-
دخول

عرض كامل الموضوع : قصائد لنزيه ابو عفش


Nay
06/02/2009, 10:41
الحفار

منذ زمانٍ وأنا أحفرُ في هذا الظلام الموحشِ؛
لا أحفرُ بحثاً عن مفاتيحِ قلاعٍ أو كنوزِ مدنٍ ميّتةٍ،
عن رُقُمٍ سوداءَ أو تيجانِ أجدادٍ ملوكٍ
حُفظتْ أسمالهم في الطينِ.
لا؛ بل أحفرُ الظلام كي أُبصر أسمائيَ في آخره ..
أحفرُ كي أنظف المرآةَ من غبارها الأبكمِ ..
أحفرُ الغيابَ كي أَرى
شهوةَ نفسي حيّةً في صدأ الغيابْ.
أحفرُ .. لا مستعجلاً ولا ملُولاً،
أجمعُ الغصاتِ في إنائها الأسودِ
والدموعَ في إنائها الكحليَّ
والدماءَ في إنائها الحزينِ ....
ثم أنفخُ الحياة في الحبرِ.
... إذنْ: أحفرُ.
.. .. .. ..
بلْ أحفرُ كي أرى
ما لا يُرى إلا بعينِ القلبْ:
أحفرُ كي أراني.
وهاأنا الآنَ كأنْ لستُ أنا
أعود كالمنجّمِ الأعمى إلى ديار أسلافي:
أَعدُّ الحجرَ الصامتَ والغبارَ/
حيرةَ الأشجار في هوائها الشائخِ..
ما خلّفهُ النسيانُ من تأتأةِ الطيورِ
فوق غُصُنِ الحضارة الدامي..
أَعُدّ ضجرَ الظلالِ فوق نَعشها الأخضرِ
(لا ظِلَّ لها سواها
طافيةً فوق الخرابِ!..).
وأَعُدّ وحشتي.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
سمعتُ أنّةَ الظلام تعلو، فطرقتُ حجرَ الظلامْ.
طرقتُ حتى استيقظتْ عناصرُ الخليقةِ الأولى:
العظامُ استيقظتْ .. ونهضتْ تمشي
الضلوعُ استيقظتْ .. ونهضتْ تمشي
النعاسُ استيقظَ ..
استيقظتِ العناكبُ، الديدانُ، ذرّاتُ الهيولى الأمِّ،
نملُ التعبِ الممجَّدُ ..
استيقظتِ الروحُ ....
وفرّتْ نحلةٌ!!..
شهقتُ:
يا إله الأرض هذي نحلةُ الأجدادِ ما زالت هنا
تُقطِّر الربيعَ من لعابها الأشقرِ؛
والدودُ الشقيٌّ ينسجُ النعاسَ في أبدهِ الداكنِ؛
والنملُ الذي كان هنا منذ قرونٍ لم يزل هنا
يديرُ مغزل الموتِ ويصنع الحياااة/
و "اعبُدْني" .. يقولُ النملُ لي.
"اعبدني" .. تقولُ يَرَقاتُ الضجرِ.
"اعبدني" .. يقولُ السَرْوُ، والهواءُ،
والنحل الشجاعُ (راهبُ الزهوْرِ)
والماءُ البنيُّ .. توأمُ النور الذي يشهقُ تحت النوْرِ
والبذورُ ..
والطحالبُ العمياااءُ ....
كلها تقول لي:
"اعبدني ...".
فأَطرُقُ الظلامَ كي أَعبدَ ما يفيضُ من أنواره على فمي
أهزّ قلبَهُ الشقيَّ
باحثاً (في قلبهِ الشقيّ) عن لؤلؤةِ اللطافةِ الأولى.
أهزُّ قلبَهُ .. (لكي أهزّ قلبَهُ)
فتسطعُ الحيرةُ زرقاءَ!...
عِمِي إذنْ أيتها الحيرةُ ..
عِمْ يا جدّيَ الظلامُ ..
يا أرضُ عِمِي ..
وعِمْ أخي الدودُ .. حكيمَ الندمِ الأعمى.
وعِمْ صديقي النحلْ.
