-
دخول

عرض كامل الموضوع : أزمة صامتة بين الأردن والسعودية تترجمها المصالحة الأردنية مع قطر وسوريا


sona78
26/11/2008, 11:20
عمان ، لندن ـ الحقيقة ( خاص) :
السؤال الذي أثير خلال اليومين الماضيين عن " سر " تطبيع العلاقات الأردنية ـ القطرية بشكل مفاجىء ، وزيارة الملك الأردني إلى الدوحة بعد سنوات من " القطيعة " ، ربما يكون في ما نشرته " القدس العربي " اليوم بعض الإجابة عليه ، أو كلها !
مراسل " القدس العربي " في عمان بسام بدارين نقل عن مسؤولين أردنيين قولهم إن عمان " قلقة من خسائرها جراء الاندفاع السعودي نحو التطبيع ، والرياض لم تعد ترفع شعار "تعالوا نلعب معا" وخطابها في الكواليس لا يتحدث عن القضية الفلسطينية . ونقل بدارين عن رئيس وزراء أردني سابق قوله " هذه اللحظة هي الأصعب بالنسبة لنا، فعمان بنت دورها الاقليمي والسياسي مع محيط دول الخليج والسعودية تحديدا على اساس موقفها المعتدل من عملية السلام ومن اسرائيل، وهوامش مناوراتها اقليميا بنيت في جزء كبير على فكرة التدخل لتقريب وجهات النظر احيانا وتلقي الرسائل من كل الاطراف احيانا اخرى ودخول الرياض القوي على خط الاتصال بالاسرائيليين يعني تهديد هذا الامتياز. وفي مواقع الاستشعار والرصد الاردنية تتألف ملاحظات صامتة على الاداء السعودي، فالرياض لم ترتب مع عمان او اي عاصمة عربية اخرى رسائلها الايجابية الاخيرة تجاه الاسرائيليين والعالم المعتدل وخطواتها، حتى برأي رموز التطبيع في الاردن، كانت متسارعة بشكل غير اعتيادي " . وبحسب مراسل الصحيفة المعروف بمصادره في " الديوان الملكي " و " الحكومة " ، فإن " الرياض لا تبدو بالنسبة للأردنيين مستعدة تماما لمقايضة سياسية منتجة مع الاسرائيليين، وتظهر على نحو ما اهتماما بتطبيق نصائح الاختراق المباشر دون الوسطاء العرب ودوافعها في اظهار الاعتدال المباشر منظمة على المقاس السعودي فقط بمعنى ان لها علاقة بالخسائر الاقتصادية والمالية وبالعامل الايراني وبالسعي لحماية مصالحها من لحظة ممكنة قد تطال صناديقها النفطية والاستثمارية بالتهديد السياسي " .
هذه العوامل جميعها برأي الاوساط الاردنية متسارعة اكثر مما ينبغي لكن الاهم انها تضر باللعبة التي تجيدها تماما عمان وبالتالي بدورها الاقليمي، حيث يؤكد المسؤولون المعنيون في عمان بأن السعودية توقفت عن التحدث عن القضية الفلسطينية منذ عام 2001 تقريبا ولديها ما يكفيها من المشكلات داخل وخارج السعودية.
وفي الواقع اذا ما واصل السعوديون اندفاعهم تجاه الاسرائيليين على نفس الوتيرة ووصلوا لنقطة السعي للاتصال المباشر دون حلقات وسيطة وبشكل منعزل ستكون اللعبة السعودية في وجه الاردنية وكذلك المصرية، وهو وضع لا تحبذه عمان بكل الاحوال لكنها تحسب له جيدا، فجلوس الرياض وتل ابيب معا في نفس الغرفة في اي وقت مستقبلي بدون اصدقاء السلام العرب يعني الانتقاض من الدور الاردني والمصري.
وهذا الانتقاص في الحسابات الدبلوماسية الاردنية يمكن اعتباره ثمنا مقبولا بل مطلوبا احيانا، اذا ما انتهى في اطار مشروع عربي متكامل يطرح المبادرة العربية السعودية مقابل استقرار شامل في المنطقة والاستعداد للبحث في الوضع النهائي.
لكن هذا الجلوس له معنى اخر اردنيا فهو يصلب جبهة الاسرائيليين ويعالج مشكلاتهم ويضعف الجانب الاردني، بالنتيجة لان اللاعب السعودي يستند على مبادرته في الحالة الجديدة لكنه لا يتحدث عن صفقة مع الاسرائيليين تنهي او تغلق ملف القضية الفلسطينية، وهو واقع سيحشر الاردن مجددا في دائرة السيناريوهات البديلة التي تضر بمصالحه خلافا لانه يحرمه من ورقة كانت دوما رابحة.
