-
دخول

عرض كامل الموضوع : لقاء مجلة آفاق مع رئيس حزب الحداثة والديمقراطية فراس قصاص


سيكيولار
12/12/2008, 14:02
جايي على بالي أسس الحزب العلماني السوري - ما حدا أحسن من حدا :larg:

__________________________

لقاء مجلة آفاق مع رئيس حزب الحداثة والديمقراطية فراس قصاص

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
.

قال رئيس حزب الحداثة والديمقراطية السوري فراس قصاص إن الوضع في سوريا يشهد انهيارا في كافة جوانبه وصل إلى حد الكارثة، مشيرا إلى أنه توفرت للنظام الحاكم الفرصة والوقت لكي ينهض بالمجتمع السوري إلا أنه فوتهما باستبداده وتسلطه ورفضه الاستجابة لمطالب المعارضة.
ووصف قصاص في حديث مع موقع آفاق المحاكمات التي تجريها السلطة للمعارضين من قادة إعلان دمشق وغيرهم بأنها مهازل سياسية، وقال إن القضاء في سوريا ليس مستقلا وغير عادل، وأنه تابع للسلطة التنفيذية.
وأضاف "لا يمكن لفئة ذات توجه ورأي سياسي ظفرت بالسلطة في انقلاب عسكري أن تحدد إرادة الأمة وما الذي يوهن عزيمتها وهي الطرف الذي انتهك إرادتها أصلا حين احتل موقع السلطة عنوة، هل كل من يحوز السلطة غلبة كما هو حال السلطة الحالية يضع تصوره للأمة وإرادتها ويحاكم من يخالفه الرأي في كونه يهدد أهداف الأمة، إنها الديكتاتورية بعينها وهذا هو القمع والاستبداد في ذاته".
وأكد أن المعارضة السورية لن تتراجع عن مطالبها في التغيير رغم القمع والاعتقالات وقال "إذا كان الرئيس الراحل حافظ الأسد بالرغم من كل القتل والتصفيات والمجازر والاعتقالات السياسية التي أنزلها بالمجتمع، ورغم أنه روع الناس وأغرق البلاد في جو من الهلع والصمت لم ينجح في تحقيق ذلك، فهل تنجح هذه الأحكام على جورها والعديد غيرها في تغيير موقف المعارضة ومطالبها العادلة، بالتأكيد لا، هذه المعارضة تنافح الاستبداد وتتصدى له متسلحة بحلم السوريين و تطلعهم إلى حياة أفضل".
وفيما يلي نص الحديث :
آفاق: نريد معرفة لمحة عن حزبكم وما هو المشروع السياسي الذي تقدمونه بديلا للسلطة الحاكمة في سورية؟
فراس قصاص: أشكرك بداية، وأقدر جهدك و المؤسسة التي تعملين فيها ، وأعتقد أنه جهد مهم ذلك الذي تقومون به لأنه يوفر الدعم للمشاريع الطامحة في إحداث التنوير والإصلاح في منطقة مليئة بالتعقيدات والأزمات البنيوية المعيقة كمنطقتنا، قبل أن أجيبك بشكل مباشر على سؤالك عن حزبنا اسمحي لي أن ألقي بعض الضوء على مراحل تأسيسه الأولى، هي ضرورية من وجهة نظري لتوضيح موقفه الفكري ومشروعه السياسي.
تعود بدايات تأسيس حزب الحداثة والديمقراطية إلى مجموعة طلاب من منابت دينية وثقافية وعرقية متعددة كانوا يدرسون في جامعتي دمشق و حلب، تعاطت هذه المجموعة الحوار بشكل ممنهج بدءا من عام 1996 حول الشأن السوري، وتعهد أفرادها منذ البداية بأن يرموا كل الأطر الجاهزة والمسبقة خلفهم وأن يتجاوزوا على التابوات وهي كثيرة كما تعلمين في الثقافة والسياسة السائدتين في سورية وفي المنطقة عموما.
