-
دخول

عرض كامل الموضوع : شاعر النيل حافظ ابراهيم


i m sam
22/12/2008, 18:57
كنت أريد أن أكتب مقالا عن الشاعر حافظ إبراهيم فاهديت إلى مقال
للأستاذ يوسف السيد أحمد جعلني أستنكف عن الكتابة لجمالية مقاله وشموله.


قال طه حسين: "كانت نفس حافظ تمتاز بشيئين: كانت قوية الحسّ كأشدِّ ما تكون النفوس الممتازة قوة حسّ، وصفاء طبع. وكانت إلى ذلك وفيَّة رضيَّة لا تستبقي من صِلاتها بالناس إلاّ الخير، ولا تحتفظ إلاّ بالمعروف، ولا ترى للإحسان والبرّ جزاءً يعدل الإشادة به والثناء عليه... هذا أحد الأمرين اللذين كانت تمتاز بهما نفس حافظ: حسّ قويّ دقيق، وخُلقٌ رضيّ كريم؛ فأمَّا الأمر الآخر: فصِلةٌ متينة بين هذه النفس القوية الكريمة وبين نفوس الشعب وميوله وأهوائه وآماله ومثله العليا... لا أعرف بين شعراء هذه الأيام شاعراً جعلته طبيعته مرآة صافية صادقة لحياة نفسه ولحياة شعبه كحافظ".
تراكمت على الشاعر سلسلة من النكبات كان لها تأثير شديد في نفسه، فمِن فقدانِ والده وهو طفل في الرابعة من عمره، إلى ضيقِ ذات اليد فقد كفله خاله وكان يصرف عليه وقد أصابه البؤس الشديد من جرّاء ذلك، وشعر بالألم من ضيق خاله به، فعزم على أن يبدأ محاولاته في كسب عيشه وقوته بنفسه، فبعث لخاله بهذين البيتين:
ثَقُلتْ عليكَ مئونتي إنّي أراها واهيةْ
فافرح فإني ذاهبٌ متوجِّهٌ في داهيهْ
إلى إخفاق في ممارسة المحاماة، إلى تعثّر في المناصب، إلى غير ذلك ممّا عصر نفسه عصراً، وجعله ناقماً على الحظ وعلى الدهر والناس، متبرِّماً بالحياة لا يكاد يرى فيها خيراً، متطلِّعاً إلى الموت وكأنّه باب الخلاص ومستودع الرحمة. وقد ازدادت نقمته بازدياد حسّه ونقاء نفسه، يلتقط التأثيرات التقاطاً عميقاً، ويحصرها في ذاته ولِذاتهِ، وقد يكتمها عن عيون الناس ويسترها فيه بستار إنسانيته الرقيقة، ومناقبيَّته الواسعة.
برغم شعوره بالبؤس وتبرُّمه بالحياة كان الشاعر ذا طاقة فكاهيَّة عجيبة، يخترع النكتة بسهولة فائقة، ويرويها بلباقة وخفَّة روح، فقد خُلق للحياة الطليقة، وبسبب قسوة الحياة عليه، مزج مرارتها بعذوبة طبعه، وكان صريحاً شديد الصراحة، فتسابق الناس على مجالسته والاستماع إليه. وكان إلى ذلك صريحاً، شديد الصراحة، ولا شكَّ أن صراحته هذه كانت من أسباب إخفاقه في حياته الرسمية.
ومن صفاته أيضاً، أنه كان كريماً حتى الإتلاف، برغم بؤسه وضيق حاله، فلم يكن يبخل بشيء كثير أو قليل، ولا يرد سائلاً، ولا يحرم النفس مما تشتهي، وقد تحدَّث الناس عن كرمه بما يشبه الأساطير، ولعلَّ كرمه هذا راجع إلى أنه تجرَّع كؤوس البؤس مترعةً، فأحسَّ وقعه في النفوس فسخت كفُّه ونديتْ راحته.
ثقافياً لم تُتَح لحافظ إبراهيم أن يُحَصِّل من العلم أكثر مما تنطوي عليه المرحلة الابتدائية والفنون العسكرية، وقد استعاض عن هذا الفقر التحصيلي بالمطالعة فواظب عليها، تساعده في عمله ذاكرة عجيبة، فتزوَّد بمخزون عربي من جيد الشعر ونثره، وساعده على ذلك مجالسة الأدباء والشعراء ورجال الفكر من أمثال الشيخ محمد عبده، وسعد زغلول، وقاسم أمين، ومصطفى كامل، وغيرهم، مع أن هذه الثقافة التي اكتسبها لم تكن عميقة ولا منسَّقة، قال عنه أحمد أمين: "كان كالنحلة التي تنتقل من زهرة إلى زهرة، وترتشف من هذه رشفة ومن تلك رشفة، فهو يرضي ذوقه في أوقات فراغه بالمطالعة المتنقّلة، فإذا عثر على أسلوب رشيق أو معنى عميق اختزنه في نفسه". وبرغم عدم معرفته للغات الأجنبية، ما عدا الفرنسية التي قيل أن معرفته فيها كانت ضئيلة، ومع ذلك ترجم قصة فيكتور هيجو العالمية "البؤساء" .
قال في علاقته بالإمام الشيخ محمد عبده: "فلقد كنت ألصقَ الناس بالإمام، أغشى داره، وأرِدُ أنهاره، وألتقطُ ثماره". وقد انغرست في نفسه نزعة حبِّ الإصلاح الديني والاجتماعي والسياسي، بتقرُّبه من هذه الطبقة، فبحكم نشأته في بيئة فقيرة يحيط به البؤس من كل جانب، ولا أحد يرعى هذه المجموعة من الشعراء والأدباء، توجَّه إلى طبقة الكبار كما أسلفنا، وساعده على الانخراط بهم خفة ظله، فوسَّعوا مجالسهم له، ووجد هو في صحبتهم لذَّةً، فيروي لهم الشعر القديم، وينشئ لهم القصائد ذات الوجه الإصلاحي، فيحوِّل نقدهم السياسي أو الاجتماعي أو الأخلاقي أو الديني إلى شعر، وبنفس الوقت لم