sona78
29/01/2009, 12:47
«تل أبيب نسيت أن تُخبر الفلسطينيّين بانتصار الجيش واستعادة الردع»
إسرائيل «محبطة». عملية كيسوفيم «فاجأتها». بدأت تتساءل عن «الإنجازات» التي حققتها في عدوانها على غزة. الردع المزعوم بدا «أوهن من بيت العنكبوت»... هذا ليس خطاباً «حمساوياً»، بل أجواء عكسها أمس كبار المعلّقين الإسرائيليين المعروفين بقربهم من الدوائر الأمنية والعسكرية في الدولة العبرية
مهدي السيد
أرخت عملية كيسوفيم التي أودت بحياة ضابط إسرائيلي، أول من أمس، بظلها الثقيل على مسؤولي تل أبيب الذين حاولوا تغطية تداعياتها بمظلة من التصريحات النارية التي لم تفلح في أن تحجب حال الإرباك التي عكستها الصحف العبرية، من خلال جملة من الأسئلة التي لم يخلُ بعضها من السخرية، بينما تضمّن بعضها الآخر دعوات تحريضية صريحة إلى التصعيد ضد الفلسطينيين، حفاظاً على ما بقي من إنجاز «الردع»، بعد حملة «الرصاص المصهور».
وتعليقاً على العملية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية عند معبر كيسوفيم، قال المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هرئيل، إنها «لم تؤدِّ فقط إلى إظهار أن قدرة الردع الإسرائيلية أوهن من بيت العنكبوت»، بل أدخلت الحملة الانتخابية لحزبي السلطة، «كديما» و«العمل»، في «أزمة عسيرة» قبل أقل من أسبوعين على موعد الانتخابات. وأشار هرئيل إلى أنّ المشكلة الأكبر بالنسبة إلى هذين الحزبين، هي في أنهما عملا على تعليق الآمال لتحسين وضعهما الانتخابي «على الورقة الأمنية وعلى ترميم الصورة الإسرائيلية ضدّ حماس».
وإذ لفت هرئيل إلى أن العملية الأخيرة أعادت خلط الأوراق، عاد وتساءل: «إذا كانت قوة الردع الإسرائيلية قد استعيدت فعلاً في غزة، فلماذا قُتل هناك جندي بعد وقت قصير على انسحاب الجيش؟».
وأضاف ساخراً: «سواء كانت العملية الأخيرة تشير إلى أن تل أبيب نسيت أن تُخبر الفلسطينيين بانتصار الجيش الإسرائيلي واستعادة الردع، أو كان ما حصل هو مناورة محكمة من حماس لاستفزازنا على اعتبار أن الانتخابات ستردعها عن التصعيد، فمن الواضح أنه يتعيّن على إسرائيل القيام برد عسكري مناسب». ووصلت الأمور بهرئيل إلى القول إنّ «مسار الأمور يُظهر الخشية من أن تكون إسرائيل تتحدث بالعبرية حيث يجب أن تتحدث بالعربية».
وتطرّق هرئيل إلى الزاوية العملانية لقتل الضابط في كيسوفيم، متوقّعاً أن يضطرّ جيش الاحتلال إلى فحص كيفية نجاح المقاومين في التسلل إلى السياج الحدودي، من دون رصدهم.
وفي السياق، استغرب عوفر شيلح، في «معاريف»، مواقف المسؤولين الإسرائيليين وردود فعلهم التي أظهرت كما لو أنهم «فوجئوا» بالعملية. ورأى أن «الصراع على الكرامة والردع، وعلى من الذي يقول الكلمة الأخيرة ومن ينزف قطرة الدم الأخيرة، لم ينته أبداً بضربة واحدة».
واستعاد شيلح تفاصيل مرحلة ما قبل انسحاب الاحتلال من جنوب لبنان في عام 2000، مقارناً سلوك حزب الله بما تقوم به المنظمات الفلسطينية اليوم، من ناحية تفحّص «حدود الصبر» لدى الدولة العبرية.
