-
دخول

عرض كامل الموضوع : حوار مع إبليس ( نص صوفي )


Najm
27/01/2009, 21:25
عشقانيَّات إبليس


اخترتُ جبل ح من سلسلة جبال ق التي تحيط بالدنيا، وأخذتُ أتصعَّد وأجوز الشِّعاب. فلما نال منِّي الرهق، نظرتُ إلى خلفي، – أسفل مني، – فإذا السفح رعيَّة وراعٍ: الرعية كالمِسْخ بين الإنسان، والماشية يسيرون على أربع، وراعٍ يشير لهم فيتبعون عصاه أنَّى تشير. كرهتُهم!
ألعلَّها حكمة الله؟! – لا، بل حكمتنا! ما أغفلنا وما أغبانا!
تابعتُ العَنَتَ، إلى أن انتهيت أعلاها.
هناك تجلَّى ظلٌّ كبير لطائر السيمُرْغ، – ما أعظمه وما أجمله! –
ينشقُّ عنه ظلٌّ كبير، يقترب...
- السلام عليك، أيها الإنسان!
شاركتْ أذني عيني الطَّربَ، فسرى السكْرُ في دمائي.
- ألا تردُّ السلام، يا ابن التراب؟!
الروح التي تسري في شرايينكم هي ذاتها التي تستعر في دمانا، واهبةً لنا الحياة جميعًا.
- مَن؟ أهو أنت؟!
وكأني أُصِبْتُ بإشراقة في داخلي أعمتْني عن نوره الباهر.
- وعليكَ وعلى آلِكَ السلام والرحمة.


***




عشقانيَّة البراءة

نظرتُ إليه مليًّا...
- لماذا؟!
- ماذا؟
- لِمَ فعلتَ؟!
- تقصد لِمَ فُعِلَ بي!
- كنتَ تملك خيارَك.
- خياري خيارُه.
- إن الله عادل.
- لا، لم أشك...
مَن تُكشَف له الحقائقُ تَضْحَ شيئًا من ذاته.
- لقد عصيت!
- إن شعلة ضئيلة من النار لَتميل حين تشم رائحة الطين تبغي إحراقه.
- الملائكة أطاعت.
- إنها على ذلك فُطِرَتْ.
- النارُ، حين أُمِرَتْ، كانتْ.
- إن الله، حين يأمر مخلوقاتِه سليبةَ الروح، يأمرها كما يأمر السيد عبده، وحين يخاطب مَن أعطاهم شيئًا مقدسًا من ذاته، يخاطبهم كما يخاطب الصديقُ صديقَه والمحبُّ محبوبَه.
- عصيت!
- إن الله، حين يأمرنا، يكون الأمر مصاحبًا لعلَّته – ولا تختفي العلَّة إلا لعلَّة.
- ... ... ... !
- طلبتُ الحكمةَ، صمتُّ، ففهمت.
[حينئذٍ شرد إبليس بعينٍ تفصح عن حزن وعشق محروم.]
كنتُ تحت ظلِّ شجرة من أشجار الجنة،
أصلِّي،
أتأمل،
ينبض قلبي،
تدمع عيني،
يرقص جسدي...
الله!
فجأةً، سكت التسبيح عن الكون، وعنِّي...
وإذا بالله يجمع ملائكته الأولى، فعرفتُ أنه لأمرٍ عظيم لم يحدث من قبل.
- إنِّي جاعلٌ في الأرض خليفة...
وسكتنا مبهوتين.
- ... إنسانًا.
وقفتُ أتكلم عن الجموع:
- إلهي!
أتفضِّل إنسانًا ينساك على مَلَكٍ نسَّاك؟!
... مَن يفضِّل الهوى على الهوى على مَن يفضِّل الهوى على الهوى؟!
إلهي!
أترغب عمَّن يُفني ذاتَه فيك إلى مَن يُفني غيرَه فيه؟!
- إني أعلم ما لا تعلمون.
- إلهي، ليس هذا خطابًا بين محبوبين!
هُمْتُ حين فهمت.
وحجبتْ ناري نارَه.
رأيتُه طينًا صلصالاً تسطع فيه الشمس.
- أنت!
أنت الذي يجمعنا الله من أجلك، ويفضِّلك علينا، ويجعلنا خدمًا لك؟!
دخلتُ مِن فيه، شممتُ بداخله النتن، وخرجت من دُبُره.
- والله لو سُلِّطتُّ عليك لأُهلِكَنَّك!
نُفِخَ فيه الروح – كم كان جميلاً، وبريئًا، ومقدسًا!
أُمِرْنا بالسجود.
خروا ساجدين، فأصبحوا له خادمين: منهم مَن يُنزِل له المطر، ومنهم مَن يرفع أعمالهم، ومنهم حفظة – إلا أنا!
- اسجد!
وجَّهتُ وجهي وجهَه وسجدت.
- استكبرت!
- استنكرت.
- أتعصاني؟!
- عشقي معصيتي!
- "اخرج منها، فإنك مهين!"[2] (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////_ftn2)
- "محبٌّ، والمحبُّ مُهَان."[3] (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////_ftn3)
- اخرج من جنتي!
- كيف، وكل ما خلقتَ بيديك جنة؟!
- ... من رحمتي.
- هَبْني خرجتُ من رحمتك، فكيف أخرج من رحمانيَّتك؟!
- ملعون أنت إلى يوم الدين!
- إذن فاللعنة موقوتةٌ والطردة محدودة.
... ... ...
فهمتُ المُراد، فكنت ما أراد.
كتمتُ حبي بركانًا يكاد أن ينفجر كلَّ يوم، وتظاهرتُ بالعصيان، وعيني وكلماتي تكذِّبني.
... ... ...
حين أقسمتُ، أقسمتُ بعزَّته، وعاهدتُه لا أقرب أحبابَه – وما درى أني أول أحبابه!
- والشر؟!
- إني أترك مَن طَبَعَهُمُ الله على الخير. أما مَن طُبِعُوا على الشرِّ فقط، أساعدهم أن يكونوا أنفسهم...
صوفي لا ترى ذاتَها إلا في عيوني.