يترك طبقته الشعبية، فيمضي قسماً كبيراً من اليوم في مقاهي (باب الخلق والسيدة زينب وحي الأزهر وميدان إبراهيم، عاكفاً على (النارجيلة) مختلطاً في هذه المقاهي جميعاً بالشعراء والأدباء البؤساء أمثال (إمام العبد) فيشعر بالذل أينما ذهب، في الشارع أو المقهى أو في الترام أو في الحارة، فأحسَّ بآلام الناس، وشقائهم وحرمانهم، فهو شاعر ولا يستطيع أن يعيش محترماً في بلده، ويستمد من الطبقة الممتازة شعوراً عميقاً بآلام الأمة، وهي تعمل على النهوض بهذه الأمة، والتخلص من الاستعمار الإنجليزي الذي لا يترك عُسفاً وظُلماً وتنكيلاً إلا ومارسه على المصريين، فمن هنا يظهر لنا كيف كان حافظ إبراهيم شاعر الوطنية المصرية.
متى أرى النـيلَ لا تحـلو مـواردُه لغـير مرتهـبٍ لـله مُرتـقبِ
فقد غدتْ مصرُ في حال إذا ذُكرتْ جادتْ جفوني لها باللؤلؤ الرطبِ
كأنّـَني عنـد ذكرى مـا ألمَّ بهـا قَـرْمٌ تردّدَ بين المـوت والهربِ
إذا نطـقتُ فقـاعُ السجنُ متَّـكأ وإن سكتُّ فإنَّ النفس لم تطـبِ
أيشتكي الفـقر غاديـنا ورائحـنا ونحن نمشي على أرضٍ من الذهبِ
والقومُ في مصر كالإسفنج قد ظفرتْ بالماء لم يتـركوا ضرعاً لمحتـلبِ
فمصر في هذه الأبيات بقرة حلوب والإنجليز يعتصرونها ولا يبقون لأبنائها قطرة تروي ظمأ أو تشفي غليلاً، وإنَّما يتركون لهم الفقر والشقاء.
في سنة 1888 التحق بالمدرسة الحربية وتخرَّج ضابطاً في الجيش المصري، وعُيِّن في وزارة الداخلية، وفي سنة 1896 أرسل إلى السودان مع الحملة المصرية، ولكن لم تطب له الحياة هناك، وثار مع بعض الضباط فحوكم وأحيل على الاستيداع بمرتب ضئيل، وعندما عاد إلى مصر حاول الفرار من فشله إلى معالجة الشعر ومخالطة الأدباء.
ما بين 1900 وحتى 1911 وجد الشاعر نفسه في فراغ قاتل، فاستولى عليه اليأس، وسخط على الدنيا، وراح يبحث عن عمل يكون عوناً لراتبه التقاعدي الضئيل، لكنه لم يوفَّق، فازداد نقمة، وثار على الحظ والحياة، وتبلور هذا الغضب بالشعر، ورأى في هذا الفقر والعوز عائقاً لتقدّم الأمة ورقي الشعب، فيهاجم الطبقية، ويرى في ثروة المتنعمين نصيباً للمنكوبين والبائسين، فينبه الأثرياء إلى واجباتهم الاجتماعية ويقول:
أيُّها الرَّافلون في حلل الوشي يجُرُّونَ للـذيولِ افتـخَارا
إِنَّ فَوقَ العراءِ قَوماً جيـاعاً يتوارَوْنَ ذلَّـةً وانكسـارا
وهكذا فالجهل والمسكنة والاتكاليَّة، وتقييد المرأة وإذلالها، كل ذلك آلَ بمصرَ إلى الحالة التخلّفية التي تتخبط فيها، وكل ذلك كان هدفاً لثورة حافظ إبراهيم وانتفاضته الإصلاحية بروح الإمام محمد عبده، وانفتاح ابن العصر الجديد. وقد شعر في أعماقه أنَّه لا بدَّ للأمَّة من أن تتسلَّح بالخلق القوي وبالعلم، فتحوَّل شاعراً اجتماعياً كما كان شاعراً سياسياً، فهو يثير الشعب ويحفزه إلى النهوض، وهو يحمل على الامتيازات الأجنبية حملات عنيفة. وكانت الحوادث لا تزال تُذْكي فيه مشاعره الوطنية.
وما إن وقعت حادثة "دنشواي " المشهورة سنة 1906 عندما قصد خمسة من ضباط الجيش الإنجليزي إلى محيط هذه البلدة الصعيدية بقصد الصيد، فتعرَّض لهم بعض أهلها، وأصيب ضابط إصابة أدَّت إلى موته، تبيَّن فيما بعد أن سببها ضربة شمس ، فثار اللورد كرومر الحاكم الإنجليزي في مصر؛ وعقد محكمة خصوصية برئاسة بطرس غالي، وقضت بإعدام أربعة من أهل قرية دنشواي شنقاً، وبجلد سبعة بالسياط، وبحبس ثمانية مدداً مختلفة، ونُفِّذ حكم الإعدام والجلد على مرأى ومسمع سكان القرية عقاباً وتنكيلاً، وغضب المصريون وعلى رأسهم مصطفى كامل لهذه الطريقة الوحشية، وكتب الكتَّاب في الصحف، وامتلأت النوادي بالخطب والأحاديث في هذه القسوة وتلك الوحشية، وانبرى حافظ مع الحانقين، وشنَّ هجومه على تصرُّف الإنجليز وعلى المدعي العام المصري الذي ساهم في إصدار هذا الحكم، وعلى المصريين جميعاً على استكانتهم وخنوعهم، فيقول:
وإذا أعوزَتْـكمُ ذاتُ طوقٍ بينَ تلك الرُّبى فصيدوا العبادا
فنحن نلمس العتاب واللوم الرقيق في توجهه نحو الشعب، ثم موقف المشارك للشعب في آلامه ومآسيه، وموقف الرافض للاحتلال الأجنبي، والسخط المكبوت في داخله عليه.
لا جرى النيلُ في نواحيكِ يا مصرُ ، ولا جادكِ الحيا حيث جادا
أنتِ أَنْبَتِّ ذلك النَّبتَ يا مصرُ ، فأضحى عليكِ شوكاً قتادا

