whiterose
05/01/2009, 12:53
كيف مهدت مصر لجريمة غزة...؟
لقد كان للهزيمة العسكرية التي تكبّدها العدو اليهودي في صيف 2006 فی أرض لبنان على يد مقاومي حزب الله تداعيات جداً خطيرة على الساحتين اليهودية والعربية خصوصاً
, والأوربية و الأمريكية عموماً. وحين نقول الساحة العربية نقصد بذلك مصر والسعودية بمواقفهما المخزية والمخجلة والمثيرة للدهشة والاستغراب فيما لو حسنا النية , وذلك قبل وأثناء وبعد عدوان تموز 2006, وما زال كابوس الانتصار الذي حققته المقاومة والتفاف ودعم الوطنيين لها يخيّم بكل ثقله على كل من مبارك وعبد الله لعدة أسباب لسنا في صدد توضيحها الآن.
بعد هذه الهزيمة نظرت الجماعات اليهودية وكذلك مبارك وآل سعود إلى فصائل المقاومة في فلسطين نظرتهم إلى حزب الله آخر، وتخوّفوا من استعمالها لتكتيك قتالي جديد، وكذلك استفادة هذه الفصائل من عامل الوقت ومن الإمكانيات المتاحة أو اقتناء خطط قد تصلها بطريق أو آخر لتطوير نفسها وقدراتها العسكرية بشكل مشابه ولو بالحد الأدنى لقدرات وتكتيك حزب الله . ومن هذا المنظور انطلق المشروع اليهودي _ الغربي _ العربي(المصري والسعودي) لضرب فصائل المقاومة والمؤيدين لها في غزة وسحقها تحت حجج متعددة.
إذا سلّطنا الضوء على حصة مصر في تنفيذ هذا المشروع فإننا سوف نشاهد أنّ مصر قد لعبت الدور الأبرز في هذه الجريمة. وبدأت بالتحضير الإعلامي والسياسي والديني المبرمج لهذه الجريمة منذ بداية العام 2008 ولقد برز هذا التحضير بشكل واضح في النصف الثاني لعام 2008.
فإذا عدنا إلى التحركات المصرية منذ العام 2008 سنشاهد أنّ قرار مبارك وليفني ضرب غزة الفلسطينية لم يكن وليد اللحظة أو حتى قبل شهرين أو ثلاثة, إنما مشروع عمره على الأقل سنتين وأُعلن عن حتمية انجازه وإنهائه مع نهاية العام 2008 لیتمکن عباس(( رئيس المخفر اليهودي )) عندها من فرض سيطرته على القطاع بعد أن يكون تمّ تدمير حماس وبقية الفصائل المقاومة الأخرى.
لم يكن نشر خبر تهنئة حسني مبارك بالذكرى الستين لقيام دولة الاغتصاب والمشردين في صحف العدو سبقاً أو تسريباً صحفياً. لقد كان هذا النشر بعلم حسني مبارك حيث كشف مبارك من خلال مبادرته بالتهنئة عن عمق تأثره بالثقافة اليهودية وانخراطه في مشروع سرقة فلسطين مع الجماعات اليهودية, وابتعاده كل البعد عن مفهوم القومية العربية وحتى القومية المصرية التي تشدّق بها في أكثر من مناسبة, وكذلك الابتعاد عن النهج الإسلامي. ولقد كان الهدف من هذه التهنئة والنشر الصحفي لها محاولة توطيد وترسيخ لثقافة وجود ((دولة الجماعات اليهودية)) بين الشعب المصري بصورة خاصة، وشعوب العالمين العربي والإسلامي بصورة عامة, وما يترتب على ذلك الاعتراف بهم من حق اليهود في ضرب المقاومة الفلسطينية والاعتداء على الفلسطينيين أينما تواجدوا على أرض فلسطين المحتلة.
ثم لم يتباطأ حسني مبارك ووزير خارجيته أبو الغيط في تهنئة تسيبي ليفني بقيادتها لحزب كاد يما على الرغم من انتقادها لمبارك علنا قبل أسابيع حول تقصيره وعدم قيامه بالشكل المطلوب بإحكام الحصار على غزة. فهذه التهنئة(والتي يفهم معناها جيدا كل من مبارك وليفني) ما هي إلا تجديد وتأكيد الولاء لمشروع جريمة غزة, باعتبار أنّ ليفني هي العقل المدبر لهذا المشروع كون الانتخابات اليهودية على الأبواب. أما معناها العام أمام الشعب المصري وفي العالمين العربي والإسلامي فهي تشجيع لسياسة ليفني في ضرب محور الشر الإيراني، وتبرير ماضيها الموسادي الاغتيالي لرجال المقاومة الفلسطينية المتواجدين في أوربا.