***




عشقانيَّة الذات

- أتقبَلُني تلميذًا؟
- بل أستاذ...
لا تجعل لِذاتك معلِّمًا، وخُذْ من كلِّ معلِّم ما يتفق وطبيعتَك، ولا تجعل إلا ذاتك معلِّمًا مطلقًا.
إني لا أعطيك حقائق، بل أفكارٌ تهتدي بها إلى الحقيقة.
- الحقيقة...
[ردَّدتها في سحر.]
- نعم، قد تقضي العمرَ كلَّه بحثًا عنها...
ولكن، حين تجدها، أتدري ما كَسِبْت؟
- الحقيقة؟
- ذاتَك...
كم تبدو جميلاً، وكاملاً، ومقدسًا حينذاك!


***




عشقانيَّة التأمل

- ما الله؟
ما الإنسان؟
ما الآخرة؟
ما الدنيا؟
ما الإيمان؟
ما الإدراك؟
- أنت تسألني؟!
- من الأسئلة ما يبوح بأشياء لا تقدر الإجابةُ على البوح بها.
- إذن، ما الإنسان؟ ما الدنيا؟ ما الإدراك؟
- أنت كسول، لا تقوى على التأمل والتفكير. والكسالى هم أبعد الناس عن الحقيقة! لا يعتنقون إلا ما يتفق وكسلَهم ويبرِّر لهم تفاهتَهم وسطحيتَهم.
- لا أفهم.
- فقط تأمَّلْ...
فالحقائق لا جسد لها.


