-
عرض كامل الموضوع : المرشدية
المرشدية مذهب ديني ينسب إلى الإسلام أتباعه يتبعون الطائفة المرشدية الصغيرة والتي لا توجد إلا في سوريا, يقدر عددها بحسب المصادر المرشدية ما بين ثلاثمائة ألف إلى نصف مليون شخص يعيشون مابين محافظات اللاذقية، حمص، منطقة الغاب في حماة، وفي دمشق وريفها كما أن هذه الطائفة لا توجد في بلد آخر سوى سوريا، إلا بأعداد محدودة تعود إما لسوريين مهاجرين أو زيجات مختلطة أو أعداد صغيرة قد تكون دخلت المرشدية. بعض المصادر السنية المتشددة ترى في المرشدية أنها طائفة منشقة من النصيرية يعبدون مؤسس الدعوه المرشدية سلمان المرشد وهو ما ينفيه الكثيرون.
ظهور المرشدية
1923 إلى 1946
تعود جذور ظهور المرشديّة في النصف الأول من القرن العشرين في سوريا عن طريق سلمان المرشد والذي يشتهر أكثر باسم سليمان المرشد في منطقة الحدود الجبليّة بين محافظتي اللاذقيّة وحماة ومن تلك المنطقة امتدّت الدعوة إلى مناطق أخرى في محافظات حمص وإدلب ودمشق وطرطوس. والآن فالوجود المرشدي في محافظتي حمص واللاذقيّة هو الأقوى. كان سلمان المرشد قد لفت الأنظار إليه في 1923 عندما بشّر بقرب ظهور المهدي لـ"يملأ الأرض عدلاً" ولم يدع الناس أن يتخذوه ربا كما يشاع وكان سلمان قد دعى إلى إلغاء الكثير من العادات التي تمس سيطرة مشايخ العلويين على أتباعهم. أعدم سلمان في نهاية عام 1946 بتهمة يقول البعض أنها أدعائه الألوهيه إلا أن العديد من الباحثين يؤكدون قرار الإتهام والإعدام لم يتطرق أبداً إلى مسألة إدعاء الألوهية كما يشاع بل أنه أعدم بتهمة قتل زوجته والتحريض على قتل آخرين في المواجهة التي حصلت مع الدرك في قريته بنهاية 1946 وقد لفقت له جميع هذه التهم بدوافع سياسية بحته .
1946 إلى 1952
الدعوة الفعلية للمذهب المرشدي تُنسب إلى مجيب سلمان المرشد والذي يعتبر المرجع الأول للمرشدية التي أعلنها في 25 آب من عام 1951. قُتل مجيب على يد عبد الحق شحادة آمر الشرطة العسكرية في عهد أديب الشيشكلي، وبإيعاز منه, في 27 تشرين الثاني 1952. يعتبره المرشديون المخلّص الذي أعطى المعرفة الجديدة عن الله, وقد أشار مجيب قبل قتله إلى أخيه الأصغر ساجي المرشد باعتباره "الإمام ومعلم الدين". لذلك يُعتبر ساجي المرشد المرجعيه الدينية التي يلجأ إليها المرشديون في أمور دينهم.
1952 إلى اليوم
بأعتباره الإمام ومعلم الدين بعد مقتل مجيب المرشد عام 1952 أصبح ساجي سلمان المرشد المرجع الأول للمرشدية وقد توفي (غاب كما يرى المرشديون) في تشرين الأول من عام 1998 ولم يوصي بالإمامة لأحد من بعده لذلك لا توجد عند المرشدية مرجعية دينية بعده.
المرشدية
هي منهج إصلاحي أخلاقي ديني يُعتقد أنه إسلامي – [الدينُ عندَ اللهِ الإسلام؛ وفي كلِّ دينٍ نورٌ من اللهِ وإسلامٌ لله؛ نحنُ نؤلِّهُ للهَِ ونحبُّ من نريد] - عالمي يُعنَى بسلامةِ السريرة وطهارتها لا بقوانين الإدارة، تَأسَّسَ في 12 تموز 1923م، وأُعْـلِـنَ بتاريخ 25 آب 1951م؛ فيكونُ الخامسُ والعشرون من آب من كل عام عيدَ المرشديين الوحيد والمسمى بِـ (عيدِ الفرح بالله). تدعو الحركةُ المرشدية إلى التزام الأخلاق للفوز برحمة الله الواحد ورضوانه وإلى تحقيقِ الأصالة الإنسانية بُغيةَ الارتقاء إلى الكمال. فليستْ مهمةُ هذهِ الحركةِ إصلاحُ العالَم، بل مهمتُها، ككلِّ دين، تخليصُ الإنسان من هذا العالَم. وما وردَ في تعاليم المرشدية [ليسَ علينا مهمةُ إنقاذِ العالم] يتلاقى مع الآية القرآنية : [ليسَ عليكَ هداهم] والآية : [فذكِّرْ، إنما أنتَ مذكِّر. لسْتَ عليهم بمسيطر] ومع قول المسيح : [مملكتي ليست من هذا العالم] وقوله: [اعملوا عملي واتبعوني إلى الملكوت]. وأكثر ما يميِّزُ المرشديةَ هو إلغاؤها للسلطة الدينية، إذ لا يوجد كهنوت ولا مشايخ ولا تبشير ولا دعوة إلى الدين، إنما يُعطى الدينُ بناءً على طلب المريد. فهي إذاً ليست نظاماً اجتماعياً ولا حزباً سياسياً ولا برنامجاً اقتصادياً. كما ترتكز الحركة المرشدية عَمَلياً على الحرية الدينية الكاملة بشكلٍ عام [لا إكراهَ في الدين] وعلى حرية المرأة بشكلٍ خاص [الفتاةُ المرشدية تتزوج ممن تحب]… لا يوجد في تعاليمِ المُـرشِدية أدنى معنى للإكراه أو القسرية، فالخيرُ إذا لم يصدرْ من تلقاءِ النفس فلا فضلَ لفاعلِه. فالمرشدية إذاً ثورةٌ على صعيد النفس لتحقيق أصالتها الإنسانية بالابتعاد