لقد رأت هذه المجموعة أهمية أن يقود أفرادها انقلابا أول الأمر ليس على النظام السياسي وإنما على ذواتهم ليتخلصوا من آثار البيئة الطائفية والذكورية والأبوية التي نشأوا عليها متسلحين بالحوار والمطالعة الكثيفة والنقد وانتهاك اللامفكر فيه والمسكوت عنه، لقد كانت مرحلة صعبة بالفعل استوعبها أفراد المجموعة رغم ما حفلت به من تداعيات وانكسارات نفسية حادة رافقت ولادة شخصياتهم الحرة والعقلانية لكنهم عاشوا تجربة خصبة أصبحوا جاهزين بعدها أكثر ليتفاعلوا فيما بينهم بكل انفتاح وزخم، فكان تأسيس الحزب تاليا على ذلك في عام 2001.
كان تشكل الإطار المعرفي للحزب على هذا المنوال إبان تأسيسه كافيا لكي يضع مهام التنوير والإصلاح الديني والتحديث على رأس أولوياته السياسية، وأن يعلن أن خطابه السياسي خطاب مفتوح وغير منجز وسيبقى كذلك وأنه يتحاشى الوقوع في كمائن الايدولوجيا وانغلاقاتها، في اختبار دائم مع العملي واليومي في دينامكية دائمة وحركة متجددة.
الخطاب السياسي لحزب الحداثة والديمقراطية يحدد السياسة في كونها تجسدا للثقافة وإسقاطا لها على الاجتماعي (علاقات وتفاعل وقوى ومواقف)، ويرى أن جوهر الأزمة التي تعيشها سورية و جذرها كامن في الثقافة حيث النظم المعرفية والتراكيب العقلية التي تميز الشخص الإنساني في سورية هي المسئولة عن بلورتها.
لقد رصد الخطاب السياسي للحزب في الأزمة هيئتها الدائرية، المعرفي الثقافي ينتج ما هو سياسي والسياسي بدروه يؤكد ويعيد إنتاج المعرفي الثقافي، لتحكم هذه الدائرة الأزمة إغلاق العالم السوري على ذاته وتبقي ممكناته محددة بعلاقة التأكيد المتبادل بين شرطيها الثقافي المعرفي والسياسي والتي لا تفضي إلا إلى المراوحة في المكان والدوران على الذات والتأخر عن العصر.
لذلك فالحزب يمارس السياسة وفق مستويين، الأول في أكثر أبعادها تأسيسية، في كونها تعبيرا عمليا واجتماعيا عن الثقافة، وله أدواته التي أبدعها للعمل وفق هذا المستوى فيسهم باستخدامها في التأسيس لنظام معرفي جديد وثقافة جديدة يكون الإنسان مركزها وهدفها ومحددها الأهم، الإنسان الحر ذو العقل الحر.
والثاني حيث يمارسها بالمعنى المباشر للكلمة ، فيعارض النظام السياسي المستبد لأنه المنتج المباشر للقمع والفقر والفساد وانتهاك حقوق الإنسان ولعموم الدمار الحاصل في البلاد، يعارضه لأنه يجهد في الحفاظ على الشروط الثقافية والمعرفية التي يدين لها بالفضل لوجوده وسيادته، فهو الذي يقوض البعد الجدلي لصيرورة وسيرورة الحركة صوب التقدم والتجاوز الحقيقي للشرط القروسطي في سورية، من خلال تعويقه للنقيض الذي يتخلق طبيعيا في مواجهة ما هو سائد في المجتمع، بالتالي ليس ثمة صراع حقيقي يجري بين سائد و نقيضه ولا جديد يذكر في خصائص وجود المجتمع السوري وروحه، إن العمل على بعدي السياسة هذين التأسيسي والمباشر يحقق مناهضة الشرطين الثقافي المعرفي والسياسي في الوقت ذاته، ويلخص أهم رهانات حزب الحداثة والديمقراطية.
آفاق: دعني أسألك عن موقعكم داخل سورية؟ هل لديكم قاعدة شعبية؟ وكيف تتواصلون معها وكيف ينشط أعضاء حزبكم داخليا في ظل التضييق الممارس على النشطاء السياسيين في سورية؟
فراس قصاص: نحن ننشط في حزب معارض سوري غير تقليدي، اعتقد أن كل مهتم بالشأن السوري العام في سورية أو في الخارج بات يعرف عنه وعن مشروعه القدر غير اليسير، نحن لا نعمل في سورية وفق الفلسفة التنظيمية الكلاسيكية ذاتها التي نعمل بها في الخارج، لقد أوقفنا هذا الأسلوب في العمل الذي كان سريا منذ سنوات، وطورنا فلسفة تنظيمية جديدة، تحدثنا عنها في مناسبات سابقة.