***




عشقانيَّة الحب

- أتحب الله؟
- ومَن لا يحبه؟!
- مَن لا يحب ذاتَه في جمالها، وكمالها، وقدسيَّتها...
مَن لا يحب الحياةَ في صفائها، والعيشَ في كفافه...
مَن لا يحب الحبَّ ذاته، في تحرُّره من ذاته وصِفاته...
ومَن يقوى عن الصلاة حين يرى ثمرةً مدلاة،
وزهرةً منداة،
وحبيبةً ترنو إليَّ في حب...


***




عشقانيَّة الرحمة

- إن كنتَ محبًّا، فكيف يعذِّب الله المحبَّ في النار؟
- إني سأدخل الجنة!
- ... ... ... ؟!
- أنا الذي سأطلب من خزنتها أن تُدخِلَني النار.
- هه... لماذا؟!
- لأتألم وأتألم... علَّ صرخاتي تكبت ولهاتي، أو تخفف آلام الجسد من معاناة الروح.
- إن الله عادل.
- لا، إنه رحيم. والرحمة تمحو العدل كما تمحو الحسناتُ السيئات.
- ولكنْ... ناره؟! غضبه؟!! انتقامه؟!!!
- إن المسيح دعا لصالبيه، ومحمدًا عفا عمَّن ساموا المؤمنين ألوان العذاب، والحلاج اعتذر لله عن كفر قاتليه...
أليس الله – خالق الرحمة فيهم – أحنَّ عليهم من هؤلاء!


***




عشقانيَّة النار

- ما الجنة وما النار؟
- الجنة علَّة يعلَّل بها الغافلون المغفلون،
وجهنم نار ونور –
نار هوى ونور هدى.
الجنة لا يطلبها إلا غافل،
والنار لا ينشدها إلا عاشق.


***




عشقانيَّة الإسلام

- ما الإسلام؟
- أن تُسْلِمَ ذاتكَ لِذاتك.


***




عشقانيَّة الكفر

- ما الكفر؟
- ... إنك حين تصل إلى الحقيقة، تكون قد اجتزت أبوابًا ضيقة ودروبًا عسرة... تكون ذا جسد قويٍّ وروح تقوى عينُها على رؤية الله، ويَسَعُ قلبُها ذاتَه...
إن الذين يدعون الناس إلى الإيمان بها، دون أن يهيِّئوا أجسادَهم لوعورة الطريق، إنما يدعونهم إلى كسلهم ونومهم.
النفوس الضعيفة لا تقوى على استيعاب الحقائق، والقلوب الضيقة لا ينظر إليها الرحمن.


***




عشقانيَّة الخلود

- أتدري ما أشد ما عاقَبَني الله به؟
- ماذا؟
- الخلود... أتعرف ما معنى الخلود؟
أن تظل تحت قيد الصورة وسلطان المادة...
آآآه، يا أولاد التراب الكافرين الجاحدين!
حين تهلك أرواحُكم لا تشعرون بها، وحين تُمَسُّ صورُكم تقيمون الدنيا دعاءً وضراعة!
لقد أمسى معناكم لا معنى له.


***




عشقانيَّة الكلمة الإلهية

- إنك لا تستشهد في كلامك بالله أو بالرسول!
- أنتم تقولون دائمًا "قال الله، قال الرسول"، حتى أصبحتم لا تقولون شيئًا!
إن الله لا يُتناقَل كلامُه كما تُتناقَل حكمةُ الحكماء وفكرةُ العلماء.
إن لم تكن الكلمة من ذاتك – من أعمق أعماق ذاتك – فهي ليست من الله!


***




عشقانيَّة الكينونة

- ما الكون؟
- الكون لا يكون إلا في كونك.
الفكرة عقل، والحقيقة قلب.
فلا تكن إلا لك.


***




عشقانيَّة صوفي

- حدِّثْني عن الله!
- الله لاه... والإنسان تاه...
الله هوْ... نادِه "يا هوْ" سيظل هو – والإنسان مؤمن.
الله آلَ ليملأنَّها منَّا أجمعين – والإنسان خائف.
حبٌّ ورحمةٌ وحكمة – والصوفي محبٌّ، رحيمٌ، حكيم.