عن الطُرُق الملتوية المؤدية إلى تحقيقِ رغبة النفس في الوصول إلى أي مكسبٍ مهما كان عظيماً. فالمهمُّ هو العملُ، لكنْ ليسَ أيَّ عمل، بل العملُ الصادر عن ضمير طاهر ونية صادقة. فطهارةُ الضميرِ وصدقُ النية هما الأساسُ لدى المرشدية – كما لدى كلِّ دين طبعاً -، فلا حاجةَ، عندئذٍ، إلى مؤسسة دينية أو سلطة كهنوتية لمراقبة الضمير. طهارةُ السريرة مقدَّمَـةٌ على الشريعة. فالشريعة مؤقَّتة تختلفُ باختلاف الزمان والمكان. والشريعة نصيحة لا أكثر، ولا يوجد إدارة ولا مدير للنصائح. كما تدعو الحركة المرشدية إلى المساواة بين الرجل والمرأة، فللمرأةِ المرشدية الحقُّ في التعليم الديني والدنيوي ولها الحقُّ في اختيار عملها وشريكها دون أي إكراه. فقد جاءت الدعوةُ المرشدية لخلاص الروح، وكانتْ نقلةً نوعيةً من المعنى المادي إلى المعنى الروحي. لقد نقلَتْ المُـرشِديَّةُ آيةَ [وفي السماءِ رزقُكم وما توعدون] من على واجهاتِ المطاعم إلى السماء (التي في داخلِ نفوسِنا)، ونقلَتْ السماءَ (البعيدةَ عنا جداً بحسب مفهوم الأديان الحالية المسماةِ بالسماوية) إلى نفوسنا. فالمقصود بالرزق في الآية هو الرزقُ الروحي في السماء، وهو الخلود في ملكوت الله. فالدينُ لم يهتم بإصلاح الأرض واستصلاحِها بقدر ما اهتمَّ بإصلاح النفس والسريرة وصلاحِها. يحرِّمُ المرشديون الميْتةَ والدمَ ولحمَ الخنزير، ويعتنون بالطهارة الداخلية النفسية والسيرة الصالحة والأخلاق الحميدة والفضيلة والقيم النبيلة وصحة النظرة إلى الله. ونظرتُهم إلى الخالقِ حُرَّةً فلا يقيدونه بالأصفاد. كما أنَّ الحركةَ المُرشديةَ ليستْ مغلقةً أمامَ أحد ولا حكراً على فئةٍ دونَ أخرى، ولا يعيشُ أبناؤها ضمن غيتوهات ولا يضرِبونَ حولَ مذهبهم أسواراً من الأسرار أو أنفاقاً ومتاهات، بل هي حركة عالمية مفتوحةٌ على كلِّ من يطلبُ بصدقٍ وإخلاص، دونَ اللجوء إلى أساليبِ الدعايةِ والتبشير وتسليعِ الحقيقة ولا إلى القسر أو الإكراه. لا يدينُ المرشديونَ أحداً ولا يكفِّرونَ أحداً، فالديَّانُ هو اللهُ. كما لا يحقُّ لأحدٍ أنْ يكونَ وصياً على أحد. وجميعُ الأديان والمذاهب هي طرُقٌ مختلفة لغاية واحدة. في كلِّ دينٍ حقيقةٌ ونورٌ وإسلام، وليسَ هناكَ من دينٍ يحيطُ بالله. ولهذا يجبُ احترامُ جميعِ الأديان، وعدمُ التهكُّمِ بأيِّ مُعتَقَدٍ مهما بدا غيرَ مقبول. فهم لا يقْبلونَ من أحدٍ أنْ يسيءَ إلى عقيدتهم. إذْ أنهم أكثرُ الناسِ اعتزازاً بدينهم وبمبادئهم. فقد زرعَ فيهم إمامُهم الحريةَ والتحرُّرَ من التبعية والإيمانَ والصدقَ والمحبةَ والعزَّةَ والكرامة ... خلاصةُ القول : المرشدية هي الدينُ
سلمان المرشد
وُلِدَ سلمانُ المرشد عام 1907م من أسرة فقيرة من الفلاحين في قرية (جوبة برغال) في جبال اللاذقية، وأُعدِمَ شنقاً في عام 1946. نادى بالحرية والمساواة ورفض التبعية وحارب الإقطاع ودافع عن المستضعفين من الفلاحين. قام بحركة إصلاحية وعمره لم يتجاوز 18 سنة، وعمل على توحيد عشيرته (بني غسان) التي كانت تعيش بين ظهراني العَلَويين وكانت تتواجد في اللاذقية وفي منطقة القنيطرة (زعورة والغجر) وجبل الحلو (شين، عوج، مريمين، ...).. وحَّدَ سلمانُ طائفته في 12/7/1923، وحاربَ الفرنسيين ، فسُجِنَ ثلاثةَ أشهر تعرَّضَ خلالَها للسجن والتعذيب. وعندما خرجَ من السجن دعا إلى المساواة والعدالة بين الطوائف والأحزاب، فقامت السلطاتُ الفرنسيةُ بنفيه من اللاذقية إلى الرقة مشياً على الأقدام لمدة ثلاث سنوات من 1925 وحتى 1928. ثمَّ أُعيدَ من المنفى ليوضع تحتَ الإقامة الجبرية لمدة ست سنوات، لكونه عارضَ بشدةٍ البعثاتِ التبشيريةَ بين المسلمين، والتي تخفي وراءها مطامعَ سياسيةً ومصالحَ شخصية. ساهمَ سلمان المرشد في إنجاح الكتلة الوطنية نظراً لما يتمتَّعُ به من شعبية كبيرة بين صفوف الفلاحين، ثمَّ عارضَ هذه الكتلة عندما رأى أنها ابتعدتْ عن مصلحة الوطن. ونجح سلمانُ في الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام 1943 كعضو في البرلمان. وفي عام 1945 طلبت منه الحكومةُ الوطنية أنْ يعملَ على إقناع السوريين المتطوعين في الجيش الفرنسي بالالتحاق في الجيش الوطني بعدَ أنْ فشلَ زعماءُ عشائرهم، ونجحَ [[|سلمان المرشد|سلمانُ]] في المهمة الموكلة إليه، رغمَ أنه لم يكن هناكَ من عشيرته من تطوَّعَ في الجيش الفرنسي أصلاً.