عربياً: شجع مبارك الفريق اللبناني المعارض لمقاومة الاحتلال ودعم كل من الحريري وجعجع في مسارهما اللاوطني و هدفهما(الذي هو هدف يهودي بامتياز) في نزع سلاح حزب الله وسلاح أي حزب آخر موجه نحو العدو اليهودي. وبهذا الشكل عمل مبارك وأتباعه على نشر ثقافة الاستسلام و السلام المذّل وثقافة التفاوض مع اليهود على أنه الخيار الوحيد والأوحد بعد أن نشرها في مصر, والوقوف في وجه المقاومة في لبنان وفلسطين, محاولاً كسب الأصوات اللازمة لصالح مشروع ضرب غزة والمحاولة قدر الإمكان من تفادي ردة فعل كبيرة على هذه الجريمة.
كما جمّد المصريون بشكل شبه كامل علاقتهم مع سوريا حيث امتنع مبارك عن حضور القمة العربية في دمشق وربطوا السبب في ذلك بأحداث لبنان عبر النشر الإعلامي المكثّف وارتباط دمشق بإيران. وكذلك عمدت مصر إلى الغياب عن مؤتمر مقاطعة إسرائيل في دمشق, معللة ذلك وبدون حياء أنّ هنالك اتفاقية مع إسرائيل تمنعها من حضور هكذا مؤتمرات.
إن قيام مصر بهذه الإجراءات هو دعم لفكرة أنّ سوريا سبب الفتنة في لبنان وفلسطين وأنها هي التي تقود حماس وبقية الفصائل على التمرد اللاشرعي على عباس وبالتالي نشر الفوضى بين الفلسطينيين والتي يتأثر بها المصريين أيضاً. مُبعدة بذلك كل الشبهات عن العدو اليهودي ومبينة بالوقت نفسه أن استعمال السلاح ضد غزة هو الحل الأوحد.
كما أنّ قضية الغاز وفشل عقد الصفقة مع سوريا ولبنان, في حين ثباتها مع اليهود بالرغم من استياء المصريين منها، مهدت لأرضية أنّ الاتفاقيات المبرمة مع اليهود ولو كانت مهينة ومذلة ومجحفة بحق المصريين لا يمكن إسقاطها أو تجاهلها مشيرة بذلك بشكل غير مباشر إلى عدم احتمالية حدوث إسقاط لاتفاقية الذل المبرمة مع اليهود في كامب ديفيد, وأنّ على المصريين القبول بالأمر الواقع وأن لا يستغربوا علاقتهم مع اليهود.
عسكرياً: إنّ التحضير العسكري المصري لهذا المشروع كان من خلال إرسال مصر لبعثات عسكرية إلى أمريكا وإلى داخل الكيان الغاصب للتمرن على هدم الأنفاق التي يستخدمها أبناء غزة لتمرير السلاح والمؤن اللازمة للحياة والتي تخفف نوعاً ما من قسوة وشدة الحصار الواقع عليهم. كما أنه تمّ استدعاء مجموعات من وحدات الهندسة الأميركية لمساعدة الجيش المصري في كشف وهدم الأنفاق وفعلاً تمّ تدمير كثير منها وعلى رؤوس الفلسطينيين أيضاً.