***




عشقانيَّة الجنون

- هل لي من نصيحة؟
- عقْلُك عَقَلَك... فإياك إياك أن يُجَنَّ جنونك!
... بهذا تصل إليك،
وبكَ تصل إلى صوفي.




*** *** ***
النص منشور في مجلة معابر

ابو نجبو
27/01/2009, 21:36
عميقة جداً...
شكراً الك...

personita
28/01/2009, 00:09
شطحات صوفي لم ينعتق من ذاته..فظل دون الاتحاد.. و عشقانيات ملَك عاق.. لم يستطع الخلاص من أصله.. فظل نصف نور.. و نصف ضوء شارد..
صياغة جديدة لفكرة الخلق.. أربكتني و جعلتني أرى الوجه النقيض لرمز الشر الأبدي..
طرح جد مميز:D

Najm
28/01/2009, 22:55
عميقة جداً...
شكراً الك...


مرور جميل أبو نجبو
ما هي عشقانيتك

Najm
28/01/2009, 22:57
شطحات صوفي لم ينعتق من ذاته..فظل دون الاتحاد.. و عشقانيات ملَك عاق.. لم يستطع الخلاص من أصله.. فظل نصف نور.. و نصف ضوء شارد..
صياغة جديدة لفكرة الخلق.. أربكتني و جعلتني أرى الوجه النقيض لرمز الشر الأبدي..
طرح جد مميز:D


تميز الطرح بمرورك وإضافتك
أربكتني أيضا هذه العشقانيات فأين أنت من الوجه النقيض
دمت بود

قرصان الأدرياتيك
29/01/2009, 00:08
هلّا أخبرتنا يا نجمَ التصوّف شيئاً عن الكاتب؟! جميلةٌ جميلة تكثر فيها التناقضات والتناغمات، وتكثرُ فيها الهرطقاتُ أيضاً!!! شكراً لك.

Najm
29/01/2009, 00:43
هلّا أخبرتنا يا نجمَ التصوّف شيئاً عن الكاتب؟! جميلةٌ جميلة تكثر فيها التناقضات والتناغمات، وتكثرُ فيها الهرطقاتُ أيضاً!!! شكراً لك.


أهلا بك يا قرصان وأهلا بردك أيضا
النص يا صديق كما قلت منقول من مجلة معابر، وإسم كاتب النص هو أحمد شهاب الدين
وبخصوص النص فشخصيا لم ألمس هذه التناقضات والهرطقات، لأن سر المعنى مع كاتبه وكل يرى من خلال مرآته وهي مراتب
[بيني وبيني بينٌ – بينك وبينك بينٌ – بين بيني وبين بينك بين]
فهلا عزمتنا على متن سفينتك وأفصحت عن منظارك
لك مني ألف تحية

قرصان الأدرياتيك
29/01/2009, 01:21
يا هلا فيك على متن السفينة بس قبل ما تطلع الله يخليك احملك شي خنجر وتعا! بالنسبة للتناقضات بشوفا من زاوية الاستناد على فكرة دينيّة محض والاسترسال بأفكار أخرى ما بتمت بصلة "الهدف" للفكرة الأساسيّة، وأحياناً بتعاكسها. هون ما عم أحكي أنو الكاتب بيناقض نفسو، عم أحكي عن تحوير أكتر!!! وبالنسبة للهرطقات فهيّ مولودة برحم ديني، ولما الفكرة أو صاحبا بينسب شيء لشيء آخر دون صلة وصل موحّدة وخاصّة مع الأديان فيسمّى هرطقة بالنسبة للدين أو الفكر الديني المعيّن... طبعاً هاي مجرّد تسميات متل ما عم قول مولودة بالثقافات والدراسات للدلالة على تاريخ الأفكار... بيجوز توضيحي صعب لأني شخصياً بحالة صعبة وما عم أقدر ركّز منيح لعبّر منيح، ماني على بعضي، وبتمنى أرجع لموضوعك الحلو لأنّو فعلاً بحاجة لإغناء، سامحني!