ونظراً لخطورة هذه الحركة التحررية والتي ترفضُ أيَّ شكلٍ من أشكالِ التبعية، إقطاعيةً كانتْ أم استعمارية، والتي اتَّسعَ انتشارُها بينَ صفوف الفلاحين والفقراء والمستضعفين، عملَ بعضُ زعماء الكتلة الوطنية من الإقطاعيين المتضررين من حركة [[|سلمان المرشد|سلمانُ]] بموافقة شكري القوتلي ومباركة فرنسية على إعدام [[|سلمان المرشد|سلمانُ]]بتهمة الخيانة والتآمر مع فرنسا. وعندما فشلوا في إثبات هذه التهمة وجَّهوا إليه تهمةَ مقاومةِ الدرك الذين خرجوا لاعتقاله. وصدرَ حكمُ الإعدامِ شنقاً يومَ الخميس في اللاذقية، ونُفِّذَ الحكمُ بعدَ ثلاثة أيام في دمشق يوم الاثنين سنة 1946.
قائمه قرى المسلمين المرشديين
1-حماه :شطحا-جورين –الرصيف-نبل الخطيب –الجيد-مرداش-نيصاف-عناب-عوج-مريمين
2-حمص:شين -ام شرشوح-العاليات
3-اللاذقيه:جوبه برغال -زنيو -بسوت -كرم المعصره
المصدر : ويكيبيديا الموسوعة الحرة
ورده بغداد
07/02/2009, 09:55
شكرا لك زين
معلومات حلووووه
زيدنا اكتر
ورداتي
حلو الحكي زين... بس انا دايما بقول انو مشكلة الاديان السرية انك ما فيك تعرف بالضبط كنهها وحتى تاريخها يعني الواحد بيقدر يحكي عن الشي المعترف فيه بس الاشيا السرية ما فينا نحكم عليها..
مشان هيك اتباع هي الاديان بيعانو من مشاكل كتير واتهامات شي صار شي ما صار..
مع محبتي لكل السوريين.. ولاتباع هي الطائفة اللي الي رفقات منها
حلو الحكي زين... بس انا دايما بقول انو مشكلة الاديان السرية انك ما فيك تعرف بالضبط كنهها وحتى تاريخها يعني الواحد بيقدر يحكي عن الشي المعترف فيه بس الاشيا السرية ما فينا نحكم عليها..
مشان هيك اتباع هي الاديان بيعانو من مشاكل كتير واتهامات شي صار شي ما صار..
مع محبتي لكل السوريين.. ولاتباع هي الطائفة اللي الي رفقات منها
معك حق
بس انو هلق ماعاد بقي شي مخبى
:D
مشكور زين على المقال الجميل
و بصفتي من المرشديين فأقول انه مقال صحيح ويحمل من الحقيقة الكثير التي سعى البعض وعلى مدى زمن طويل على طمسها
:D
بس بالنسبة للقرى هي بعض القرى مش الكل
بس ورد اسم قرية جوبة برغال وهي القرية التي انطلقت منها المرشدية ولكنها الآن لا يوجد فيها اي شخص مرشدي على حد علمي
سلمان المرشد من الزعامة الى المشنقة .. بقلم : خولة غازي
يثير تحقيق الكاتب والباحث السوري محمد جمال باروت لمذكرات احمد السياف اسئلة شائكة عن المساحات المطموسة والمسكوت عنها في التاريخ السوري الحديث وهو يحاول في عملية التحقيق المعمقة ان يسلط الضوء على هذه المساحة وينقلها من مساحة الصمت الى مساحة الصوت وان ينقل السردية التاريخية من الرؤية الاحادية البعد الى الرؤية الحوارية المتعددة الابعاد ، ويستفز باروت في مقدمته حقا المؤرخين السوريين الذين صرفوا النظر لاعتبارات وادعاءات شتى عن هذه المساحات ، ويبدي قدرا كبيرا من التحدي لهم مدشنا في الواقع عملية الغوص الموضوعية والتحليلية التاريخية والنقدية لاول مرة في مدرسة التاريخ السوري الحديث في تلك المساحات المسكوت عنها والتي لم يهدأ جمرها بعد ، وفي مقدمة هذه المساحات الفصل المسكوت عنه في التاريخ السوري الحديث الذي نقل المرشد زعيم العشائر الغسانية العلوية من الزعامة الى المشنقة .
والجديد في هذه المذكرات انها تقدم سردية مختلفة اشد الاختلاف عن السردية الرسمية وشبه الرسمية التي سوقتها ومولتها حكومة سعد الله الجابري يومئذ حول اعدام سلمان المرشد ، والكتاب مثير على مستوى سردية احمد السياف وعلى مستوى الوثائق والمراجع النادرة التي عاد اليها المحقق بدقة كبيرة الى درجة اننا لانعرف حتى الان في الكتب التاريخية التحليلية عودة من هذا النوع والكم ، ومن هنا حولت عملية التحقيق مجريات سردية السياف لتجربته مع كل من ابراهيم هنانو وسلمان المرشد الى معرض نقدي تحليلي للتاريخ السوري الحديث عموما والمسكوت عنها خصوصا ، فهو اشبه بمسرح يقف عليه جميع اللاعبين الاجتماعيين والسياسيين في تلك الفترة مكشوفين امام النظارة ، وهذا يعطي مقاربة المحقق للتاريخ الاسلوب الحواري الذي يضع كل لاعب في فضائه بقدر مايوضح لنا اللعبة الكلية القائمة خلف صراعات واستقطاب القوى وتناقضات المصائر في مرحلة عاصفة من التاريخ السوري الحديث هي مرحلة الانتقال من الانتداب الفرنسي الى الاستقلال .
ومثل كل محقق يتجرد باروت عن المواقف التحيزية تجاه اي لاعب من اللاعبين ليقدم الفاعلين الاجتماعيين وكأنهم يسردون حكايتهم بأنفسهم في ذلك المسرح الانتقالي العاصف الذي هز سورية يومئذ من اقصاها الى اقصاها ونعني به الحبكة او العقدة التي تفجرت حول قضية سلمان المرشد ، يخترق باروت في تحقيقه السردية الرسمية جذريا ويسرد التاريخ الممنوع الاخر وهو في كل ذلك لايفعل سوى التحقيق المعمق لما كتبه احمد السياف .