فلسطينياً: أوضحت مصر للعالم العربي والإسلامي حرصها على التوافق الفلسطيني في حين كان هدفها من استضافة الحوار هو عزل حماس وبقية الفصائل وإبعادهم عن المقاومة وإلصاق التهمة الإيرانية بهم وتقديمهم على طبق من فضة للأنياب اليهودية من خلال فرض الشروط عليهم, دون تحميل مخفر عباس والجماعات اليهودية أي ذنب في الوضع الفلسطيني. وسعت مصر خلال هذه المفاوضات التي كان يديرها عمر سليمان رئيس الاستخبارات العسكرية المصرية تنصيب رئيس المخفر عباس مراقباً وحامياً وخط دفاع أول للكيان اليهودي من ضربات المقاومين الفلسطينيين. وقد أوضحت مصر بعد كل جلسة تفاوض أنّ الفشل مرتبط بشكل مباشر بحماس وأنّ حماس سوف تجر القطاع إلى الدمار والخراب, في حين أنها لم تُحمّل عباس واليهود أي جزء من المسؤولية. وعند إعلان الفشل التام للمفاوضات ( المعروفة نتيجتها مُسبقاً) قام عمر سليمان بتوجيه تهديد واضح وصريح لخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس من خلال رسالة شفوية لمفاوضي حماس بالقول أنّه سيدفع الثمن (أي خالد مشعل). وكان عمر سليمان يعرف ما يقول ويعلم جيداً ما هو الثمن وما يخبئه اليهود لأبناء غزة.
إسلامياً: استغلت مصر الدين لتمرير جريمتها حيث دفعت القرضاوي للتصريح عن وجود مد شيعي في مصر بالرغم من عدم صحة ذلك. وكانت الغاية من هذا التصريح و البلبلة التي حدثت هو توجيه الأنظار إلى غزة و حركة حماس وعلاقتها بإيران وسوريا والتركيز على أنها تقوم وتعمل وفقاً لأجندة مذهبية لصالح إيران وأنها بعيدة كل البعد عن المقاومة الوطنية, والغاية الثانية محاولة إضعاف التعاطف الإسلامي السني معها في حال حدوث هذه الجريمة النكراء.
وتتابع مصر استغلالها الديني من خلال مؤتمر حوار الأديان الذي أعلنته السعودية(التي كانت تعمل لنفس المشروع من جانب آخر) حيث قامت بإرسال الطنطاوي شيخ الأزهر ودفعته لمصافحة بيريز ومن ثمّ إعلان الطنطاوي (عند سؤاله عن كيفية حدوث ذلك, وكيف يفسره إسلامياً) عن عدم وجود رابط بين مصر وحصار غزة والفلسطينيين من خلال عبارته ( وإحنا مالنا حصار إيه وقرف إيه). كما انّه برّر مصافحته بأنّ اليهود هم دولة مُعترف بها من قبل مصر وهناك زيارات متبادلة ولا ضير في ذلك.
فمن خلال ما قدمه وأعلنه الطنطاوي كان هدف الحكومة المصرية واضحاً وهو فك أي ارتباط بين مصر وفلسطين عربيا كان أم إسلامياً, وكي يكون هناك ما يبرر تواطئها في جريمة غزة, بالإضافة لإضعاف الشعور والتعاطف الإسلامي في مصر خصوصاً، وبقية أنحاء العالم الإسلامي عموماً.
قبل شهر من الجريمة قامت مصر بترتيب حملة إعلامية شرسة مرئية ومسموعة محكمة لتحميل حماس مسؤولية أي شيء قد يحصل في غزة. ودعمت ذلك بتصريحات أبو الغيط السابقة حول نيته في كسر أيدي وأرجل الفلسطينيين. وكذلك تصريح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المصري مصطفى الفقي الذي أعلن خلاله بأنّ مصر لن تسمح بإقامة إمارة إسلامية في غزة, و كان ذلك كله تلفيقاً، ذلك أن حماس وأبناء غزة لم يذكروا هكذا مشروع, إلا أن مسير ومخطط الجريمة وتنفيذه يستلزم ذلك.
ونضيف أيضاً أنه ولأجل كسر ومنع أي إمكانية لقيام تجمع عربي رسمي مندد على الأقل بالجريمة اليهودية المقررة لغزة, قامت مصر بدعوة ليفني والإعلان عن الضربة من على المنبر المصري, والهدف الثاني كان هو تنفيذ المهمة الأخيرة وهي خداع وغدر أبناء غزة عن طريق أبو الغيط الذي أكدً هاتفياً لحماس بعدم وجود ضربة على الأقل في اليومين التاليين, وأنه ما حدث هو كلام سياسي لا أكثر.
وبهذا الشكل لعبت مصر دورها بغاية الإتقان في تنفيذ جريمة غزة, ونفذت كافة التعليمات اليهودية _ الغربية وبدون أخطاء. وإن دلّ ذلك على شيء فإنه يدل على مدى تأثّر مبارك وأتباعه بالفكر والثقافة اليهودية, ودرجة الانحطاط الوطني والقومي والإسلامي والأخلاقي والإنساني التي وصلوا إليها.