وعلى حدّ تعبير الصحافي في «معاريف»، فإنّ تنظيمات المقاومة تتصرّف كأنّ شيئاً لم ينتهِ بعد، «ما دامت المعابر بقيت مغلقة، وما دام لا يوجد إعلان للتهدئة». وفي عبارة تشبه ما كتبه هرئيل، حذّر شيلح من أن تنظيمات المقاومة «لسبب ما، لا تقرأ الصحف التي كُتب فيها أن قوة الردع الإسرائيلية قد رُمّمت».
وجزم شيلح بأن «حالة من الإحباط تسود إسرائيل»، عازياً إياها إلى أسباب عديدة: النشوة التي عمّت الجمهور لكون الجيش الإسرائيلي قد «رمّم نفسه»، والشعور بالانتصار الذي «ليس له أي صلة تقريباً بقوة الخصم الحقيقية وبما جرى على أرض الواقع»، والروزنامة السياسية التي تشتدّ نارها مع اقتراب استحقاق الانتخابات.
وعن التهديدات بالرد على «حماس» بشدة، رأى شيلح أنها «ستتحطم على سور الألم الذي أوجده الرصاص المصهور»، طارحاً السؤال التالي: «على افتراض أننا لن نخرج غداً لاحتلال غزة من جديد، ما الذي يمكننا أن نقوم به ضد الفلسطينيين ولم نفعله حتى الآن؟».
في المقابل، جاء تعليق المراسل العسكري لصحيفة «إسرائيل اليوم»، يوآف ليمور، على عملية كيسوفيم مليئاً بالغضب وبالدعوة إلى «رد قاسٍ»، لأنه «إذا لم نرد الآن وفوراً، نكون قد أسأنا إلى التزاماتنا تجاه الجمهور. والأسوأ من ذلك، نكون قد أوجدنا سابقة ستؤدي إلى التدهور وإلى سحق سريع للردع الذي حُقّق في عملية الرصاص المصهور».
ورغم ذلك، أشار ليمور إلى أن «منطقية قرار الرد القاسي تواجهها مشكلة التطبيق»، ذلك أنه لا أحد يريد العودة إلى «الرصاص المصهور رقم 2، وتحديداً ليس في اليوم الذي سيحضر فيه (المبعوث الرئاسي الأميركي) جورج ميتشل إلى الأراضي المحتلة».
وما يزيد من حدة المعضلة، بحسب ليمور، هو أنّ ثمة أزمات أخرى اختصرها بالتالي: «العالم ليس إلى جانبنا»، مذكّراً بأنه في أوروبا تزداد الأصوات الداعية إلى التحاور مع «حماس».
وقد انضمّ معلّق الشؤون الأمنية والعسكرية في «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، إلى يمين ليمور في تشديده على وجوب توجيه ردّ قوي على المقاومة الفلسطينية، «حتى لو كان ثمن الرد تجدد إطلاق صواريخ القسام، أو الدخول مجدداً إلى غزة».
وبدا واضحاً مجدداً أنّ الهمّ الرئيسي بالنسبة إلى يشاي هو تجنّب تكرار ما حصل في جنوب لبنان، و«بغية الإيضاح لحماس ولمصر وللعالم أن إسرائيل لن تتحمّل نسخة مكرّرة لما حصل من أحداث على الحدود في مقابل حزب الله بعد الانسحاب من لبنان» عام 2000.
وحذّر يشاي من أنه إذا لجأت حكومته إلى ضبط النفس، أو إذا اكتفى الجيش بردّ محدود، فقد يؤدي ذلك إلى نشوء وضع توقف فيه «حماس» إطلاق صواريخها، «لكنها تواصل العمل على طول القطاع».
وتخوّف يشاي من أنّ العملية يمكن أن تكون سابقة تعزز رفض «حماس» إقامة منطقة حدودية عازلة على طول حدود القطاع الفلسطيني. وأنذر يشاي قيادته من أنها إذا لم تردّ بقسوة، سياسياً وعسكرياً، فإنّ «عملية كيسوفيم ستمثّل سابقة ونموذجاً لما سيحصل إذا لم يؤخد بمطلب إسرائيل الداعي إلى إنشاء منطقة فاصلة وخالية من المقاتلين ومن النشاطات فوق الأرض وتحتها، بعمق نصف كيلومتر على الأقل، وعلى طول السياج الحدودي».