وها أنا الآنَ، هنا، كأنني سوايَ:
ندمي عالٍ وبأسي مالحٌ،
وليس لي من فطنةِ الأمواتِ غيرُ أنني
أحرثُ في حديقةِ الأموات:
أستنطِقُ ما يهبُّ من ظلامهم على فمي ..
أقولُ ما قالوه؛
أُحْيي شجنَ الكلامِ في محبرة الكلامِ؛
أرعى غنمي على مروجهم؛
أشربُ من إناءِ موتهم؛
أقول ما قالوهُ: (ما يقوله الظلامُ لي)؛
أستحضرُ الفطنةَ من طلاسم العبارةِ الأولى
وأحني كبرياءَ الوحشِ قدّامَ إلهِ الوحشِ:
"يا اللهُ، يكفي ألماً.
تعبتُ. بل تعبتُ. بل تعبتُ مّما تتعبُ الوحوش منهُ.
تعبتْ مخالبي، ناري، حديدي، شهوتي.
تعبتُ من طيشِ رماحي .. وتعبتُ منكَ.
داوِني إذنْ ..
داوِ حديدي بحليبِ الضعف ..
داوِ حيرتي بحيرةِ الجمااالِْ"
..والأمواتُ، في حديقةِ الأمواتِ، أمواتٌ.
يهذّبون حمتهم بعسلِ الظلامِ،
يبنون بيوتهم من الظلامِ،
يبكونَ ظلاماً ..،
ويربّون إناثَ النحل في أفواههم
لكي يلطّفوا
مذاقَ نومهم.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
"أقولُ ما قالوهُ":
هذا نحلنا الباكي،
وهذا النحلُ شيخُ سعْينا الشقيّ،
هذي الدودةُ الشقراءُ صوتُ نومنا،
وهذه المروجُ .... دمُنا الأخضرُ.
.. والماءُ لهاثُ ضعفِنا.
"أقولُ ما قالوهُ".
أستخدمُ ما كان لهم من حِيلِ العيشِ: الفؤوسَ، الكتبَ،
النيرانَ، زهوَ الفقهاءِ، صلفَ الحديدِ، حبرَ الشعراءِ، شهواتِ
الليلِ، ضعفَ العاشقينَ، الغضبَ، الحياءَ، ملحَ الخوفِ،
طعمَ الألمِ الحامضَ، خوفَ الموتِ .....
ثم الموتُ !!...
والهواءْ
أزرقُ كالنسيانْ.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
"أقول ما قالوهُ"..
ثم أنحني عليّ باكياً كأني حيرةُ الموتى ..
كأني روحُهم تنهضُ في شجاعةِ النحلِ وحكمةِ النمااالِ/
"ما الذي جئتُ لكي أفعلهُ؟ .. -أقولُ هامساً لي.
ما الذي أرغبُ في رؤيتهِ غيري؟ .. وما الذي؟ …".
- جئتُ أصلّي لأله الضعفِ ..
جئتُ أعبد الجمالَ صامتاً.
..وهكذا ينفتحُ الظلامُ لي.
أنامُ كالميْتِ إلى جوارهم .. فأبصرُ النجومْ
أبصرهم فيها
أبصرُ صوتَ موتِهم
أشمُّ ملحَ الخوفِ في هوائهم (خوفي ...)
أشمّ طعم الصلواتِ، الندمَ، الغفرانَ ..
والضعفَ الذي صيّرهم آلهةً:
أرى الجمالَْ.

Nay
06/02/2009, 10:44
ندم الله

أغمضْ عينيك... ؛ القصيدةُ مرئيَّةْ:
روحُ الأرضِ الحكيمةِ التي تستيقظُ مع كلِّ طعنةِ فأسٍ في الترابْ.
أعشابٌ كريمةٌ تنقشُ على الهواءِ سيرةَ عدمٍ كونيٍّ
*
أزلٌّ يتنفَّس.
دمٌ أخضرْ.
جمالٌ أوجعُ من الذَّبحْ: (أُنظر إلى الوردةْ).
أغمضْ عينيكْ:
كلُّها تقول: ما فعلتُهُ حسنٌ وكريمْ...