لقد كان للهزيمة العسكرية التي تكبّدها العدو اليهودي في صيف 2006 فی أرض لبنان على يد مقاومي حزب الله تداعيات جداً خطيرة على الساحتين اليهودية والعربية خصوصاً
, والأوربية و الأمريكية عموماً. وحين نقول الساحة العربية نقصد بذلك مصر والسعودية بمواقفهما المخزية والمخجلة والمثيرة للدهشة والاستغراب فيما لو حسنا النية , وذلك قبل وأثناء وبعد عدوان تموز 2006, وما زال كابوس الانتصار الذي حققته المقاومة والتفاف ودعم الوطنيين لها يخيّم بكل ثقله على كل من مبارك وعبد الله لعدة أسباب لسنا في صدد توضيحها الآن.
بعد هذه الهزيمة نظرت الجماعات اليهودية وكذلك مبارك وآل سعود إلى فصائل المقاومة في فلسطين نظرتهم إلى حزب الله آخر، وتخوّفوا من استعمالها لتكتيك قتالي جديد، وكذلك استفادة هذه الفصائل من عامل الوقت ومن الإمكانيات المتاحة أو اقتناء خطط قد تصلها بطريق أو آخر لتطوير نفسها وقدراتها العسكرية بشكل مشابه ولو بالحد الأدنى لقدرات وتكتيك حزب الله . ومن هذا المنظور انطلق المشروع اليهودي _ الغربي _ العربي(المصري والسعودي) لضرب فصائل المقاومة والمؤيدين لها في غزة وسحقها تحت حجج متعددة.
إذا سلّطنا الضوء على حصة مصر في تنفيذ هذا المشروع فإننا سوف نشاهد أنّ مصر قد لعبت الدور الأبرز في هذه الجريمة. وبدأت بالتحضير الإعلامي والسياسي والديني المبرمج لهذه الجريمة منذ بداية العام 2008 ولقد برز هذا التحضير بشكل واضح في النصف الثاني لعام 2008.
فإذا عدنا إلى التحركات المصرية منذ العام 2008 سنشاهد أنّ قرار مبارك وليفني ضرب غزة الفلسطينية لم يكن وليد اللحظة أو حتى قبل شهرين أو ثلاثة, إنما مشروع عمره على الأقل سنتين وأُعلن عن حتمية انجازه وإنهائه مع نهاية العام 2008 لیتمکن عباس(( رئيس المخفر اليهودي )) عندها من فرض سيطرته على القطاع بعد أن يكون تمّ تدمير حماس وبقية الفصائل المقاومة الأخرى.
لم يكن نشر خبر تهنئة حسني مبارك بالذكرى الستين لقيام دولة الاغتصاب والمشردين في صحف العدو سبقاً أو تسريباً صحفياً. لقد كان هذا النشر بعلم حسني مبارك حيث كشف مبارك من خلال مبادرته بالتهنئة عن عمق تأثره بالثقافة اليهودية وانخراطه في مشروع سرقة فلسطين مع الجماعات اليهودية, وابتعاده كل البعد عن مفهوم القومية العربية وحتى القومية المصرية التي تشدّق بها في أكثر من مناسبة, وكذلك الابتعاد عن النهج الإسلامي. ولقد كان الهدف من هذه التهنئة والنشر الصحفي لها محاولة توطيد وترسيخ لثقافة وجود ((دولة الجماعات اليهودية)) بين الشعب المصري بصورة خاصة، وشعوب العالمين العربي والإسلامي بصورة عامة, وما يترتب على ذلك الاعتراف بهم من حق اليهود في ضرب المقاومة الفلسطينية والاعتداء على الفلسطينيين أينما تواجدوا على أرض فلسطين المحتلة.
ثم لم يتباطأ حسني مبارك ووزير خارجيته أبو الغيط في تهنئة تسيبي ليفني بقيادتها لحزب كاد يما على الرغم من انتقادها لمبارك علنا قبل أسابيع حول تقصيره وعدم قيامه بالشكل المطلوب بإحكام الحصار على غزة. فهذه التهنئة(والتي يفهم معناها جيدا كل من مبارك وليفني) ما هي إلا تجديد وتأكيد الولاء لمشروع جريمة غزة, باعتبار أنّ ليفني هي العقل المدبر لهذا المشروع كون الانتخابات اليهودية على الأبواب. أما معناها العام أمام الشعب المصري وفي العالمين العربي والإسلامي فهي تشجيع لسياسة ليفني في ضرب محور الشر الإيراني، وتبرير ماضيها الموسادي الاغتيالي لرجال المقاومة الفلسطينية المتواجدين في أوربا.
