلام .

أيفكّرُ بانعكاس شمسه على بيوت التنك
سطوحها لامعة كابتسامة رضيع
خلف أبوابها أوجاع تفطر الأحلام
عند المداخل مساكب نعناع وأمل , عبارة
((هذا من فضل ربّي )).

أيعلم أن عضة الفاقة لا تسبب قروحاً
لكن أبيابها تنغرز في أحشاء الروح
لا إبرة الصبر تداويها ولا شقائق الألم
أيتها الأشعّة الأليفة
ألاّ تجفّفين قليلاً أبخرة الهوان .
أيوثق المناقير بالأسئلة
علاماتُ الاستفهام مشانق اليقين
علامَ خشونة الرغيف
لماذا الحروب
لماذا الطغاة .

مرتجفاً تحت غطاء النعاس
تراوده فكرة إغتصاب الهزيع
ينهره القمر
تنهره النجمات .

يغطي رأسه بطرف الفجر
متمنياً
‘نقطاع الظيط الأبيض
إنقطاع نسل الشمس
متوسلاً العتمة الساهرة
أن تبقى قليلاً .

بشهوة النوم مؤبد
يحلم
باعتقال الضوء
باغتيال الصباح .


على خده دمعة حيرة
أين يذهب في هذا الليل المتفوق عليه بالمنامات
أين المفرّ
أين المبيت
لا أصدقاء للتعاسة
لا متسع للنحيب
لا رغبة في العودة
(( الناس نيام
إذا ماتو انتبهوا )) * .

يتشظى النهار في مرآة نفسه
خجلاً
ممن لا يجد قوت يومه
من باعة الورد المتعبين
من الحمّالين و الحالمين
خجلاً من الوجبات الثلاث
من الخبز العنيد
من فقراء لا يخرجون
شاهرين سيوف الجوع
من بنّائين يرفعون الأبراج على أعمدة العرق
وعمالٍ يجبلون الإسمنت بأحلام اليقظة

خجلاً
من حدائق ذابلة في اقيظ الخوف والتوجس
من بلاد أتعبتها الظنون و الأسئلة
الأُسر السعيدة , حين تجيء غداً , لن تنتبه إلى تعب
العمال متدلياً من الأسقف كالثريات , متسرباً
من الجدران كرطوبة مُزمنة .
يُلملم النهارُ أذيال الأرق
مثقلةً جفونه
بين سهو ودمعتين
بين نوم ويقظة
تتراءى له :
شمس تغسل ُ وجهها
امرأة تنهض من صلاتها
عذراء تهب فضة نهديها
لوهب المطر .


يتراءى له :
حصاد يمسك بتلابيب الحقول
فلاّح يتصبب أملاً
ماسحاً عرق جبينه بالمواويل
منهمكاً
بإصلاح ظهيرة فاسدة
بحراثة الصبر و السلوان .


يتراءى له
صبيٌّ لاهثٌ
خلف جرس المدرسة
حديقة أيقظها الرنين .

أُمٌ تربط جديلة ابنتها
الابنة تخطف الأنفاس
تبتسم الطفلة
يسقة شعاع
من سنّها المثقوب بالضحك
يبتسم النهار
يبدأ نهاره .


زاهي وهبي
من ديوان
(( يَعرفُكِ مايكل أنجلو ))