i m sam
22/12/2008, 19:00
ورفض الشاعر للاحتلال الأجنبي يظهر في كلِّ سانحة وإن لانت الإشارة واستدارت العبارة؛ فهو يتَّخذ من مراثيه لأبطال الوطنية في مصر من مثل مصطفى كامل، والشيخ الإمام محمد عبده، وسعد زغلول، سبيلاً إلى إنهاض الهمم، واتِّباع المناضلين في تحرير الوطن. فيقول في سعد زغلول عندما تولَّى نظارة المعارف:
يا سعدُ أنت مسيـحُها فاجعـلْ لهذا الموتِ حدَّا
يا سعدُ إنَّ بمصر أيتـاماً تُؤمَّـلُ فيكَ سعــدا
قدْ قام بينهُمُ وبينَ العـلمِ ضيـقُ الحـال سـدا
فارددْ لنا عهـد الإمام وكنْ بـنا الرجل المفدَّى
وعندما نُقل اللورد كرومر من مصر سنة 1907 ودَّعه حافظ بشعره ،متمنياً بسخرية لو أنه بقي لعلَّ مشاعر المصريين تستيقظ، وينهض الشعب لنفض غبار الاستعمار عن عينيه، ويحيا حياة كريمة. فيقول:
قتيلُ الشمس أورثنا حياةً وأيقظ هاجعَ القوم الرُّقودِ
فليت (كرومراً ) قد دام فينا يطوِّق بالسلاسل كلَّ جيدِ
ويُتحفُ مصر آنـاً بعد آنٍ بمجلود ومقـتولٍ شهـيدِ
لننزعَ هذه الأكفانَ عنَّــا و نُبعثَ في العوالم من جديدِ
ويلتفت الشاعر إلى شباب مصرَ، ويثير عواطفه، ويحمِّسه، ويحثّه على الثورة. فيقول:
أهـلاً بنـابتـة البـلاد ومرحـباً جدَّدتم العـهد الذي قد أخلقا
لا تيـأسوا أن تستـردوا مجـدكم فلربَّ مغلوبٍ هوى ثمَّ ارتـقى
مَـدَّتْ له الآمـال من أفـلاكها خيطَ الرجاء إلى العـلا فتسلَّقا
فتجشَّموا للمجد كـلَّ عظيـمة إني رأيت المجـد صعب المرتقى
من رام وصل الشمس حاكَ خيوط ها سببـاً إلى آمـاله وتعلــقا
عارٌ على ابن النيلِ سبَّـاق الورى - مهما تقلَّبَ دهره – أن يُسبقا
دعا حافظ إبراهيم أبناء أمته إلى تحصيل العلم، والسير في ركب الحضارة الجديدة لكي تنهض بالشعب المسكين، وكان له ارتباط شديد بمواطنيه حتى وكأنهم جميعاً في قلبه يتحسس آمالهم وآلامهم، ويقف لهم مرشداً ودليلاً، وكثيراً ما يرثي لحالهم ويهاجم فيهم أسباب الانهيار الاجتماعي ويقول:
وكم ذا بمصرَ من المضحكات كما قال فيها أبو الطيِّبِ
أمـورٌ تمـرُّ، وعيشٌ يمـرُّ ، ونحن من اللـهو في ملـعب
وشعبٌ يفـرُّ من الصالحات فـرار السليم من الأجـربِ
وصحْفٌ تَطِـنُّ طنـين الذبابِ، وأُخرى تُشَنُّ على الأقرب
وهكذا فهو شديد التعلُّق بعروبته، شديد الإخلاص لها، ولكنَّه يكره البكاء على الأطلال، والاكتفاء بذكر الأجداد ومآثرهم،ويدعو إلى السير في هذه الطريق الصاعدة في غير ملل. وهو إذ يتغنَّى بالبلاد العربية كلّها لا ينسى أبناءها المنتشرين في كل مكان من الأرض.
رادوا المناهل في الدُّنيا ولو وجدوا إلى المجرَّة ركباً صاعداً ركبوا
سَعَوا إلى الكَسبِ محموداً، وما فَتِئَتْ أمُّ اللغاتِ بذاكَ السعي تكتسبُ
فأينَ كان الشاميُّون كـان لـها عَيشٌ جديدٌ، وفضلٌ ليس يحتجب
ولئن كان حافظ إبراهيم مصرياً وعربياً شرقياً في اجتماعاته، فقد كان أيضاً إنسانياً يتسع قلبه لبني الإنسان تحت كلِّ سماء وفي كلِّ مكان، فهو يشيد بحضارة الغرب، ويتغنَّى بما وصلت إليه هذه الحضارة في عالم الاختراع والمنعة والاقتصاد، فعندما ضرب الزلزال الشهير مدينة مسينا في جنوب إيطاليا سنة 1908 هبَّ حافظ يرثي المصابين ويرثي معهم الفن والجمال، ويدعو كلَّ إنسان في الدنيا لمساعدة أخيه الإنسان... قال:
نبئاني إن كنتما تعلمان ما دهى الكون أيها الفرقدان
أنتِ مسينَ لن تزولي كما زالت ولكن أمسيت رهن الأوان
إن إيطـاليا بَنُوها بُنـاةٌ ، فاطمئـنّي ما دام في الحي باني
فسـلام عليكِ يوم تولّـيت بما فيـك من معـانٍ حسان
وسلام عليكِ يوم تعوديـن كمـا كنتِ جنَّـة الطليانِ..
لم يتأخر حافظ إبراهيم عن الكفاح ولا تخلَّف عن القادة،بل ظلَّ معهم تحدوه الوطنية، ويحدوه الحماس، حتى إذا نُكبت الأمَّة بموت زعيمها مصطفى كامل وقف معها يبكيه بكاءً حاراً، وهو في هذا البكاء إنما يصوِّر بكاء الشعب الذي يشعر شعوراً عميقاً بمصابه وآلامه يوم موت مجاهده الكبير في ريعان شبابه. فيقول:
تسعون ألفاً حولَ نعشك خُشَّعٌ يمشون تحت لوائك السيَّار
خَطُّوا بأدمعهم على وجه الثرى للحزن أسطاراً على أسطار
آناً يوالون الضجـيج كأنَّـهم ركبُ الحجيج بكعبة الزوَّار
وتخالهـم آناً لفرط خشوعـهم عند المصلَّى ينصتون لقاري
من الظلم أن نقيس حافظاً في شعره الوطني بما نُشرَ منه، فقد عرفنا أن الكثير من شعر حافظ لم يُنشر، وأنَّه كان يكتفي بإنشاده في النوادي والمجالس. وقد نظم بعد إحالته على المعاش قصيدة ثائرة تربو على مائة وخمسين بيتاً، وليس في ديوانه منها سوى أبيات معدودة. وحسبه هذه القلادة الرائعة التي أنشدها على لسان مصر والتي تُغَنَّى في عصرنا وتدور على كلِّ لسان، وهي تلك التي يفتتحها بقوله:
وقفَ الخلقُ ينظرون جميعاً كيف أبني قواعدَ المجد وحدي
وبُناةُ الأهرام في سالف الدهــ ـــر كَفَوْني الكلام عند التحدي
أنا تاج العلاءِ في مفرق الشر قِ ودُرَّاتُـه فرائـدُ عقـدي
أيُّ شيء في الغرب قد بهر الناس جمالاً ولم يكن منه عنـدي
فترابي تـبرٌ ونهري فـراتٌ وسمائي مصقـولة كالفـرند
ورجالي لو أنصفوهم لسادوا من كهولٍ ملء العيون ومُردِ
إنَّهم كالظُـبا ألـحَّ عليها صدأ الدهر من ثَواءٍ وغِمـد
وهذه النزعة العربية والوطنية في نفس الشاعر تظهر في كثير من قصائده، فعندما هبَّت عاصفة العاميَّة التي هددت الفصحى بالحلول محلَّها وناصرها كثيرون، نشر قصيدة بلسان اللغة العربية فيقول:
رجعتُ لنفسي فاتَّهمتُ حصاتي وناديتُ قومي فاحتسبتُ حياتي
رَمَوني بعقمٍ في الشبابِ وليتـني عَقِمْتُ فلم أجزع لقول عِداتي
ولَدتُ ولمـَّا لم أجـد لعرائسي رجالاً وأَكفـاءً وأدتُ بنـاتي
وسِعتُ كتابَ اللهِ لفظاً وغايـةً و ما ضِقتُ عن آيٍ به وَعِظاتِ
فكيفَ أضيقُ اليومَ عن وصف آلةٍ وتنسيـق أسماءٍ لمُخترعــاتِ
أنا البحر في أحشائـه الدرُّ كامن فهل ساءلوا الغوَّاص عن صدفاتي
فيا ويحكم أبـلى وتبـلى محاسني ومنكم وإنْ عَـزَّ الدواءُ أسـاتي
فـلا تكلـوني للزمـانِ فإنـني أخاف عليكم أن تحـين وفـاتي
أرى لرجال الغرب عِزَّاً ومنـعةً وكـم عـزَّ أقوام بعـزِّ لُغـاتِ
أَتَـوا أهلـهم بالمعجزات تفنناً فيا ليتكم تأتـون بالكلمـــاتِ