هذه الفلسفة تتيح للحزب أن يحرز حضوراً مهما بين السوريين داخل سورية، وهو حضور لا تظهر له آثار مباشرة على المدى القريب والمنظور، هو حضور يعتمد التراكم والتقاطع مع قطاعات بشرية على امتداد البلاد يدفع إليه و يشرف عليه الحزب.
إننا نعمل على خلق بيئة حاملة لأفكارنا دون الاهتمام بإظهار تعبيرات هذه البيئة ولا العمل على هيكلتها أو مأسستها.

سيكيولار
12/12/2008, 14:03
دعيني أقول إننا ندفع باتجاه خلق كمونات اجتماعية حاملة لخطابنا السياسي بوسائل واعية ومدروسة يمكنها أن تحقق لا أقول للحزب بل لمشروعه القبول والانتشار أو الإمكانية على ذلك، ربما تتساءلين أين يكمن البعد التنظيمي في هكذا فلسفة أجيبك أنه طالما تراكم هذه الصيغة بصورة متدرجة تحولات وتبدلات معينة أيا يكن تواضعها في المجتمع والبيئة السورية بشكل متحكم به من قبلها ومضبوطة بواسطتها.
وطالما أن هذه المقاربة هي التي تؤسس بشكل فعلي لانتشار أفكار الحزب و خطابه ومشروعه السياسي، وهي التي تسيطر وتوجه وتضبط فعاليات وتعبيرات هذا القبول والانتشار وتنظم إيقاعاته وتحولاته، فهذا يعني أنها ذات بعد تنظيمي أكيد.
آفاق: هل قمتم بنشاطات سياسية داخل سورية لتحسيس المواطنين بخطورة الوضع مثلا؟
فراس قصاص: سؤالك هذا استكمال ومتابعة لسؤالك السابق وحسنا فعلت إذ أرى أنه لابد من أن استكمل إجابتي السابقة أيضا بالقول إننا لم نكن لنلجأ لهذه الرؤية الجديدة للعمل التنظيمي داخل سورية لولا القمع والملاحقة والتصفية التي قد نتعرض لها على نحو صارخ وعار من قبل الأجهزة الأمنية القمعية المشرفة على ترسيخ نفوذ الاستبداد السياسي وحماية مصالحه وضرب معارضيه الأحرار والمناضلين، بل وتقويض وإجهاض كل ما قد يفيد في تقليص نفوذ التسلط والاستبداد.
طبعا هذا يؤشر لاستحالة القيام بأي نشاط علني من جانبنا داخل سورية، أما عن المواطنين وإحساسهم بخطورة الوضع، فأرجح أنك تعرفين من خلال مراقبتك للشأن السوري ومتابعة ما يصدر عن المعارضة السورية أن السوريين لا يحسون فقط بخطورة الوضع بل يعيشونه، وقد يكون التعبير موفقا أكثر حينما نقول إن وضعهم المعاشي وخوفهم من الكلمة واستغراقهم في الصمت وانكفاءهم عن الحياة العامة وقلقهم من المستقبل الغامض وغير الآمن لوضعهم الشخصي ولمصير البلاد بشكل عام هي المؤشرات على خطورة ما وصل إليه الحال في البلاد وعلى ضرورة الانتقال إلى واقع جديد.
آفاق: كما تعلمون، أصدر القضاء السوري قبل فترة أحكاما قاسية على معتقلي إعلان دمشق، كيف ترون هذه الأحكام؟
فراس قصاص: لا يشك أحد على الإطلاق من أن الحكم بالسجن سنتين ونصف على مناضلي إعلان دمشق وتجريمهم بجناية إضعاف الشعور القومي ونقل أنباء كاذبة توهن عزيمة الأمة (كما هو وارد في المادة 286 من قانون العقوبات) هو حكم سياسي جائر، أقول سياسي لأنه جاء لتنفيذ رغبة السلطة ولمبررات سياسية قمعية.