فسلمان المرشد وفق التحقيق اعلن في عام 1923 في بيئة تعج بالانقسامات والصراعات العشائرية والمذهبية عن قرب ظهور المهدي المنتظر وسرعان ماتحولت دعوته الدينية الخلاصية الى حركة اجتماعية خلاصية عمت مناطق الجبل الاعلى في الساحل السوري ومنطقة جبل الحلو في حمص وأخذت شكل تمردات وعصيانات على سلطات الانتداب حيث امتنع الاهالي عن الضرائب وقام بعضهم بطرد الاقطاعيين من قراهم وتسبب ذلك بقيام السلطات الفرنسية بنفي سلمان المرشد مع تسعة من ابرز مريديه الى مدينة الرقة لمدة سنتين ، حيث عاد المرشد في نهاية النفي في اواخر العام 1927 الى عرينه في جوبة برغال ، وفي الثلاثينات وتحديدا في عام 1936 اصطف المرشد مع القائمة الوحدوية ضد القائمة الانفصالية ، وساهم مساهمة فعالة في الفوز الساحق للقائمة الوحدوية في مناطقه وكان من بين من ترشحوا على قائمته المجاهد عمر البيطار قائد ثورة صهيون قضاء الحفة في العشرينات ، وقد تبنى المرشد الخط الاتحادي في مواجهة الخط الانفصالي واستطاع ان يلعب على التناقضات الفرنسية وعلى التناقضات مابين الاطراف التي اعتمد عليها الفرنسيون في الحكم كي يعزز نفوذه وسيطرته فشكل في منطقة سادتها الفوضى
لعقود طويلة نوعا من ادارة ذاتية كفلت الامن مقابل سيطرته على حركة تجارة التبغ مما ادى الى اعتراف الفرنسيين به كأمر واقع وعدم قدرتهم على لعب اي دور في مساعدة خصمه علي اغا بدور زعيم عشيرة الدراوسة وحامل وسام جوقة الشرف الفرنسي والذي كان من ابرز منافسي المرشد في منطقته ، ولقد مسح المرشد زعامة علي بدور في الارض ولم يستطع الفرنسيون ان يفعلوا شيئا .
بعد اعلان استقلال سورية في عام 1941-1943 اعيد انتخاب المرشد في عضوية المجلس النيابي السوري في اطار القوائم الوطنية ، وكان من ابرز ماتقدم به هو مطالبته هو بالحاق قضاء الحفة بمحافظة حلب كتعبير عن ولائه للحكم الوطني الجديد وعن رفضه للكيانية المصطنعة التي اقامها الفرنسيون تحت اسم دولة العلويين مدعيا ان قضاء الحفة مرتبط اقتصاديا وثقافيا بحلب .
في هذه الفترة كانت الدسائس الفرنسية والبريطانية قد وصلت الى اوجها ، ودعم البريطانيون رجالات الكتلة الوطنية في العودة الى الحكم ، وقد اعتمدوا في سياق حساسيتهم مع الفرنسيين سياسة استئصال كل من عمل مع الفرنسيين او تعامل معهم وفي هذا السياق ، غير انهم اضطروا للاعتماد على اخلص الخلصاء للفرنسيين في سبيل مقاومة المرشد ، وادت هذه المشاحنات مع تمفصلها بنوع معقد مابين الريف والمدينة مابين سلمان المرشد واقطاعيي المدينة على خلفية استيلاء المرشد في عام 1939 على مزرعة سطامو الخصبة واعادتها للفلاحيين ، ليتم تبني التخلص من الزعامات العشائرية القوية في سورية التي كانت تنتقل من الانتداب الى ٍالاستقلال وكان في مقدمة هذه الزعامات زعامتان كبيرتان زعامة سلمان مرشد في جبل العلويين وزعامة سلطان باشا الاطرش في جبل العرب ، واستطاع البريطانيون بعد ان وضعوا في اولى جدول اعمالهم تحطيم المرشد ان يحركوا عملية تسيير المرشد نحو المشنقة لكنهم لم يفهموا قط لا المرشد ولا البلد ولم يستوعبوا حجم ونوع التمايزات والتي حاولوا التلاعب بها
حاول المرشد الذي تمييز بحسه العملي ان يبدي اقصى ضروب الولاء للحكم الوطني فنسق علاقة ايجابية وثيقة مع فارس الخوري رئيس المجلس النيابي الذي غدا صديقا له وينزله في بيته ، كما لعب دورا كبيرا في عملية انتقال الجنود من جيش الشرق الى الجيش الوطني الجديد الملحق بالحكومة الوطنية والفرنسيين ، وفي عام 1945 القى فخري البارودي في المجلس النيابي كلمة المرشد التي وضع فيها نفسه وعشائره تحت تصرف الحكم الوطني ، غير ان كل هذا لم يشفع له اذ كانت زعامته قد باتت تشكل خطرا حقيقيا على الحكام الجدد ، ومن هنا اثيرت القضايا ضد المرشد كان قبع خلفها خصومه من اقطاعيي المدينة ومن بعض الزعامات العشائرية الاخرى ، وفي هذا الفصل على وجه التحديد يلعب احمد السياف دور الوسيط مابين حكومة سعد الله الجابري الخاضعة لنفوذ اقطاعيي المدينة وما بين سلمان المرشد حيث يقدم لنا في مذكراته سردية مختلفة كليا عن السردية الرسمية وفوق ذلك يقدم لنا معلومات معتم عليها ، وخلاصة سرديته ان المرشد قد وافق على التسوية على الرغم من انها قد حملت الغرم له والغنم لخصومه ، وانه تجاوب بشكل كامل مع رغبات الحكومة لنزع الذريعة عن تنفيذ المخطط المبيت
ضده ، فأعلن مزيدا من الالتصاق بالحكومة الوطنية ورفض حضور مؤتمر نقورو على الرغم من انه يؤيد قرارت المؤتمر.
ويبين لنا السياف ان ماتم لم يكن سوى كمين اعدته الحكومة للتخلص من زعامته وان من يقبع خلفها لم يكن سوى البريطانيون الذين كانوا من ابرز النافذين لدى الحكام الجدد والاقطاعيون في منطقة المرشد الذين كانوا على صلة وثيقة بالضباط البريطانيون ليقدم سلمان المرشد في النهاية الى المحاكمة بتهمة "الخيانة العظمى"
ولكن المثير في محاكمة المرشد انه قد قال في اول المحاكمة حين طرحت عليها القضايا المثارة ضده انه لايهتم بكل هذه القضايا بل تهمه قضية واحدة وهي قضية اتهامه الظالم بالخيانة العظمى وهو الذي نفاه الفرنسيون الى الرقة وناصر القوائم الوحدوية ومد يده الى الحكومة الوطنية ‘ وفي نهاية المحاكمة حين عرض عليه طلب تخفيف الحكم بالاعدام اعلن وانه قد برأته المحكمة من تهمة الخيانة العظمى فهو لايطلب العفو بل يطلب الموت موصيا ان يلف جسده بالعلم الوطني .