توفي في الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس من عام 1932 وكان قد استدعى اثنين من أصدقاءه لتناول العشاء لكنه لم يشاركهما , بعد خروجهما استدعى غلامه الطبيب فوجده في النزع الأخير .

عندما توفي كان احمد شوقي في الإسكندرية فلم يبلغه سكرتيره بالخبر إلا بعد عدة أيام لعلمه بمدى محبتهما لبعض فقال فيه:

قد كنت أؤثر أن تقول رثائي يا منصف الموتى من الأحياء

i m sam
22/12/2008, 19:38
حَيَّا بَكُورُ الحَيا أرباعَ لُبنانِ
وطالَعَ اليُمنُ مَن بالشَّأمِ حَيّاني
أهلَ الشَّآمِ لقد طَوَّقتُمُ عُنُقي
بِمنَّة ٍ خرجتْ عن طَوْقِ تبيانِي
قُلْ للكريمِ الذي أَسْدَى إليَّ يدَّاً
أّنَى نَزَحْتَ فأنتَ النازِحَ الدَاني
ما إِنْ تَقَاضَيْتُ نَفْسِي ذِكْرَ عارِفَة ٍ
هل يَحدثُ الذِّكرُ إلاّ بَعدَ نِسيانِ
ولا عَتَبتُ على خِلٍّ يَضَنُّ بها
ما دام يَزْهَدُ في شُكْرِي وعِرفاني
أَقَرَّ عَيْنِيَ أنَّي قُمْتُ أنْشِدُكُمْ
في مَعهَدٍ بحُلى العِرفانِ مُزدانِ
وشاعَ فيَّ سُرورٌ لا يُعادِلُه
رَدُّ الشَّبابِ إلى شَعْرِي وجُثمانِي
لي مَوطِنٌ في رُبُوعِ النِّيلِ أعظِمُه
ولِي هُنا في حِماكُمْ مَوْطنٌ ثانِي
إنِّي رأيتُ على أهْرامِها حُلَلاً
مِن الجَلالِ أراهَا فَوْقَ لبنانِ
لم يَمحُ منها ولا من حُسنِ جِدَّتها
على التَّعاقُبِ ما يَمحُو الجَديدانِ
حَسِبتُ نَفسي نَزيلاً بينكم فإذا
أهلي وصَحبي وأحبابي وجيراني
مِنْ كلِّ أَبْلَجَ سامِي الطَّرْفِ مُضطلِعٍ
بالخَطْبِ مُبْهَجٍ بالضَّيْفِ جَدْلانِ
يَمشي إلى المَجدِ مُختالاً ومُبتَسِماً
كأنّه حين يَبدُو عُودُ مُرّانِ
سكنتمْ جنة فيحاء ليس بها
عَيبٌ سوى أنّها في العالَمِ الفاني
إذا تَأمَّلتَ في صُنعِ الإِله بها
لَم تَلقَ في وَشْيهِ صُنعاً لإنسانِ
في سَهْلِها وأعاليهَا وسَلْسَلِها
بُرْءُ العليلِ وسَلْوَى العاشِقِ العانِي
وفي تَضَوُّعِ أنفاسِ الرِّياضِ بها
رَوْحٌ لكلِّ حَزِينِ القَلْبِ أَسْوانِ
اَنَّى تَخَيَّرْتَ مِنْ لبنان مَنْزِلَة ً
في كلِّ مَنزِلَة ٍ رَوضٌ وعَينانِ
يا لَيتَني كنتُ من دُنيايَ في دَعَة ٍ
قَلْبي جَميعٌ وأَمْرِي طَوْع وِجْدَانِي
أقضي المَصِيفَ بلُبنانٍ على شَرَفٍ
ولا أحُولُ عن المَشتى بحُلوانِ
يا وقفة ً في جبالِ الأرزِ أَنْشُدُها
بينَ الصنوبرِ والشربينِ والبانِ
تَستِهبِطُ الوَحْيَ نَفسي من سَماوَتها
ويَنثَني مَلَكاً في الشِّعرِ شَيطاني
عَلِّي أُجاوِدُكُم في القَولِ مُقْتَدِياً
بشاعِرِ الأرزِ في صُنعٍ وإتْقانِ
لاَ بِدْعَ إنْ أخصبتْ فيها قرائحُكُمْ
فأعجزتْ وأعادتْ عهدَ حسَّانِ
طيبُ الهَواءِ وطِيبُ الرَّوضِ قدْ صَقَلاَ
لَوحَ الخَيالِ فأغراكُم وأغراني
مَن رامَ أن يَشهَدَ الفِردَوسَ ماثِلة ً
فليَغشَ أحياءَكُم في شهرِ نَيسانِ
تاهتْ بقبرِ صلاحِ الدِّيِنِ تُرْبَتُهَا
وتاهَ أحياؤُها تِيهاً بمَطرانِ
يَبْنِي ويَهْدِمُ في الشَّعْرِ القدِيم وفي
الشِّعر الحدِيثِ فَنعْمَ الهَادِمُ الباني
إذا لَمَحْتُمْ بشِعْري وَمْضَ بَارِقَة ٍ
فَبَعْضُ إحْسانِه في القَوْلِ إحْسانِي
رَعياً لشاعِرِكُم، رَعياً لكاتِبِكُم
جَزاهُما اللهُ عَنِّي ما يَقُولانِ
ارَى رِجالاً مِن الدُّنيا الجَدِيدَة ِ في
الدُّنيا القَدِيمَة ِ تَبْنِي خَيْرَ بُنْيانِ
قد شيَّدواآية ً بالشَّامِ خالِدَة ً
شَتَّى المَناهلِ تَروي كلَّ ظَمآنِ
لئِن هَدَوْكُم لقد كانت أوائِلُكُم
تَهْدِي أَوائلَهُمْ أَزمْانَ أَزْمانِ