اذا ما تفعله الرياض في السياق خطير وحساس ومهم ومؤثر في معادلة المصالح الاردنية التي تكتفي حتى الان بالمراقبة على امل ان يلتفت السعوديون ليقولوا 'تعالوا نلعب معا'، لكنهم لا يفعلون ذلك حتى الان - يقول وزير بارز في الحكومة الاردنية - ويضيف: لاسباب مفهومة تحجم عن التعبيرعن هواجسنا فالسعودي يمكن ان يبلغنا دوما باننا من دعاة التطبيع بين اسرائيل والمحيط العربي لكننا في الواقع عملنا على صفقة متكاملة لها ملامح عربية ناضجة تؤدي لدولة فلسطينية مقابل 'التطبيع العربي والاسلامي'، والمقلق ان الاخوة في الرياض لا يعلنون ذلك ولا يقولون لنا او لغيرنا انهم سيفعلون.. يتصرفون بالملف والسياق وحدهم ولا يتحدثون معنا او مع غيرنا في التفاصيل.
ويساند هذا التخوف عدم سعي السعودية لتجديد التفويض الذي كانت قد حصلت عليه عمان للتحدث باسمها طوال سنتين مع الرباعية ومع اسرائيل والامريكيين ومع كل الاطراف تحت عنوان القضية الفلسطينية، ويلاحظ نفس المسؤول الاردني: لدينا تفويض للتحدث باسم السعودية ومارسناه عدة مرات علنا ولا زلنا نحتفظ به لكن لا قيمة له اذا ما قرر السعوديون الانطلاق وحدهم.
وحرص عمان شديد على ان لا تؤثر حساباتها في العلاقات الدافئة التي جمعتها بالقيادة السعودية الحالية.
قبل نحو عشرة ايام، لم يكن جدول رحلات العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني يتضمن التوقف في نيويورك لحضور ندوة حوار الاديان التي رعاها الملك عبد الله بن عبد العزيز، لكن استقبالا حافلا في عمان لاحد ابناء الامير سلمان انتهى بوصول طلب شخصي من العاهل السعودي يطلب فيه من الاردني الحضور، فتجاوب الاردن فورا وتم تنفيذ الطلب السعودي.
ورغم ذلك لا يبدو ان الخارجية الاردنية متأكدة تماما من مغازي ودلالات الاهتمام السعودي الموسع بمنتدى الاديان في نيويورك، واليوم يقف الاردنيون ، رسميين وأهليين، حائرين ما بين عملهم لسنوات على المحور السعودي لتليين الموقف من اسرائيل وتحقيق مكتسبات، وما بين الاسترسال السعودي الغريب في الاتجاه الاسرائيلي بدون تنسيق مع العواصم العربية.
وهنا ثمة شعور بالقلق وتقرأ سيناريوهات تتحدث عن احتمالية قوية لان تندفع الرياض باتجاه ضمان مكافأة مجزية للرئيس الامريكي الجديد باراك اوباما على امل قبض الثمن لاحقا، وفي البعد الثنائي بين عمان والرياض لا توجد مشكلة لا علنية ولا باطنية لكن السؤال ما زال مطروحا في طبقة النخبة حول اسرار الغياب المفاجىء للحنان السعودي على شكل تضامن نفطي حقيقي؟.. ومؤخرا اقترن معه سؤال اخر حول تأثيرات محتملة لانخفاض اسعار النفط على حزمة الاستثمارات السعودية والخليجية في الاردن.. وهي استثمارات حتى الان عقارية بمعنى ليست منتجة او منشطة للدورة الاقتصادية.
اخيرا بوضوح يمكن تفهم خلفيات الاختراقات التي حققتها القيادة الاردنية مؤخرا على صعيد العلاقات العربية - الاردنية فالهرب من سيناريوهات السعودية المقلقة تطلبت تهدئة من عيار ثقيل مع قطر وسياسات تقارب مع سورية، وتطلبت قبل ذلك زيارات استطلاعية لآفاق ما يمكن فعله مع بعض دول امريكا اللاتينية والتفكير بصفقات سلاح مع روسيا وبمشروع نووي سلمي استراتيجي مع الفرنسيين، وفوق ذلك تطلب الامر ترتيبات للبيت الداخلي وانفتاحات مع حركة حماس ومحاولات ابتعاد عن دائرة العداء للايرانيين.