الجمالُ أخلدُ من العقلْ.
امْشِ على مهلْ...
***
أرى الشبهَ ما بين
ما بين حبَّة قمحٍ ومسيحْ.
*
ما نطقتْ به الآلهةُ
: الحياةُ صنيعةُ ضجرِ الله.
امْشِ على مهلْ...
كلُّ ما هو حيٌّ وجميل... وريثُ موتى.
إنما يخرجُ من رحمِ موتْ:
يحيَوْن على هدايا موتِهم.
الحياةُ طفلٌ أبدي... عمرُه آلافُ القرونِ وملياراتُ الموتى.
: لا تَقْسُ عليها
الأرضُ وحدها... رحمٌ لا يشيخْ.
أتنصَّتُ إلى الجَلَبةِ السرِّيةِ للكونْ:
أعشابٌ تتنفسْ...
حلازين تشهقُ في خلواتِ حبّ...
فراشاتٌ، بكاملِ قمصانِها، تستحمُّ في جداولِ نورْ.
صوتُ كريستالٍ يضحكْ...
***
الحياةُ... معجزةُ دمْ.
"الصُدْفة":
لماذا إذنْ يصرُّ الإنسانُ على اعتبارِ نفسهِ المخلوقَ الوحيدَ الذي انفردَ باحتكارِ الفضائلِ والدياناتِ وأدواتِ صناعةِ القوةْ؟!...
: القوةُ زبدٌ أسودْ.
***
(الديدانُ لها عقائدها أيضاًُ)
: سعي إلى فطرةِ الحياةْ.
القوةُ مذكَّرةْ. السلطةُ مذكَّرةْ. الدياناتُ مذكَّرةْ. السلاحُ مذكَّرْ!...
***
صورةُ جنديٍّ ميْت... مطروحٍ على حافةِ خندقْ.
"رحماكِ ياأمِّي!"؟....
الله... ابنُ ضعفِ الإنسانْ.
موتٌ فوقَ موتْ...
الربيعُ لهاثُ موتى...
***
شجرة، عصفور، شاعر، جنديٌّ، سلحفاة، طفل، وردة، زيز، امرأة، تلميذ، عاشقة، الخ، الخ...
***
لجعلتُ كلَّ شيء مختلفاً.
منذُ ملايينِ السنين
أبداً لم يسبقْ لي أن رأيتُ معزاةً أو بقرةً أو دودةَ ربيعٍ تحملُ مسدساً، وترفعُ مشنقةً، وتبتكرُ قانوناً لإعدامِ من يكتشفُ أن لونَ السمواتِ أزرق، وأن حصَّةَ الحياةِ كافيةٌ لمن يريدُ أن يقول: "شكراً" للحياةْ.
أكثرُ الكائناتِ سذاجةً على الأرضْ:
ربما لأنه لا يعترفُ بفضيلةِ السذاجةْ.
ما أعجبَها الأرض...
أحياناً: أبشعُ مزرعةٍ لإنتاجِ الموتْ!...
احذروا...
***
دائماً هي هكذا... : عذراء
***
أنصِتوا إلى الألوانْ...
تلك رسائلُهم:
***
: ربما نحنُ أحلامُ موتانا.
ابكوا دونما ضجيج.
*
... ... ... ... ... ...
كلُّ زهرةٍ صغيرةٍ تحتَها قلبٌ نائم.
: كم مليون ألفِ قلبٍ تلزمُ لصناعةِ حقلْ؟...
لزمتْ لصناعةِ كوكبْ؟!...
الحياةُ كريمةْ
يا إلهي... كم نحنُ أثرياءْ!...
كلَّ ما لا يساوي شيئاً...
لم نفعلْ شيئاً. لم نصنعْ حياةً:
***
جاءتْ من قلوبٍ وندمٍ وأحلامْ.
: السماءُ تحتَ أقدامِنا.
يؤنِّبون القصيدةَ على ضعفِها!...
***
أنتم ندمُ الله.
أيار 2000
هل اتَّسعَ له الوقتُ ليقول:
"رحماكِ ياأمِّي!"؟....
***
الله... ابنُ ضعفِ الإنسانْ.