لا غَرَو إنْ عَمَّروا في الأرضِ وابتَكَروا
فيها افَانِينَ إصْلاحٍ وعُمْرانِ
فتِلْكَ دُنْياهُمُ في الجَوِّ قد نَزَعَتْ
أعِنّة َ الرِّيحِ مِنْ دُنْيا سُلَيْمانِ
أَبَتْ أُمَيّة ُ أَنْ تَفْنَي محَامِدُها
على المَدى وأبى أبناءُ غَسّانِ
فمِن غَطارِفَة ٍ في جِلِّقٍ نُجُبٍ
ومِنْ غَطَارِفَة ٍ في أَرْضِ حَوْرانِ
عافُوا المَذَلَّة َ في الدّنيا فعندهمُ
عِزُّ الحياة ِ وعِزُّ المَوْتَ سِيّانِ
لا يَصْبِرُونَ على ضَيْمٍ يُحاوِلُه
باغٍ مِنَ الإنسِ أو طاغٍ من الجانِ
شَقَقْتُ أسْواق َبَيرُوتٍ فما أَخَذَتْ
عينايَ في ساحِهَا حانوتَ يونانِي
فقلتُ في غِبطَة ٍ: للهِ دَرُّهُمُ
وَلَّوْا سِراعاً وخَلَّوْا ذلك الواني
تَيَمَّمُوا أرضَ كُولُمبٍ فما شَعَرَت
منهم بَوطءِ غَريبِ الدارِ حَيرانِ
سادُوا وشادُوا وأبلَوا في مَناكِبِها
بلاءَ مُضظَلِعٍ بالأمرِ مَعوانِ
إنْ ضاقَ ميدانُ سبقٍ منْ عزائمِهِمْ
صاحتْ بهمْ فأروهَا الفَ ميدانِ
لا يستشيرونَ إِن همّوا سوى همَهم
تأبَى المُقامَ على ذّلٍّ وإِذعانِ
ولا يُبالونَ إنْ كانت قُبُورُهُمْ
ذُرا الشَّوامِخ أو أجوافَ حِيتانِ
في الكونِ مورقهمْ في الشامِ مغرسهمْ
والغرسُ يزكو نقالاً بينَ بلدانِ
إنْ لم يَفُوزا بسلطانٍ يُقِرُّهُمُ
ففي المُهاجَرِقد عَزُّوا بسلطانِ
أو ضاقتِ الشأمُ عن برهانِ قدرتهَمْ
ففي المُهاجَرِ قد جاءُوا ببرهانِ
إنّا رأينا كراماً من رجالهمُ
كانوا عليهمْ لدينا خير عنوانِ
أنّى التقينا التقَى في كلِ مجتمعٍ
أهلٌ بأهلٍ وإخوانٌ باخوانِ
كمْ في نواحي ربوعِ النّيلِ من طرفٍ
لليازجيِّ وصروفٍ وزيدانِ
وكم لأحيائِهِم في الصُّحفِ من أثَرٍ
له المقطّمُ والأهرامُ رنانِ
متى أرى الشّرقَ أدناهُ أبعده
عن مَطمَعِ الغَرب فيه غيرَ وَسْنانِ
تجري المودّة من أعراقه طلقاً
كجرية ِ الماءِ في أثناءِ أفنانِ
لافرقَ بين بوذيِّ يعيشُ به
ومسلمٍ ويهوديٍ ونصرانِي
مابالُ دُنياهُ لمّا فاءَ وارِفُها
عليه أدبرتْ من غيرِ إيذانِ
عهدُ الرشيدِ ببغدادَ عفا ومَضَى
وفي دِمَشق انطوى عهدُ ابنِ مروانِ
لاتسلْ بعده عن عهدِ قرطبة ٍ
كيف انمحى ْ بين أسيافٍ ونيرانِ
فعَلِّموا كلَّ حَيٍّ عندَ مَولِدِه
عليكَ للهِ والأوطانِ دينانِ
حَتمٌ قَضاؤُهُما حَتمٌ جَزاؤُهُما
فآربأ بنفسكَ أن تمنَى بخسرانِ
النَّيلُ وهو إلى الأُردُنِّ في شَغَفٍ
يُهدي إلى بَرَدى أشواقَ وَلهانِ
وفي العِراقِ به وَجدٌ بدِجلَتِه
وبالفراتِ وتحنانٌ لسيحانِ
رأيتُ رأى َ المعرّي حين أرهقَه
ما حلّ بالناسِ من بغيٍ وعدوانِ
لا تظهرُ الأرضَ من رجسٍ ومن درنٍ
حتى يُعاوِدَها نُوحٌ بطُوفانِ
ولّى الشبابُ وجازتني فتوتُه
وهَدَّمَ السُّقمُ بعدَ السُّقمِ أركاني
إنْ دامَ مانحن فيه من مُدابَرَة ٍ
أسوّفت أم أعدّت حرَّ أكفاني
شاهَدتُ مَصرَعَ أترابي فَبَشَّرَني
بضجعة ٍ عندها روحي وريحاني
كم منْ قريبٍ نأى عنّي فأوجَعَني
وكم عَزيزٍ مَضَى قبلي فأبكاني
إني مللّتُ وقوفي في كلِ آونة ٍ
أبكي وأنظِمُ أحزاناً بأحزانِ
إذا تَصَفَّحتَ ديواني لتَقَرأَني
وجدتَ شعرَ المراثي نصفَ ديواني
أتيتُ مستشفياً والشوقُ يدفعُ بي
إلى رُباكُم وعودِي غيرُ فينانِ
فأنزِلُوني مَكاناً أستَجِمُّ به
ويَنجلي عن فؤادي بَرحُ أحزاني
وجنبّوني على شكرٍ موائدكُم
بما حَوَتْ من أفاوِيهٍ وألوانِ
حسبي وحسبُ النُّهى ما نلتُ من كرمٍ
قد كدتُ أنسى به أَهلي وخُلاّني

achelious
22/12/2008, 21:08
السيرة الذاتية للشاعر شيقة وفيها الكثير ..
يعطيك العافية صديقي:D