وهذا يعني ان المحاكمة برأت المرشد من تهمة الخيانة العظمى ، والمثير هنا ان شهادة صاحب المذكرات احمد السياف امام المحكمة مع بعض شهادات اخرى رفضت الرضوخ لتعليمات الحكومة بتقديم شهادات زور لدفع المرشد بالخيانة قد قلبت مجريات المحاكمة كليا ، حيث لم تستطع المحكمة ان تحكم عليه سوى جنائيا بتهمة قتل زوجته الاسطورية هلالة داوود الملقبة بام فاتح ، مع ان عملية قتله لها قد تمت في ظروف الكمين والهجوم الذي اعدته الحكومة ضد المرشد وليس العكس ، وقد قتلها المرشد كي لاتقع بين "مخالب الذئاب" وبناء على طلبها .
ويروي السياف في مذكراته تفاصيل الساعات القليلة التي فصلت مابين مغادرته جوبة برغال ومابين مداهمة قوات الجيش والدرك لمعقل المرشد ، ويكشف عن ان المرشد وقد عرف بالمخطط المبيت ضده لم يقم بأية مقاومة وامر رجاله بوقف اطلاق النار وسلم نفسه في محاولة لانقاذ عشيرته ، غير ان الانتقام كان كبيرا حيث تم اعدامه ونفي العشرات من ابنائه ووجوه عشيرته الى المنطقة الشرقية .
يروي السياف هذه التجربة ويكشف خفاياها ويقدم اول سردية من نوعها في التاريخ السوري عن هذا الفصل المكتوم والذي مايزال مسكوتا عنه ، ويبين هذا الفصل بشكل عميق تفسيرا لما حدث لاحقا في هذا التاريخ من صراع مابين الريف والمدينة وتغيرات مواقع السلطة نتيجة لذلك .
بقي ان نقول ان احمد السياف قد كان من ابرز المقربين لابراهيم هنانو ، كما كان من ابرز المقربين لسعد الله الجابري رئيس الحكومة السورية يومئذ ، وقد ثمن شهادته المخالفة لتعليمات الحكومة بأن اقيل من منصبه كأول مدير وطني لشركة الريجي التي كانت تمثل يومئذ اكبر مورد من موارد الخزينة العامة ، لينتقل السياف بعد هذا الفصل الدامي الذي نقل المرشد من الزعامة الى المشنقة ، الى صفوف المعارضة ضد الحزب الوطني الحاكم ليتحول من قريب للجابري الى احد ابرز اعدائه
وقام المحقق هنا ولاول مرة في مدونات التاريخ السوري الحديث بنشر برقيات محافظ اللاذقية عادل العظمة الى كل من رئيس الحكومة سعد الله الجابري ووزير الداخلية صبري العسلي ، وهذه البرقيات والاوراق لم تنشر في مذكرات عادل العظمة الذي تولى عملية قيادة وتنفيذ الفتك بالمرشد وتنفيذها والتي حققتهاالمؤرخة خيرية قاسمية ، ولكن باروت نشرها في عملية التحقيق وتبين هذه البرقيات مجريات التورط الحكومي المتعمد والمدروس في عملية تلفيق التهم ضد المرشد وسوقه الى المشنقة .
هذا الكتاب يروي صفحة دامية في تاريخ الانتقال من الاستقلال ويقدم رؤية عميقة في التسامح وفي احترام الاصوات المتعددة في التاريخ وفي الدعوة الى الاندماج الوطني والاجتماعي خارج عملية التشويه والتنميطات التي تعرضت لها جماعات كثيرة في سورية وفي مقدمتها جماعة المرشد التي تحولت بعد موته الى الدعوة المرشدية والتي تنتسب الى ابنه مجيب ، وماتزال هذه الدعوة مستمرة وقائمة كمذهب ديني في سورية ، على الرغم من الحكومات المتعاقبة حتى عام 1970 قد مارست اضطهادا منهجيا وصل الى حد الحملات العسكرية ضد المرشديين واصدرت قانونا يجرم كل من ينتسب الى الطائفة المرشدية من ستة اشهر الى سنتين مع الغرامة ، وعلى الرغم من هذا كله واظب المرشديدون بالتمسك بمعتقدهم والدفاع عنه ليشكلوا الان احدى الهويات الثقافية والدينية في المجتمع السوري ،
و تكمن اهمية التحقيق في انها تلقي اضواء كاشفة ومكثفة عن طبيعة تشكل الدعوى المرشدية وابرز معتقداتها ومفاهيمها ، كما تلقي ضوءا مكثفا حول دورها اللاحق في احباط انقلاب رفعت الاسد ضد شقيقه في العام 1984-1983 وتعتبر هذه الاضاءات الاولى من نوعها في هذه الدعوة ، ولقد باتت مذكرات السياف مع عملية التحقيق المعمقة التي قام بها باروت مرجعا لاغنى عنه في دراسة تاريخ الفترة الانتدابية والتحول الى الاستقلال وفي تفسير العديد من الظواهر في التاريخ السوري اللاحق ،
وكأن المذكرات تقول لنا ان التاريخ لايمكن ان يصمت فهذه حقيقة ماجرى للمرشد يتم كشفها بعد حوالي خمسين عاما من اعدامه لتشكل نوعا من الحقيقة -الصدمة ، ومذكرات السياف مع تحقيق باروت له هما في كل المعايير نوع من الصدمة .
* المذكرات جاءت باصدار خاص بعنوان شعاع قبل الفجر:مذكرات احمد نهاد السياف ، تقديم و تحقيق محمد جمال باروت
المصدر شام برس
سلمان المرشد من الزعامة الى المشنقة .. بقلم : خولة غازي
يثير تحقيق الكاتب والباحث السوري محمد جمال باروت لمذكرات احمد السياف اسئلة شائكة عن المساحات المطموسة والمسكوت عنها في التاريخ السوري الحديث وهو يحاول في عملية التحقيق المعمقة ان يسلط الضوء على هذه المساحة وينقلها من مساحة الصمت الى مساحة الصوت وان ينقل السردية التاريخية من الرؤية الاحادية البعد الى الرؤية الحوارية المتعددة الابعاد ، ويستفز باروت في مقدمته حقا المؤرخين السوريين الذين صرفوا النظر لاعتبارات وادعاءات شتى عن هذه المساحات ، ويبدي قدرا كبيرا من التحدي لهم مدشنا في الواقع عملية الغوص الموضوعية والتحليلية التاريخية والنقدية لاول مرة في مدرسة التاريخ السوري الحديث في تلك المساحات المسكوت عنها والتي لم يهدأ جمرها بعد ، وفي مقدمة هذه المساحات الفصل المسكوت عنه في التاريخ السوري الحديث الذي نقل المرشد زعيم العشائر الغسانية العلوية من الزعامة الى المشنقة .