ربما تعلمين أن القضاء السوري منذ عقود طويلة ليس قضاء مستقلا وطبيعي لذلك أن يكون غير عادل، إذ كيف يكون القضاء مستقلا وعادلا في الوقت الذي تشهد السلطة القضائية تغولا وتعديا من قبل السلطة التنفيذية، حيث ليس هناك ثمة فصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية لا في الدستور السوري ولا في الواقع العملي.
فرئيس السلطة التنفيذية، رئيس الدولة هو نفسه رئيس مجلس القضاء الأعلى ينوب عنه وزير العدل وهو أيضا جزءا من السلطة التنفيذية ناهيك أن المجلس هذا بل وجميع العاملين في السلك القضائي يجري انتقاءهم وفقا لمعايير سياسية وأمنية في جو من الفساد الذي تمدد على هذه الخلفية لينخر السلك القضائي برمته، كل هذا يعني أن القضاء بخلاف الفساد يعاني من تبعية مطلقة للسلطة السياسية المستبدة وهي الجهة الحقيقية التي تصدر الأحكام في حالة المعتقلين السياسيين.
هناك جانب آخر يوضح عدم عدالة هذه المحكمة وما يشبهها، وهو الجانب الذي يوضح الكيفية التي يجري تأويل إن لم نقل الإيعاز للقضاء بتأويل مواد قانون العقوبات ذات الصلة بقضايا الاعتقال السياسي عموما، ألا تتفقين معي أن ذلك يجري بوضوح فاضح وفقا لتحديد السلطة، إن لم يكن استبدادها، فوفقا لموقفها السياسي هي فقط، إن القياس على تلك القوانين إنما يجري في تلك المهازل/المحاكم من الزاوية التي تحددها السلطة لإرادة الأمة وهيبتها.
وليس خافيا أبدا أنه لا يمكن لمعايير تستند إليها فئة ذات توجه ورأي سياسي ظفرت بالسلطة في انقلاب عسكري أن تحدد إرادة الأمة وما الذي يضعف عزيمتها وهي الطرف الذي انتهك إرادتها أصلا حين احتل موقع السلطة عنوة، هل كل من يحوز السلطة غلبة كما هو حال السلطة الحالية يضع تصوره للأمة وإرادتها ويحاكم من يخالفه الرأي في كونه يهدد أهداف الأمة ويوهن عزيمتها، إنها الديكتاتورية بعينها وهذا هو القمع والاستبداد في ذاته، وليس مثل هذا حين يتم بإشراف القضاء وباسمه من القضاء العادل في شيء.
آفاق: هل مثل هذا الحكم سيجعل المعارضة الداخلية تتراجع في مطالبها التغيرية؟
فراس قصاص: بكل جزم وتأكيد لا، إذا كان الرئيس الراحل حافظ الأسد بالرغم من كل القتل والتصفيات والمجازر والاعتقالات السياسية التي أنزلها بالمجتمع، ورغم أنه روع الناس وأغرق البلاد في جو من الهلع والصمت لم ينجح في تحقيق ذلك، فهل تنجح هذه الأحكام على جورها والعديد غيرها في تغيير موقف المعارضة ومطالبها العادلة، بالتأكيد لا، هذه المعارضة تنافح الاستبداد وتتصدى له متسلحة بحلم السوريين و تطلعهم إلى حياة أفضل.
آفاق: ثمة من قال إنه كان في يد النظام السوري فرصة للمصالحة مع المعارضة لكن ضيعتها، هل هذا صحيح؟ و كيف؟
فراس قصاص: النظام لم يدعو يوما للمصالحة مع المعارضة وأرجح أنه لم يفكر في إجرائها أبدا، النظام لا يعتبر ولم يعتبر يوما أن المصالحة مع المعارضة فرصة، المعارضة كانت دائما مستعدة للمصالحة وتدعو لها، لكنه هو الذي يرفض حتى مجرد الاستماع لها.
