-
دخول

عرض كامل الموضوع : الغوغاء


stormsmaker
30/01/2009, 17:39
شكّل الاعتداء الأخير على غزّة من قبل جحافل الجيش الصهيوني صدمة إنسانية تُضاف إلى قائمة الصدمات الشبيهة على مرّ تاريخنا "المظفّر" و الحديث, فبشاعة ما اقترفت أيادي المجرمين الوحوش من قتل و تدمير و تشريد دون حساب لأي قيمة أخلاقية من أي نوع هي دليلٌ على جنون زماننا و لا إنسانية أعدائنا, و كذلك دليلٌ على ضعفنا.
بطبيعة الحال فقد كان هناك الكثير من ردود الفعل الشعبية الناتجة عن خليط من المشاعر المتراوحة ما بين الغضب و الحزن و العجز, فانطلقت المظاهرات و الاعتصامات الشعبية المنددة بما يجري في غزّة الجريحة, و انتهت بعض هذه المظاهرات (و هنا أتحدث عن مظاهرات شعبية عفوية و ليس عن مسيرات Follow the leader) في صدامات مع قوى الأمن كما حدث في لبنان و دول عربية أخرى. أعتقد أن ردود الفعل الغاضبة حتى و إن تجاوزت الحدود هي نتيجة طبيعية و عادية لشعب يشعر بالدمار النفسي نتيجة ما يراه, و هذا لا يعني أنني لا أتفهّم أنه على قوى الأمن أن تقوم بعملها كما لست بصدد الحكم على كيفية تصدّيهم لهذه التجاوزات.
أثارت هذه التظاهرات الشعبية ردود أفعال مختلفة منذ بداية الاعتداء الغاشم و أخذت حيّزاً من التحليل و النقاش أعتقد أنه أكبر بكثير مما تستحق. كانت البداية مع فتوى صالح اللحيدان الشهيرة التي كانت متوقعة من شخص مثله و بموقعه, لكنني فوجئت سلباً عندما قرأتُ في الصحافة الالكترونية بعض الآراء المشابهة لفتوى اللحيدان لبعض الكتّاب الذين لم أكن أتوقع منهم هذا الرأي (احترم حق أي شخص في أن يكون لديه الرأي الذي يشاء و أحيي رغبته بنشر هذا الرأي), و لا أتحدث عن نقد للسلبيات في هذه التظاهرات الشعبية بغية إصلاحها أو تلافيها, و إنما نقد وجودها أساساً.
وصف أحد الكتّاب المميزين هذه المظاهرات بأنها "ليست إلا طريقة لتنفيس الغضب المكبوت", و قالها و كأنها صفة سلبية. فليعذرني الكاتب الشهير و لكنني لست أرى فيما يراه سلبياً إلا تعريفاً واضحاً لمفهوم المظاهرة, فهل يا ترى فسّر أستاذنا الماء بعد الجهد بالماء؟
عاب الكثير من الكتّاب على المظاهرات فقرها التنظيمي و كثرة المظاهر "غير الحضارية" و الشعارات الجارحة, و أتفهم ما يقولونه و لكنني لا أوافق عليه, فطبعاً ستكون المظاهرة أجمل لو كانت مسيرة صامتة بشموع على أنغام أغنية Imagineلجون لينون لكنها ستكون متصنعة و ستفقد أهم مواصفات المظاهرة الشعبية: العفوية.
أتمنى من المحللين أن يتذكروا أننا شعوب نعيش بغالبيتنا تحت أنظمة حكم استبدادية, و بالتالي لا نعرف ماهيّة المظاهرة و لا نعرف كيف نتظاهر, و لذلك فإن وجود أخطاء هو أمر طبيعي.
كل ما سلف هي آراء تحتمل الخطأ أو الصواب حسب وجهة نظر من يقرؤها بطبيعة الحال.
نقدي, بل استنكاري, يأتي من فكرة أراها تحوي من التناقضات أكثر مما يمكن أن تحتمل, و أقصد بذلك بعض الكتّاب اليساريين (نظرياً) الذين فوجئت بحديثهم التحقيري عن "الغوغاء". لست أدري كيف يمكن أن يلتقي اليسار مع احتقار الغوغاء بل كيف يمكن لمثقّف يساري أن يصنّف صوت الشعب حسب "غوغائيته".
هناك حالة خاصة لكاتب ممتاز أتابعه كثيراً يشتهر بكثرة حديثه عن فولتير و الثورة الفرنسية, و لكنه في هذه الحالة يهاجم "الغوغاء"... كيف هذا؟ هل يعتقد عزيزي الكاتب أن الثورة الفرنسية, هذه التي كتبت أسس الحضارة الإنسانية الحديثة, لم تكن "غوغائية"؟
هل يعتقد أن الباستيل قد وقع لأنهم غنّوا تحت أسواره؟
ألم يسمع بالمقصلة و الرؤوس المعلّقة على الحراب؟
هل يا ترى يتجاهل أن ثوار باريس كانوا من لابسي الأسمال, ذوو رائحة نتنة تنبعث من أجسادهم, بل و حتى يفتقرون لأدنى قواعد الأدب؟
تخيّل يا سيدي أنني أكاد أجزم أن غالبية ثوار باريس كانوا يجهلون أن إصدار صوت عند احتساء الشوربة هو أمر مزعج و غير لائق, بل و أعتقد أنهم لم يكونوا يعرفون شكل المعلقة و كانوا يشربون الحساء بالطاسات.
نعم يا سيدي.. الثورة الفرنسية قامت على كلمات فولتير و جان جاك روسو, و لكن رأس الملك وقع تحت أقدام الغوغاء.. ثورة التاريخ قامت على سواعد الغوغاء.. هذه التي تحتقر يا صاحبي.
و بما أننا نتحدّث عن الثورة الفرنسية فسوف أستغل الفرصة لأقول أن هذه المواقف شبيهة برأيي بقصة ماري أنطوانيت عندما سمعت صراخ "الغوغاء" و سألت مرافقيها عن سبب صراخهم, و عندما قيل لها أن الشعب يصرخ لأن لا يملك خبزاً يأكله أجابت "و لماذا لا يأكلون الكاتوه؟ "
بالكاد نملك خبزاً يا سادة... الله يطعمنا الكاتوه...

كامل الحقوق محفوظة للزعيم yass ياسين و لمدونته التي تم النقل عنها
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////).com

المحارب العتيق
01/02/2009, 02:05
في بلادي اليساريين يفعلون كل شيء . الا مايجب أن يفعله اليساري