لماذا إذن يدجِّجون خصرَهُ بكلِّ هذه الخناجرْ!...
موتٌ فوقَ موتْ...
أمواتٌ يواسون أمواتاً!!...
الربيعُ لهاثُ موتى...
الربيعُ عزاءٌ أخضرْ.
***
في كلِّ ثانيةْ... عشرةُ آلافِ شهيدْ:
شجرة، عصفور، شاعر، جنديٌّ، سلحفاة، طفل، وردة، زيز، امرأة، تلميذ، عاشقة، الخ، الخ...
!! لا أحد يقولٌ للحياة: "عفواً".
***
لو كنتُ الله
لجعلتُ كلَّ شيء مختلفاً.
***
منذُ ملايينِ السنين
وأنا أتجوَّلُ في هذهِ الحظيرةِ الدامية... ؛
أبداً لم يسبقْ لي أن رأيتُ معزاةً أو بقرةً أو دودةَ ربيعٍ تحملُ مسدساً، وترفعُ مشنقةً، وتبتكرُ قانوناً لإعدامِ من يكتشفُ أن لونَ السمواتِ أزرق، وأن حصَّةَ الحياةِ كافيةٌ لمن يريدُ أن يقول: "شكراً" للحياةْ.
***
أكثرُ الكائناتِ سذاجةً على الأرضْ:
الإنسان.
ربما لأنه لا يعترفُ بفضيلةِ السذاجةْ.
***
ما أعجبَها الأرض...
أجملُ مقبرةٍ لإنتاجِ الحياةْ...
أحياناً: أبشعُ مزرعةٍ لإنتاجِ الموتْ!...
***
احذروا...
: الأرضُ لها روح.
***
الأرضُ أُمُّك... ؛ ادخُلْ في جوفِها.
دائماً هي هكذا... : عذراء
عذراء بلا حزامِ عفَّةْ.
***
أنصِتوا إلى رائحةِ الحَبَقْ...
أنصِتوا إلى الألوانْ...
أنصِتوا إلى وشوشةِ الأعشابْ...
تلك رسائلُهم:
الأجدادُ يتوجَّعون من الندمْ.
***
كيف لنا أن نعرفَ أيَّنا حقيقةُ الآخر؟!...
: ربما نحنُ أحلامُ موتانا.
***
ابكوا دونما ضجيج.
حتى الأعشابُ تعرفُ أن تبكي.
*
: انحنوا لدموعِ الأعشاب.
... ... ... ... ... ...
: انحنوا... الأرضُ خزانةُ موتى:
كلُّ زهرةٍ صغيرةٍ تحتَها قلبٌ نائم.
: كم مليون قلبٍ تلزمُ لصناعةِ طوقِ بنفسجْ؟...
: كم مليون ألفِ قلبٍ تلزمُ لصناعةِ حقلْ؟...
: كم مليون مليون ألفِ قلب
لزمتْ لصناعةِ كوكبْ؟!...
***
الحياةُ كريمةْ
تملأ قلوبَنا بالرِّضى... وأحضانَنا بالأزهارْ.
يا إلهي... كم نحنُ أثرياءْ!...
يكفي أن نملكَ كلَّ هذا...
كلَّ ما لا يساوي شيئاً...
***
لم نفعلْ شيئاً. لم نصنعْ حياةً:
الحياةُ يرقةُ الماءِ الأزليّ.
***
صُنِعْنا من نطفةِ موتْ
جاءتْ من قلوبٍ وندمٍ وأحلامْ.
لم تُرسَم صورتُنا فوقْ...
: السماءُ تحتَ أقدامِنا.
***
يؤنِّبون القصيدةَ على ضعفِها!...
الحبُّ... على ماذا يؤنَّبْ؟!...
***
أيُّها الناس...
أنتم ندمُ الله.
*** *** ***

Nay
06/02/2009, 10:46
اله الباب

لآن، وقد غابت شمسي، أتذكَّرُني!
الآن، وقد مالتْ أغصاني وتنكَّرَ قلبي لي، أتذكَّرُني.
الآن، وقد أُقفِل دوني بابُ الأبوابِ وغادَرَني أصحابي
أتفقَّدُني...