الفرصة التي فوتها النظام في عدم مصالحته المعارضة والسماع لها ولمطالبها، إنما فوتها على البلاد، منعها من أن تتعافى لمصلحة الإنسان فيها ولمصلحة الدولة، فلو قدر له أن يتعاطى مع المعارضة بكافة طيفها وألوانها ومكوناتها السياسية وتبنى مطالبها في إلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية وطي ملف الاعتقال السياسي والاعتراف بالآخر القومي وإزالة التمييز الحاصل بحقه والعمل على احترام حقوق الإنسان والتأسيس لثقافة هذه الحقوق وترسيخها في الوعي والقيم الجمعية، والتحول التدريجي صوب الديمقراطية وتداول السلطة السلمي.
لو حصل كل ذلك لنجحت البلاد في تجاوز واقع الفساد وهدر الأموال العامة ربما كأول أثر مباشر، ولشرعت في فتح نقاش عام حول مختلف القضايا والمشاكل التي تعاني منها، ولتمكنت من إطلاق العنان لحراك مدروس وممنهج وذو زخم يعبر بها إلى جو طبيعي تتفاعل فيها الأفكار والأصوات وتتصارع سلميا بإدارة الدولة ليكون المستقبل الذي ننشده حتما أفضل من الحاضر الذي نعيش ومن الماضي بكل تأكيد، بل ولتجنبت البلاد العاصفة الإقليمية والدولية التي لا تزال تعاني من آثارها دون أن تتنازل عن أي من حقوقها أو أراضيها المحتلة ودون أن يتهدد أمنها الوطني ولا أي من مجالاتها الحيوية ومصالحها في المنطقة والعالم.
آفاق: هل يمكن الحديث فعلا عن إمكانية إقامة مصالحة بين المعارضة والنظام السوري؟
فراس قصاص: لا أشك أبدا في أن المصالحة ممكنة، طبعا المصالحة على أساس الاستجابة لمتطلبات احترام إرادة المجتمع، وإلغاء كافة أشكال الاستبداد والاعتراف بالآخر السياسي وبطبيعة المكون التعددي لسورية، لكن وأظنك توافقينني أن الكرة في ما يخص ذلك لا تزال في ملعب النظام ، فليس للمعارضة ما تتنازل عنه، هي أصلا لا تمللك إلا مطالبها آنفة الذكر، لم تتخلى ولن تتخلى عنها، النظام هو الذي يعتدي على الحقوق والحريات العامة ويمنع البلاد من التطور وتجاوز واقعها القروسطي والاستبداد و الفساد الذين يمعنا في إعاقتها.
ما تطلبه المعارضة متلخص في الكف عن ذلك وفي العمل من أجل مصلحة الوطن والإنسان وليس من أجل مصلحة السلطة وشبكات المصالح المرتبطة بها، وهي مصالح على الأغلب ليست مشروعة لأنها مبنية أساسا على التمييز بالنظر إلى الموقف من السلطة أولا و دائما، لكني لا أخفيك أستبعد إلى حد بعيد إصغاء السلطة المستبدة إلى متطلبات المصالحة و تلبيتها.
آفاق: دعني أسألك سؤالا صريحا: كيف تقيمون الوضع في سورية على كل المستويات؟
فراس قصاص: لا يخفى على أحد أن الوضع السوري من كافة جوانبه منهار حد الكارثة، لقد توفر لهذا النظام الوقت والفرصة لكي ينهض بالمجتمع السوري إلا أنه تركه مُفوّتا ودعم الشروط التي تبقيه مجتمعا قروسطيا غير مدني الوعي منقسم حول رؤية حدية للنجاة والحقيقة، مجتمع قبائل تغيب فيه قيمة الإنسان وحريته لمصلحة قيم القبيلة، مجتمع ذكور، تنحط فيه الأنوثة ويجري تغييبها وقمعها، مجتمعا شموليا يبتلع الفرد ولا يعترف له بحق أن تكون له فرديته ورؤاه يعبر عنها بحرية ويتفاعل مع قيم الجماعة فينهضان معا.
لقد حافظت هذه السلطة على الغالبية الساحقة من المجتمع السوري مجتمعا ماضويا لا يتخذ من العقلانية الحديثة منهجا محددا لموقفه من ذاته ومن العالم، لقد تركت السلطة البلاد وإنسانها يواجه الأزمات حيثما يلتفت المرء، فالأزمات في كل مكان، والمعاناة عامة إلى حد بعيد.