i m sam
23/12/2008, 19:18
أثرتَ بنا مِنَ الشَّوقِ القديمِ
وذِكرَى ذلكَ العيشِ الرَّخيمِ
وأيّامٍ كَسَوناها جَمَالاً
وأرقَصنا لها فَلَكَ النَّعيمِ
مَلأناها بنا حُسناً فكانت
بجِيدٍ الدَّهرِ كالعِقِدِ النَّظِيمِ
وفِتيانٍ مَساميحٍ عليهم
جلابيبٌ منَ الذَّوقِ السَّليمِ
لهمْ شيمٌ ألذُّ من الأمانِي
وأطربُ منْ معاطاة ِ النَّديمِ
كهمِّكَ في الخَلاعَة ِ والتَّصابِي
وإنْ كانوا على خُلُقٍ عَظيمِ
ودعوتهم إلى أنسٍ فوافَوا
موافاة َ الكريمِ إلَى الكريمِ
وَجَاءُوا كَالْقَطا وَرَدَتْ نَميراً
عَلى ظمَإٍ وهَبُّوا كالنَّسِيمِ
وكانَ اللَّيْلُ يمرحُ في شبابٍ
ويَلهُو بالمَجَرَّة ِ والنُّجُومِ
فواصَلنا كُؤوسَ الرّاحِ حتى
بَدَتْ للعينِ أنوارُ الصَّريمِ
وأعملنَا بهَا رأيَابنِ هاني
فألحِقْنا بأصحابِ الرَّقيمِ
وظَبْيٍ مِنْ بنِي مِصْرٍ غَرِيرٍ
شَهِيَّ اللَّفظِ ذي خَدٍّ مَشيمِ
ولّحْظٍ بابليٍّ ذِي انكسارِ
كأنَّ بطرفهِ سيما اليتيمِ
سقانَا في مُنادَمَة ٍ حديثاً
نَسِينَا عِنْده بِنْتَ الكُرُومِ
سَلامُ اللهِ يا عَهدَ التَّصابي
عليكَ وفِتيَة ِ العَهدِ القَديمِ
أحِنُّ لهم ودُونَهُمُ فَلاة ٌ
كأنَّ فَسِيحَها صَدرُ الحَليمِ
كأنَ أديمَهَا أحشاءُ صَبٍّ
قدْ التهبتْ مِنَ الوجْدِ الأليمِ
كَأنَّ سَرَابَها إِذْ لاَحَ فِيها
خِداعٌ لاحَ في وجهِ اللَّئيمِ
تَضِلُّ بليلهِا لِهْبٌ فتَحْكِي
بوادي التِّيهِ أقوامَ الكَليمِ
وتَمشي السّافياتُ بها حَيارَى
إذا نُقِلَ الههجيرُ عن الجحيمِ
فمَن لي أنْ أرى تلك المَغاني
ومافيها من الحُسنِ القَديمِ
فما حَظُّ ابنِ داوُدٍ كحَظِّي
ولاَ أُوتيتُ مِنْ عِلْمِ العليمِ
ولا أنا مُطلَقٌ كالفِكرِ أسري
فاستَبِقُ الضَّواحِكَ في الغُيُومِ
ولكنّي مُقَيَّدَة ٌ رِحَالِي
بقَيدِ العُدمِ في وادي الهُمومِ
نَزَحتُ عن الدّيارِ أرُوَّمُ رِزقي
وأضرِبُ في المهامِة ِ والتُّخُومِ
وما غادَرتُ في السُودان قَفراً
ولم أصبُغ بتُربَتِه أديمي
وهأَنا بين أنيابِ المَنايا
وتحت بَراثِنِ الخَطبِ الجَسيمِ
ولولاَ سَوْرَة ٌ للمجدِ عِندي
قَنِعْتُ بعيشتِي قَنَعَ الظَّليمِ
أيابْنَ الأكرَمين أباً وجَدّاً
ويا بنَ عُضادَة ِ الدِّنِ القَويمِ
أقامَ لدِيننَا أَهلُوكَ رُكْناً
له نَسَبٌ إلى رُكنِ الحَطيمِ
فما طافَ العُفاة ُ به وعادُوا
بغيرِ العسجدية ِ واللطِيمِ
أتَيْتُكَ والخُطُوبُ تُزِفُّ رَحلِي
ولي حالٌ أرقُّ مِنَ السَّديمِ
وقدْ أصْبَحْتُ مِنْ سَعْيِ وكَدحِي
على الأرزاقِ كالثَّوبِ الرَّديمِ
فلاَ تُخْلقْ-فُدِيتَ-أديمَ وجَهِي
ولا تَقطَعْ مُواصَلَة َ الحَميمِ

i m sam
23/12/2008, 19:19
السيرة الذاتية للشاعر شيقة وفيها الكثير ..
يعطيك العافية صديقي:D

الله يعافيك
ارجو انو تكون اضافة جديدة ونستفاد منها
:D

achelious
25/12/2008, 15:36
الله يعافيك
ارجو انو تكون اضافة جديدة ونستفاد منها
:D
اي بالطبع, هي كذلك
متابع معك:D

i m sam
25/12/2008, 17:06
سمَا الخطيبانِ في المعالِي
وجازَ شَأْواهُما السَّماكا
جالاَ فلمْ يترُكَا مجالاً
و اعْتَرَكَا بالنُّى عِراكَا
فلَستُ أدري على اختياري
منْ منهُمَا جَلَّ أَنْ يُحاكَى
فوحْيُ عقْلي يقولُ:هذَا
ووَحيُ قلبي يقولُ: ذاكا
وَدِدْتُ لوْ كلُّ ذِي غُرورٍ
أمسِى لنعليهِمَا شِراكَا
----------------------

جرائِدٌ ما خُطَّ حَرفٌ بها
لغيرِ تَفريقٍ وتَضليلِ
يحلُو بهَا الكِذْبُ لأَرْبابِهَا
كأنَّها أوّل إبريلِ
----------------------

يا ساكِنَ البيتِ الزُّجا
جِ هَبِلتَ، لا تَرمِ الحُصُونا
أرأيتَ قبلكَ عارياً
يَبغي نِزالَ الدَّارِعينا
----------------------

لا تَعجَبوا فمَليكُكُم لَعِبَت به
أيدي البِطانَة ِ وهو في تَضليلِ
إنِّي أراهُ كأنّه في رُقعَة الشِّـ
شِّطْرَنْجِ أو في قاعة ِ التَّمثيلِ
------------------------

عَطَّلْتَ فَنَّ الكَهْرَباءِ فلمْ نَجِدْ
شَيئاً يَعوقُ مَسيرَها إِلاّكا
تَسري على وَجهِ البسيطة ِ لَحظَة ً
فتَجُوبُها وتَحارُ في أحشاكا
--------------------------

أَدِيمُ وجهِكَ يا زِنْدِيقُ لوْ جُعِلَتْ
منه الوِقايَة ُ والتَّجليدُ للكُتُبِ
لم يَعلُها عَنكَبُوتٌ أينَما تُرِكتْ
و لاَ تُخافُ عليها سَطْوَة ُ اللَّهبِ
---------------------------

هنا يَستَغيثُ الطِّرسُ والنِّقسُ والذي
يخُطُّ ومنْ يَتلوُ ومنْ يَتَسَمَّعُ
مخازٍ وما أدرى إذا ما ذَكَرتُها
إلى الحَمدِ أُدعى أو إلى اللَّومِ أدفَعُ
----------------------------

أخي واللهِ قد مُلِىء الوِطابُ
وداخَلَنِي بصُحبتِكَ ارتيابُ
رَجَوتُكَ مَرّة ً وعَتَبتُ أُخرى
فلاَ أجْدَى الرَّجاءُ ولا العِتابُ
نَبَذْتَ مَوَدّتي فاهْنَأْ ببُعدي
فآخِرُ عَهدِنَا هذَا الكتابُ
----------------------------