والجديد في هذه المذكرات انها تقدم سردية مختلفة اشد الاختلاف عن السردية الرسمية وشبه الرسمية التي سوقتها ومولتها حكومة سعد الله الجابري يومئذ حول اعدام سلمان المرشد ، والكتاب مثير على مستوى سردية احمد السياف وعلى مستوى الوثائق والمراجع النادرة التي عاد اليها المحقق بدقة كبيرة الى درجة اننا لانعرف حتى الان في الكتب التاريخية التحليلية عودة من هذا النوع والكم ، ومن هنا حولت عملية التحقيق مجريات سردية السياف لتجربته مع كل من ابراهيم هنانو وسلمان المرشد الى معرض نقدي تحليلي للتاريخ السوري الحديث عموما والمسكوت عنها خصوصا ، فهو اشبه بمسرح يقف عليه جميع اللاعبين الاجتماعيين والسياسيين في تلك الفترة مكشوفين امام النظارة ، وهذا يعطي مقاربة المحقق للتاريخ الاسلوب الحواري الذي يضع كل لاعب في فضائه بقدر مايوضح لنا اللعبة الكلية القائمة خلف صراعات واستقطاب القوى وتناقضات المصائر في مرحلة عاصفة من التاريخ السوري الحديث هي مرحلة الانتقال من الانتداب الفرنسي الى الاستقلال .
ومثل كل محقق يتجرد باروت عن المواقف التحيزية تجاه اي لاعب من اللاعبين ليقدم الفاعلين الاجتماعيين وكأنهم يسردون حكايتهم بأنفسهم في ذلك المسرح الانتقالي العاصف الذي هز سورية يومئذ من اقصاها الى اقصاها ونعني به الحبكة او العقدة التي تفجرت حول قضية سلمان المرشد ، يخترق باروت في تحقيقه السردية الرسمية جذريا ويسرد التاريخ الممنوع الاخر وهو في كل ذلك لايفعل سوى التحقيق المعمق لما كتبه احمد السياف .
فسلمان المرشد وفق التحقيق اعلن في عام 1923 في بيئة تعج بالانقسامات والصراعات العشائرية والمذهبية عن قرب ظهور المهدي المنتظر وسرعان ماتحولت دعوته الدينية الخلاصية الى حركة اجتماعية خلاصية عمت مناطق الجبل الاعلى في الساحل السوري ومنطقة جبل الحلو في حمص وأخذت شكل تمردات وعصيانات على سلطات الانتداب حيث امتنع الاهالي عن الضرائب وقام بعضهم بطرد الاقطاعيين من قراهم وتسبب ذلك بقيام السلطات الفرنسية بنفي سلمان المرشد مع تسعة من ابرز مريديه الى مدينة الرقة لمدة سنتين ، حيث عاد المرشد في نهاية النفي في اواخر العام 1927 الى عرينه في جوبة برغال ، وفي الثلاثينات وتحديدا في عام 1936 اصطف المرشد مع القائمة الوحدوية ضد القائمة الانفصالية ، وساهم مساهمة فعالة في الفوز الساحق للقائمة الوحدوية في مناطقه وكان من بين من ترشحوا على قائمته المجاهد عمر البيطار قائد ثورة صهيون قضاء الحفة في العشرينات ، وقد تبنى المرشد الخط الاتحادي في مواجهة الخط الانفصالي واستطاع ان يلعب على التناقضات الفرنسية وعلى التناقضات مابين الاطراف التي اعتمد عليها الفرنسيون في الحكم كي يعزز نفوذه وسيطرته فشكل في منطقة سادتها الفوضى
لعقود طويلة نوعا من ادارة ذاتية كفلت الامن مقابل سيطرته على حركة تجارة التبغ مما ادى الى اعتراف الفرنسيين به كأمر واقع وعدم قدرتهم على لعب اي دور في مساعدة خصمه علي اغا بدور زعيم عشيرة الدراوسة وحامل وسام جوقة الشرف الفرنسي والذي كان من ابرز منافسي المرشد في منطقته ، ولقد مسح المرشد زعامة علي بدور في الارض ولم يستطع الفرنسيون ان يفعلوا شيئا .
بعد اعلان استقلال سورية في عام 1941-1943 اعيد انتخاب المرشد في عضوية المجلس النيابي السوري في اطار القوائم الوطنية ، وكان من ابرز ماتقدم به هو مطالبته هو بالحاق قضاء الحفة بمحافظة حلب كتعبير عن ولائه للحكم الوطني الجديد وعن رفضه للكيانية المصطنعة التي اقامها الفرنسيون تحت اسم دولة العلويين مدعيا ان قضاء الحفة مرتبط اقتصاديا وثقافيا بحلب .