من جريدة الاخبار
إسرائيل «محبطة». عملية كيسوفيم «فاجأتها». بدأت تتساءل عن «الإنجازات» التي حققتها في عدوانها على غزة. الردع المزعوم بدا «أوهن من بيت العنكبوت»... هذا ليس خطاباً «حمساوياً»، بل أجواء عكسها أمس كبار المعلّقين الإسرائيليين المعروفين بقربهم من الدوائر الأمنية والعسكرية في الدولة العبرية
مهدي السيد
أرخت عملية كيسوفيم التي أودت بحياة ضابط إسرائيلي، أول من أمس، بظلها الثقيل على مسؤولي تل أبيب الذين حاولوا تغطية تداعياتها بمظلة من التصريحات النارية التي لم تفلح في أن تحجب حال الإرباك التي عكستها الصحف العبرية، من خلال جملة من الأسئلة التي لم يخلُ بعضها من السخرية، بينما تضمّن بعضها الآخر دعوات تحريضية صريحة إلى التصعيد ضد الفلسطينيين، حفاظاً على ما بقي من إنجاز «الردع»، بعد حملة «الرصاص المصهور».
وتعليقاً على العملية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية عند معبر كيسوفيم، قال المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هرئيل، إنها «لم تؤدِّ فقط إلى إظهار أن قدرة الردع الإسرائيلية أوهن من بيت العنكبوت»، بل أدخلت الحملة الانتخابية لحزبي السلطة، «كديما» و«العمل»، في «أزمة عسيرة» قبل أقل من أسبوعين على موعد الانتخابات. وأشار هرئيل إلى أنّ المشكلة الأكبر بالنسبة إلى هذين الحزبين، هي في أنهما عملا على تعليق الآمال لتحسين وضعهما الانتخابي «على الورقة الأمنية وعلى ترميم الصورة الإسرائيلية ضدّ حماس».
وإذ لفت هرئيل إلى أن العملية الأخيرة أعادت خلط الأوراق، عاد وتساءل: «إذا كانت قوة الردع الإسرائيلية قد استعيدت فعلاً في غزة، فلماذا قُتل هناك جندي بعد وقت قصير على انسحاب الجيش؟».
وأضاف ساخراً: «سواء كانت العملية الأخيرة تشير إلى أن تل أبيب نسيت أن تُخبر الفلسطينيين بانتصار الجيش الإسرائيلي واستعادة الردع، أو كان ما حصل هو مناورة محكمة من حماس لاستفزازنا على اعتبار أن الانتخابات ستردعها عن التصعيد، فمن الواضح أنه يتعيّن على إسرائيل القيام برد عسكري مناسب». ووصلت الأمور بهرئيل إلى القول إنّ «مسار الأمور يُظهر الخشية من أن تكون إسرائيل تتحدث بالعبرية حيث يجب أن تتحدث بالعربية».
وتطرّق هرئيل إلى الزاوية العملانية لقتل الضابط في كيسوفيم، متوقّعاً أن يضطرّ جيش الاحتلال إلى فحص كيفية نجاح المقاومين في التسلل إلى السياج الحدودي، من دون رصدهم.
وفي السياق، استغرب عوفر شيلح، في «معاريف»، مواقف المسؤولين الإسرائيليين وردود فعلهم التي أظهرت كما لو أنهم «فوجئوا» بالعملية. ورأى أن «الصراع على الكرامة والردع، وعلى من الذي يقول الكلمة الأخيرة ومن ينزف قطرة الدم الأخيرة، لم ينته أبداً بضربة واحدة».
واستعاد شيلح تفاصيل مرحلة ما قبل انسحاب الاحتلال من جنوب لبنان في عام 2000، مقارناً سلوك حزب الله بما تقوم به المنظمات الفلسطينية اليوم، من ناحية تفحّص «حدود الصبر» لدى الدولة العبرية.