عربياً: شجع مبارك الفريق اللبناني المعارض لمقاومة الاحتلال ودعم كل من الحريري وجعجع في مسارهما اللاوطني و هدفهما(الذي هو هدف يهودي بامتياز) في نزع سلاح حزب الله وسلاح أي حزب آخر موجه نحو العدو اليهودي. وبهذا الشكل عمل مبارك وأتباعه على نشر ثقافة الاستسلام و السلام المذّل وثقافة التفاوض مع اليهود على أنه الخيار الوحيد والأوحد بعد أن نشرها في مصر, والوقوف في وجه المقاومة في لبنان وفلسطين, محاولاً كسب الأصوات اللازمة لصالح مشروع ضرب غزة والمحاولة قدر الإمكان من تفادي ردة فعل كبيرة على هذه الجريمة.
كما جمّد المصريون بشكل شبه كامل علاقتهم مع سوريا حيث امتنع مبارك عن حضور القمة العربية في دمشق وربطوا السبب في ذلك بأحداث لبنان عبر النشر الإعلامي المكثّف وارتباط دمشق بإيران. وكذلك عمدت مصر إلى الغياب عن مؤتمر مقاطعة إسرائيل في دمشق, معللة ذلك وبدون حياء أنّ هنالك اتفاقية مع إسرائيل تمنعها من حضور هكذا مؤتمرات.
إن قيام مصر بهذه الإجراءات هو دعم لفكرة أنّ سوريا سبب الفتنة في لبنان وفلسطين وأنها هي التي تقود حماس وبقية الفصائل على التمرد اللاشرعي على عباس وبالتالي نشر الفوضى بين الفلسطينيين والتي يتأثر بها المصريين أيضاً. مُبعدة بذلك كل الشبهات عن العدو اليهودي ومبينة بالوقت نفسه أن استعمال السلاح ضد غزة هو الحل الأوحد.
كما أنّ قضية الغاز وفشل عقد الصفقة مع سوريا ولبنان, في حين ثباتها مع اليهود بالرغم من استياء المصريين منها، مهدت لأرضية أنّ الاتفاقيات المبرمة مع اليهود ولو كانت مهينة ومذلة ومجحفة بحق المصريين لا يمكن إسقاطها أو تجاهلها مشيرة بذلك بشكل غير مباشر إلى عدم احتمالية حدوث إسقاط لاتفاقية الذل المبرمة مع اليهود في كامب ديفيد, وأنّ على المصريين القبول بالأمر الواقع وأن لا يستغربوا علاقتهم مع اليهود.
عسكرياً: إنّ التحضير العسكري المصري لهذا المشروع كان من خلال إرسال مصر لبعثات عسكرية إلى أمريكا وإلى داخل الكيان الغاصب للتمرن على هدم الأنفاق التي يستخدمها أبناء غزة لتمرير السلاح والمؤن اللازمة للحياة والتي تخفف نوعاً ما من قسوة وشدة الحصار الواقع عليهم. كما أنه تمّ استدعاء مجموعات من وحدات الهندسة الأميركية لمساعدة الجيش المصري في كشف وهدم الأنفاق وفعلاً تمّ تدمير كثير منها وعلى رؤوس الفلسطينيين أيضاً.
فلسطينياً: أوضحت مصر للعالم العربي والإسلامي حرصها على التوافق الفلسطيني في حين كان هدفها من استضافة الحوار هو عزل حماس وبقية الفصائل وإبعادهم عن المقاومة وإلصاق التهمة الإيرانية بهم وتقديمهم على طبق من فضة للأنياب اليهودية من خلال فرض الشروط عليهم, دون تحميل مخفر عباس والجماعات اليهودية أي ذنب في الوضع الفلسطيني. وسعت مصر خلال هذه المفاوضات التي كان يديرها عمر سليمان رئيس الاستخبارات العسكرية المصرية تنصيب رئيس المخفر عباس مراقباً وحامياً وخط دفاع أول للكيان اليهودي من ضربات المقاومين الفلسطينيين. وقد أوضحت مصر بعد كل جلسة تفاوض أنّ الفشل مرتبط بشكل مباشر بحماس وأنّ حماس سوف تجر القطاع إلى الدمار والخراب, في حين أنها لم تُحمّل عباس واليهود أي جزء من المسؤولية. وعند إعلان الفشل التام للمفاوضات ( المعروفة نتيجتها مُسبقاً) قام عمر سليمان بتوجيه تهديد واضح وصريح لخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس من خلال رسالة شفوية لمفاوضي حماس بالقول أنّه سيدفع الثمن (أي خالد مشعل). وكان عمر سليمان يعرف ما يقول ويعلم جيداً ما هو الثمن وما يخبئه اليهود لأبناء غزة.