Najm
29/01/2009, 01:39
يا هلا فيك على متن السفينة بس قبل ما تطلع الله يخليك احملك شي خنجر وتعا! بالنسبة للتناقضات بشوفا من زاوية الاستناد على فكرة دينيّة محض والاسترسال بأفكار أخرى ما بتمت بصلة "الهدف" للفكرة الأساسيّة، وأحياناً بتعاكسها. هون ما عم أحكي أنو الكاتب بيناقض نفسو، عم أحكي عن تحوير أكتر!!! وبالنسبة للهرطقات فهيّ مولودة برحم ديني، ولما الفكرة أو صاحبا بينسب شيء لشيء آخر دون صلة وصل موحّدة وخاصّة مع الأديان فيسمّى هرطقة بالنسبة للدين أو الفكر الديني المعيّن... طبعاً هاي مجرّد تسميات متل ما عم قول مولودة بالثقافات والدراسات للدلالة على تاريخ الأفكار... بيجوز توضيحي صعب لأني شخصياً بحالة صعبة وما عم أقدر ركّز منيح لعبّر منيح، ماني على بعضي، وبتمنى أرجع لموضوعك الحلو لأنّو فعلاً بحاجة لإغناء، سامحني!


هنا يا صديق النص ( صوفي ) وأظن أنه واضح في أي مجرى ديني يسري الحوار فالكاتب يحكي ويتعمق فيه حسب دينه وحسب ما يعتقده ولا أظن أن حوار كهذا يمكن أن نجد له صلة وصل موحدة وشاملة لكل الأديان..
أرجو أن تكون بخير ومرحبا بك دائما

قرصان الأدرياتيك
29/01/2009, 02:07
أهلاً بك يا نجم من جديد... يبدو أنّي لم أسمِّ الأشياء بأسمائها فضاعت الفكرة التي أردتُ إيصالها! أنا لم أتحدّث عن المعتقدات والأديان والأفكار بشكلٍ عامّ... كنتُ أعني الإسلامَ لكنّي لم أسمّه باسمه تحاشياً سوء الفهم! والآن أراني مُضطراً إلى إيضاحٍ من نوعٍ آخر: النصّ يا صديقي ينتمي إلى عالم التصوّف الإسلامي، وأعني به ذاك التصوّف الذي نشأ في حضن الإسلام دون النّظر إلى منابعه أو مصادره. لكنّه ومع ذلك لا يُحاكي الإسلام في عقيدته بل في أشكاله الصوريّة المُستمدّة من كتابه القرآن الكريم أحياناً ومن التقليد الذي يشمل الحديث والفقه والكلام والتاريخ... إلخ! وهذا التناقض بين الشّكل والجوهر كان بيت القصيد في ردّي إليك! فأمّا تسمية الهرطقة التي ذكرتُها فأردتُ منها عالم التصوّف الذي رذله الإسلام بأشكاله الأخرى، وخاصّة في شكله الأورثوذوكسيّ المتعارف عليه منذ حقبة السور المدنيّة وعالم التشريع وحتّى اليوم! ولذلك جئتُك بتلك الكلمات المختصرة التي قلّت فدلّت، لكنّها، ويا للأسف، لم تصلْ مرادَها! فأمّا إن سألتني عن رأيي الشخصيّ في هذا، فأقولُ لكَ: لا أحبّ إليّ ولا أعظم عندي من تعاليم المحبّة التي يعجّ بها التصوّف الإسلامي وغير الإسلامي، ومع ذلك علينا أن نحذرَ من بعض الانحرافات التي تبعدنا عن الواقعيّة وتوقعنا في عالمٍ تجريديّ لا يقارب واقعنا وحياتنا وأخلاقنا إلا في الشّكل والنّظر. تحيّتي إليكَ يا صديقي، وشكري إليك لأنّك أفسحتَ لي المجالَ لأقول هذه الكلمتين.