غالبية السوريين يعانون في لقمة عيشهم في مسكنهم في صحتهم، يعانون أزمة مياه وتلوث وفوضى عمرانية، يخافون من غدهم، مروعون ومقموعون يخشون من الكلمة، لقد انكفؤوا إلى وجودهم البيولوجي إلى درجة كبيرة، لم تفعل هذه السلطة ما يستحق الذكر كي تؤسس لعلاقة ثقة بين المواطن ودولته، بل لعلها ومن خلال العقائد السياسية التي روجت لها تلك السلطة وللسياسة العامة التي تبنتها أسست للخلل الذي ينتاب السوريين في تحديد هويتهم وفي إيمانهم بوطنهم بالمعنى السياسي والمباشر للكلمة.
فالكثير من السوريين لا يؤمن بسورية وطنا شرعيا ينغرس في وجدانهم، لقد تأكدت في وعيهم بوصفها صنيعة للتجزئة وسايكس بيكو، والغالبية منهم، يعيش أشكالا من التضامنات التقليدية والعلاقات السابقة على الدولة الحديثة، فيحتمي بسقف قبيلته أو طائفته ويثق بما رسخه كليهما في وعيه وخياله ووجدانه.
أيضا فشلت السلطة المستبدة في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجزء عزيز من سورية طوال أربعة عقود ولا نتيجة تذكر على هذا الصعيد، رغم أنها أعلنت أن استرداد الجولان السوري المحتل وإنهاء الصراع مع إسرائيل لمصلحة سورية والمنطقة العربية هو الهدف الأسمى والاستراتيجي الذي عطلت لأجله الحريات وأعلنت على خلفيته حالة الطوارئ لتصبح أطول حالة طوارئ تعيشها دولة في التاريخ.
لقد أمست المعاناة جزءا من هويتنا، فلأنك سوري إذن أنت في أزمة، الوضع كارثي دون أدنى تضخيم أو مبالغة.
آفاق: هنالك من يرى أن انحياز سورية لإيران و لحزب الله ورطها في رهانات خاسرة، كيف ترون هذه الإشكالية؟
فراس قصاص: دعينا نفرق بداية بين سورية ونظام حكمها، أرى خلطا محكما بين سورية الدولة والوطن وبين نظام حكمها ليس في سؤالك وحسب بل لدى كل من يود الحديث عن سورية وعلاقتها بالشأن الإقليمي والدولي.
لقد جهد هذا النظام عبر استمراره في السلطة كل هذه السنين متجاهلا إرادة المجتمع وخياراته ومن خلال تحكمه بصناعة القرار السياسي وابتلاعه للدولة ومؤسساتها وإعادة بناءها وفقا لقده السياسي والمصالحي، في أن يحدث عند السوريين وربما لدى العالم حالة من الخلط بين سوريا الدولة والمجتمع وبين نظامها وقوى السلطة فيها، لعله نجح في ذلك، لكنني سأميز هنا وسأتجاوز هذا الخلط وأقول بالعودة إلى سؤالك إن من انحاز لإيران ولحزب الله ليس سورية بل نظامها السياسي الذي لا يمثل مواطنيها ديمقراطيا، وأن الرهانات المرتبطة بهذا الانحياز هي رهاناته هو وهي عمقيا تتوخى مصلحته وليس مصلحة سوريا الدولة ومجتمعها أبدا.
طبعا هذا لا يعني أنه ورط نفسه في رهانات خاسرة خصوصا بعد الانفتاح النسبي الدولي عليه، ولا يعني أيضا أن السوريين جميعا أو غالبيتهم لم يشاركوه الموقف نفسه من إيران و حزب الله، في ظل الخوف وانتهاك الحريات والحقوق الأساسية وغياب الإعلام المستقل و في غياب صناديق الاقتراع التي تفرز من يمثل السوريين ديمقراطيا يصعب تحديد موقف سورية المجتمع من أي موضوع أو موقف.

BL@CK
12/12/2008, 18:46
من المنبر .