Marcello
27/12/2008, 22:11
الخَدَرْ...
ومفاهيم أخرى
عمار عبد الحميد
الخدر:
ربما كان الخدر هو مرض العصر الأكبر. والمقصود بالخدر هنا تبلُّد المشاعر، بل والضمائر، في وجه سيل المعلومات التي توفرها وسائل الإعلام فيما يتعلق بواقعنا المعيش كبشر لم تعد الحدود تفصلهم نفسياً بعضهم عن بعض، على الأقل ليس بتلك القوة عينها التي عهدناها بالأمس القريب.
الخدر هو الذي يجعل المرء –وربما عليّ أن أقول هنا: يجعلني أنا، لأني، مثل كل الناس، واحد ممَّن أصابهم الخدر؛ بل ربما لا يتمايز الناس بعضهم عن بعض في هذا الصدد إلا بدرجة تعمُّق الخدر فيهم – أقول: إن الخَدَر هو الذي يجعلني أواصل تناول طعامي بهدوء وأنا أراقب على شاشة التلفاز أمامي صوراً لمذبحة ما في رواندا، أو كوسوفو، أو فلسطين، أو ربما الحي المجاور.
إن الخدر هو الذي يجعلني أتمسّك بعادات وأفكار لو أردت أن أفكر فيها للحظة لأدركت أنها بالية بل مضرّة. لكني لا أفكّر فيها – لا أفكّر فيها كيلا أفقد أحد الأعمدة القليلة المتبقية في حوزتي التي مازلت أبني عليها، أو بالأحرى يُبنى لي عليها، كياني. إن الخدر هو الذي يجعلني غير قادر على الشعور بأني قد توقفت، منذ زمن بعيد كما يبدو لي الآن، عن التفكير؛ بل إنه ييسِّر لي التهيؤ بأن النتائج التي في جعبتي إنما جاءت حصيلة تفكير عميق وخبرة طويلة في الحياة.
لقد صدمني الواقع حتى الخدر، ولا أقول اللامبالاة. لا. فأنا مازلت أبالي، مازلت أهتم، ومازالت لي قضيتي. قضيتي التي أذود عنها بكل ما تبقى لي من قوة. قضيتي التي يصور الخدر لي أنها القضية التي اخترتها لنفسي بنفسي، عن مطلق قناعة مني. هكذا يصور الخدر لي الأمور. هكذا يفعل بي الخدر. فهو خدر من نوع خاص: إنه خدر الضمائر والأفكار، خدر الحسرة المختبئة في القلب، خدر اليأس المحتقن في الجوف، خدر الانتظار…انتظار الخلاص بالطبع، خدر الموت في انتظار الولادة الثانية.
تُرى هل ستأتي؟ أينمّ هذا الخدر عن مخاض؟
المنقول:
يجيء المنقول كحصيلة للمعارف الناتجة عن تجارب الإنسانية على مرّ العصور، تلك التجارب التي تعكس قدرة الإنسانية على إيجاد الوسائل المناسبة التي تضمن لها البقاء أولاً، ونوعاً من الترقّي والتقدم ثانياً. فوجود المنقول إذن ليس بالأمر العبثي أو الطارئ.
لكن هذا الاعتراف لا يعني التسليم بصحة كل ما ورد ويرد في طيَّات المنقول. ففعالية المنقول تنبع من قدرته على التجدد والتحديث. إذ يصير المنقول عبئاً ثقيلاً عندما يُقبَل دونما نقاش، وعندمالا يوضَّح، أو يصحَّح، أو يغيَّر، أو يعدَّل، أو يُضاف إليه كل جديد مع مرور الزمن. إذ لا وجود للمطلق في المنقول، والإبداع شرط من شروطه الأساسية.
التقدم:
إن غاية النوع (البشري) الأساسية هي النجاة–البقاء–الاستمرار. أما التقدم فحدث عرضي. أو هكذا كانت الأمور سابقاً على الأقل. أما اليوم، مع تزايد أعدادنا ومعارفنا واحتكاكنا بعضنا ببعض، أضحى التطور والتقدم أداة أساسية من أجل ضمان استمرارنا ونجاتنا.
الله:
الله – المبدأ الذي يعي أنه مبدأ، والمعنى الذي يعي أنه معنى، والفكرة التي تعي أنها فكرة. هذا أو... لاشيء.
الإنسان:
الإنسان تصور مبهم في أذهان تناضل ضد الانغلاق.