Najm
29/01/2009, 03:12
أهلاً بك يا نجم من جديد... يبدو أنّي لم أسمِّ الأشياء بأسمائها فضاعت الفكرة التي أردتُ إيصالها! أنا لم أتحدّث عن المعتقدات والأديان والأفكار بشكلٍ عامّ... كنتُ أعني الإسلامَ لكنّي لم أسمّه باسمه تحاشياً سوء الفهم! والآن أراني مُضطراً إلى إيضاحٍ من نوعٍ آخر: النصّ يا صديقي ينتمي إلى عالم التصوّف الإسلامي، وأعني به ذاك التصوّف الذي نشأ في حضن الإسلام دون النّظر إلى منابعه أو مصادره. لكنّه ومع ذلك لا يُحاكي الإسلام في عقيدته بل في أشكاله الصوريّة المُستمدّة من كتابه القرآن الكريم أحياناً ومن التقليد الذي يشمل الحديث والفقه والكلام والتاريخ... إلخ! وهذا التناقض بين الشّكل والجوهر كان بيت القصيد في ردّي إليك! فأمّا تسمية الهرطقة التي ذكرتُها فأردتُ منها عالم التصوّف الذي رذله الإسلام بأشكاله الأخرى، وخاصّة في شكله الأورثوذوكسيّ المتعارف عليه منذ حقبة السور المدنيّة وعالم التشريع وحتّى اليوم! ولذلك جئتُك بتلك الكلمات المختصرة التي قلّت فدلّت، لكنّها، ويا للأسف، لم تصلْ مرادَها! فأمّا إن سألتني عن رأيي الشخصيّ في هذا، فأقولُ لكَ: لا أحبّ إليّ ولا أعظم عندي من تعاليم المحبّة التي يعجّ بها التصوّف الإسلامي وغير الإسلامي، ومع ذلك علينا أن نحذرَ من بعض الانحرافات التي تبعدنا عن الواقعيّة وتوقعنا في عالمٍ تجريديّ لا يقارب واقعنا وحياتنا وأخلاقنا إلا في الشّكل والنّظر. تحيّتي إليكَ يا صديقي، وشكري إليك لأنّك أفسحتَ لي المجالَ لأقول هذه الكلمتين.



كلماتك كانت دالة بما فيه الكفاية وإذا لاحظت ردي فأنا اقتصرت ولم أذكر أو أسمي الدين، وأظن كلمة الهرطقة واضحة وأنت أعلم بها من غيرك..وأنا معك في أن التصوف الإسلامي لا يحاكي الإسلام في عقيدته ولا في أشكاله الصورية المستمدة من الكتاب أيضا ( لأنهم أخذوا بالظاهر) وظنوه باطنا فتجردوا عن الواقع والحياة
ولكن هذا لا يمنع بالأخذ بهذه التعاليم والتأمل فيها في حدود العقل والواقعية وهذا هو المقصود وليس العزلة ولباس الصوف وسكن الجبال والعيش على الماء والخبزومقاطعة الحياة فقط للذكر والعبادة لطلب القرب والوصل والمكاشفة
شكرا لك على تدخلك وتوضيح الواضح

rafik01
02/02/2009, 19:39
نص أدبى متميز جدا...
يحمل الكثير من المهارة والحذق الفنى...
يفتقر فى اغلبه الى الحقيقة التى أقرتها الأديان الثلاث حول ابليس...
ومكمن الخطورة هنا أن نغفل عن حقيقة ابليس كعدو يتربص ببنى أدم ليضمن ضلاله فهلاكه...
أو نتيه اعجابا بالنص فنصدق صورة ابليس المقدمة من خلاله ونذهب لنقد الزاهدين فى الحياة المادية لرفعة الروح!!!
على كل الأحوال هذه مجرد رؤية شخصية تحتمل عدم الانسجام مع بعض أرائكم ولكنى مديون بالشكر لصاحب المشاركة لعرضه هذه القطعة الفنية الفريدة.