وعلى حدّ تعبير الصحافي في «معاريف»، فإنّ تنظيمات المقاومة تتصرّف كأنّ شيئاً لم ينتهِ بعد، «ما دامت المعابر بقيت مغلقة، وما دام لا يوجد إعلان للتهدئة». وفي عبارة تشبه ما كتبه هرئيل، حذّر شيلح من أن تنظيمات المقاومة «لسبب ما، لا تقرأ الصحف التي كُتب فيها أن قوة الردع الإسرائيلية قد رُمّمت».
وجزم شيلح بأن «حالة من الإحباط تسود إسرائيل»، عازياً إياها إلى أسباب عديدة: النشوة التي عمّت الجمهور لكون الجيش الإسرائيلي قد «رمّم نفسه»، والشعور بالانتصار الذي «ليس له أي صلة تقريباً بقوة الخصم الحقيقية وبما جرى على أرض الواقع»، والروزنامة السياسية التي تشتدّ نارها مع اقتراب استحقاق الانتخابات.
وعن التهديدات بالرد على «حماس» بشدة، رأى شيلح أنها «ستتحطم على سور الألم الذي أوجده الرصاص المصهور»، طارحاً السؤال التالي: «على افتراض أننا لن نخرج غداً لاحتلال غزة من جديد، ما الذي يمكننا أن نقوم به ضد الفلسطينيين ولم نفعله حتى الآن؟».
في المقابل، جاء تعليق المراسل العسكري لصحيفة «إسرائيل اليوم»، يوآف ليمور، على عملية كيسوفيم مليئاً بالغضب وبالدعوة إلى «رد قاسٍ»، لأنه «إذا لم نرد الآن وفوراً، نكون قد أسأنا إلى التزاماتنا تجاه الجمهور. والأسوأ من ذلك، نكون قد أوجدنا سابقة ستؤدي إلى التدهور وإلى سحق سريع للردع الذي حُقّق في عملية الرصاص المصهور».
ورغم ذلك، أشار ليمور إلى أن «منطقية قرار الرد القاسي تواجهها مشكلة التطبيق»، ذلك أنه لا أحد يريد العودة إلى «الرصاص المصهور رقم 2، وتحديداً ليس في اليوم الذي سيحضر فيه (المبعوث الرئاسي الأميركي) جورج ميتشل إلى الأراضي المحتلة».
وما يزيد من حدة المعضلة، بحسب ليمور، هو أنّ ثمة أزمات أخرى اختصرها بالتالي: «العالم ليس إلى جانبنا»، مذكّراً بأنه في أوروبا تزداد الأصوات الداعية إلى التحاور مع «حماس».
وقد انضمّ معلّق الشؤون الأمنية والعسكرية في «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، إلى يمين ليمور في تشديده على وجوب توجيه ردّ قوي على المقاومة الفلسطينية، «حتى لو كان ثمن الرد تجدد إطلاق صواريخ القسام، أو الدخول مجدداً إلى غزة».
وبدا واضحاً مجدداً أنّ الهمّ الرئيسي بالنسبة إلى يشاي هو تجنّب تكرار ما حصل في جنوب لبنان، و«بغية الإيضاح لحماس ولمصر وللعالم أن إسرائيل لن تتحمّل نسخة مكرّرة لما حصل من أحداث على الحدود في مقابل حزب الله بعد الانسحاب من لبنان» عام 2000.
وحذّر يشاي من أنه إذا لجأت حكومته إلى ضبط النفس، أو إذا اكتفى الجيش بردّ محدود، فقد يؤدي ذلك إلى نشوء وضع توقف فيه «حماس» إطلاق صواريخها، «لكنها تواصل العمل على طول القطاع».
وتخوّف يشاي من أنّ العملية يمكن أن تكون سابقة تعزز رفض «حماس» إقامة منطقة حدودية عازلة على طول حدود القطاع الفلسطيني. وأنذر يشاي قيادته من أنها إذا لم تردّ بقسوة، سياسياً وعسكرياً، فإنّ «عملية كيسوفيم ستمثّل سابقة ونموذجاً لما سيحصل إذا لم يؤخد بمطلب إسرائيل الداعي إلى إنشاء منطقة فاصلة وخالية من المقاتلين ومن النشاطات فوق الأرض وتحتها، بعمق نصف كيلومتر على الأقل، وعلى طول السياج الحدودي».
من جريدة الاخبار