فأراني أعْتَمْتُ وصرتُ وحيداً.
... ... ... ... ... ... ... ...
والآن، وقد أَعتمتُ وصرتُ وحيداً،
أنهضُ عن كرسيِّ نعاسي كالقرصانِ المخمورِ...
فأشعِلُ قنديلي وأعلِّقهُ في سقفِ البيتِ.
أُعدُّ رغيفي الحامضَ... وأرتبُ أقداحَ شرابي.
أَنقلُ كرسيَّ الضيفِ إلى حيث يضيء المصباحُ جبينَ الضيفِ
فينعسُ في السرِّ.
أُعدُّ فِراشَ المرأةِ.
أنفضُ – عمَّا نسيَتْهُ المرأةُ فوق الصندوقِ – غبارَ غيابِ المرأةِ...
ثم أُلمِّعُ ضحكةَ عينيَّ وقلبي وزجاجاتِ نبيذي
وأَقوم إلى حيث البابُ لكي أفتح بابي
وأصلِّي لإله البابِ
لعلَّ إذا صلَّيتُ له
يَدْخلهُ "لاأحدٌ" ما.
... ... ... ... ... ... ... ...
الآن، وقد أعتمتُ وصرتُ وحيداً...
"لاأحدٌ" يأتي؟!...
"لاأحدٌ" لا يأتي.
... ... ... ...
... ... ... ...
الآن، وقد غامتْ شمسُ الناسكِ
وانفضَّ ربيعُ المرأةِ
وتفرَّقَ شملُ الأصحابْ...
أدعو لإلهِ البابْ
أن يسندَ شمسَ الناسكِ كي لا ينعسَ قلبُ الناسك...
أدعو ألاَّ يخذلني، من خلفِ الباب، إله البابْ
أدعو... وأَشُدُّ البابْ
أدعو... وأشدُّ
وأدعو.. وأشدُّ
(لعلَّ.....)
فلا ينفتحُ الباب...
... ... ... ...
... ... ... ...
- هل من "لاأحدٍ" خلف البابْ؟...
- ما من "لاأحدٍ" خلف البابْ
محضُ هواءٍ أسودَ... وغرابٍ كذَّابْ
يزعمُ أنِّي صاحبُهُ!...
وأنا وحدي أنعسُ تحت القنديلِ
(انطفأَ القنديلْ!...)
خلف البابِ... أنا.
قُدَّام البابِ... أنا.
فوق الكرسيِّ... أنا.
تحت النور... أنا.
فوق سرير المرأةِ، فوق الصندوقِ، على الشرشفِ،
قُدَّام المرآةِ: أنا... وأنا...!
ونبيذي قُدَّامي
والخبزُ الحامضُ قُدَّامي
ورمادُ الضحكةِ والقلبْ...
وغبارُ الأشياءِ يواسي فوضى الأشياءْ.
فإذنْ ماذا أفعلُ يا ذا "اللاأحدُ" الكذَّاب؟...
ماذا أفعلُ؟...
أرفعُ كأسي
كي أشربَ في صحةِ نفسي
ثم أقولُ: تفضَّلْ
يا ذا "اللاأحدُ"
الواقفُ
يتلصَّصُ
من ثقبِ البابْ

Nay
06/02/2009, 10:47
سورة: "الآخَر..."
أو: خندق الميليشيا
-------------------
"أنا الآخَرُ، وأنتمُ الآخَرون.
تسمُّونني أخاً
وأدعوكم: إخواني!!..."
أبداً، أبداً
لستُ الشقيقَ ولا الصاحبَ ولا شريكَ الحياة.
أبداً، أبداً...
لستَ شقيقي ولا صاحبي ولا شريكَ حياتي.
كلانا: "آخَر"...
كلانا: مجرَّدُ آخَر!...
*
ليَ عيناكَ وقلبكْ
ليَ فمكَ ورئتاكَ وآلامُ ندمكْ...
رجْفَتُكَ من الخوف
وشهقةُ روحكَ في حضرةِ الجمالْ.