سُوَرٌ عِندِي لهُ مكتوبَة ٌ
ودَّ لوْ يسرِي بهَا الرُّوحُ الأَمينْ
إنّني لا آمَنُ الرُّسلَ ولا
آمَنُ الكُتْبَ علَى ما تَحْتَوِينْ
مُستَهينٌ بالذي كابَدْتُهُ
وهو لا يدري بماذا يَستَهينْ
أنا في هَمٍّ ويَأْسٍ وأسى ً
حاضِرُ اللَّوعَة ِ مَوصُولُ الأنينْ

i m sam
26/12/2008, 14:49
أَخْرِقُ الدُّفَّ لو رَأيْتُ شَكِيبَا
و أفُضُّ الأَذْكارَ حتَّى يَغيبَا
هو ذِكري وقِبلَتي وإمامي
و طبيبِي اذَا دَعَوْتُ الطَّبيبَا
لو تَراني وقد تَعَمَّدتَ قَتلي
بالتَّنائي رأيتَ شيخاً حَريبَا
كانَ لا ينحنِي لغَيرِكَ إِجْلا
لاً ولا يَشتَهي سواكَ حَبيبا
لا تَعِيبَنَّ يا شكيبُ دبيبِي
إنّما الشيخُ مَن يَدِبُّ دَبيبا
كم شرِبتَ المُدامَ في حَضرَة ِ الشَّيْـ
خِ جِهاراً وكمْ سُقِيتَ الحَليبَا
وإذا أدنَفَ الشُّيوخُ غرامٌ
كنتُ في حَلبَة ِ الشُّيوخِ نَقيبا
عُدْ إلينا فقد أطَلتَ التَّجافي
واركبِ البَرْقَ إنْ أَطقْتَ الرُّكُوبَا
وإذَا خِفْتَ ما يُخَاف مِن اليَـ
ـمِّ فَرَشنا لأخمَصَيكَ القُلوبا
وَدَعَونا بِساطَ صاحِبِ بِلقِيـ
ـسَ فلَبَّى دُعاءَنا مُستَجيبا
وأمَرنا الرِّياحَ تَجري بأمرٍ
منكَ حتى نَراكَ مِنّا قَريبا

i m sam
28/12/2008, 00:35
وافَى كِتابُكَ يَزْدَرِي
بالدُّرِّ أو بالجَوهَرِ
فقَرَأتُ فيِه رِسالة ً
مُزِجَتْ بذَوبِ السُّكرِ
أجريْتَ في أّثنائهَا
نَهرَ انسِجامِ الكَوثَرِ
وفرطْتَ بين سُطورِها
مَنْظُومَ تاجِ القَيصرِ
وخَبَأْتَ في ألفاظِها
مِنْ كلِّ مَعْنى ً مُسْكِرِ
فتَرَى المَعاني الفارسيّـ
ـة َ في مَغاني الأسطُرِ
كالغانياتِ تَقَنَّعَتْ
خَوفَ المُريبِ المُجتري
مَعنى ً أَلَذُّ مِن الشَّما
تَة ِ بالعَدُوِّ المُدْبرِ
أَوْ مِنْ عِتابٍ بَيْنَ مَحْ
بُوبٍ وحِبٍّ مُعْذِرِ
أو فَتْرَة ٍ أضاعَها الْ
ـقامِرُ عند المَيسِرِ
أو مَجلسٍ للخَمرِ مَعْـ
ـقُودٍ بيومٍ مُمطِرِ
تِسعُونَ بيتاً شِدْتَها
فوقَ سِنانِ السَّمهَرِي
والسَّمْهَرِيُّ قَلَمٌ
في كَفِّ لَيْثٍ قَسْوَرِ
اَفَتَى القَوافِي كيفَ أَذْ
ـتَفقد أطَلتَ تَحَسُّري
أتُرَى أَراكَ امِ الِّلقا
ءُ يكونُ يومَ المَحشِرِ
ما كان ظَنِّي أنْ تَعيـ
ـشَ أيا لَئِيمَ المَكسِرِ
ولقد قُذِفْتَ الى الجَحي
مِ وبئسَ عُقْبَي المُنْكَرِ
تاللّه لو أَصْبَحْتَأَفْ
ـلاطُونَ تلكَ الأعصُرِ
وبَرَعْتَجالِينُوسَ أو
لُقمَانَ بين الحُضَّرِ
ما كنتَ إلاّ تافِهَ الْ
آدابِ عند المَعشَرِ
غُفرانَكَ اللهُمَّ إنِّـ
ـي مِن ظُلامَتِهِ بَري
سَوَّيْتَه كالَكْركَدَنِّ
وجاءَنا كالأَخْدَرِي
وَجْهٌ ولا وَجْهُ الحُطُو
بِ وقامَة ٌ لم تُشبَرِ
ومِن العَجائِبِ أنَّ مثـ
لَ لِسانِه لَمْ يُبْتَرِ
كم باتَ يَلتَحِمُ العُرُو
ضَ وجاءَ بالأَمْرِ الفَرِي
فافعَل به اللهُمَّ كالنَّـ
ـمرُوذِ فهو بها حَري
وانزِلْ عليه السُّخْطَ إنْ
أَمْسَى ولَمْ يَسْتَغْفِرِ
فهو الّذي ابتَدعَ الرّبَا
وأقامَ رُكنَ الفُجَّرِ
وأقامَ دينَ عِبادَة ِ الدِّ
ينارِ بَيْنَ الأَظْهُرِ
ولقد عَجبتُ لبُخلِه
ولكَفِّهِ المستَحجِرِ
لا يَصْرفُ السُّحْتُوتَ إلاَّ
وهوَ غيرُ مُخَيَّرِ
لو أنّ في إمكانِه
عيشاً بغيرِ تَضَوُّرِ
لاختارَ سَدَّ الفَتحَتَيـ
ـنِ وقال: يا جَيبُ احذَرِ

boozy
28/12/2008, 00:56
جرائِدٌ ما خُطَّ حَرفٌ بها
لغيرِ تَفريقٍ وتَضليلِ
يحلُو بهَا الكِذْبُ لأَرْبابِهَا
كأنَّها أوّل إبريلِ