ومفاهيم أخرى
عمار عبد الحميد
الخدر:
ربما كان الخدر هو مرض العصر الأكبر. والمقصود بالخدر هنا تبلُّد المشاعر، بل والضمائر، في وجه سيل المعلومات التي توفرها وسائل الإعلام فيما يتعلق بواقعنا المعيش كبشر لم تعد الحدود تفصلهم نفسياً بعضهم عن بعض، على الأقل ليس بتلك القوة عينها التي عهدناها بالأمس القريب.
الخدر هو الذي يجعل المرء –وربما عليّ أن أقول هنا: يجعلني أنا، لأني، مثل كل الناس، واحد ممَّن أصابهم الخدر؛ بل ربما لا يتمايز الناس بعضهم عن بعض في هذا الصدد إلا بدرجة تعمُّق الخدر فيهم – أقول: إن الخَدَر هو الذي يجعلني أواصل تناول طعامي بهدوء وأنا أراقب على شاشة التلفاز أمامي صوراً لمذبحة ما في رواندا، أو كوسوفو، أو فلسطين، أو ربما الحي المجاور.
إن الخدر هو الذي يجعلني أتمسّك بعادات وأفكار لو أردت أن أفكر فيها للحظة لأدركت أنها بالية بل مضرّة. لكني لا أفكّر فيها – لا أفكّر فيها كيلا أفقد أحد الأعمدة القليلة المتبقية في حوزتي التي مازلت أبني عليها، أو بالأحرى يُبنى لي عليها، كياني. إن الخدر هو الذي يجعلني غير قادر على الشعور بأني قد توقفت، منذ زمن بعيد كما يبدو لي الآن، عن التفكير؛ بل إنه ييسِّر لي التهيؤ بأن النتائج التي في جعبتي إنما جاءت حصيلة تفكير عميق وخبرة طويلة في الحياة.
لقد صدمني الواقع حتى الخدر، ولا أقول اللامبالاة. لا. فأنا مازلت أبالي، مازلت أهتم، ومازالت لي قضيتي. قضيتي التي أذود عنها بكل ما تبقى لي من قوة. قضيتي التي يصور الخدر لي أنها القضية التي اخترتها لنفسي بنفسي، عن مطلق قناعة مني. هكذا يصور الخدر لي الأمور. هكذا يفعل بي الخدر. فهو خدر من نوع خاص: إنه خدر الضمائر والأفكار، خدر الحسرة المختبئة في القلب، خدر اليأس المحتقن في الجوف، خدر الانتظار…انتظار الخلاص بالطبع، خدر الموت في انتظار الولادة الثانية.
تُرى هل ستأتي؟ أينمّ هذا الخدر عن مخاض؟
المنقول:
يجيء المنقول كحصيلة للمعارف الناتجة عن تجارب الإنسانية على مرّ العصور، تلك التجارب التي تعكس قدرة الإنسانية على إيجاد الوسائل المناسبة التي تضمن لها البقاء أولاً، ونوعاً من الترقّي والتقدم ثانياً. فوجود المنقول إذن ليس بالأمر العبثي أو الطارئ.
لكن هذا الاعتراف لا يعني التسليم بصحة كل ما ورد ويرد في طيَّات المنقول. ففعالية المنقول تنبع من قدرته على التجدد والتحديث. إذ يصير المنقول عبئاً ثقيلاً عندما يُقبَل دونما نقاش، وعندمالا يوضَّح، أو يصحَّح، أو يغيَّر، أو يعدَّل، أو يُضاف إليه كل جديد مع مرور الزمن. إذ لا وجود للمطلق في المنقول، والإبداع شرط من شروطه الأساسية.
التقدم:
إن غاية النوع (البشري) الأساسية هي النجاة–البقاء–الاستمرار. أما التقدم فحدث عرضي. أو هكذا كانت الأمور سابقاً على الأقل. أما اليوم، مع تزايد أعدادنا ومعارفنا واحتكاكنا بعضنا ببعض، أضحى التطور والتقدم أداة أساسية من أجل ضمان استمرارنا ونجاتنا.
الله:
الله – المبدأ الذي يعي أنه مبدأ، والمعنى الذي يعي أنه معنى، والفكرة التي تعي أنها فكرة. هذا أو... لاشيء.
الإنسان:
الإنسان تصور مبهم في أذهان تناضل ضد الانغلاق.