في هذه الفترة كانت الدسائس الفرنسية والبريطانية قد وصلت الى اوجها ، ودعم البريطانيون رجالات الكتلة الوطنية في العودة الى الحكم ، وقد اعتمدوا في سياق حساسيتهم مع الفرنسيين سياسة استئصال كل من عمل مع الفرنسيين او تعامل معهم وفي هذا السياق ، غير انهم اضطروا للاعتماد على اخلص الخلصاء للفرنسيين في سبيل مقاومة المرشد ، وادت هذه المشاحنات مع تمفصلها بنوع معقد مابين الريف والمدينة مابين سلمان المرشد واقطاعيي المدينة على خلفية استيلاء المرشد في عام 1939 على مزرعة سطامو الخصبة واعادتها للفلاحيين ، ليتم تبني التخلص من الزعامات العشائرية القوية في سورية التي كانت تنتقل من الانتداب الى ٍالاستقلال وكان في مقدمة هذه الزعامات زعامتان كبيرتان زعامة سلمان مرشد في جبل العلويين وزعامة سلطان باشا الاطرش في جبل العرب ، واستطاع البريطانيون بعد ان وضعوا في اولى جدول اعمالهم تحطيم المرشد ان يحركوا عملية تسيير المرشد نحو المشنقة لكنهم لم يفهموا قط لا المرشد ولا البلد ولم يستوعبوا حجم ونوع التمايزات والتي حاولوا التلاعب بها
حاول المرشد الذي تمييز بحسه العملي ان يبدي اقصى ضروب الولاء للحكم الوطني فنسق علاقة ايجابية وثيقة مع فارس الخوري رئيس المجلس النيابي الذي غدا صديقا له وينزله في بيته ، كما لعب دورا كبيرا في عملية انتقال الجنود من جيش الشرق الى الجيش الوطني الجديد الملحق بالحكومة الوطنية والفرنسيين ، وفي عام 1945 القى فخري البارودي في المجلس النيابي كلمة المرشد التي وضع فيها نفسه وعشائره تحت تصرف الحكم الوطني ، غير ان كل هذا لم يشفع له اذ كانت زعامته قد باتت تشكل خطرا حقيقيا على الحكام الجدد ، ومن هنا اثيرت القضايا ضد المرشد كان قبع خلفها خصومه من اقطاعيي المدينة ومن بعض الزعامات العشائرية الاخرى ، وفي هذا الفصل على وجه التحديد يلعب احمد السياف دور الوسيط مابين حكومة سعد الله الجابري الخاضعة لنفوذ اقطاعيي المدينة وما بين سلمان المرشد حيث يقدم لنا في مذكراته سردية مختلفة كليا عن السردية الرسمية وفوق ذلك يقدم لنا معلومات معتم عليها ، وخلاصة سرديته ان المرشد قد وافق على التسوية على الرغم من انها قد حملت الغرم له والغنم لخصومه ، وانه تجاوب بشكل كامل مع رغبات الحكومة لنزع الذريعة عن تنفيذ المخطط المبيت
ضده ، فأعلن مزيدا من الالتصاق بالحكومة الوطنية ورفض حضور مؤتمر نقورو على الرغم من انه يؤيد قرارت المؤتمر.
ويبين لنا السياف ان ماتم لم يكن سوى كمين اعدته الحكومة للتخلص من زعامته وان من يقبع خلفها لم يكن سوى البريطانيون الذين كانوا من ابرز النافذين لدى الحكام الجدد والاقطاعيون في منطقة المرشد الذين كانوا على صلة وثيقة بالضباط البريطانيون ليقدم سلمان المرشد في النهاية الى المحاكمة بتهمة "الخيانة العظمى"
ولكن المثير في محاكمة المرشد انه قد قال في اول المحاكمة حين طرحت عليها القضايا المثارة ضده انه لايهتم بكل هذه القضايا بل تهمه قضية واحدة وهي قضية اتهامه الظالم بالخيانة العظمى وهو الذي نفاه الفرنسيون الى الرقة وناصر القوائم الوحدوية ومد يده الى الحكومة الوطنية ‘ وفي نهاية المحاكمة حين عرض عليه طلب تخفيف الحكم بالاعدام اعلن وانه قد برأته المحكمة من تهمة الخيانة العظمى فهو لايطلب العفو بل يطلب الموت موصيا ان يلف جسده بالعلم الوطني .
وهذا يعني ان المحاكمة برأت المرشد من تهمة الخيانة العظمى ، والمثير هنا ان شهادة صاحب المذكرات احمد السياف امام المحكمة مع بعض شهادات اخرى رفضت الرضوخ لتعليمات الحكومة بتقديم شهادات زور لدفع المرشد بالخيانة قد قلبت مجريات المحاكمة كليا ، حيث لم تستطع المحكمة ان تحكم عليه سوى جنائيا بتهمة قتل زوجته الاسطورية هلالة داوود الملقبة بام فاتح ، مع ان عملية قتله لها قد تمت في ظروف الكمين والهجوم الذي اعدته الحكومة ضد المرشد وليس العكس ، وقد قتلها المرشد كي لاتقع بين "مخالب الذئاب" وبناء على طلبها .
ويروي السياف في مذكراته تفاصيل الساعات القليلة التي فصلت مابين مغادرته جوبة برغال ومابين مداهمة قوات الجيش والدرك لمعقل المرشد ، ويكشف عن ان المرشد وقد عرف بالمخطط المبيت ضده لم يقم بأية مقاومة وامر رجاله بوقف اطلاق النار وسلم نفسه في محاولة لانقاذ عشيرته ، غير ان الانتقام كان كبيرا حيث تم اعدامه ونفي العشرات من ابنائه ووجوه عشيرته الى المنطقة الشرقية .
يروي السياف هذه التجربة ويكشف خفاياها ويقدم اول سردية من نوعها في التاريخ السوري عن هذا الفصل المكتوم والذي مايزال مسكوتا عنه ، ويبين هذا الفصل بشكل عميق تفسيرا لما حدث لاحقا في هذا التاريخ من صراع مابين الريف والمدينة وتغيرات مواقع السلطة نتيجة لذلك .
بقي ان نقول ان احمد السياف قد كان من ابرز المقربين لابراهيم هنانو ، كما كان من ابرز المقربين لسعد الله الجابري رئيس الحكومة السورية يومئذ ، وقد ثمن شهادته المخالفة لتعليمات الحكومة بأن اقيل من منصبه كأول مدير وطني لشركة الريجي التي كانت تمثل يومئذ اكبر مورد من موارد الخزينة العامة ، لينتقل السياف بعد هذا الفصل الدامي الذي نقل المرشد من الزعامة الى المشنقة ، الى صفوف المعارضة ضد الحزب الوطني الحاكم ليتحول من قريب للجابري الى احد ابرز اعدائه
وقام المحقق هنا ولاول مرة في مدونات التاريخ السوري الحديث بنشر برقيات محافظ اللاذقية عادل العظمة الى كل من رئيس الحكومة سعد الله الجابري ووزير الداخلية صبري العسلي ، وهذه البرقيات والاوراق لم تنشر في مذكرات عادل العظمة الذي تولى عملية قيادة وتنفيذ الفتك بالمرشد وتنفيذها والتي حققتهاالمؤرخة خيرية قاسمية ، ولكن باروت نشرها في عملية التحقيق وتبين هذه البرقيات مجريات التورط الحكومي المتعمد والمدروس في عملية تلفيق التهم ضد المرشد وسوقه الى المشنقة .