إسلامياً: استغلت مصر الدين لتمرير جريمتها حيث دفعت القرضاوي للتصريح عن وجود مد شيعي في مصر بالرغم من عدم صحة ذلك. وكانت الغاية من هذا التصريح و البلبلة التي حدثت هو توجيه الأنظار إلى غزة و حركة حماس وعلاقتها بإيران وسوريا والتركيز على أنها تقوم وتعمل وفقاً لأجندة مذهبية لصالح إيران وأنها بعيدة كل البعد عن المقاومة الوطنية, والغاية الثانية محاولة إضعاف التعاطف الإسلامي السني معها في حال حدوث هذه الجريمة النكراء.
وتتابع مصر استغلالها الديني من خلال مؤتمر حوار الأديان الذي أعلنته السعودية(التي كانت تعمل لنفس المشروع من جانب آخر) حيث قامت بإرسال الطنطاوي شيخ الأزهر ودفعته لمصافحة بيريز ومن ثمّ إعلان الطنطاوي (عند سؤاله عن كيفية حدوث ذلك, وكيف يفسره إسلامياً) عن عدم وجود رابط بين مصر وحصار غزة والفلسطينيين من خلال عبارته ( وإحنا مالنا حصار إيه وقرف إيه). كما انّه برّر مصافحته بأنّ اليهود هم دولة مُعترف بها من قبل مصر وهناك زيارات متبادلة ولا ضير في ذلك.
فمن خلال ما قدمه وأعلنه الطنطاوي كان هدف الحكومة المصرية واضحاً وهو فك أي ارتباط بين مصر وفلسطين عربيا كان أم إسلامياً, وكي يكون هناك ما يبرر تواطئها في جريمة غزة, بالإضافة لإضعاف الشعور والتعاطف الإسلامي في مصر خصوصاً، وبقية أنحاء العالم الإسلامي عموماً.
قبل شهر من الجريمة قامت مصر بترتيب حملة إعلامية شرسة مرئية ومسموعة محكمة لتحميل حماس مسؤولية أي شيء قد يحصل في غزة. ودعمت ذلك بتصريحات أبو الغيط السابقة حول نيته في كسر أيدي وأرجل الفلسطينيين. وكذلك تصريح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المصري مصطفى الفقي الذي أعلن خلاله بأنّ مصر لن تسمح بإقامة إمارة إسلامية في غزة, و كان ذلك كله تلفيقاً، ذلك أن حماس وأبناء غزة لم يذكروا هكذا مشروع, إلا أن مسير ومخطط الجريمة وتنفيذه يستلزم ذلك.
ونضيف أيضاً أنه ولأجل كسر ومنع أي إمكانية لقيام تجمع عربي رسمي مندد على الأقل بالجريمة اليهودية المقررة لغزة, قامت مصر بدعوة ليفني والإعلان عن الضربة من على المنبر المصري, والهدف الثاني كان هو تنفيذ المهمة الأخيرة وهي خداع وغدر أبناء غزة عن طريق أبو الغيط الذي أكدً هاتفياً لحماس بعدم وجود ضربة على الأقل في اليومين التاليين, وأنه ما حدث هو كلام سياسي لا أكثر.
وبهذا الشكل لعبت مصر دورها بغاية الإتقان في تنفيذ جريمة غزة, ونفذت كافة التعليمات اليهودية _ الغربية وبدون أخطاء. وإن دلّ ذلك على شيء فإنه يدل على مدى تأثّر مبارك وأتباعه بالفكر والثقافة اليهودية, ودرجة الانحطاط الوطني والقومي والإسلامي والأخلاقي والإنساني التي وصلوا إليها.