لكنْ، فجأةً،
تحت قشرةِ التآخي الكوني
لسلالاتِ الديكةِ والتماسيحِ والأرانب،
ينكشفُ عطشُ الفولاذ، وشذوذُ الدم،
ونَهَمُ ميليشياتِ أبناءِ الربِّ
إلى احتكارِ عضويةِ "نادي العراةِ" السماويّْ:
تنكشفُ صورةُ "الآخَرِ"
مُكفَّراً في عماء سريرةِ الآخَرْ...
(تنكشفُ السكِّين!!...)
وينكشفُ أنْ:
كلانا آخَرُ الآخَرْ
كلانا قابيل...
وكلانا ذبيحتُهْ.
... ... ... ...
فإذنْ
لا تَلُمِ الضعف
لا تَلُمِ الخوف
لا تَلُمْ حيرةَ المنبوذْ
لا تَلُمْ رعشةَ يدِ الجبانْ
لا تَلُمْ شهوةَ المطارَدِ
إلى خندقٍ
أو وكرٍ
أو سقيفةِ بيتْ.
لكنْ...
لُمْ سلاحكَ الذي يتحفَّزُ تحت ضوضاءِ العرسْ
لُمْ سلاحَ أخيك (أخيك "الآخَر"!...)
الذي يتربَّصُ خلف تحصيناتِ "العدوّْ"...
لُمِ الضغينةَ مقنَّعةً بتسامُحِ رُسُلها العميانْ...
لُمْ قوَّةَ يقينِ "الآخر"
الذي لا يرى في "الآخَرِ"
غيرَ ضلالِ "الآخَر..."
لُمِ الخندقَ الذي حفرناهُ معاً
(أنتَ الآخرَ وأنا آخَر الآخَر)
حفرناهُ معاً...
وها نحن الآن، على ضفَّتيهِ العدوَّتين
- ملثَّمينِ بعقائدنا وبَغْضائنا،
ملثَّمينِ بأكذوبةِ أُخوَّةِ الحيوانات –
منطرحانِ كلٌّ خلفَ تلَّةِ ترابهِ... أو تلَّةِ عقيدته:
العينُ على الهدفْ
والإصبعُ على الزنادْ
والقلب يرتجفْ!...
... ... ... ...
: كلانا نعجةُ الذئب.
... ... ... ...
أنا "الآخَرُ"
وأنتَ "آخَرُ الآخَر"...
: كلانا يملكُ الحقيقة
لكنْ، لا أحد يملك الحقّْ.
: سيَخْلُدُ الشرّْ!!...
... ... ... ...
أنتَ "الآخَرُ"
وأنا "آخَرُ الآخَر"...
: كلانا يملك الحقّ
لكنْ، لا أحد يملكُ الحقيقةْ.
: نعم، سيَخْلُدُ الشرّْ!!...
*
لا تبتسمْ
أرجوكَ، لا تبتسمْ
فخلفَ هذه الوردة
أشمُّ رائحةَ موتْ.
***

personita
06/02/2009, 11:53
سورة: "الآخَر..."
أو: خندق الميليشيا
-------------------
لُمِ الضغينةَ مقنَّعةً بتسامُحِ رُسُلها العميانْ...
لُمْ قوَّةَ يقينِ "الآخر"
الذي لا يرى في "الآخَرِ"
غيرَ ضلالِ "الآخَر..."
لُمِ الخندقَ الذي حفرناهُ معاً
(أنتَ الآخرَ وأنا آخَر الآخَر)
حفرناهُ معاً...
وها نحن الآن، على ضفَّتيهِ العدوَّتين
- ملثَّمينِ بعقائدنا وبَغْضائنا،
ملثَّمينِ بأكذوبةِ أُخوَّةِ الحيوانات –
منطرحانِ كلٌّ خلفَ تلَّةِ ترابهِ... أو تلَّةِ عقيدته:
العينُ على الهدفْ
والإصبعُ على الزنادْ
والقلب يرتجفْ!...
***

كم كان شفاَّفا هنا! كم كان فاضحا! لم يدَع لنا فسحة للتوريات و لا للموارَبة..
فتح وساوسنا على مصراعيها، كشف سوءاتنا و قالها على الملأ: لسن سوى آخر الآخر!
مودتي:D