هذا الكتاب يروي صفحة دامية في تاريخ الانتقال من الاستقلال ويقدم رؤية عميقة في التسامح وفي احترام الاصوات المتعددة في التاريخ وفي الدعوة الى الاندماج الوطني والاجتماعي خارج عملية التشويه والتنميطات التي تعرضت لها جماعات كثيرة في سورية وفي مقدمتها جماعة المرشد التي تحولت بعد موته الى الدعوة المرشدية والتي تنتسب الى ابنه مجيب ، وماتزال هذه الدعوة مستمرة وقائمة كمذهب ديني في سورية ، على الرغم من الحكومات المتعاقبة حتى عام 1970 قد مارست اضطهادا منهجيا وصل الى حد الحملات العسكرية ضد المرشديين واصدرت قانونا يجرم كل من ينتسب الى الطائفة المرشدية من ستة اشهر الى سنتين مع الغرامة ، وعلى الرغم من هذا كله واظب المرشديدون بالتمسك بمعتقدهم والدفاع عنه ليشكلوا الان احدى الهويات الثقافية والدينية في المجتمع السوري ،
و تكمن اهمية التحقيق في انها تلقي اضواء كاشفة ومكثفة عن طبيعة تشكل الدعوى المرشدية وابرز معتقداتها ومفاهيمها ، كما تلقي ضوءا مكثفا حول دورها اللاحق في احباط انقلاب رفعت الاسد ضد شقيقه في العام 1984-1983 وتعتبر هذه الاضاءات الاولى من نوعها في هذه الدعوة ، ولقد باتت مذكرات السياف مع عملية التحقيق المعمقة التي قام بها باروت مرجعا لاغنى عنه في دراسة تاريخ الفترة الانتدابية والتحول الى الاستقلال وفي تفسير العديد من الظواهر في التاريخ السوري اللاحق ،
وكأن المذكرات تقول لنا ان التاريخ لايمكن ان يصمت فهذه حقيقة ماجرى للمرشد يتم كشفها بعد حوالي خمسين عاما من اعدامه لتشكل نوعا من الحقيقة -الصدمة ، ومذكرات السياف مع تحقيق باروت له هما في كل المعايير نوع من الصدمة .
* المذكرات جاءت باصدار خاص بعنوان شعاع قبل الفجر:مذكرات احمد نهاد السياف ، تقديم و تحقيق محمد جمال باروت
المصدر شام برس
طبعا المقال السابق يمثل رأي كاتبه ولا يمثل نظرتنا الى انفسنا
ولكن احببت ان اضعه بين ايديكم لتروا كيف ينظر الينا البعض ممن ارادوا لانفسهم النطق بما يؤمنون بصحته بعيد عن الرواية الرسمية او شبه الرسمية القديمة التي للاسف ماتزال مغروسة في اذهان البعض
طبعا المقال السابق يمثل رأي كاتبه ولا يمثل نظرتنا الى انفسنا
ولكن احببت ان اضعه بين ايديكم لتروا كيف ينظر الينا البعض ممن ارادوا لانفسهم النطق بما يؤمنون بصحته بعيد عن الرواية الرسمية او شبه الرسمية القديمة التي للاسف ماتزال مغروسة في اذهان البعض
شكرا على الإغناء
:D
توم و جيري
09/02/2009, 20:10
مشكورين شباب عالموضوع .....
اخي زين بالاضافة لمعلوماتك ومن بعد اذنك .....
المرشدية متواجدة بحمص بمنطقة الوعر ....
اخ محسن سؤال ..... وياريت الجواب لافهم شغلة ...
صح انو المرشديين بيعبدو سليمان المرشد واسمو الرب عندن ؟؟؟
لان بعرف انو وفيق حبيب مرشدي وبيقولو اتجوز بنت الرب ....صح هالحكي .؟؟
اسف واذا زعجك السؤال بتمنى تطلب من المسؤول عن القسم حذفو مع موافقتي الشخصية ..:D
مشكورين شباب عالموضوع .....
اخي زين بالاضافة لمعلوماتك ومن بعد اذنك .....
المرشدية متواجدة بحمص بمنطقة الوعر ....
اخ محسن سؤال ..... وياريت الجواب لافهم شغلة ...
صح انو المرشديين بيعبدو سليمان المرشد واسمو الرب عندن ؟؟؟
لان بعرف انو وفيق حبيب مرشدي وبيقولو اتجوز بنت الرب ....صح هالحكي .؟؟
اسف واذا زعجك السؤال بتمنى تطلب من المسؤول عن القسم حذفو مع موافقتي الشخصية ..:D
اهلا فيك يا غالي وتاكد لما اي شخص حابب يسأل بطريقة محترمة بيلاقى الجواب يلي بدو اياه
وانا رح جاوبك
بالنسبة للقرى المذكورة في المقال هي بعض القرى وهيي عدد قليل من القرى التي يعيش فيها المرشديين
وليست كل القرى والاماكن التي يتواجدون فيها
اما بالنسبة لسؤالك التاني : فسلمان المرشد لم يدعو احد ان يتخذه ربا وانما بشر بقرب ظهور المهدي وحوكم بتهمة الخيانة العظمى لكن المحكمة برأته من هذه التهمة ولان السبب وراء اعدامه سياسي بحت حكم حكم جنائي بقتل زوجته ام فاتح و التحريض على قتل اخرين والدليل على النوايا السيئة للحكومة ان الزمن بين صدور الحكم و تصديقه من رئيس الجمهورية وتنفيذ الحكم هو ثلاثة ايام . تخيل !!!!
ونظرتنا اليه انه امامنا نقدسه ونحبه كثيرا
بالنسبة لوفيق حبيب ولو انو موضوع غير مهم وثانوي بس رح جاوبك : وفيق زوج بنت نور المضيء مرشد ابن سلمان المرشد الذي لا يتمتع بيننا باي صفة دينية ولكنه اخ محترم ومشهود له بحسن الرأي
اقرأ المقال بشكل دقيق تجد فيه معلومات جيدة ومنها جواب سؤالك بخصوص الامام سلمان
:D:D
اخوية نت
بدعم من : في بولتـين الحقوق محفوظة ©2000 - 2015, جيلسوفت إنتربـرايس المحدودة