اعجبتني هذه الابيات كثيرا
شكرا موضوعك مهم وكثيف
شاعر النيل من اعظم الشعراء

i m sam
31/12/2008, 16:28
اعجبتني هذه الابيات كثيرا
شكرا موضوعك مهم وكثيف
شاعر النيل من اعظم الشعراء
الشكر لمرورك :D

i m sam
31/12/2008, 16:37
يُرْغِي ويُزْبِدُ بالقَافَاتِ تَحْسبُها
قصفَ المدافعِ في أفقِ البساتينِ
منْ كلِّ قافٍ كأن اللهَ صوَّرها
من مارجِ النارِ تصويرَ الشياطينِ
قد خصَّه اللهُ بالقافاتِ يعلُكها
واختَصَّ سُبحانَه بالكافِ والنُّونِ
يَغيبُ عَنّا الحجا حِيناً ويحْضُرُه
حيناً فيخلطُ مختلاًّ بموزونِ
لا يأمَنُ السامعُ المسكينُ وثْبَتَه
مِن كردفان إلى أعلى فِلَسطِينِ
بَيْنَا تراه ينادي الناسَ في حَلَبٍ
إذا به يَتَحَدَّى القَومَ في الصِّينِ
ولم يكن ذاكَ عن طَيشٍ ولا خَبَلٍ
لكنّها عَبقَرِيّاتُ الأساطينِ
يَبيتُ يَنسُجُ أحلاماً مُذَهَّبَة
ً تُغني تفاسيرُها عن ابنِ سِيرِينِ
طَوراً وَزيراً مُشاعاً في وِزارَتِه
يُصَرِّفُ الأمرَ في كلِّ الدَّواوينِ
وتارَة ً زَوجَ عُطبُولٍ خَدَلَّجَة ٍ
حسناءَ تملِكُ آلافَ الفدادينِ
يُعفَى من المَهرِ إكراماً للحيَتِه
وما أظَلَّته من دُنيا ومِن دِينِ

i m sam
04/01/2009, 18:21
فِتَية َ الصَّهباءِ خيرَ الشَّاربينْ
جَدِّدُوا باللّهِ عَهْدَ الغائِبِينْ
واذكُرُوني عند كاساتِ الطِّلا
إنّني كنتُ إمامَ المُدمِنينْ
وإذا ما استَنْهَضَتْكُم ليلة ً
دَعَوة ُ الخَمرِ فَثُورُوا أجمَعينْ
رُبَّ لَيْلٍ قد تَعاهَدْنا عَلَى
ما تَعَاهَدْنَا وكُنّا فاعِلِينْ
فقَضَيْناهُ ولم نَحفِلْ بما
سَطَّرَتْ أيْدِي الكِرامِ الكاتِبِينْ
بين أقداحٍ ورَاحٍ عُتِّقَتْ
ورَياحينٍ ووِلدانٍ وعِينْ
وسُقاة ٍ صَفَّفَتْ أكوابَها
بَعْضُها البَلُّورُ والبَعْضُ لُجَيْنْ
آنَسَتْ مِنّا عِطاشاً كالقَطا
صادَفَتْ وِرداً به ماءٌ مَعينْ
فمَشَتْ بالكاسِ والطاسِ لَنا
مِشْية َ الأفراحِ للقَلْبِ الحَزِينْ
وتَواثَبنا إلى مَشمُولَة ٍ
ذاتِ ألوانٍ تَسُرّ الناظِرِينْ
عَمَدَ السّاقي لأنْ يَقتُلَها
وهيَ بِكرٌ أحصَنَتْ منذُ سِنِينْ
ثمَّ لمَّا أنْ رأَى عِفَّتَهَا
خافَ فيها الله رَبَّ العالَمينْ
وأجَلْنَا الكاسَ فيما بيننَا
و علَى الصَّهباءِ بتنَا عاكفينْ
وشَفَينا النَّفسَ من كلِّ رَشاً
نَطَقَتْ عَيناهُ بالسِّحرِ المُبينْ
وطوَى مَجْلِسنَا بعدَ الهَنا
وانشراحِ الصَّدْرِ تكبيرُ الأَذِينْ
هكذا كُنّا بأيّامِ الصَّفا
نَنْهَب اللذّاتِ في الوقتِ الثَّمينْ
ليتَ شِعري هل لنا بعدَ النَّوى
مِنْ سبيلٍ للقِّا أمْ لاتَ حِينْ

i m sam
07/01/2009, 20:33
طالَ الحديثُ عليكُمْ أيُّهَا السَّمَرُ
ولاحَ للنَّومِ في أجفانِكُمْ أَثَرُ
وذلك اللَّيلُ قد ضاعَتْ رَواحِلُه
فليسَ يُرْجَى لهُ منْ بَعْدِهَا سَفَرُ
هذي مَضاجِعُكُم يا قَومُ فالتَقِطوا
طِيبَ الكَرَى بعيونٍ شابهَا السَّهَرُ
هل يُنْكِرُ النَّوْمَ جَفْنٌ لو أتيحَ لهُ
إلاَّ أنا ونجُومُ اللَّيلِ والقَمَرُ
أَبِيتُ أَسْأَلٌ نَفْسِي كيفَ قاطعنِي
هذَا الصَّديقُ ومالِي عنهُ مُصْطَبَرُ
فما مُطَوَّقَة ٌ قدْ نالهَا شَرَكَ
عند الغُروبِ إليه ساقَها القَدَرُ
باتتْ تُجاهِدُ هَمَّاً وهي آيِسَة ٌ
من النَّجاة ِ وجُنِحُ اللَّيلِ مُعتَكِرُ
وباتَ زُغلولُها في وَكرِها فَزِعاً
مُرَوَّعاً لرُجوعِ الأمِّ ينتظرُ
يُحَفِّزُ الخَوفُ أَحشاهُ وتُزْعِجهُ
إذا سَرَتْ نَسمَة ٌ أو وَسَوسَ الشَّجَرُ
مِنِّي بأسْوَأَ حالاً حِينَ قاطعنِي
هذا الصَّديقُ فهَلاَّ كان يَذَّكِرُ
يا بنَ الكِرامِ أتَنسى أنّني رَجُل
لِظِلِّ جاهِكَ بعدَ اللهِ مُفتَقِرُ
إنِّي فتاكَ فلاَ تقطعْ مواصلتِي
هَبني جَنيتُ فقُلْ لي كيفَ أعتَذِرُ

i m sam
01/02/2009, 21:10
يارَئيسَ الشِّعرِ قُل لي
مَا الذّي يَقْضِي الرَّئِيسُ
أَنْتَ فيْ الجِيزَة ِ خَافٍ
مِثْلَما تَخْفَى الشُّمُوسُ
قابعٌ في كِسرِ بَيتٍ
قَدْ أَظَلَّتْه الغُرُوسُ
زاهِدٌ في كلِّ شَيءٍ
مُطرِقٌ ساهٍ عَبُوسُ
أين شعرٌ منكَ نَضرٌ
فَلَنَا فيه مَسِيسُ
وحَدِيثٌ منكَ حُلْوٌ
يتَشَهّاه الجُلُوسُ
وفُكاهاتٌ عِذابٌ
تَتَمَنّاها النُّفُوسُ
قد جَفَوتَ الشِّعر حتى
حَدَّثَت عنك الطُّرُوسُ
وهَجَرْتَ الناسَ حتّى
ساءَلُوا أين الأنيسُ